الخميس 30 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

موال الوصل والوجع.. ملحمة للصمود الإنساني ضد الاستعمار والرجعية

الدكتور محمد سليم
الدكتور محمد سليم شوشة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في رواية موال الوصل والوجع للروائية أميرة بهي الدين الصادرة 2017 عن دار المحروسة بالقاهرة تتشكل سمات خطاب روائي على قدر كبير من الخصوصية وله جمالياته الناتجة عن روافد مغايرة لما هو سائد في كثير من الكتابات الروائية الأخرى. 
تشتغل هذه الرواية على مشاعر خاصة من الوعي الوطني وتستثمر الحالة الحاصلة في المنطقة العربية من الغزو لبلادنا التي تنشد الأمن والاستقرار وتبدو في أعماقها محبة للحياة، ولكن هذا الغزو المتنوع الأشكال يحولها إلى جحيم وحال من الوجع والأشجان والأحزان التي تكرس لمشاعر إنسانية نابضة تجعل المتلقي على قدر من الانحياز والانجذاب لعوالم الرواية وشخصياتها. أهمية هذه الرواية تنبع من كونها ذات نبض إنساني خاص ولها جمالياتها السردية الناتجة عن تشكيل بنائي خاص، فهي على قدر كبير من التشويق الذي ينتج عن محورين مهمين، فقد تمكن سرد الرواية من استغلال دافعين مهمين لدى مارك المصور الهاوي/ الشخصية الأساسية في إنتاج التشويق أولهما هو البحث عن الحرية والتحرر من الأسر والخروج من القبو ومحاولة النجاة من القتلة والدافع الثاني وهو المتربط بالبحث عن اللقطة التي يحصل بها الجائزة المالية الكبرى بالإضافة إلى الشهرة فتكون النتيجة أنه يقع بين هوتين إما تحقيق الذات أو فقد الحياة والضياع التام. ثمة قدر من التوفيق الفني في ترتيب المادة السردية من الناحية الزمنية في فضاء السرد، فالرواية تبدأ من السقوط في أسر داعش والعيش في القبو سجينا لأيام يتذكر فيها هذا المصور الأمريكي ويسترجع تفاصيل حياته السابقة كلها، وهو ما يجعل زمن الرواية على قدر كبير من الإحكام وغياب الترهل أو الانفراط والتشعب، بل ثمة قدر كبير من الإحكام عبر هذا الإطار الزمني صارم التحديد الذي يشكل حالا من السقوط في الفخ المصيري الضاغط على الذاكرة فيدفعها لاستعادة كل ما مضى من تاريخه والأسباب التي أوصلته لهذا المصير الغامض والمعلق، فذاك الإنسان الأمريكي الذي برغم قوة دولته وهيمنتها يصير ضحية لما يعرف بالنسبة للأمريكان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروف عربيا باسم داعش حين يصبح مصيره مهددا برغم قوة دولته، ومن هنا تتشكل مفارقة عميقة في الرواية تلمح بها وتصبح من النواتج الدلالية الغائرة في أعماق هذا الخطاب السردي الذي قد يبدو على قدر من المباشرة في مستوى منه، ولكن الحقيقة أنه يجمع بين السطحي الظاهري والعميق الخفي الذي يحتاج إلى تأويل ومجهود عقلي في القراءة والتأمل حتى يكتمل المعنى في ذهن المتلقي. وبالإضافة إلى مفارقة الأمريكي الذي يصير ضحية في العراق برغم هيمنة الأمريكان وقوتهم فيها ثمة كذلك مفارقة تتشكل من الحلم بالفوز بالجائزة الكبرى في التصوير ثم السقوط في فخ الأسر من قوات داعش التي تتحفظ عليه في القبو، فبدلا من منصات التتويج والثراء والعودة منتصرا تكون النتيجة صادمة بالسقوط في هذه المأساة. والحقيقة أن المفارقات عديدة في أعماق سرد هذه الرواية مثل الأمريكان الذين يكون ظاهرهم الكفاح من أجل تحرير الشعوب ومنحهم الديمقراطية والحياة الجيدة وهم في الأساس لا يمنحون إلا الخراب والدمار وفتح الطرق واسعة أمام التطرف والرجعية والطائفية وقوات المرتزقة. ثمة كذلك مفارقة الموت العبثي والمجاني في مقابل ما لدى العراقيين وأهل الموصل الحقيقيين من محبة الحياة، وقد أجاد