الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

ميليشيات السراج ترفض الحلول السياسية للأزمة الليبية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن القوى الدولية لم تعد قادرة على إخفاء حقيقة الجرائم التى ارتكبتها تركيا فى حق الليبيين، طمعًا فى ثروات شرق المتوسط، وفى مقدمتها موارد الطاقة الليبية.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، انضم إلى قافلة المسئولين الدوليين، الذين لم يجدوا أمامهم مفرًا من الاعتراف، صراحةً، بأن وجود المرتزقة الذين جلبتهم تركيا إلى البلاد، يمثل عقبة تعرقل حل الأزمة الليبية.
"غوتيريش" قال فى كلمته بالجمعية العامة للأمم المتحدة، إن وجود المرتزقة يعرقل الحل فى ليبيا؛ مجددًا الدعوة لوقف إطلاق نار عالمى، والعمل لمنع نشوب حرب باردة جديدة.
الأمين العام للأمم المتحدة دعا إلى ضرورة التوصل إلى حلول للقضايا التى تهدد الأمن والسلم الدوليين، ومنها ما يجرى فى ليبيا.
الحديث الذى أدلى به ممثل أكبر منظمة دولية فى العالم، يحمل اتهامات ضمنية لأنقرة، بالمسئولية عن إشعال منطقة مهمة من العالم، وتحويلها إلى ساحة توشك أن تنفجر بحرب إقليمية، وربما عالمية جديدة، لا تُبقى ولا تذر.
تصريحات "غوتيريش"، تزامنت مع تأكيدات أطلقها قادة الميليشيات الموالية للسراج، فى العاصمة طرابلس، أجمعوا فيها على أنهم لن يسمحوا بتمرير حل سياسى يهدد مصالحهم، أو يقضى على وجودهم، وهو ما ينذر باندلاع صراع جديد فى ليبيا، حذر منه المراقبون فى بداية عمليات تركيا الإجرامية بنقل الإرهابيين من سوريا إلى الأراضى الليبية.
رفض للحلول
ويرى طه على، الباحث فى شئون الجماعات المتطرفة، أن حديث الأمين العام للأمم المتحدة، بقدر ما يعبر عن الورطة التى يعيشها العالم، بسبب ما جلبته تركيا إلى المنطقة من ويلات الإرهاب، فإنه يعبر أيضًا عن وجود رفض من قبل الميليشيات التى سلحتها تركيا للحلول السياسية، وهو ما يجعلها رقمًا فاعلًا ذا تأثير فى إنهاء الأزمة.
وقال "على": "الموقف الأممى يجب أن يتبعه مزيد من الجدية الدولية، لإيقاف العبث التركى، وإجبار الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، على الخروج من الأراضى الليبية، وسحب المرتزقة والإرهابيين الموالين له"؛ محذرًا فى الوقت ذاته من أن الميليشيات الموجودة فى ليبيا، ما لم تجد الجدية الكافية فى مواجهتها، فستعرقل أى اتفاق سياسى، طالما سيفضى إلى تفكيكها.
انشقاقات داخلية
سيطرة الميليشيات على شئون حكومة السراج، بات ينذر بانهيار الأوضاع، لا سيما فى ظل الانشقاقات التى تعيشها هذه الحكومة، حتى من قبل أن يعلن رئيسها فايز السراج، عزمه مغادرة منصبه، بحلول نهاية أكتوبر المقبل.
قادة محاور غرفة سرت والجفرة، من زعماء الميليشيات، عقدوا جلسة مع صلاح النمروش، وزير الدفاع بحكومة الوفاق، أكدوا خلالها عدم اعترافهم بمخرجات أى حوار سياسى لا يشاركون فيه، وهو ما يعزز التوقعات بعزمهم عرقلة أى حل محتمل للأزمة.
"النمروش" من جانبه، أكد دعم وزارته لهذه الميليشيات، وتسخير كل الإمكانات لمساندتهم والوقوف معهم، حتى يتحقق لهم ما وصفه بالنصر على المعتدين.
"النمروش" أكد فى تصريحات أخرى، أطلقها خلال وقت سابق، رفضه أى حوار لا تشارك فيه ميليشيات ما يطلق عليه بركان الغضب، ليزيد من العراقيل، التى تواجه حوارات الأطراف الليبية، فى الفترة المقبلة.
تصريحات قادة الميليشيا، ووزير دفاع حكومة الوفاق، تأتى ردًا على المشاورات الجارية، منذ أكثر من عشرة أيام، سواء فى المغرب أو سويسرا، بهدف التوصل إلى حل للأزمة بين أطراف النزاع.
الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القاهرة، يرى أن تلك التصريحات، تؤكد أن المفاوضات والحوارات الخارجية، لن تفضى إلى حل، وستذهب هباءً كسابقتها، لا سيما أنها اعتمدت فى الحوار على إغفال خطورة وجود الميليشيات، وخطورة الدعم التركى لها، حتى تغولت وأصبحت ذات تأثير على الموقف السياسى والميدانى بشكل عام.
