الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سعر الفائدة يربك ميزانية المدخرين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

من المعروف  أن الأفراد  في مصر هم أكبر مدخر فى الدولة، بينما  الحكومة هي أكبر مقترض من خلال أدوات الدين العام لدرجة أن  هناك كثير من الأسر رتبت معيشتها علي العائد أو الفائدة التي يحصلون عليها شهريا، وخاصة عندما وصلت تلك النسبة إلى ١٦٪؜.
ولم يكن  هذا العائد جاذبا لمدخرات الأفراد المصريين فقط ولكن رفع جاذبية الاستثمار الأجنبى فى السندات وأدوات الدين،كما شجع على زيادة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج مما دعم الاحتياطى من النقد الأجنبى الذى وصل وفقا لآخر بيانات البنك المركزى إلى 40.6 مليار دولار مواصلا صعوده ليقترب من مستويات ما قبل أزمة كورونا.

وخلال الفترة الحالية يتجه المركزى إلى تثبيت سعر الفائدة مع استقرار معدلات التضخم وبدء التعافى الاقتصادى.

وكانت كلمة السر هي سعر الفائدة فمن المعروف أنه انخفض سعر الفائدة شجع الاستثمار على التوسع والزيادة. كما يؤثر على مستوى معيشة الأفراد من أصحاب المدخرات فى القطاع المصرفى، فحينما يرتفع سعر الفائدة ينعكس على زيادة العائد على مدخرات الأفراد فى البنوك وبالتالى يساعدهم على تغطية مزيد من الاحتياجات والمتطلبات المعيشية، ولكن  المهم في الوضع المصري فهو تأثير سعر الفائدة على خدمة الدين العام الحكومى فكلما انخفضت الفائدة انخفضت تكلفة خدمة الدين والعكس صحيح. وسعر الفائدة الفعلى أو الحقيقى يتم حسابه وفقا لمعادلة خاصة وهى: «سعر الفائدة الرسمي- معدل التضخم = سعر الفائدة الحقيقي» وبتطبيق هذه المعادلة نجد ان سعر الفائدة الرسمى المرتفع والذى وصل الى 19 و20% عقب تحرير سعر الصرف لم يكن فى الواقع مرتفعا فى ظل ارتفاع التضخم خلال هذه الفترة الى مستوى قياسى وصل الى 33%.ورغم ذلك فإن سعر الفائدة فى مصر بشكل عام وفى الوقت الحالى يعتبر من أعلى المعدلات عالميا،ويعمل البنك المركزى على تحقيق توازن بين متطلبات الاستثمار وتحفيز الاقتصاد المرتبطة بخفض الفائدة وبين الحفاظ على مدخرات الأفراد وإبقاء التضخم ضمن المستويات المستهدفة وذلك بالنظر كذلك الى جميع المؤشرات الاقتصادية الأخرى ولهذا فإن وتحديد سعر الفائدة يتطلب دقه شديدة حيث ان قرار الخفض يمكن ان يتسبب فى هروب أصحاب المدخرات إلى مصادر أخرى لتعظيم العائد على أموالهم مثل شراء الذهب أو الاستثمار فى سوق المال خاصة وأن حجم المدخرات فى مصر يعتبر منخفضا حيث لايتجاوز نسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وعلى الجانب الآخر يمكن أن يتسبب الرفع الزائد لسعر الفائدة فى عزوف المستثمرين عن الاستثمار وكذلك سيزيد من عبء خدمة الدين العام، ولكل ذلك اتبع البنك المركزي
منذ بداية برنامج الاصلاح الاقتصادى سياسة نقدية «تقشفيه» خاصة بعد قرار تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016 وارتفاع معدل التضخم لاكثر من 30% فقام البنك المركزى برفع تدريجى لسعر الفائدة للسيطرة على ارتفاع التضخم،حيث كان استهداف التضخم هو الهدف الاساسى فى ظل هذه الازمة وواصل رفع الفائدة على مدى عدة اشهر حتى وصل الى ما يتراوح بين 19 و20%.واستمرت  هذه السياسات خلال مرحلة الاصلاح الاقتصادى من 2016 الى 2019 بعدها بدء المركزى يتجه الى تطبيق سياسة تيسيرية لدفع النمو الاقتصادى بخفض سعر الفائدة تدريجيا، مع بداية أزمة كورونا اصبحت سياسة المركزى فائقة التيسير للحد من تداعيات الأزمة اقتصاديا،حيث تم اتخاذ قرار خفض الفائدة بنسبة 3% مرة واحدة وهو أكبر خفض تاريخى ثم تلاه خفضان آخران ليصل إجمالى الخفض خلال عام 2020 الى 4%،وذلك مع الحفاظ على معدل التضخم ضمن مستهدف البنك المركزى وخلال الشهور الماضية ابقى المركزى على معدل الفائدة ثابتا دون تغير. وتزامن خفض الفائدة باجراءات لمساعدة القطاع العائلى والأفراد للحفاظ على مدخراتهم من خلال اتاحة اوعيه ادخارية بعوائد مميزة تحقق عائدا حقيقيا اعلى من معدل التضخم ثم قام البنك المركزى باستخدام اداة سعر الفائدة لتحفيز الاقتصاد بشكل نوعى من خلال إصدار مبادرات تستهدف دعم قطاعات اقتصادية محددة ذات أولوية ومنها مبادرة المشروعات الصغيرة والتى يصل سعر الفائدة فيها الى 5%، ومبادرة دعم الصناعة بفائدة 8% وكذلك المبادرة الاخيرة لدعم القطاع العقارى وتمكين المواطنين من الحصول على سكن ملائم بفائدة 3%.والخلاصة أن ما حدث كان قصة مصرية للاصلاح الاقتصادي بادوات  ونظريات اقتصادية عالمية بعقول مصرية.