خطاب الرواية وبلغ حدا بعيدا من الذكاء الفطري في السرد حين اختار ضحيتين يتم إعدامهما هم طفل يبيع الفطائر والمخبوزات حين يفقد عقله ويجن وأخرى كانت مدرسة ابتدائية تعلم الأطفال الفن والصمود ومحبة مدينتهم وتهوى الغناء وتصدح به وبالموسيقى في شوارع الموصل، فيكون الضحية الأولى رمزا لعطاء الغذاء والتكوين المادي وفكرة الخبز هي في الأساس رمز لمنح الحياة ولها أساسها الديني والأسطوري القديم المرتبط بمعنى الغذاء والرضاعة والتكوين البنائي للإنسان، فالخبز قرين الزرع والإثمار والإنتاج لكل ما هو مادي يمنح الحياة، في حين يمثل الغناء رمزا لبناء الجمال والفن والروح بشكل مطلق فهو رمز للصمود وجمال الطبيعة وبراعة الخالق ولكل ما في الوجود من موسيقى طبيعية مثل تغريد الطيور وكل صوت جميل في الوجود، ليكون اختيار هاتين الضحيتين على هذه الشاكلة جزءا من الرسالة الأعمق في خطاب الرواية حيث قتل الحياة ورفضها بنوع من التسلط المقصود لدى هذه الكيانات الرجعية المصطنعة من القوى الاستعمارية الهادفة إلى وأد الحضارات العظيمة. 
بذكاء كبير كذلك يضع الخطاب السردي لهذه الرواية القيمة الحضارية لمدينة الموصل بعمقها التاريخي ومظاهرها الأثرية في مقابلة مع أفعال التخريب والإجرام والهدم وكافة ممارسات التخلف والرجعية التي تمارسها تلك القوات المتطرفة لما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية تحت مظلة قوات التحالف الدولي ودعمهم، ليكون في المجمل لدينا عدد كبير من المفارقات التي تحتاج بذاتها إلى تنقيب وإحصاء لأنها تشكل شعرية هذا السرد العفوي المتدفق والنابع من الحال الشعورية لصاحب الصوت الذي يجعل لغته السردية نابعة من الحال النفسية التي تستشعرها كل شخصية.
والطريف كذلك أن كافة الشخصيات صاحبة الصوت في هذه الرواية أو التي تشارك في نقل الأحداث من وجهة نظرها هي شخصيات منحازة لكل ما هو إنساني، فسواء كان روبرت أو مارك أو زهراء أو غيرهم من الشخصيات أو حتى بعض الأصوات الفرعية مثل بعض العجائز فإنهم جميعا ينحازون إلى كل ما هو إنساني ويعادون حال التخريب والتواطؤ الواضح من أصحاب القوة أو من يفترض بهم أنهم رعاة الحرية وحماتها ومن يحاولون زرعها في تربة العراق بتعبير الرواية ولغتها. هذه الحال من الانحياز الإنساني لدى الشخصيات صاحبة الصوت أو الساردة في الرواية تجعل لغة الرواية على قدر كبير من الانفعال والتدفق العاطفي لأن اللغة تتشكل من هذه الانحيازات والحالات النفسية فهي شخصيات غير محايدة أو تدّعي الموضوعية والتجرد؛ لأن هذا التجرد لو كان موجودا كان سيمنحها قدرا من البرود وهدوء الأعصاب مما يفقد السرد دفأه وحميميته ويفقد اللغة اندفاعها وحماسها، ولكننا عبر هذا الانحياز نجد أنفسنا أمام أنواع من اللغة الداخلية والخارجية تنبع مباشرة من حال الغضب والحزن ومساءلة الذات والآخر بالسؤال الجوهري عن السر الذي جعل مثل هذه البلاد تصل إلى هذا المصير القاتم، وتبدو الرواية مشحونة بحال من الغضب وما يشبه المحاكمة عن قتل الحياة وهدم الحضارة وعن تلك الكراهية التي يتم اقتحام هذه البلاد الجميلة بها ويتم فرضها على أجوائها التاريخية. تستعرض الرواية السمات المكانية والخصائص الحضارية لمدينة الموصل مثل نهر دجلة ومزارات دينية وآثار تاريخية قديمة جدا للآشوريين أو غيرهم أو حدائق وأسوار ومتاحف ومعابر وأسواق وحوانيت وغيرها الكثير وهذا الوصف للطبيعة وللمقدرات التاريخية يؤكد على القيمة الإنسانية والعمق التاريخي والحضاري للمدينة في مقابل ما تنال من التخريب العمدي والتربص بالإنسان العراقي البسيط الراغب في الحياة. 
