الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

النجومية مسئولية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قيل: الجاهلُ عدوّ نفسه! وقيل: الجاهل يفعل بنفسه، ما يفعل العدوّ بعدوّه!
لكن، هل الجاهل، وحدَه، عدوّ نفسه؟
لا..! أعداء أنفسهم كثيرون، منهم: الجاهل، والأحمق، والمتكبّر، والغبيّ، والبليد، والتافه..! وكلّ من هؤلاء، عدوّ لنفسه لذا فإن الجمهور والمحبين هم رأس مال المشاهير ومقياس نجاحهم، فالعديد من النحوم يحرصون على تقديم كل ما في إمكانه للجهات الخيرية، أو القيام بأفعال من شأنها أن تشعر محبيه من الذين يعانون من الأمراض الخطيرة، وغيرها من الأفعال التي تنال تقدير وإعجاب الجماهير والمعجبين حول العالم، فالعمل الخيري لغة يفهمها كل أجناس البشرية المختلفة في اللون واللغة.
ولهذا يحظي محمد صلاح بأكبر نسبة حب واحترام وشعبية ودعاء من الناس لتواضعه وأدبه بجانب مهارته وبره بأهله وناسه بدون أن يزعم مثلا أنه نمبر وان رغم أنه بالفعل نمبر وإن وخذ أسماء أخري كالخطيب وحسن شحاتة وعلي أبوجريشة وكذلك ليونيل ميسي، نجم برشلونة تبرع بمبلغ مليون يورو، لصالح مستشفى "Clínic" في برشلونة لمحاربة فيروس كورونا وتبرع رونالدو بأجهزة تنفس صناعي وتبرع ساديو ماني بـ45 ألفًا وكل نجوم العالم الكبار لديهم مساهمات إنسانية راقية مثل الممثّلة الأمريكيّة أنجيلينا جولي فقد مَنحت ملايين الدولارات للمؤسسات التي تساعد اللاجئين.
وعلي العكس محمد رمضان ممثل موهوب وشخص ذكي جدًا ولكنه نموذج لاضطراب جذب الانتباه.. فضلا عن غباء مفرط في موضوع الطيار أبواليسر الذي بدأه بخطأ نشر الصورة في كابينة الطيارة دون إذن الرجل.. ثم رفض تعويضه.. ثم يذيع فيديو يطيح بالدولارات بعد حكم. التعويض.. ثم رفضه دفع التعويض بالتراضي بعد وفاة الطيار.. مع أنه كان المفروض الذهاب ليعزي أسرته ويزيد من قيمة التعويض.. ثم تشهيره بالبنك والنظام المصرفي لأنهم نفذوا الحكم القصائي…. سلسلة أخطاء كارثية في موضوع واحد.. تؤكد أن النجومية مسئولية كبيرة وفيما يبدو أنها هبطت عليه ولم يكن مستعدا لها ذلك لأن الموهبة هدية من الله أما صناعة النجوم هي شيء من صنع البشر، فليس كل موهوب نجم، والنجومية لاتصنع هباء، فالنجم صاحب قدرات ومواهب ومهارات تعلن عن نفسها وتكون دائما متميزة ومتألقة فيلتقطها خبراء يعتمدون على أسس علمية معينة ويصقلون صاحبها بالخبرات الكثيرة حتى يقف على أرض صلبة وتتم الاستفادة المشتركة بين الطرفين، أما كثرة إطلاق المسميات والألقاب فما أسهلها، وهي غالبا تؤذي صاحبها لأنها تجعل لديهم نوعا من جنون العظمة الذي لافائدة منه وينعكس ذلك على هذا الشخص فيبدأ في التلاشي والانحسار لأنه صدق نفسه أنه نجم بالفعل وعاش هذا الوهم دون امتلاكه لقدرات حقيقية ومواهب تجعله يستحق لقب نجم، ثم إن النجومية ليست بالشيء السهل أو البسيط ولكنها تكون خلاصة سنوات طويلة من العلم والمعرفة والثقافة والخبرات المختلفة في شتى مجالات الحياة وقبل ذلك تمتع الشخص الذي نطلق عليه صفة النجومية بالموهبة، وفي أمريكا تظهر بشدة قضية صناعة النجوم من خلال مؤسسات وكيانات ضخمة تقف وراء الأشخاص وتدعمهم بالأموال والخبرات والدراسات المتنوعة حتى يكونوا نجوما على أسس سليمة ويتم الاستفادة الكبيرة من خلالهم ماديا ودعائيا أي أن الاستفادة تكون مشتركة، ولكن في مصر الموضوع مختلف تماما فكلمة نجم أصبحت تطلق على أي شخص دون أية معايير فالفنان الذي يظهر ويحقق فيلمه النجاح أصبح نجما، والمطرب الذي يتحقق لألبومه الغنائي توزيع كبير أصبح نجما، والمطربة التي تتعرى في أغنيات الفيديو كليب أصبحت نجمة، واللاعب الجديد عندما يحرز هدفا أو يلعب مباراة جيدة نعلن عن مولد نجم كبير (جديد) يصبح نجما وهكذا فالنجومية أصبحت لكل "من هب ودب.
سُئل ابن المقفّع مرّة: " مَن الذي أدّبك كلّ هذا الأدب؟ ". فأجاب: " نفسي ". فقيل له: "أيُؤدّب الإنسان نفسه بغير مؤدّب؟". قال: كيف لا؟ كنتُ إذا رأيتُ في غيري حُسنًا تبنّيتُه، وإن رأيتُ قبيحًا أبيتُه، بهذا أدّبتُ نفسي ".
‎وهي حكمة يختصرها قولٌ شعبي: " تعلّم من قليل الأدب فشكرا لكل الذين كانوا لنا بسوء أخلاقهم مُعلّمين".