الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ثقافات سكنية مستحدثة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

انتشر في السنوات الماضية ما يعرف باسم القرى أو المنتجعات أو الكمباوندات، وكلها أشكال أخرى للجيتو والكيبوتس، الأسوار نفسية وأسمنتية، والنفسية أصعب وأضل؛ ولأننا شعب مُسالِم يستطيع أن يتكيف ويقنن نفسه مع أي ظروف حياتية تواجهه نتيجة أي خلل اجتماعي أو أمني أو اقتصادي، فمثلًا ظهرت العشوائيات لعدم توفير مناخ العمل في معظم محافظات مصر فنزحوا من المحافظات إلى القاهرة والإسكندرية وبنوا عششا وبيوتا عشوائية من وراء الدولة، وبدأت تزحف إلى قلب المدن وأحدثت خللا أمنيا وأخلاقيا في مجتمع المدن لم يستطع النظام مواجهته بحرفية، ومن هنا بدأت طبقة القادرين تضبط نفسها بالتوجه في بناء كومبوندات طلبًا للأمان والنظافة بعيدًا عن فساد الإدارة في المحليات المسئولة.
والخطير في هذا الفرز الجغرافي الطبقي أن أصبح هناك جيل من أبناء الجيتو الذين نشأوا في الكومبوند ذات الأسوار العالية، ومنها لحضانات ونوادي الصفوة ومدارس دولية خاصة، ومنها لشواطئ مغلقة جدًا على روادها، ثم جامعات خاصة مغلقة عليهم، أو في جامعات بالخارج، والأمر كذلك يبدو أننا أصبحنا أكثر من أمة بوجود شعب موازٍ آخر، أصبحت له تقاليده وعاداته ومدارسه وجامعاته وسكنه ولغته وانحيازاته ونواديه ومصايفه، وتبدو المصادفة في تماس العشوائيات مع المنتجعات؛ لتثبت أن هذا البلد لديه القدرة على التعايش بانسجام حتى مع التناقضات الحادة، وإذا كانت حياة العشوائيات مكشوفة وعلنية للجميع، فإن الأسوار العالية للمنتجعات كالجدران العازلة بين وطنين وشعبين، فإذا ما انتقلت بضع خطوات بينهما فإن الحياة ما بين الإثنين تمثل الفارق بين حضارتين، والفرق الزمني هائل بينهما في كل
أسوار الكبار هذه، غريبة، ومصممة كأننا في حالة حرب، لمنع البصاصين من التجاوز.
البعض عزل نفسه في منزل عالي الأسوار، أو كمبوند، والآخر أقام حاجزا على شط البحر، لمنع العامة، وأصبحت الشواطئ، والمنازل، والشركات، وبعض المدارس والجامعات، والمحلات، والمستشفيات، وخدمات أخري، لا يقربها المواطن العادي، من أبناء الشعب الشقيق كأزهي عصور الطبقية والعنصرية غير المسبوقة وعموما فقد أصبح تقسيم الناس ماديا ومعنويا... توجها عاما، ولو يممتَ شطر المجال الرياضى، فستجد الكثير من مراكز الشباب الشعبية قد بدأ بالفعل تحويلها إلى أندية خاصة بعضويات خاصة باهظة التكلفة.. ثم، تفاديا لتوطن موظفى الحكومة، المنتقلين إلى الإدارية الجديدة تم بناء مساكن لهم بمدينة بدر ! وفي مصر الآن عدة مناطق معزولة ترفع لافتات تعليمية لمدارس وجامعات دولية ولكي نتصور القضية تصورًا صحيحًا لا بد أن نضع في اعتبارنا عدة أمور أولها أن التعليم الأجنبي يأتي ضمن منظومة واسعة لتغريب الأجيال وإبعادهم عن هويتهم تتضمن التعليم والإعلام والثقافة، ويتستر خلفها التبشير والاستشراق والاستعمار، وتساندها بقية الأدوات.وثانيها: أن الكلام حول التعليم الأجنبي يتناول المدارس الأجنبية ومدارس الإرساليات التبشيرية ومدارس الجاليات بالأصالة، ومدارس اللغات والمدارس التجريبية التي تقفو أثر المدارس الأجنبية ـ وإن تسمَّت بأسماء عربية ودخول أطراف خارجية في العملية التعليمية يعني تعريض أمن الأمة للخطر؛ وذلك حين يتعرض دين الأجيال للتحريف وعقولهم لألوان الغزو الفكري، وهي مسألة لا تقل خطورة عن السماح للأجانب بالالتحاق بالجيش أو أجهزة الأمن التي تسهر على حماية البلاد، بل تزيد؛ لأنها تؤدي مستقبلًا إلى وجود مثل هذه الفئات داخل هذه المؤسسات دون أن ندرك حقيقة الدور الذي تقوم به. وعموما فقد أصبح تقسيم الناس ماديا ومعنويا... توجها عاما، ولو يممتَ شطر المجال الرياضى، فستجد الكثير من مراكز الشباب الشعبية قد بدأ بالفعل تحويلها إلى أندية خاصة بعضويات خاصة باهظة التكلفة.. ثم، تفاديا لتوطن موظفى الحكومة، المنتقلين إلى الإدارية الجديدة، تم بناء مساكن لهم بمدينة بدر!