يزور مصر هذه الأيام وفد رفيع المستوى من الأكاديميين الدوليين في مجال الحوار الديني وحوار الثقافات بقيادة الدكتور القس ثروت قادس بالبرلمان الألماني، وعضوية الشيخ عبدالصمد اليزيدي وعدد من الأساتذة الجامعيين، وقام الوفد بزيارة الكاتدرائية المرقسية، متحف الحضارة، والتقى عددا من المتخصصين والهيئات والمؤسسات الداعمة للحوار الديني، والتقت «البوابة» أحد قيادات الوفد الشيخ عبدالصمد اليزيدي وإلى نص الحوار
حدثنا عن كيفية التعامل مع المسلمين في ألمانيا؟
أنا مواطن ألماني من أصل مغربي وعملت بمؤسسات إسلامية مختلفة تتدرجت فيها إلى أن انتخبت في 2016 أمينا عاما للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أهم هيئة تمثيلية وتقديرية معتبرة لدى السلطات الألمانية.
وقد تم اختياري في أول أكتوبر 2021 متحدثا رسميا للمجلس التنسيقي للمسلمين في ألمانيا.
المجلس الأعلى للمسلمين مؤسسة إسلامية إلمانية حسب معطيات الدستور الألماني الذي يقره نوعا من التشاركية والتعاون بين مؤسسة الدولة والمؤسسات الدينية المختلفة وفي هذا الإطار يسعى المجلس إلى توطيد مفهوم المواطنة الشاملة التي تخدم رخاء وازدهار الشعوب والأوطان في تعاون كامل بين الثقافات والأديان المختلفة.
ماذا عن البرامج التي يقدمها المجلس؟
يقوم المجلس في مستويات عدة في إطار مسئوليته الدستورية على الإشراف ومرافقة تدريس مادة التربية الإسلامية في المدارس الحكومية الألمانية كما يرافقه مجال التعليم العالي للدراسات الإسلامية في جماعات ألمانية متعددة ويشرف من خلال الكلية الإسلامية الألمانية على تكوين الأئمة والمرشدات داخل ألمانيا في مشروع ريادي مدعوم من طرف وزارة الداخلية الاتحادية الألمانية كما يسهم المجلس من خلال شبكات مدنية متعددة في محاربة العنصرية التي أصبحت تغزو البلاد مع صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة وقد أسست في هذا السياق مع زملاء من الأديان السماوية المختلفة مؤسسة جنبا إلى جنب التي تؤازر ضحايا العنف والاعتداءت العنصرية مهما كانت خلفيتهم القومية والثقافية.
أسس المجلس الأعلي للمسلمين مع غيره من أتباع المؤسسات الدينية الألمانية تجمعات ومنتديات حوارية رائدة ساهمت بشكل مباشر في مواحهة العنف والعنصرية والتطرف داخل المكونات المجتمعية المختلفة.
ماذا عن علاقتكم بالكنيسة الألمانية؟
هناك شركات تاريخية بين الكنيسة الكاثوليكية والإنجيلية والمجلس الأعلى للمسلمين على سبيل المثال تعاون مشترك في مجال تكوين الرعاة الروحيين الذين ينتدبون في مجال التأطير الروحي بالسجون والمستشفيات والجيش.
تحالفات استراتيجية في مجال تفكيك التطرف الديني والكراهية والتمييز، كما أن هناك تعاونا في مجال الحفاظ على البيئة والاستدامة يذكر في هذا السياق مشروع شجرة المسجد التي يقوم من خلاله شباب من أديان وثقافات مختلفة بتخضير فضاءات دور العبادة في ألمانيا.
شهدنا في الفترة الماضية تزايدا في خطاب الكراهية والعنف المدعوم من بعض التيارات اليمينية فكيف تتصدى لهذه الحملة الممنهجة؟
التطرف الديني والإسلاموفبيا والعنصرية هما وجهان لعملة واحدة ومسئوليتنا الدينية والوطنية تفرض علينا التصدي لجميع أنواع الكراهية بحزم وقوة ولذلك أسسنا ونشارك في تحالفات مجتمعية عديدة من أجل محاربة الكراهية على جميع الأصعدة والمستويات.
