الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كورونا وصدمة اقتصادية وبشرية والتعاون الدولي الحل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاء بيان لجنة التنمية لاجتماعات الربيع للبنك الدولى وصندوق النقد الدولى، قبل أيام، بمؤشرات اقتصادية مقلقة على كل دول العالم، وتشير إلى أزمة فيروس كورونا (كوفيد-19) بدأت تترك أثارًا على مجمل الأوضاع الاقتصادية، مما يمثل فرض تحديات عديدة تتطلب البدء في صياغة منهج تعاون دولى جديد يتوازن مع هذه التحديات.
بيان اللجنة حمل في مجمله رسائل مهمة، حيث يؤكد أن أزمة كورونا تسببت في أن مجتمع التنمية يواجه بتزايد مستمر تحديات عالمية تتطلب اتخاذ إجراءات جماعية حاسمة وخطوات مبتكرة، إلا أن التعاون المتعدد الأطراف ضرورى لاحتواء الجائحة والتخفيف من آثارها الصحية والاجتماعية والاقتصادية. 
وهذا الوضع يتطلب معالجات محددة وحاسمة، وهو ما أكدته اللجنة، من خلال قيام البنك الدولى بمعالجة هذه القضايا المعقدة والقيام بدور من خلال تقديم قروض واستثمارات، لمواجهة الآثار المدمرة لفيروس كورونا، وتفاقم تفاقم تداعياتها البشرية والاقتصادية. 
ولا شك أن مفهوم التأثير البشرى والاقتصادى سيختلف من دولة إلى أخرى، والأكثر تأثرًا بشريا هم خطوط المواجهة الأولى لهذا الفيروس القاتل، وهم من يحتاجون إلى آليات دعم عديدة لحمايتهم، وتوفير الرعاية لهم.
ومن أخطر الرسائل التى شددت عليها لجنة التنمية في اجتماعات البنك والصندوق، تتعلق بأن الاقتصاد العالمى يمر بصدمة سلبية منقطعة النظير من جراء جائحة كورونا، وتسبب ذلك في حالة من الهبوط الحاد وفقدان ثقة المستثمرين العالميين في كل شىء، وهو ما أدى إلى تضييق شديد لشروط التمويل الخارجى، الأمر الذى انعكس على مخططات التنمية، مع توقعات باستمرار حالة من التردى في التنمية.
والمؤكد أن هذا لا يختلف من دولة إلى أخرى، بل أصيب به الجميع، وإن كانت الدول الفقيرة، والأكثر احتياجًا هى صاحبة النصيب الأكبر من التأثير، والذى قد يؤدى إلى نمو سلبى، وهذا ما دفع الكثير من الدول إلى إعادة تقييم معدلات النمو المتوقعة، في العام الحالى، والسنوات المالية المقبلة.
قائمة التأثير التى رصدتها اللجنة خطيرة ومقلقة، ولم تقتصر على جانب دون آخر، وللنظر إلى بعض من تلك القطاعات التى تأثرت سلبا، بسبب «كوفيد -19» لنحدد طرق المواجهة والتعامل مع تداعياته السلبية، ليس مع ما بعد كورونا فقط، بل من الآن.
وهذا بعض من كل من تلك القطاعات، حيث تسببت الجائحة في تعطيل التجارة، وسلاسل التوريد، وتدفق الاستثمارات، وبات رأس المال البشرى أيضا غير مستغل، بينما تناقصت بسرعة التحويلات المالية للمغتربين، وعائدات النقل، والدخول من قطاع السياحة، وإمتد إلى الهبوط الحاد لأسعار السلع الأولية بالاقتصادات التى تعتمد على هذه السلع. 
ولكن ما الحل من وجهة نظر لجنة التنمية، حيث أكدت أن المعالجة تتطلب قيام مجموعة البنك الدولى بضرورة مساعدة البلدان في الحد من حالات التعطيل، ودعم الجهود الرامية إلى الحفاظ على الوظائف وتعزيز الثقة، مع اهتمام خاص لتوفير المستلزمات الطبية بأسعار ميسورة، مع العمل على تحقيق الأمن الغذائى والسلامة. 
وأصبح الأمر أكثر إلحاحا لقيام البلدان بضمان تدفق المستلزمات الطبية الحيوية، والمنتجات الزراعية المهمة، وغيرها من السلع والخدمات عبر الحدود، وأن تعمل لمعالجة حالات التعطيل لسلاسل التوريد العالمية، ومساندة التعافى.
ولا يجب أن تقف مجموعة البنك الدولى وصندوق النقد الدولى موقف النفرج «عن بُعد»، بل الأجدر بهما الاستمرار في مساعدة كل البلدان المتعاملة معهما في شراكة مع منظمة الصحة العالمية وغيرها من وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية والشركاء الثنائيين، مع قيام البنك والصندوق بالتعاون في مكافحة الجائحة ودعم التعافى الاقتصادى وتعزيز التقدم المحرز نحو بلوغ الهدفين المتزامنين وأهداف التنمية المستدامة.
هذا جزء من رؤية لجنة دولية، إلا أن الأهم هو سرعة التنفيذ لهذا الأمر، حتى لا تتحول التوصيات إلى حبر على ورق، ومن المهم أن يتكاتف المجتمع الدولى في التعاون من أجل محاربة عدو مشترك يحصد أرواح البشر دون تفرقة، وعلى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن يتوقف عن قراراته الاستفزازية للعالم، على غرار ما قام به بتجميد مساهمة بلاده في ميزانية الصحة العالمية، وهو القرار الذى ينم عن حالة من الطائفية المقيتة، فليس مستغربًا، أن يكرر هذا مع كل جهد دولى يواجه فيروس «كوفيد -19» المستجد.