السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا تسرق الصين العقول الإسرائيلية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحل خلال شهر يناير الجاري الذكرى الثلاثين لتدشين العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية وإسرائيل، وتبادل السفراء بعد رفض صيني متواصل للاعتراف الرسمي بالدولة العبرية استمر لعقود طويلة، لكن ذلك لم يحول دون إقامة علاقات اقتصادية وتجارية بين البلدين، كانت أساسًا قويًا للعلاقات الحالية بينهما.

لن يهمنا فى هذا المقام الحديث عن العلاقات العسكرية أو الاقتصادية أوالزراعية بين بكين وتل أبيب بقدر اهتمامنا بإلقاء الضوء على العلاقات العلمية والأكاديمية بينهما، والتي شهدت تحولًا غير مسبوقًا فى العلاقات خلال السنوات الخمس الأخيرة، أبرزها إتفاقيات التعاون العلمي والتكنولوجي المشترك التي تم توقيعها خلال زيارة نائب الرئيس الصيني لتل أبيب فى أكتوبر 2018، وقبل هذا التاريخ بعام واحد وتحديدًا فى الثامن عشر من ديسمبر 2017 تم وضع حجر الأساس لأول جامعة إسرائيلية فى جمهورية الصين الشعبية بمدينة شين تاو بالتعاون مع جامعة جوانجدونج تحت مسمى Guangdong Technion Israel Institute of Technology .

وفي ظل غياب أكاديمي وعلمي عربي معتاد تأتي إسرائيل لتصبح ثاني دولة تمتلك جامعة ومؤسسة أكاديمية داخل الصين بعد روسيا.

ويرأس الجامعة من الجانب الإسرائيلي البروفيسور أهارون تشحنوفر الحائز على جائزة نوبل فى الكيمياء، يأتي ذلك هذا التعاون العلمي الوثيق بين البلدين لتخرج علينا صحيفة هاآرتس العبرية منذ بضعة أيام بتحذير من قيام الصين بسرقة العقول الإسرائيلية فى إطار برنامجها العلمي المعروف بـ"الألف موهبة" وهو البرنامج الأكثر شهرة من بين نحو 600 برنامجًا صينيًا لتجنيد المواهب من جميع أنحاء العالم، بهدف تجنيد خبراء دوليين روادً في مجال البحث العلمي، والريادة والإبداع، سواء تم ذلك بطرق شرعية قانونية أو بطرق غير قانونية. وطبقًا لبيانات الحكومة الصينية، فإنه خلال الفترة ما بين عامي 2008 - 2016 قامت بكين بتجنيد نحو ستون ألفًا خبيرًا أجنبيًا فى إطار تلك البرامج.

وبحسب الصحيفة العبرية فإن "فروع تجنيد" صينية أٌقيمت في تل ابيب وبئر السبع، والملحقية الاقتصادية والتجارية لجنوب غرب الصين في القنصلية الاسرائيلية في "تشنج دو". داعية الموساد وباقي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى ضرورة سرعة التدخل ومنع الصين من سرقة العقول الإسرائيلية، خاصة وأنها تشارك فى مشروعات بحثية تمولها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ذاتها، زاعمة أن منع تسرب المعرفة والتكنولوجيا هو مصلحة قومية إسرائيلية تتجاوز مجالات أجهزة الأمن الى مستقبل إقتصاد الإبداع لإسرائيل، مما يستلزم ردًا مناسبًا سواء على المستوى الأكاديمي أو على المستوى الحكومي. والسؤال الذي سيظل مطروحًا هو ما حجم الاستفادة الصينية من سرقتها للعقول الإسرائيلية؟! وهل للتعاون التكنولوجي والعلمي بين بكين وتل أبيب تداعيات استراتيجية على منطقة الشرق الأوسط، فى ظل أجواء الحرب السيبرانية التي تعيشها المنطقة؟ ربما الإجابة على تلك التساؤلات تظهر ملامحها خلال العقود القادمة.

**  كاتب المقال مدرس اللغة العبرية وآدابها بجامعة قناة السويس