السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

احتفاءً بيوم افتتاح قناة السويس الجديدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان الطريق من ثورة 25 يناير إلى 30 يونيو شاقًا وعسيرًا؛ فقد خان الإخوان الداعين إلى يومِ غضبٍ في 25 يناير 2011، وكانوا آخرَ من ركب قطارَ الثورة مساءَ يومِ جمعةِ الغضب 28 يناير، وأولَ من نزل منه ليتفاوضوا مع أحد كبار المسؤولين في ذلك الوقت ليحصلوا على الغنائم والثورة ما زالت في الميدان. وقد علّمنا الإخوان أن الخيانة هى البرجماتية السياسية وأن المواقف والمبادئ تتبدل مع تبدل الأحداث، وبعد أن ادعوا وقوفهم إلى جوار الثوار، خذلوهم وتخلوا عنهم بل اتهموهم بأبشعِ الصفات وأقذعِ الأوصاف، وأرادوها إسلامية، وإسلامية لديهم تعني إخوانية، لذا فقد قسّموا الناسَ شيعًا وأحزابًا وجماعاتٍ بعد أن كانوا يدًا واحدة. ولم يكن الإخوان يعون أن هذا الصنيع سوف يرتدُ إلى نحورهم، فأذاقهم اللهُ وبالَ أمرهم، وثار عليهم الشعب المصري في 30 يونيو، ولم ولن يذكر التاريخُ لهم إنجازًا تنمويًا واحدًا في عامِ حكمِهم الأسود، فلا طريقًا رصفوا، ولا مصنعًا أقاموا، ولا نفقًا حفروا، ولا كوبري شيدوا، ولا جامعةً أنشأوا؛ فكان عامُهم خِلوًا من أي إنجاز، إلا إذا اعتبروا الأخونةَ التي تسارعت وتيرتها في ذلك العام وحصارَ مؤسساتِ الدولة قمةَ الإنجاز في زمن السقوط.

ولم يشأ الإخوان أن يرحلوا دونَ ضجيج بعد أداءٍ فاشل وسقوطٍ مروع، بل أرادوها مضرجةً بالدماء، فكان الاعتصام بميدانيْ رابعة والنهضة كرمزٍ لمواصلة الفاشل الذي رسب في الامتحان فذهب لينتحر ليلقى حتفه، وكان شهر أغسطس 2013 شهرًا صعبًا وكئيبًا وثقيلًا على النفس بين أفاعيل الإخوان وتحديهم لسلطةِ الدولة وبين تجميدِ حركةِ الدولة في النهوض والتنمية، فلا صوتَ يعلو على صوتِ أُناسٍ فقدوا عقولهم وتملكتهم حناجرهم، وكان فضُ الاعتصام في 14 أغسطس أمرًا ضروريَا لتجاوز مرحلةٍ انتهت في تاريخ مصر ولن تعود، وبدأت مصر مرحلةً جديدة بتولي عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد في يونيو 2014، وتسلم الرجلُ الوطنَ وهو شبهُ أشلاءٍ متناثرة مبعثرة منقسمة مفتتة متهاوية، وحاول الرجلُ أن يبعثَ فيها الأملَ من جديد لتُوهَبُ لها الحياة قبل أن تُغمضَ عينيها إلى الأبد، وبدأ الرجل بتحدياتٍ ضخمة لتهونَ بعدها الصعاب؛ فأعلن عن مشروع قناة السويس الجديدة في 6 أغسطس 2015 على أن يُفتتح المشروع في التاريخ نفسه بعد عامٍ واحد، واندفع المصريون يدعمون قائدَهم بتمويلِ المشروع بأموالٍ مصريةٍ خالصة تؤكد أن هذا الشعب حينما يؤمن بقائده فإنه لا يتوانى عن مساندته حتى آخر بضعة جنيهات في جيبه.

لقد كان الطريقٌ شاقًا والمصاعبُ جمة، ولكن الأملَ تحقق والإنجازَ الحُلم أصبح حقيقةً واقعة، وتحتفل مصر مع رئيسها بالعيد الخامس لهذا الإنجاز الذي شككَ المرجفون في المدينة في إمكانية تحقيقه في هذه المدة الوجيزة تارة، وفي جدواه الاقتصادية تارةً أخرى، وأثبتت الأيامُ والأرقامُ أن كلَ هذه أكاذيبٌ تذهبُ كالهشيمِ تذروه الرياح، ولكن يبقى الإنجازُ صامدًا شامخًا على مر التاريخ؛ فالتاريخُ لا يذكر الصِغارَ وصغائرِهم ولكنه يذكرُ الكِبَارَ وأفعالَهم العظيمة التي غيرت وجهَ الحياةِ في بلادهم.
ولا زلت أذكر عندما كنتُ أتابع تفقُدَ الرئيسِ لمدينة الإسماعيلية الجديدة ونادي الفيروز ومصنع إنتاج الحلقات الخرسانية التي تُستخدم في تبطينِ الأنفاق التي تقوم القواتُ المسلحة لربط شرق قناة السويس بغربها. إن محورَ قناةِ السويس يشهدُ – دون مبالغة - معركةً تنمويةً حاميةَ الوطيس، وهذا أمرٌ لو تعلمون عظيم، سواء من الناحيةِ الاقتصادية، أو لأسبابٍ تتعلق بالأمنِ القومي المصري.

ولولا الرؤية الحكيمة للرئيس عبد الفتّاح السيسي في إعادة بناء مصر بسواعد المصريين جيشًا وشعبًا، سواء في المشروعات القومية الكبرى Mega Projects، وإنشاء شبكة الطرق ومحاور ربط الدلتا بسيناء من خلال الأنفاق، واستصلاح مئات الآلاف من الأفدنة، وخوض معركة الإصلاح الاقتصادي، لما استطاعت مصر الوقوف على قدميْها في ظل تفشي فيروس كورونا، الذي أصاب اقتصادات العالم أجمع بانكماش باستثناء بعض الاقتصادات الفارقة التي حققت نموًا إيجابيًا ومنها الاقتصاد المصري.
وما بينَ 25 يناير و30 يونيو و23 يوليو و6 أغسطس تظلُ إنجازاتُ الوطن كالراياتِ العاليات في عَنَانِ سماءِ الأملِ والطموح.. ولا زالَ الشعبُ المصري يتطلعُ إلى مزيدٍ من العملِ والإنجاز مع قائدِه في طريقِه إلى 6 أغسطس القادم.