الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

استوصوا بالنِّساء خيرًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عانت المرأة في الجاهلية ظلماً ومهانةً شديدين، وكان الرجل هو السيد المتحكِّم في المرأة حسب هواه دون احترامٍ وتقدير؛ فكانت تباع وتشتري، وتعاني من التميّيز بينها وبين الرجل، حتى قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "والله إن كنا في الجاهلية ما نعدُّ للنساء أمرًا، حتى أنزل الله فيهنَّ ما أنزل، وقسم لهنَّ ما قسم"، وظلّت على ذلك الحال المتردّي حتى جاء الإسلام وحرّرها من كلّ ألوان العبوديّة والذلّ الذي تعرّضت له؛ فكرّمها وأعلى من شأنها، وبوّأها منزلة عالية لم تبلغها من قبل في ظل النظم الأخرى، وأوجب العدل بينها وبين الرجل في كل أمور الدنيا، ويؤكد النبي صلى الله عليه وسلم على المساواة العادلة بين النساء والرجال؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله قالت: قال رسول الله ﷺ: «إنما النساء شقائق الرجال»، ومما يدل على تكريم الإسلام للمرأة أنّ في القرآن سورة تناولت كثيراً من الأحكام الخاصة بهنّ، وقد سميت بسورة النّساء، ولقد كرّم الإسلام المرأة بنتاً؛ فلها في طفولتها حق الرضاع، والرعاية، وإحسان التربية، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ «من ابتلي من هذه البنات بشيءٍ كنَّ له سترًا من النَّار» [رواه البخاري ومسلم]، وكرّم الإسلام المرأة أماً، فجعل برُّها مقروناً بحق الله تعالى، وعقوقها والإساءة إليها مقروناً بالشرك بالله، ولما منحها صفة الأمومة أرفق الإحسان إليها بالإحسان إليه عز وجل فقال تعالي: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (الإسراء: ٢٣)، وأوصي الرسول صلي الله عليه وسلم ببر الوالدين في عشرات الأحاديث الصحيحة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، منْ أحقُّ الناس بِحسن صحابتي؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أبوك» [رواه البخاري ومسلم].

وكرّم الإسلام المرأة كزوجةٍ؛ فجعل الزواج منها آية من آياته فقال تعالي: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: ٢١)، وأعطاها حريّة الاختيار؛ فلابد من موافقتها على الزواج من هذا الرجل الذي يريد الزواج منها ولابد أن تكون هذه الموافقة صريحة لا إكراه فيها ولا إجبار، وكثيرًا ما كان النبي صلَّى الله عليه وسلم يوصي بالنِّساء وظلَّ يوصي بالمرأة عموماً إلى أن لحق بالرفيق الأعلى؛ فاستوصى بها خيرًا في حجة الوداع؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «... واستوصوا بالنِّساء خيرًا، فإنَّهنَّ خلقن من ضلعٍ، وإنَّ أعوج شيءٍ في الضِّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنِّساء خيرًا» [رواه البخاري ومسلم] ، أي: تواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهنَّ؛ فهذه وصية عظيمة للأزواج والآباء والإخوة وغيرهم أنَّ يستوصوا بالنساء خيرًا بالرفق بهنّ، ومراعاة أحوالهنّ، وأنَّ يحسنوا إليهن وألا يظلموهن، وأنَّ يعطوهن حقوقهن ويوجهوهن إلى الخير.