الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قرصنة الأفلام أخطر ما يواجه صناعة السينما

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ترى ماهو مستقبل صناعة السينما فى ظل قرصنة مواقع الأفلام والتطبيقات الإلكترونية الحديثة؟
فبالنظر للتطور التكنولوجى الكبير الذى يشهده العالم، باتت قرصنة الأفلام السينمائية مسألة سهلة، الأمر الذى دفع البعض لقبولها سواء لتوفير المال أو لمشاهدة الأفلام فى المنزل! 
القرصنة الإلكترونية باتت أحد أشكال سرقة الملكية الفكرية، وهى تؤثر تأثيرًا بالغ الضرر على السينما كصناعه تعتمد فى دخلها على الحضور الجماهيرى، فهى للأسف توفر خدمة مجانية للجماهير لتحميل الأفلام ومشاهدتها مباشرة "أون لاين" وفي أحيان كثيرة أثناء عرضها بالشاشات، الأمر الذى يعرض كل من المنتجين وشركات التوزيع لخسائر فادحة، وعلى الرغم من تكاتف الجميع لوضع قوانين من أجل التصدى لهذه الجريمة، ومحاولة مصادرة أجهزة البث غير القانونى ومعاقبة تلك جرائم، إلا أنها لا تزال موجودة حتى الآن، ولا أحد يتصدى لهذه الكارثة التى تهدد صناعة السينما.
السرقة للأسف تتم بعد أيام قليلة من طرح الأفلام السينمائية بدور العرض، حيث يفاجأ صناع الأعمال والجمهور معا بتداول تلك الأفلام على مواقع الإنترنت، ما يعيد مجددا هذا المسلسل "قرصنه الأفلام" إلى الأذهان، والذى عانت منه أفلام كثيرة من دون ردع أو حساب!، الأمر الذى يهدد بالفعل الصناعة ويعوق إستمرار الإنتاج، نظرا للخسائر التى يتكبدها منتج الفيلم حيث لا يمكنه تغطيه تكاليف فيلمه من السوق الداخلية، كما لا يمكنه أيضا بيع الفيلم حصريا لأى قناة تليفزيونية، خصوصا أن هناك فضائيات تعتمد على القرصنة وتعرضها على شاشاتها من دون وجه حق، ما يهدد الإبداع السينمائى ويعوق الإنتاج واستمراره بالفعل.
المؤكد أن السينما المصريه تتحمل كل عام خسائر كبيرة وضخمة تصل إلى عشرات الملايين بسبب سرقة الأفلام وبيعها فى الشوارع أو تحميلها المجانى من مواقع الإنترنت المختلفة والتى زادت وطأتها بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة أن هذه الظاهرة موجودة منذ الثمانينيات حيث كانت الأعمال المعروضة فى السينما تباع على شرائط فيديو ثم أقراص مدمجة وذلك قبل انتشار الإنترنت، والأن عمليات القرصنة تزدهر كل عام خاصة فى المواسم الكبيرة مثل العيدين وطوال موسم الصيف نظراً لأهمية تلك الفترات، وعلاوة على أن الأفلام التى تعرض فى تلك الأوقات تكون بطبيعة الحال قوية ومنتقاة من جانب المنتجين نظراً للمنافسة الشديدة التى تتسم بها تلك الفترات.
لابد أن نعترف بأن سرقة الأفلام تعد من أكبر الكوارث التى تعانى منها السينما المصرية، والسينما العالمية أيضًا، والسبب الرئيسى فى ذلك هو عدم وجود وسائل تأمين كافية داخل دور العرض تمنع تصوير الأفلام بالهواتف المحمولة، وعدم تدشين آلية محددة لمطاردة السارقين أو توقيع عقوبات حازمة وصارمة عليهم، ما يجعل هذه الظاهرة تتفاقم وتتزايد خاصة أن السارقين يستفيدون مادياً جراء هذه السرقات، وأن متداولى الأفلام المهربة سواء إبتاعوها كأسطوانات من على الأرصفة أو قاموا بتحميلها من مواقع الإنترنت ليسوا من المثقفين أوالمهتمين بالفن وليسوا من رواد السينما الحقيقين، لأن من يرضى بمشاهدة فيلم بنسخة رديئة ليس من متذوقى الفن الجميل، فذواق الفن يريد أن يرى صورة نقية وصوت قوى، بالإضافة إلى أن القراصنة يتعمدون سرقة الأفلام الكبيرة لما لها من أهمية لدى المواطن ويتواجدون بكثرة خلال المواسم السينمائية الكبيرة حيث أننا نرى أكثر من نسخة مسروقة ومهربة للفيلم الواحد.
