الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

محمد سليم شوشة يكتب: فيروس التطرف الإخواني واختراق المجتمعات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ثمة علاقة واضحة جدا بين جماعة الإخوان الشيطانية والفيروسات، فلهذه الجماعة المجرمة قدرة كبيرة على التحور والتبديل في مظهرها بما يتناسب مع مستجدات العصر واللحظة الراهنة، فإذا كانت الفيروسات في صراعها الممتد مع خلايا الجسم الحي لاختراقه تلجأ إلى تحورات طبيعية تجعلها أقدر على خديعة جهاز المناعة فالأمر نفسه يتم مع جماعة الإخوان المجرمة التي حددت خطتها من وقت مبكر جدا، ولديها استراتيجيات تعامل عديدة مع المواقف المختلفة التي تسعى بها لتحقيق أهدافها، هي ليست بحاجة لاختراق مؤسسات الدولة فقط، ولكنها بحاجة لاختراق المجتمع بشكل كامل عبر بث أفكارها المتطرفة التي تحاول تقليمها وتهذيبها لخديعة البسطاء والمسلمين الأميل إلى الالتزام الديني فتكسبهم للفكرة في ذاتها دون التقيد بالتنظيم، ولهذه الجماعة الشيطانية مراحل كثيرة من العمل على المجتمع وأفراده حتى اللحظة النهائية التي يجندون فيها شخصا ما يكون قد بلغ كافة مراحل الالتزام والطاعة، فهناك مرحلة الهجوم الشامل على المجتمع كله بالأفكار القديمة والأصولية ودغدغة المشاعر والعواطف الدينية لدى الأغلبية ومحاولة جعلهم يعيشون الماضي أو ينتمون إلى عصور الإسلام الأولى وبخاصة عصر الصحابة والتابعين فيظلوا فيه بأرواحهم ومشاعرهم بشكل حرفي ويبدءون في الانفصال على العصر الآني، ولا يبقى للمجتمع من التمدن والعصرية إلا قشرة سطحية من المظهرية مثل أن يستخدموا الكمبيوتر أو السيارة أو وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من أساليب العصر ولكن رغبتهم ونيتهم أن تكون كل هذه الأشياء والمظاهر لخدمة الأفكار القديمة، فنجد على سبيل التمثيل قطاعا عريضا من الناس والشباب بشكل خاص مؤمنين بفكرة الخلافة التي لا أساس لها أصلا في الإسلام ونصوصه، ولكن بتشبع كثيرين منهم بهذه الأفكار يبدون أسهل في أن تصطادهم الجماعة في المرحلة التالية وهي مرحلة التنظيم، فبعد مرحلة الأصولية والنزوع المطلق إلى القديم وفصل الإنسان عن عصره وجعله روحيا ينتمي لعصور ماضية تبدأ المرحلة الثانية وهي التجنيد والدمج في التنظيم. الحقيقة أن الدولة غالبا ما تنشغل بالمرحلة الثانية ونواتجها وهي مرحلة التجنيد وربما بالمرحلة الثالثة وهي مرحلة العنف والخروج على المجتمع في إرهاب قتالي ظاهر ولكنها قد لا تجد من أولوياتها الانشغال بالمرحلة الأولى وهي المرحلة الأخطر. الإرهاب مثل الأمراض المستوطنة والفيروسات له دورة حياتية والأخطر دائما فيه هو مرحلة الميلاد والنشأة وليس مرحلة الهجوم على الجسم البشري ومحاولة الفتك به. 