ترتبط الرواية بأنساق ثقافية تتصف بالطابع العالمي الناتج عن وضع مأساة مدينة الموصل تحت حكم هؤلاء المتطرفين في إطار من الوعي الخارجي لهؤلاء الأجانب الوافدين من دول مختلفة ولديهم تصورات مسبقة تبدو غريبة ومنافية للحقيقة أو لما هو على أرض الواقع، فهؤلاء الوافدون الأجانب سواء للعمل مع منظمة الإغاثة أو مراسلين لبعض الصحف يمتلكون تصورات غريبة هي جزء من الصورة التي ترغب القوى الاستعمارية في تشكيلها عن العراق وشعبها وكافة دول المنطقة من أنهم همج خارج الحضارة وأبعد ما يكونون عن الإنسانية وكأنهم جميعا مجرد حيوانات متصارعة يقتل بعضهم بعضا، في حين أن الأمر على أرض الواقع مختلف تماما، بما يشكل حالا طريفة وغريبة من التزييف والكذب الذي يمكن تسميته بالكذب العالمي وتزييف الرأي العام العالمي حيال مجتمعاتنا الخرساء. يتشكل الإنسان العراقي برغم هذه الحال من الانسحاق تحت وطأة الاستعمار والتطرف بصورة إيجابية في رواية موال الوصل والوجع وبخاصة النساء حيث يكون لهن صوت برغم كافة مظاهر القمع ولديهن تطلع وقفز ناحية المستقبل الذي يثقن في أنه سيكون أفضل ويكن على يقين تام باستعادة الصورة القديمة للموصل، ولذلك يتكرر طلب منهن لهؤلاء الأجانب بالعودة في المستقبل ليروا الصورة الحضارية الحقيقية للموصل بعيدا عن هذه الحال الطارئة، فلا شك لديهن بأن كل هذا سينتهي وقريبا. 
في الرواية توظيف جيد للتكرار والحقيقة أن التكرار في لغة سرد الرواية كان نابعا بشكل عفوي من متابعة هذه اللغة لمشاعر الشخصية الساردة/ صاحبة الصوت، فعلى سبيل التمثيل نجد أن هذا الإلحاح والإصرار على اليقين في الانتصار والثقة في استعادة الموصل لمجدها وهدوئها وتجاوز أزماتها يجعل بعض النماذج العراقية التي تتحدث تكرر كلامها الخاص باليقين في الانتصار في المستقبل وتعيده بما يكرس لهذا اليقين عبر لغة السرد. فالتكرار دليل إصرار ويقين ولهذا فإن دراسة المواضع التي بها تكرارات نجدها محصورة في أسئلة محاكمة الشخصية الأمريكية نفسها على هذا التخريب العمدي وما هو الذنب وراء كل هذا التخريب وهو سؤال الوجع الممتد من بداية خطاب الرواية حتى نهايتها، والمسألة الأخرى التي يهيمن عليها التكرار هي ما ذكرت سابقا من ثقة بسطاء المدينة وعجائزها في الانتصار مستقبلا واستعادة المدينة لأن هذه هي الدورة الطبيعية للتاريخ التي أدركوها من قديم واستوعبوها بشكل عملي من حركة هذا التاريخ. 
