الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

مئة بيت من الشعر العربى.. عصير الحب والموت والحكمة “لسان الدين الخطيب”

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى تراث الشعر العربى، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسى، كنوز وجواهر لا ينبغى للأجيال الجديدة أن تجهلها. نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، فى محاولة لتحقيق التواصل الضرورى والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.

لسان الدين الخطيب

«لم يكن وصلك إلا حُلما فى الكرى أو خلسة المختلسِ»
بعد إسدال الستار ونهاية الحلم، يبدأ طوفان الوجع الذى يختلط فيه الحنين بالندم، وصولا إلى ما يشبه راحة اليأس. الاستسلام حتمى فى مواجهة زلزال القطيعة والغياب، لكن النسيان ليس قرارا، والذكرى باقية كالجرح الغائر الذى لا يندمل. الاستدعاء الشجنى هو البديل الوحيد المتاح، ومعه يتحقق قدر من التوافق لمواجهة شبح السقوط بلا قيامة.
لا قدرة على الإمساك بالحلم الضائع، فهو الاستثناء المراوغ الهش الذى لا يسطع كثيرا فى حياة حافلة بالمنغصات، تعلو فيها راية الفقد والضياع. قد يكون صحيحا أن البكاء على اللبن المسكوب لن يعيد اللبن المسكوب، فهل يعنى الوعى بقانون ما ألا نخالفه؟
قدر المحبين أن يصلوا إلى نهاية بلا أحبة، وعندئذ يحاصرهم وباء الخواء، وتجلدهم سياط الاغتراب. عذوبة لسان الدين لا تنبع من نشوة المتعة والسعادة والتحقق، بل إنها مثل رقصة الطير الذبيح يشكو ويئن بلغة الجسد، ويظنه من لا يعى راقصا محترفا فرحا. الشجن أداة للإبداع الذى لا يموت، والعذاب صانع ماهر للرؤى المتوهجة التى لا يطولها الذبول.
يتجهم الواقع فلا يبقى إلا الحلم، ومادته خليط مما كان وما قد يكون. الخيال وحده يملك أن يقاوم الهزيمة ويحقق انتصارات صغيرة مختلسة فى ساحة الكرى وخنادق اليقظة التى تشبه النوم.