الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

اللجوء السياسي يضيف أعباء اقتصادية جديدة.. السوريون يدفعون حاليًا ثمن المعارك السياسية لأردوغان بالمنطقة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وسط تصاعد الأحداث العنيفة بمنطقة الشرق الأوسط، وخاصة فيما يدور بسوريا واضطرار أهلها للرحيل نحو الدولة المجاورة تركيا، التى تستغلهم كـ«ورقة ضغط» على أوروبا، تُعانى اليونان كبوابة عبور من أنقرة إلى القارة العجوز من تدفق آلاف اللاجئين على حدودها بما يؤثر مباشرة على اقتصادها المتضرر بالأساس.


وفى خضم الأحداث المتسارعة، قررت تركيا مُجددًا استغلال اللاجئين؛ ففى ٢٩ فبراير الماضى أعلنت الحكومة فتح حدودها لتدفق مزيد من اللاجئين نحو أوروبا عبر حدودها مع اليونان؛ معللة ذلك على لسان مسئول الاتصالات بالرئاسة التركية، فخرالدين آلتون، بأن المجتمع الدولى والأوروبى لم يعط لبلاده الدعم المستحق والكافى لاحتواء المهاجرين السوريين والذين وصل عددهم فى البلاد إلى نحو ٤ ملايين لاجئ؛ لكن يرجع الكثيرون هذا القرار للضربة العسكرية الموجعة، التى تلقتها قوات تركيا فى إدلب بعد مقتل نحو ٣٣ عسكريًّا تركيًّا، أى أن موجات التدفق الجديدة يجرى أيضًا توظيفها سياسيًّا عبر أنقرة.
وبعيدًا عن التأجيج السياسى لأزمة اللاجئين، فإن المتغير الأكثر وضوحًا فى هذه القضية هو الملف الاقتصادى ومدى تأثر اليونان سلبًا أو إيجابًّا بموجات الارتحال، وما يفرضه الموقف من التزامات مالية وأخلاقية على جميع دول المنطقة تجاه الفارين من نطاقات الحروب والدولة المأزومة بالديون.
ففى بداية مارس الجاري، أكدت الوكالة الأوروبية لحماية الحدود الخارجية «فرونتكس» أن ما لا يقل عن ١٣ ألف مهاجر يحتشدون حاليًّا على الحدود بين اليونان وتركيا، وترفض اليونان استقبالهم وتتخوف أوروبا منهم، وبناء عليه قرر الاتحاد الأوروبى منح اليونان ٧٠٠ مليون يورو لتجاوز أزمة اللاجئين.


وبالنظر إلى وضع الدولة الأوروبية الصغيرة، فإن اليونان كانت تُعانى إفلاسًا منذ بضع سنوات وضعت على أثره البلاد فى أزمة خانقة، وتراجعت معها الاستثمارات الأجنبية الموجهة لها، ففى عام ٢٠١٠ تراكم الدين الخارجى بنسبة كبيرة على الدولة حتى وصلت إلى عدم القدرة على تسديده، ولا تزال تحاول معالجة الآثار السلبية التى لحقت بها جراء الأزمة.
وتشكل موجات المهاجرين ضغطا على السياسات المالية لليونان تحاول دول الاتحاد الأوروبى مساعدتها فى احتوائه؛ بينما تستغله تركيا على الجانب الآخر، وفى ظل ما واجهته الدولة اليونانية من تأزم اقتصادي، تبقى السياحة متنفسا مهما لإيراداتها فهل أثرت عليه الهجرة، وتدفقها بشدة.
فطبقًا للتقارير الاقتصادية يشكل قطاع السياحة بإيراداته ما لا يقل عن ١٨٪ من إجمالى دخل البلاد، التى يزورها سنويًّا نحو ٢٢ مليون سائح، وفى ظل الهجرات المتتالية عبر بحر إيجة بين تركيا واليونان تتأثر المناطق الساحلية بشدة سواء على مستوى الهدوء المطلوب للترويج السياحى أو تشتت قوى الأمن وانتشارها.


وتحاول الحكومة التخفيف من تأثيرات المهاجرين على رواج السياحة الساحلية بالمنطقة لتقليل خسائرها، ففى مارس ٢٠١٦ أكد رئيس الوزراء اليونانى أليكسيس تسيبراس أن تدفق المهاجرين لا يشكل أزمة كبرى على قطاع السياحة مطالبًا وسائل الإعلام بوقف الترويج إلى هذه الأزمة؛ لأن القطاع يمثل مصدر دخل كبير للدولة.
فيما قال الباحث القانونى فى شئون الهجرة، أحمد سعدون، إن ما فعلته تركيا من فتح حدودها للمهاجرين نحو أوروبا هو أمر غير إنسانى معرضة حياتهم للخطر من حيث احتمالية خطفهم من عصابات الاتجار بالبشر، فهى من وجهة نظره إهانة لضيوفها، مؤكدًا أن السوريين يدفعون حاليًا ثمن المعارك السياسية لأردوغان بالمنطقة.
وأما فيما يخص الموقف الأوروبى حيال ذلك، فأشار إلى أن أوروبا لم يجانبها الصواب فى الاتفاق مع دولة مثل تركيا فى ملف اللاجئين الذين تستخدمهم سياسيًّا، لافتًا إلى أن اليونان معبر فقط لأوروبا ولا يمكنها استيعاب كل هذه الأعداد.