ولفت "بدر الدين"، إلى أن عوامل خطورة الوضع فى ليبيا تتضاعف، فى ظل رغبة واضحة من بعض القوى الداخلية، فى إطالة أمد الفترة الانتقالية، على عكس رغبة الليبيين الذين أنهكتهم الصراعات، ويأملون فى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية فى أقرب وقت ممكن، وهو ما ينذر بانفجار الأوضاع وخروجها عن السيطرة.
وألقى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الضوء على تصريحات خالد المشرى، رئيس المجلس الاستشارى للدولة، ورئيس المجلس الأعلى لجماعة الإخوان فى ليبيا، التى جدد فيها دعوته إلى الاستفتاء على دستور دائم للبلاد أولًا، وعدم إجراء الانتخابات فى الوقت الراهن، وهو ما لم يرفضه رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، بشكل واضح وحاسم. 
وأشار "بدر الدين"، إلى وجود خلافات واسعة بين المشرى والسراج، منذ رفضت جماعة الإخوان وقف الحرب، والعودة إلى المفاوضات السياسية، وقال: "تأكيد السراج ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وعدم إطالة الفترة الانتقالية، يعود إلى أنه يتصور أنه بإمكانه حكم ليبيا عبر بوابة الانتخابات، بعد أن فرض سيطرته على المفوضية العليا للانتخابات".
وأضاف: "فى المقابل يرفض الإخوان إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، قبل الاستفتاء على الدستور، بهدف إطالة الفترة الانتقالية، فى ظل توقعات بعدم حصولهم على أى حصة من أصوات الليبيين، الذين باتوا يحملون غضبًا كبيرًا إزاءهم، وهو ما يحرمهم من البقاء فى السلطة لأطول فترة ممكنة".
الأزمة الاقتصادية
الأزمة الليبية لا تقتصر على الأوضاع السياسية، وإنما تمر البلاد بأزمة اقتصادية خانقة، مرتبطة بعمليات نهب ممنهجة لمقدرات الدولة، فى ظل الصراعات بين رئيس الحكومة فائز السراج، ومحافظ المصرف المركزى، الصديق الكبير.
"السراج" طالب "الكبير"، بتزويده باحتياجات النقد الأجنبى، للعام المقبل، فى القطاعين العام والخاص، وذلك بعد أن رفض الأخير طلب السراج بفتح منظومة مبيعات النقد الأجنبى، وإشراف الحكومة على تحديد رسوم بيعها.
المصرف أكد أيضًا فى خطابه للسراج، على ضرورة الشروع فى التشاور لتطبيق الرسم المفروض على مبيعات النقد الأجنبى لكل الأغراض، بما فيها المؤسسات الحكومية دون استثناءات، وتحديد نسبة الرسم المناسبة؛ مطالبًا بإعداد واعتماد الترتيبات المالية للعام المقبل، والانتهاء من إقرار الميزانية قبل انقضاء العام الحالى بالتنسيق والتشاور مع المصرف، كما ينص الاتفاق السياسى المزعوم.
المصرف أكد أن هذه الترتيبات تمثل الطريق الاستثنائى الذى رسمه الاتفاق السياسى لإدارة الإنفاق العام للدولة؛ مطالبًا بمراعاة المختنقات الراهنة، التى تمر بها البلاد، عند إعداد الميزانية، وعلى رأسها توقف إنتاج النفط وتصديره، وانهيار أسعاره فى الأسواق الدولية.
النصب التركي
فى الوقت ذاته تصر تركيا على استمرار سياستها فى نهب الاقتصاد الليبى، وذلك بضربها عرض الحائط أى عقوبات أو قرارات دولية.
تركيا أعلنت استمرارها فى دعم حكومة السراج؛ معتبرةً أن استقالته من منصبه لن تؤثر على الاتفاقيات المبرمة مع ليبيا، بحسب الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن.
"قالن" زعم أن عدم التأثر، ناتج عن كون هذه الاتفاقيات تمت بين دولتين، وليس بين أشخاص؛ مشيرًا إلى أن العلاقات والتعاون فى كل المجالات ستتواصل، على حد قوله.
التصريحات التركية غير المنطقية، جاءت ردًا على تأكيد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب الليبى، طلال الميهوب، بأن اتفاقات السراج مع تركيا لا يعتد بها وغير دستورية، وستذهب سدى برحيله.
"المهيوب" أكد أن مجلس النواب سيطالب المجتمع الدولى، بالتأكيد على عدم شرعية هذه الاتفاقيات، وبطلانها، حتى لا تُتخذ فيما بعد ذريعة للتدخل فى الشأن الليبى، من قبل تركيا وأنصارها.
فى حين بدت تركيا مطمئنة حيال اتفاقياتها مع السراج، ويؤشر الحراك الداخلى الليبى على أن تلك التفاهمات قد تكون عرضة للتطورات السياسية المستقبلية، والتى قد تسير عكس ما تشتهيه أنقرة، مما يجعل أطماعها تذهب أدراج الرياح.