ما تعليقك تجاه مبادرات البابا فرنسيس بشأن الحوار بين أتباع الثقافات والحضارات ومواجهة التغيرات المناخية؟
في هذا الوقت التي يعيش فيه العالم كل هذه التوترات والأزمات والكوارث والحروب آن الأوان للقيادات الدينية أن تقول كلماتها التي هي كلمة السلام والوئام والاحترام.
ولذلك لا يسعنا إلا أن ننوه بمبادرات شيخ الأزهر وقداسة البابا من خلال وثيقة الأخوة الإنسانية وغيرها من المبادرات التي لقيت في أوساط مجتمعنا الإيماني القبول والرضا والتشريع، ونحن الآن مسئولون جميعا على تطبيق بنود هذه الاتفاقبات على أرض الواقع، المسئولية مجتمعية شاملة تشارك فيها مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، علي حد سواء.
ما علاقة مجلس المسلمين بالأكاديمية الدولية للحوار التابعة لمجلس الحوار الإنجيلي؟
المجلس الأعلى للمسلمين منذ تأسيسه في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي كان ولا يزال داعما ومشاركا في حوار الأديان داخل ألمانيا وعبر العالم. وفي هذا السياق يشارك حاليا مع وفد رفيع المستوى من دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط في لقاءات حوارية متميزة بجمهورية مصر العربية بتعاون وشراكة مع الأكاديمية التي احتضنت فعاليات حوارية متعددة تركز على التعايش والاحترام المتبادل بين الطوائف المختلفة تحت سقف المواطنة.
ماذا عن زيارة وفدكم للكاتدرائية المرقسية بمصر؟
هذه الزيارة أثبت لنا مدى تلاحم واحترام المؤسسات الدينية المختلفة ولقد واكبنا باعتزاز وافتخار الروح الوطنية التي تتسم بها هذه القيادات الدينية المصرية، فهذا النموذح المصري يترجم الآية القرانية في سورة الحجرات "وجعلناكم شعوبا وقبائل للتعارفوا"، كثيرا ما نقرأ في مجتمعاتنا الألمانية ما مفاده أن الشعوب العربية تحكمها التوترات والنزاعات الطائفية، ونحن بعد هذه الزيارة لمصر الشقيقة سنعود إلى وطننا ألمانيا وقد عشنا ورأينا أجواء المحبة والاحترام المتبادل الرفيع عكس ما قرأناه وسمعناه.
ما تعليقك على زيارة متحف الحضارات الجديد؟
تشرفت بزيارة المتحف القومي المصري الذي هو عربون عمق وتاريخ هذا الوطن، والذي يظهر الثقافة المصرية العريقة في شتي صفات وأنواع، هذا المتحف الكبير هو مفخرة ليس لمصر فقط بينما للعالم االعربي لأن مصر تجمع في طياتها وتاريخها كنزا عربيا كبيرا وكنزا تاريخيا.
——————-
سيرة ذاتية
عبدالصمد اليزيدي
• الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا
• نائب رئيس مواطنة، المعهد الألماني للحوار والتفاهم
• عضو مجلس إدارة مؤسسة جنبا إلى جنب
• خبير في شئون الإسلام وحوار الأديان بألمانيا
• المدير التنفيذي للمعهد الألماني للعلوم الإسلامية
• عضو المنتدى الإبراهيمي في ألمانيا
• عضو مجلس الحوار مسلمون ونصارى لدى اللجنة المركزية للكاثوليك الألمان
• عضو المجلس الاستشاري للجوء والاندماج في محافظة دار مشطاد ديبورغ
• عضو لجنة حماية الحياد لدى شركة حلال كونترول
• مترجم معتمد لدى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا
• الرئيس السابق لرابطة الجمعيات الإسلامية الألمانية
• رئيس فرع ولاية هيسن للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا سابقا
• إمام معتمد لدى وزارة العدل الألمانية مكلف بالرعاية الروحية للسجناء سابقا
• رئيس الجمعية الثقافية المغربية مسجد معاذ ابن جبل بمدينة بفونكشطاد سابقا
• منسق مشروع التأهيل اللغوي والثقافي للأئمة لدى معهد غويتيه الألماني سابقا.
