الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شرعنة المخالف.. والرعاية الاجتماعية للمواطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى احتفالية يوم السبت ٢٥ ديسمبر الحالى لمشروعات تنموية وخدمية بصعيد مصر، انطلاقا من محافظة قنا، قال الرئيس السيسى، مخاطبا الشعب، وصغار المستفيدين من المجمعات الصناعية الجديدة «أنا بوفرلكم أرض وبرفقها وأبنى عليها وبديلك الترخيص يعنى ثلاثة أرباع المشوار خلص وأنت بس بتحط صناعتك».

ووجه رسالة للمصنعين: «طوروا نفسكم وإحنا هنساعدكم بالمدارس الفنية والمعارض ولو عايزين ناس من برة تدخل فى الأذواق عشان نطور نفسنا إحنا جاهزين»، مشيرا إلى أن تكلفة الـ١٣ مجمعا صناعيا نحو ٩.٤ مليار جنيه، معلقًا: «لو قلنا ١٠ مليار جنيه لو فى البنك هايجيبوا مليار جنيه،.. تفتكروا المجمعات دى الإيجار بتاعها يجيب المبلغ ده».

وأضاف السيسى «أن الدولة مصرة على النجاح، لافتًا إلى أن المنتج المحلى قد يكون قوى ولكن فى حاجة إلى المنافسة به داخل وخارج مصر»، مضيفا «بوفر الأرض وأرفقها وابنى عليها وأعطيك التراخيص كمان..وأقدر أعمل قد اللى أتعمل ١٠ مرات يعنى ١٣٠ مجمع صناعى»، و«ممكن أوفر ٤٠ مليار جنيه لمليون مستثمر صغير لمشروع بحدود ٤٠ ألف جنيه.. هدفنا التشغيل».

ووجه الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع، بتخفيض إيجار الوحدات الاستثمارية فى المجمعات الصناعية الجديدة، قائلًا «لا أنظر إلى قيمة الإيجار»، وقال مخاطبا الوزيرة، «أنا معنديش مشكلة مع الإيجار عاوزه تخفضى الإيجار أكتر من كده خفضى».

هذه الكلمات مهمة للغاية فى تعظيم دور الدولة فى التيسير على الناس، من خلال فتح قنوات للتشغيل، وإيجاد فرص عمل متنوعة، خصوصا فى المجال الإنتاجى، بفرص مستدامة، وليست موسمية، ولا فرصا مرتبطة بمشروعات، محددة تربط فرصة العمل بفترة عمر المشروع.

هذا الفكر للعمل مهم جدا وتحويله إلى واقع من خلال المجمعات الصناعية فى مختلف ربوع البلاد، يعطى أملا فى واقع جديد، يوفر آلاف فرص العمل المستدامة، لأجيال جديدة تدخل سوق العمل سنويا، فى ظل ندرة الفرص الأخرى، خصوصا الحكومية، والخارجية، وتسهم فى خلق جيل جديد من رواد الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، والمتوسطة أيضا.

أعتقد أن من خلال هذا الدعم الذى تقدمه الدولة للمصنعين، يؤكد على أهمية دور الدولة فى توفيرالبنى التحتية، للمواطن، وتوصيل رسالة إلى أن الدولة تظل هى الدولة، ولا لابديل عنها، فى دعم مواطنيها، فى توفير فرص العمل، وتوفير الحياة الكريمة للناس، وحقهم فى الحياة، ليساهموا فى النهاية فى منظومة الإنتاج، بكل مشتقاتها.

وأعتقد أن كلمات الرئيس نهج جديد، يجب أن يدرجه باقى المسؤولين فى المنظومة الحكومية، خصوصا ما يتعلق بأن الدولة ليست مهمتها الربح من وراء الخدمات والتسهيلات التى تقدمها للمواطن، بل دورها تهيئة مسارات الحياة للمواطن فى محتلف مناحى الحياة.

ومن هنا نلفت إلى مسالة مهمة فى الفكر الجديد، وهو الدعوة لتحويل أصحاب المصانع «المخالفة» و«بدون ترخيص» أو قل تحت «بير اسلم»، إلى مصانع ووحدات مقننة، شرط أن تكون صالحة إنتاج حقيقة، على أن يتكم شرعنتها، فى ظل القوانين واللوائح المعمول بها فى مؤسسات الدولة وبكل قطاع.

فكرة التعامل مع هذه النوعية من المشروعات، بوضعها على الطريق الصحيح، وعدم التعامل معها بمفهوم أمنى فقط، مهمة للغاية، فمن المؤكد أن عددا لا بأس به من بين أصحاب مثل هذا المشروعات، لديهم نية سليمة للإنتاج، والتشغيل وتوفير فرص عمل، والكثير منهم لجأ إلى العمل بدون ترخيص، لصعوبة إجراءات الترخيص، وكثرة التكاليف والرسوم، وفى الطريق «رسوم الرشاوى والعمولات»، التى يفرضها أصحاب النفوس الضعيفة، القابعين خلف المكاتب.

ولا شك أن التطوير فى التعامل مع هذه النوعية من المشروعات، ستكون نقلة مهمة فى خلق بيئة تشريعية لآلاف المشروعات، القابلة للتطوير، لتصبح قاعدة إنتاجية أكثر تطورا، وأكثر دقة فى الإنتاج، وتتسع معها رقعة فرص العمل.. وهو ما يتطلب أن يتم فتح النوافذ والأبواب أمامها لمزيد من التطور.

وفى حديثه خلال الإعلان تفاصيل إعادة إحياء مشروع «توشكى»، الأحد الماضى، أكد الرئيس على مبدأ دور الدولة فى توفير البنى التحتية للمستثمر وتوفير مقومات الاستثمار، لواحد من أهم مشروعات التنمية الزراعية فى مصر، وهو ما يؤكد أن دور الدولة يسبق كل شىء، قبل دور المستثمر، مهما كان حجمه وقدراته.

تبقى هنا قضية «بطاقة التموين»، والتى كانت مثار حديث الرئيس السيسى فى اليوم الأول لافتتاح تنمية الصعيد يوم ٢٢ ديسمبر الجارى، والتى ما زالت تحتاج إلى مزيد من الدراسة والتأنى، خصوصا أنها جزء من مهام الدولة فى الرعاية الاجتماعية لملايين الأسر المصرية.

وأستطيع أن أؤكد أن «بطاقة التموين» تمثل اليوم فى مجملها العام للغالبية العظمى من الناس «رغيف العيش»، وهو يمثل القضية الأهم، والتى تحتاج إلى آلية لبحث والدراسة، والتوصل لرؤية اقتصادية واجتماعية لتوفير هذا البند من غذاء المصريين الرئيسى، دون أن يضيف أية أعباء على الشرائح الرئيسية المستهلكة، لهذا النوع من الغذء فى الريف والحضر، وهو الجزء الحقيقى فى الدعم المتاح من «بطاقة التموين»، وأتصور أن مهمة الحكومة البحث بدقة فى هذا البند، لتخرج بحل متوازن، يعادل بين العبء الاقتصادى الذى تراه الحكومة على الميزانية العامة،، والرعاية الاجتماعية التى هى من أساسيات مهام الدولة تجاه مواطنيها، والذى تؤكده أرقام ما تنفقه الدولة على مشروعات التنمية، وتكاليف التسهيلات التى أظهرتها أرقام الافتتاحات الأخيرة، وتستحق أن نرفع لها القبعة.