يشتغل خطاب رواية موال الوصل والوجع على توظيف ثقافة الفن التشكيلي وفن التصوير ومعارفه وكيفية تنسيق مجموعات الصوت وإعطائها عناوين تصبح جزءا من العناوين السردية الفرعية داخل فضاء الرواية، فيتحقق للمتلقي هنا نوع من المعايشة التامة لممارسات هذا المصور ويرى بعينه ويجعل عدسة كاميرته هي المهيمنة على الوصف وبخاصة ما يرتبط بجمال مدينة الموصل وتاريخها بالإضافة إلى أوجاع أهلها وملامحهم وعيونهم، فتبدو زاوية الرصد في الرواية تابعة لعدسة هذه الكاميرا التي تمارس التصوير عن قرب أو عبر لقطات قريبة ومركزة على زوايا بعينها وتفاصيل وأشياء بعينها تكرس لهذه المعاني من امتزاج الحضارة والتاريخ القديم بالآلام والأوجاع الطارئة على حياة الموصليين تحت وطأة داعش وسلبية قوات التحالف الدولي. تهيمن الأوصاف المادية واللقطات التصويرية متجاورة مع الحكايات التي تخبر بها مجموعة الوافدين الأجانب الذين تجسد الرواية حياتهم ويتناقلون الخبرات عن أوجاع أهل المدينة. 
نجد أن ثمة عددا من الألبومات أو مجموعات الصور الفوتوغرافية ذات الارتباط التي تشكل عنوانا مع بعضها وتصورا جانبا مهما من جوانب المدينة وتعرض لسؤال أو حقيقة ما، وبين هذه المجموعات الكثيرة ثمة لقطة واحدة فقط هي المرشحة لأن تكون اللقطة التاريخية التي يبحث عنها بطل الرواية كما يبحث الحبيب عن حبيبته وهو ما يمنح الرواية مصدرا مهما للتشويق فيبقى المتلقي في نوع من الترقب والانتظار المستمر لهذه اللقطة ويصبح معايشا لهذا البطل، بالضبط مثلما يعايشه في مشاعره داخل القبو ليعرف هل سيكون مصيره النجاة أم الضياع التام في مغامرة عجيبة. 
ثمة نوع من الحركة الواسعة بين عدد من الدول والثقافات المختلفة، وهذا الاختلاف ينعكس على كم كبير من الشخصيات التي يصبح لكل شخصية منهم وعيها الخاص، فيكون هناك تفاوت كبير بينهم جميعا، على نحو ما نرى في تفاوت الشخصية الغربية والشخصية العربية، وبالتحديد فيما يخص فكرة اليقين أو الإيمان وبالتحديد حسبما تعرض الرواية لوجهة نظر شخصية زهراء المترجمة أو شخصية مثل العجوز التي تعرف تاريخ العراق جيدا وتخاطب هؤلاء الغرباء بنوع كبير من الشجاعة والثقة في النفس، وهي حال غريبة من الثقة التي تستمدها من الوعي بالتاريخ الكبير لصمود الموصل أمام هجمات كثيرة على مدى التاريخ، ونجد أن الرواية حافلة بالاسترجاعات التاريخية التي تؤيد وجهات النظر هذه فترجع إلى فترة هجمة المغول على العراق والشرق الإسلامي في القرن السابع الهجري والصراع القديم بين المسلمين والسكان الأصليين في الأندلس وتطرح نماذج أخرى من الشخصيات المتفاوتة فيما بينهم حتى بين الشخصيات الغربية التي تختلف كثيرا في المعرفة والاطلاع ومنهم شخصيات ذات دراية كبيرة وأخرى على قدر كبير من الضحالة والمحدودية مثلما نجد الفوارق بين روبرت ومارك أو حتى بين مارك وعشيقته التي تركها وراءه في أمريكا وينعتها دائما بالغباء.
