الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التفسير التآمري لكورونا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نظريات المؤامرة ليست بأمر جديد وهى موجودة منذ الأزل وهدفها تقديم تفسيرات مبسطة للقضايا المعقدة وهى تخاطب القلوب أولا وليس العقول، ولكنها اتخذت طابعا جديدا وخطيرا منذ انتشار مواقع التواصل الاجتماعي التى تسهل للناس التواصل مع أناس يؤمنون بنفس أفكارهم فى مختلف أنحاء العالم مهما كانت غريبة أو منافية للعقل أو العلم أو الواقع. وفيما يتعلق بفيروس كورونا أصبحت هذه النظريات خاصة فى بعض الشعوب التى تلجأ بشكل لا شعورى إلى التفسيرات المؤامراتية كمرض أخطر بكثير من فيروس كورونا. طبعا روج الرئيس السابق دونالد ترامب لبعض هذه النظريات على تويتر وفى ظهوره الإعلامى مما ساعد فى انتشارها بين مشجعيه من الشعب الأمريكي. وعشنا شهورا نسمع تفسيرات غريبة تصب كلها فى نظرية المؤامرة فقيل إنه تم تصميم فيروس كورونا بواسطة الصين لإضعاف الولايات المتحدة والسيطرة على العالم وقالوا العكس إنه تم تصميم فيروس كورونا بواسطة وكالة المخابرات المركزية لإضعاف الصين وأوروبا والسيطرة على الاقتصاد العالمى أو من تصميم إسرائيل لإضعاف العرب والمسلمين وخاصة الفلسطينيين وقيل لا يوجد جائحة كورونا. كل ما نسمعه فى الإعلام هو ضجيج وأخبار كاذبة، بزعم أن جائحة كوفيد ١٩ ليست أسوأ من الإنفلونزا أو أنه ينتشر الفيروس عن طريق الأقمار الصناعية للإنترنت عالى السرعة أو ٥G.

كوفيد ١٩ مؤامرة من جورج سوروس والليبراليين وقيل إن لقاح كورونا هو طريقة أخرى للحكومات للسيطرة على سكانها وسوف يسبب العديد من الآثار الجانبية بما فى ذلك التوحد كما تحول الفيلم الفرنسى الوثائقى «هولد آب»، إلى ظاهرة يتحدث عنها الجميع لمهاجمة تدابير إدارة أزمة جائحة كورونا ويكشف «أكاذيب» الحكومة حول الجائحة والمؤامرة العالمية التى تهدف لمراقبة الشعوب. وآخر الأخبار المفبركة ونظريات المؤامرة تتمحور حول بيل غيتس، مؤسس مجموعة «مايكروسوفت»، والذى تتهمه نظريات المؤامرة بأنه «اخترع» فيروس كورونا المستجد «كوفيد ١٩» بهدف «إفراغ الأرض من سكانها» للقضاء على ١٥ فى المائة من سكان العالم، بزرع شرائح إلكترونية فى البشر. فيما كان جزء كبير من هذه النظريات متداولًا قبل تفشى فيروس كورونا فإن الادعاءات التى تستهدف بيل غيتس كانت تشترك فى نقطة واحدة: اتهامه بالرغبة فى الاستفادة من الوباء على نمط «أغنياء الحروب»: من خلال السيطرة على العالم أو زيادة ثروته من خلال بيع التطعيمات، وللأسف فإن هذه النظريات يمكن أن تقلل من ثقة الناس فى المنظمات الصحية وتخفض معدلات التطعيم، وهو أمر مثير للقلق. والغريب أن الدول الكبرى هى أكثر من دفعت الثمن ومنذ مارس ٢٠٢٠، أنفقت الحكومات ١٦ تريليون دولار لتقديم الدعم المالى أثناء الجائحة وأشار الباحثون إلى أن ١٤٧ مليون شخص فقدوا وظائفهم حول العالم، مما تسبب فى انخفاض مدفوعات الرواتب بنحو ٢.١ تريليون دولار. ووصل عدد المصابين لأكثر من ٢٦٤ مليون وأكثر من ٥،٣ ماتوا وعموما فلن يتمكن العالم من فهم حجم التغيير الذى ستتركه جائحة كورونا على تاريخ البشرية إلا بعد إحصاء العدد النهائى للضحايا وتحديد المدة التى تمكن فيها الوباء من وقف العجلة الاقتصادية العالمية، فكلما طالت مدة المعركة مع الوباء، وخصوصا فى الدول الصناعية الكبرى، كان حجم التغيير والتداعيات أكبر. فقبل كوفيد ١٩ كانت نظرية الوباء القاتل أسيرة كتب التاريخ وأفلام هوليوود.