المؤسف أيضًا أن قرصنة وسرقة الأعمال الفنية موجودة في مختلف أنحاء العالم، لكنها فى مصر تتزايد وتتعاظم، لذا يجب أن تنفذ العقوبات التى صدرت بشأنها هذه المخالفات فوراً دون إنتظار الإجراءات الروتينية التى أمست بلا جدوى وعديمة النفع، فلا يجوز اغتصاب الحقوق بحال من الأحوال، خاصة أن ذلك سوف ينعكس على منتجى الأفلام وسيعود على السينما حتما بالضرر، وعليه سيخشى المنتجون تقديم أعمال جديدة مما يجعلنا نشاهد أعدادا قليلة جدا من الأعمال السينمائية لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة كل عام أو أن نشاهد أفلاما ذات الميزانيات المنخفضة أو ما كانت تسمى فى السابق أفلام المقاولات.
والسؤال الذى يفرض نفسه الآن، هل تنتج السينما أعمالا ضعيفة كى لا يتم السطو عليها، أو تعرض الأفلام فى مواسم سينمائية قليلة المشاهدة كى تنجو من السطو؟
هكذا يبدو أن السبب الرئيسى فى انتشار تلك الظاهرة هو عدم وجود رادع قوى ملائم لتجريم اغتصاب عمل فنى والتربح من وراء مجهود آخرين دون وجه حق، إذ أن عقوبة القرصنة لمغتصبى الأفلام هى الحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه، أو بإحداهما، وهى عقوبه غير رادعه بالتأكيد. مايساهم في إنتشار تلك الظاهرة، وهو ما يؤثر فى إنخفاض إقبال الجمهور على دور العرض، لأن هناك علاقة طردية بين القرصنة وتحقيق الإيرادات، وفى حالة السيطرة على هذه الظاهرة سوف ينعكس ذلك على الإيردات وبالتالى سنجد أفلاما ذات ميزانيات كبيرة ورفيعة المستوى مما يعود بالنفع على الفن المصرى والعربى معا.
خاصة أن الجناة يتربحون بالملايين من وراء هذه التجارة علاوة على أنهم لا يطالهم أى أذى مع العقوبة المضحكة التى لا تتوازى مع حجم الجرم، لذا يجب تغليظ العقوبة إلى أقصى درجة كى يرتدع كل من تسول له نفسه هذه السرقة.
لا بد للبرلمان أن يقوم بتشريع وسن قوانين جديدة تحد من تلك الظاهرة وتعمل على إعادة الحقوق لأهلها، خاصة أن هذه الظاهرة هي من أخطر ما يواجه صناع السينما، ومن الممكن أن تلحق السينما بالموسيقى والألبومات الغنائية التى توقفت إلى حد كبير بسبب التسريب عبر مواقع الإنترنت، نعم قرصنة الفن جريمة لابد من محاربتها، وهناك ضرورة ملحة للقضاء على تلك الظاهرة من خلال تثقيف المواطن سينمائياً وأخلاقياً كى يعلم أن مشاركته فى شراء إسطوانة مسروقة يعتبر شكل من أشكال السرقة خاصة أن معظم الذين يشترون هذه الأسطوانات من الشباب ذوى السن الصغيرة وإذا لم يتم إثنائهم عن هذه العادات المشينة فسنفاجأ فى السنوات القادمة أن كل الشعب يتداول الأعمال المسروقة ولن نجد من يدخل دور العرض لأن هؤلاء الشباب هم جيل المستقبل.
المؤكد أنه لا يصح إلا الصحيح، وأن السينما سوف تنتصر على كل الظواهر السلبية، وسوف تحافظ على مكانتها كوجهة أولى لعشاق الأفلام الراغبين بمشاهدة أحدث الإنتاجات السينمائية.