الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الله أكبر وصوت الأجراس.. دعوة للصلاة والمحبة.. الكنيسة المعلقة تؤرخ للعلاقة بالدولة.. مسجد عمرو بن العاص يحكى تاريخ التسامح في مصر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بمجرد خروجك من محطة مترو مارجرجس، تشعر بعبق التاريخ وتستقبلك روائح الماضى وروحانياته، فأنت هنا في منطقة مجمع الأديان بمصر القديمة، فيها العديد من الكنائس، بينها أقدم الكنائس في مصر كنيسة العذراء المعقلة، والعديد من المساجد منها مسجد عمرو بن العاص، بالإضافة إلى معبد بن عذرا اليهودى، فالمنطقة تحتضن الأديان السماوية الثلاثة، فتجد الجميع يعبد الله في أمان وسلام، فالديانات أساسها الأخلاق، والاختلاف يكون في طرق العبادة إلى الله. فالمنطقة خير دليل على أصالة المصريين وحبهم ومودتهم فيما بينهم.

في جولة "البوابة نيوز"، بمنطقة حوار الأديان، استوقفنا مسلمات، وسط الزائرين. منهن مروة حسين، شابة في الثلاثينيات من العمر، إنها تزور مجمع الأديان للمرة الثانية، فقد كان لها زيارة منذ ٤ سنوات، لافتة إلى أنها منبهرة بالعمارة والروحانيات الموجودة في المكان خاصة أن السيدة مريم وابنها السيد المسيح، عليه السلام، كانوا موجودين هنا- بحسب قولها-، وهما مقدسان في الدين الإسلامى.
وفى أحد الجوانب كانت تقف أميمة على، سيدة في الخمسينيات من العمر، أوقدت شمعة وقالت إنها تربت في بيت في صعيد مصر، في محافظة أسيوط، وكان به مسلمون ومسيحيون، وكان لا يعرف من المسلم من المسيحى، مشيرة إلى أنها تعرضت إلى محنة كبيرة، في أسرتها كادت تدمر مستقبل ابنها، فكانت تزور أماكن الأولياء وأيضا أماكن القديسين، في كل مكان للتشفع بهم، فكلهم إلى الله أقرب منا.

من جانبه قال القمص يعقوب سليمان، راعى الكنيسة المعلقة، لـ"البوابة نيوز"، إن منطقة مصر القديمة مميزة، يطلق عليها مجمع الأديان، لأن بها كنيسة العذراء مريم الشهير بـ"المعلقة"، وأيضا مسجد عمرو بن العاص، وهو أول جامع بنى في مصر وأفريقيا، والمعبد اليهودى بن عذرا، فجميع الأديان تحث على السماحة والمحبة والمودة.
وأوضح أن مصر البلد الوحيد الذى لجأت إليه العائلة المقدسة رغم وجود بلدان أخرى أقرب، ولهذا مصر مباركة ببركة السيدة العذراء والسيد المسيح، حيث عاشوا فيها ٣ سنوات و٨ أشهر، ولهذا تحققت النبوة الموجودة في العهد القديم، والتى تقول: "مبارك شعبى مصر"، وبالتالى باركت العائلة المقدسة مصر في زيارتها التى بدات من العريش إلى الصعيد، حتى العودة، وأقامت بمغارة أسفل كنيسة أبى سرجة، في مصر القديمة.
وأشاد بجهود الرئيس عبدالفتاح السيسي، قائلا: "مهما قولنا كلام في حقه لن نوفيه، فقوة مصر يرجع الفضل له، فإنقاذه وحفظه لمصر في وقت صعب، وكل الإنجازات التى حققها على أرض الواقع تمثل نجاح كبير"، مشيرا إلى أن البابا تواضروس، له مقوله شهيرة: "كل العالم في يد ربنا، ومصر في قلب ربنا".


والكنيسة المعلقة تعد من أهم آثار مجمع الأديان، ومن أقدم الكنائس مصر، وتعرف بهذا الاسم لأنها شيدت فوق أعلى أعمدة حصن بابليون الرومانى، الذى كان قد بناه الإمبراطور تراجان في القرن الثانى الميلادى، على ارتفاع ١٣ مترا فوق سطح الأرض، ويرجع تاريخ إنشاؤها إلى القرن الخامس الميلادى.
جددت الكنيسة عدة مرات خلال العصر الإسلامى، وفى عام ١٩٩٨، بدأت عملية ترميم الكنيسة المعلقة، تم الانتهاء منها وإعادة افتتاحها في عام ٢٠١٤، بتكلفة نحو ١٠٢ مليون جنيه تقريبا.
وفى مدخل الكنيسة يوجد العديد من الصور التى تؤرخ علاقة الكنيسة بالدولة المصرية، فتجد صورا للملك فاروق، والرؤساء جمال عبدالناصر، وأنور السادات، وحسنى مبارك، وعبدالفتاح السيسي، مع الأقباط، فضلا عن لوحة تخليد لباباوات الكنيسة المصرية وصولا إلى البابا تواضروس الثانى.

ولبناء مسجد عمرو بن العاص قصة تكشف سماحة الأديان في تعاملها مع بعض، فعندما أراد عمرو بن العاص، أن يبنى مسجدا، حرص على أن يبتعد عن مبنى الكنيسة المعلقة، لكنه اختار قطعة أرض كانت لسيدة مسيحية، فطلب منها شراءها فرفضت، حيث كانت الأرض خاصة بأيتام ترعاهم.
عمرو بن العاص، ضم الأرض للمسجد، مما أغضب السيدة، فأشار عليها البعض أن تذهب إلى المدينة المنورة، حيث الخليفة عمر بن الخطاب، لتعرض عليه شكواها.
ولما وصلت سألت عن خليفة المسلمين، فدلوها عليه، قالت له: جئت من مصر شاكية واليك عليها، وحكت له القصة باختصار، فأخذ عمر، قصاصة من الورق وكتب عليها جمله واحده فقط (ملك كسرى.. ليس بأعدل منا.. والسلام على من اتبع الهدي).
عمرو بن العاص عندما قرأ الورقة وقال للسيدة القبطية: جئت الجامع لأصلى، فلو شئت أمهلتينى أصلى ثم أهدم المسجد في الجزء الخاص بك، ولو شئت بدأت في هدمه الآن، وبالفعل عادت ملكيته إلى الكنيسة إلى يومنا هذا.