السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل مكاتب براءة الاختراع حبر على ورق؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"لا يمكنني أبدًا تحديد ما إذا كانت أحلامي نتيجة أفكاري أم أن أفكاري نتيجة أحلامي".. مقولة ارتبطت بالأديب البريطاني الشهير "ديفيد هربرت لورانس"، وكأنه يعبر بكلماته التي لم تتعدَّ الـ15 كلمة عن صراع الأفكار الذى لا ينتهي داخل عقول المبدعين، وبخاصة المخترعين من الشباب الذين يحلمون بتحويل أحلامهم إلى أفكار، وأفكارهم إلى أحلام، يمكنها أن تشتبك مع الواقع دون أن يتوقفوا عند عتبات "ما الذي شغل بالهم أولًا".

ما زالت أزمة البحث العلمي في مصر والعالم العربي مستمرة، ولا تزال بعض  مؤسساتنا البحثية تعيش حالة من الغيبوبة العلمية في وقت سبقنا فيه القاصي والداني في تحقيق طفرته العلمية والفكرية في شتى المجالات.

وإذا كنا نقرر أن ماليزيا خير دليل، وكوريا الجنوبية خير شاهد ناهيك عن الصين وأخواتها!

إلا أن السؤال الملح على مائدة البحث هنا:

إلى متى ستظل عقدة الخواجة شبحا مخيفا يطاردنا؟ وإلى متى سنظل نتغنى وحسب بالغرب المتقدم مكتفين بالبكاء على اللبن المسكوب وندب حالنا من التخلف والرجعية؟

رغم أن مصر بها ١٥٠ ألف حاصل على الدكتوراه، بنسبة أكبر من الموجودة في الولايات المتحدة، دلالة على أن هذه الشهادات والدرجات العلمية - في أغلب الأحيان – ما هي غير درجات وظيفية شكلية، فارغة، مفرغة من المضمون والتطبيق.

الفكر وبكل بساطة يعني الوسيلة التي يستخدمها الإنسان في المجالات العلميّة والأدبيّة المختلفة، وعن طريق الفكر يتحقّق الإبداع والتطوّر والتنمية.

ولولا الفكر الإنساني وما نتج عنه من الحصيلة المعرفية المتراكمة عبر القرون الطويلة الماضية، لما وصلت البشريّة إلى ما وصلت إليه الآن في زماننا من تقدّم وتطوّر.

ففي زماننا قد تنامي الفكر وثارت المعرفة بشكل كبير، وبخاصة المعرفة التكنولوجية، حتى ظهر ما يعرف بـ (اقتصاد المعرفة) حيث أصبح رأس المال الفكري من العناصر الأساسية في الإنتاج، وأصبح يزاحم عناصر الإنتاج الأخرى الماديّة.

ومن هنا جاءت أهميّة المحافظة على حقوق الملكيّة الفكريّة، وحماية أصحابها من السّرقة والتعدي والتطاول.

فقد شرعت الكثير من الدّول بتبني العديد من الإجراءات، وقامت بإصدار العديد من القوانين للمحافظة على تلك الحقوق.

فحفظ هذه الحقوق أمر مهم جدًا؛ لما فيه من تحفيز لأصحاب الفكر والباحثين على التفكير والبحث والدراسة وهم مطمئنون على إنتاجهم الفكري، فلا يخشون من التعدي عليه، فيكونون أكثر إبداعًا.

فالبحث العلمي أو الاختراع يبدأ بفكرة معينة ثم تطور رويدا رويدا وفق رؤية بحثية ثاقبة..

فما أحوجنا لتطوير مراكزنا البحثية ومكلياتنا الفكرية وتحويل هيئات براءات الاختراع إلى مراكز بحثية تطوف على المدارس والجامعات لاستخراج واكتشاف كل جديد فلا تكتفى بكونها مكاتب روتينية للتوثيق وحسب.

لا سيما وأن معيار تحضر الأمم يُقاس بمدى اهتمامها بالبحث العلمي، وما يتم إنفاقه من ماديات في سبيل إقامة دولة العلم، 

وفي هذا المضمار تشير الدراسات إلى أن تقدم الدول يتناسب طرديًا مع تطور بحوثها العلمية ومدى الاهتمام به من جانب المسؤولين.

إلا أن الروتين يقتل البحث العلمى فى الكثير من الدول العربية ويسرّع من هجرة عقولنا المثقفة إلى الخارج.

لا شك بأنه قد عانى الكثير من الباحثين من تلك المشكلات، التى كانت الطعنة الغادرة فى عقولهم، وكانت السبب الرئيسي لهجرتهم إلى الخارج.

سافروا بعقولهم وظلت أرواحهم فى أرض أوطانهم، وهذا هو حال الباحثين المصريين فى الخارج، مشتتين ما بين العقل والروح.. الوطن والعلم..التطور والإمضاءات والأختام.

فهل عقمت أرحام أكاديميات البحث العلمي في عالمنا العربي والإسلامي أن تنجب أمثال الدكتور يحيى المشد أو دكتور أحمد زويل أم أن هذا طموح بعيد المنال ؟

مشوار طويل يقطعه المخترع العربي للحصول على براءة اختراع، بعد «كعب داير» يمتد عدة سنوات على مكتب براءات الاختراع ودفع مصروفات ورسوم بجانب تكاليف النماذج التى يقوم بتصنيعها لابتكاره وينجح فى الحصول على براءة اختراع يصطدم بالواقع المرير ولا يجد أى جهة تتبنى اختراعه!

فهل نهاية الابتكار فى عالمنا العربي هو الحصول على براءة اختراع وحسب وأوراق مختومة يعلقها المخترع على جدران منزله؟