ثمة كذلك توظيف سردي جيد لفكرة الرسائل بين الشخصيات حين تصبح الرسائل مجالا لتبادل وجهات النظر واختصار الحكايات وتقليس المسافات بين الدول والقارات، وثمة كذلك الرسائل التي لا تكتمل أو تتمنى الشخصية أن ترسلها ولكنها لا تفعل لوجود عوائق أو عراقيل تحول دونها، فتبقى هذه الرسائل مجرد صوت داخلي ومجرد أمنية أو رغبة في التواصل مع الآخر لتبادل وجهات النظر أو رغبة في تدوين التاريخ وتسجيله، وثمة كذلك توظيف جيد لحضور الحيوان وبخاصة كلب مارك الذي يبدو هو كل ما له من الأصدقاء والأحباب في أمريكا ويتمنى لو كان قادرا على أن يرسل له رسالة، لنجد أن هناك حضورا كبيرا لفكرة المراسلات والتدوين يتناسب هذا الحضور مع تباعد المسافات وتصبح الرسالة حافزا دراميا لأنها قد تطرح أخبارا جديدا وتصبح إضافة مهمة للمسار السردي، وكذلك المكالمات التليفونية، وكل هذه الأشكال من التواصل تسهم في زيادة النسق البوليفوني polyphonyفي الرواية لأن كل مراسلة أو صوت هو وجهة نظر في ذلك العالم الغريب من الحرب والصراع يمكن تفسيره ورؤيته بشكل مختلف، ما بين شخصيات ترى الأمر في إطار الصراع على الثروة والنفط وأخرى تركز على المنظور الإنساني وحق الشعوب في العيش الآمن وشخصيات ترى الأمر في إطار التآمر وأخرى تراه في جانبه الدموي فقط دون إدراك لكل ما وراء هذا التخريب. 
تطرح هذه الرواية تشكيلا خاصا للمرأة إذ تبدو مثل كافة كتابات أميرة بهي الدين التي تكشف الجوانب الأعمق إنسانيا في المرأة العربية سواء كانت مصرية أو عراقية، وتكشف عن قدر محبتها للحياة وقدر صمودها وكأنها دائما هي أصل الحياة وهي المعادل للطبيعة وقريبة من الصورة الأسطورية القديم التي تجعل من المرأة الأرض الخصبة التي يخرج منها النبات في مقابل المطر والماء الذي يتسبب في الإنبات، في حين المرأة هي الرحم وهي أصل الحياة، ولذلك ربما يتوارى الرجال العراقيون ويختفون بدرجة ما في مقابل التجلي الأبرز للمرأة التي تمنح الحياة طعمها وصمودها والتشبث بالأرض والحضارة والدفاع عنها باستماتة.
وتطرح الرواية عالما ثريا بالتفاصيل وتهيمن عليه المشهدية التشكيل السردي السينمائي بما يجعله متأتيا لمخيلة القارئ إلى حد الاندماج الكامل، وتتفاوت سرعة السرد وبين البطء والسرعة كما يتفاوت الإيقاع السردى ويتنوع بين نغمات عديدة بين صوت العقل الهادئ والقائم على التحليل ومقابلة الرأي بالآخر وبين الاندفاع العاطفي الجامع المعبر عن مشاعر الغضب والحزن وغيرها من الانفعالات والمشاعر الإنسانية. والحقيقة إنها في رأينا واحدة من الروايات المتميزة الجديرة بالقراءة والتحليل والدرس من عديد الجوانب لقدر ما وارءها من الجهد البحثي وما وراءها من موهبة حكائية وحرفة سردية كبيرتين.