مع دقات الثانية صباحًا وسط حالة من الهدوء التام الذي لا يقطعه سوى صوت قدم تأتى من بداية حارة ضيقة قديمة بمنطقة شبرا الخيمة بالقليوبية، كان الصوت لشاب أبيض اللون نحيف الجسد قليلًا، يقترب من الـ 21 عامًا، اسمه محمود جمال.
منذ سنوات رحل الشاب وأسرته عن منزلهم القديم بشبرا الخيمة للعيش فى منزل جديد بفيصل لكن قلبه ظل متعلقًا بشبرا وأصدقاء شبرا حيث أن ذكرياته في المكان لا تنسي، مواقف لا تمحي من ذاكرته، ولحظات أجبرته أن يعود مرات ومرات رغم مشكلة كبيرة هي من تسببت فى الرحيل والمغادرة.
المشكلة وقتها لم تكن بالبسيطة، فهى مشاجرة تسببت فى حبسه 7 شهور لخلاف بينه وبين شاب شهرته " كباكا"، على مبلغ 200 جنيه متبقية من 500 جنيه كان مدينًا بها ثمنًا لتصليح تلفيات موتوسيكل كان استأجره محمود من " كباكا"وقتها وتعرض لحادث به أثناء استقلاله.
فى تلك الليلة، يسير محمود صاحب الـ 21 عامًا متوجهًا للأصدقاء القدامي، ممسكًا بهاتفه، وفى لحظة يلفت إنتباهه مجموعة من الشباب، استوقفوه، ليكتشف أنه ذلك الشاب " كباكا" صاحب المشكلة القديمة، فقد تجمع أمامه هو شباب آخرين.
يتفاجىء محمود بهم يستوقفونه، والمتهم ممسكًا سلاحًا، ويقوموا بتوجيه ضربات مباشرة اليه وهو يحاول الهروب من تحت أيديهم، ولكن لا مفر، أصابته طلقة منهم فى منطقة الظهر، وأصيب بقطع جزئي فى كف إحدى يديه، مع طعنة فى منتصف الصدر ليسقط على الفور قتيلًا والدماء تتناثر فى كل مكان وسط صرخات لا تتوقف من الأهالى اللذين تجمعوا حول الجثة.
ولأن الموت لا يوجع الموتي بقدر ما يوجع الأحياء، فلم تتوقف دموع تلك الأم السمراء على نجلها الذى كان بمثابة السند والصبر لها بعد وفاة زوجها، فتارة تحمل صورته وتنظر اليها بحسره، وتارة أخري تجدها بأنفاس مؤلمة تتحدث الى صورته وكأنه يقف أمامها حيًا.
وبدموع حارة لم تتوقف الأم المكلومة عن المطالبة بحق نجلها الضحية وهى تردد " كان السند وظهرى أتقطم".
بداية الواقعة كانت بإخطار الى مديرية أمن القليوبية من مأمور قسم شرطة ثان شبرا الخيمة يفيد ورود بلاغ من مستشفي ناصر العام بوصول المدعو " محمد جمال" 21 عامًا، جثة هامدة إثر طعنات، وتم انتقال رجال المباحث الى مكان الواقعة، وتم ضبط المتهمين وتم إتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة.