في تحليل المرحلة الأولى وهي مرحلة تكوين وحضانة التطرف في المجتمع لو تأملنا حركتهم بدقة نجد أنهم لا يكفون عن التطور واختراع الحيل الجديدة التي تجعلهم قادرين دائما على الاستمرار. نجد على سبيل التمثيل منهم دعاة ووعاظ يظهرون بالمظهر الصوفي ومنهم من يظهر بالمظهر الحداثي الذي يشكل خطابا خاصا بالشباب ويشتغل على لغتهم ومشكلاتهم، مازال يتجسد في آخرين حتى الآن والعجيب أن بعضهم يظهر في قنوات تلفزيونية خاضعة للدولة، وبعضهم يسلك سبيل قنوات اليوتيوب أو التنمية البشرية، بعضهم في الفن وبعضهم في الثقافة وليس مطلوبا من أي عنصر منهم غير أن يرمي بفكرة ما هي في جوهرها تخدم الفكرة الأساسية للمتطرفين، بعضهم يهيمن على مؤسسات تعليمية ولا يريد فقط أكثر من أن يحافظ على معدل ثابت من إنتاج المتطرفين والمنتمين للعصور القديمة عقلا وروحا مهما كان ذلك الإنتاج بمعدل ضعيف أو منخفض، فالمهم جدا بالنسبة لهم هو الاستمرارية في إنتاج هذه النوعية من العقليات المتطرفة مثلما نلاحظ ذلك في كليات بعينها ومؤسسات تعليمية قد تكون هي أول المطالبين بتجديد الخطاب الديني أو المعنيين به أو حتى رفع شعاره ولكننا نفاجأ في حقيقة الأمر أنها أهم عوامل مدة التطرف بأسباب الحياة والاستمرار والتجدد، فالعلاقة بين التطرف والأوبئة أو الفيروسات والأمراض المعدية أنها ذات طبيعة أسية في الانتشار، فالمتطرف الواحد بعد تخرجه من الكلية يغير أو يؤثر في عشرة أو عشرين من محيطه وكل واحد من هؤلاء الذين أثر فيهم يؤثر هو الآخر في العدد نفسه وبخاصة إذا كان بالكفاءة نفسها من القدرة على التدليس والاستغراق في العصور القديمة والانتماء لها والانفصام عن الحياة المعاصرة ومفرداتها. 
بعض مشاهير الدعوة من التاريخين الذين استهدفوا اختراق الفن والرياضة عبر استمالة النجوم والجماهير كان هدفهم ليس أكثر من إكمال هذه المرحلة من بث تلك الأفكار المتطرفة وزعزعة الهوية المصرية والتشكيك في الفنون وكافة مناحي الحياة ومظاهرها، لأن هؤلاء النجوم المسلطة عليهم الأضواء ستصل بلبلتهم وتحولاتهم إلى المجتمع بسرعة كبيرة وتخترق المجتمع كله ومن ثم ستؤثر في أكبر عدد ممكن من الناس الذين هم بطبيتعتهم ينتمون لكافة مؤسسات الدولة ومفاصلها، ركزوا كذلك في مدة كبيرة على طبقة رجال الأعمال والمشاهير في الإعلام ولا يظهر من هؤلاء الفاعلين أكثر من كونهم مجرد دعاة ولكنهم في الحقيقة أصحاب ارتباط عميق بالكيان التنظيمي ولكنه ارتباط خفي أو مقصود إخفاؤه لأن التنظيم هو الهدف الأٍساسي وهو المرحلة التنفيذية الأهم، لقد أدركت جماعة إخوان الشياطين الإرهابية مثلا فك الارتباط بينها وبين الأسماء المشهورة من الدعاة يحقق مصالحهم بدرجة أكبر ويجعل أقوال ودروس وخطاب هؤلاء الدعاة أكثر قبولا ورواجا في المجتمع، فإذا وجدوا خطيبا بارزا في محافظة معينة أو منطقة معينة فإنهم سريعا ما يفكون الارتباط معه حتى يكون قادرا على مزيد من التغلغل في المجتمع وهكذا، وأعرف كثيرين منهم أدوا هذا الدور بكفاءة كبيرة وتخطيط متميز وقدرة عجيبة على التخفي وكأنهم يعيشون في مجتمع معاد يريدون خديعته ونسفه تماما وينتظرون اللحظة المناسبة وبخاصة أولئك الخطباء الذين يستهدفون مناطق بعينها معروفة بتمدد هذه الأفكار المتطرفة مثل كرداسة وكفر غطاطي وبعض ضواحي الجيزة وغالبا ما يوظفون كذلك الجمعيات الخيرية والمظهر الصوفي في تحقيق هذه الأهداف الإستراتيجية الخطيرة التي تصل بنا إلى المرحلة الأخيرة من تصويب السلاح إلى صدور أبنائنا في الجيش والشرطة ومن يحاربونهم فكريا.