رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

مفاجأة.. نقل المرتزقة والأسلحة لحكومة الوفاق بليبيا استمر خلال "مؤتمر برلين".. أردوغان يسعى لإنشاء حرس ثوري جديد في أفريقيا لتحقيق الحلم العثماني.. والسراج يعطي الضوء الأخضر لتجنيس المرتزقة السوريين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لن يتخلى بسهولة عن أطماعه في ليبيا، بعدما أعلن بوضوح أنه يعتبرها إرثًا عثمانيًا، فهو لا يتوقف عن نسج المؤامرات، ونصب التحالفات، لاستكمال مؤامرة تقسيم هذه الدولة الغنية بالنفط، لتحقيق عدد من الأهداف.


ويأتى في صدارة أهداف أردوغان، السيطرة على الاقتصاد الليبي، لإنقاذ اقتصاد تركيا من الانهيار، وكذلك توطين المرتزقة السوريين في ليبيا، تمهيدا لإنشاء حرس ثورى جديد ينتشر بمرور الوقت في باقى دول القارة الأفريقية، سعيا وراء الحلم العثمانى التوسعى الأثير.


التحالف مع اليهود
وإذا كان تحقيق حلم إيجاد وطن يضم المرتزقة والإرهابيين الموالين لأردوغان، ويتسع لمن تبقى من جماعة الإخوان الإرهابية، بعد أن نبذها العالم كله، يمكن أن يتحقق من خلال إحكام السيطرة على ليبيا، فإن تحقيق الحلم الثاني، وهو بسط النفوذ الاقتصادى على ثروات الليبيين، يحتاج إلى مزيد من العملاء والخونة، الأمر الذى حدا بأردوغان إلى إبرام تحالف من نوع خاص جدا مع يهود ليبيا، بحيث يضمن لهم العودة، مقابل أن يضمنوا له المستقبل الاقتصادى الباهر. 
دخول اليهود إلى ليبيا قديما، كان يهدف للعمل في التجارة وصناعة الذهب، إلا أن رغباتهم التوسعية سرعان ما تحكمت في قادتهم، فحاولوا إقامة دولة لهم بمنطقة برقة الليبية، وهو ما وعدهم بتنفيذه السلطان العثمانى عبدالحميد الثاني، في العشرية الأولى من القرن العشرين، إلا أن الغزو الإيطالى لليبيا، والإطاحة بالسلطان عبدالحميد الثاني، من على كرسى الحكم في الإمبراطورية العثمانية بحلول عام ١٩١١، أسقط هذا المخطط، خاصة بعد سلسلة الاعتقالات الإيطالية لهم.
وبظهور وعد بلفور، ومن بعده الوطن القومى إبان نكبة فلسطين، عام ١٩٤٨، نزح اليهود ناحية الشرق متخليين عن أطماعهم في ليبيا، لكن بشكل مؤقت، لينتهى وجودهم فيها بحلول نهاية ستينيات القرن الماضي.
وبالتزامن مع اضطرابات فبراير ٢٠١١، ضمن أحداث الربيع العربى المزعوم، عاد اليهوديان ديفيد جربي، ورافائيل لوزون إلى طرابلس، زاعمين أنهما جزء من المجتمع الليبي، وأن الفرصة صارت مواتية لليهود من أجل العودة إلى ليبيا، باعتبارها الوطن الأم لهم!.


تحذير من التقسيم
المؤامرة هذه المرة ترتبط بمستقبل الأراضى الليبية، والسعى الحميم لتقسيمها، هذا ما أكده الدكتور فتحى العفيفي، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة الزقازيق، مؤكدا أن دخول اليهود ضمن عناصر اللعبة الجارية في ليبيا يعنى بالضرورة انتهاءها إلى التقسيم. 
وقال العفيفى لـ«البوابة»: «تحرك اليهود في هذه المرحلة بالذات من عمر الأزمة الليبية، يشير إلى عدة دلالات، أولها أنهم حصلوا على الضوء الأخضر من أحد الأطراف الفاعلة في الأزمة، وهو بالضرورة أردوغان وحليفه السراج، لأنهما المستفيدان من دخول اليهود هذه اللعبة»، مضيفا: «الدلالة الأخرى هى أن الهدف الحقيقى وراء ما يجري، بالإضافة إلى السيطرة على ثروات ليبيا، وتوطين الإرهابيين والمرتزقة بها، هو التقسيم بحيث يمنح اليهود وطنًا جديدًا غنيًا بالثروات تديره تل أبيب، بالتعاون مع تركيا التى أقر رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو بأنها تتمتع بعلاقات عميقة مع بلاده».
ولفت «العفيفي» إلى أن ميل أردوغان إلى منح اليهود وجودا في ليبيا، يهدف إلى إرضاء اللوبى الصهيونى المسيطر على السياسة العالمية، وبالتالى تحويل هذا اللوبى إلى وسيلة ضغط على القوى الكبرى، الرافضة لما يفعله أردوغان في ليبيا، لكى تغض الطرف عن أفعاله. 
المدعو رافائيل لوزون، الذى يطلق على نفسه اسم «رئيس اتحاد يهود ليبيا»، التقى المبعوث الأممى إلى ليبيا، غسان سلامة، في جنيف، محاولا الحصول على موافقة دولية تسمح له بالمشاركة في اجتماعات جنيف لحل الأزمة الليبية، كمكون معترف به من مكونات المجتمع الليبي، وهو ما حذر منه العفيفي، معتبرا أن هذا التحرك إن نجح فسيكون وبالا على مستقبل ليبيا، والمنطقة بأسرها.


خدعة ثلاثية 
حلم توطين المرتزقة والإرهابيين في ليبيا، يحققه تحالف مع رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق، فايز السراج، الذى أعطى الضوء الأخضر لوزير خارجيته فتحى باشاغا من لبدء مشروع موسع لتجنيس المرتزقة السوريين، وإرهابيى داعش، الذين نقلتهم تركيا إلى طرابلس خلال الأسابيع الماضية، والذين تتجاوز أعدادهم وفق التقارير الحقوقية ٤ آلاف مقاتل حتى الآن.
منح الجنسية الليبية للإرهابيين والمرتزقة السوريين، يمثل خدعة للمجتمع الدولي، من قبل أردوغان، أول جوانبها هو التخلص من الضغوط التى بات يمثلها وجود هؤلاء المرتزقة في سوريا، لا سيما في ظل عدم وجود مكان ينتقلون إليه، بعد رفض دولهم استعادتهم، والجانب الثانى هو صناعة بؤرة جديدة للإرهاب في أفريقيا، تبدأ من على حدود أوروبا الجنوبية في البحر المتوسط، وتمتد إلى عمق القارة الأفريقية، ليجد العالم نفسه مضطرا لقبول إملاءات أنقرة فيما يتعلق بأطماعها في ثروات المتوسط، وكذلك في انضمامها للاتحاد الأوروبى والتمتع بمميزاته.
ولعل ثالث الخدع الأردوغانية، من وراء منح السراج الجنسية الليبية للمرتزقة والإرهابيين، هو ضمان الإبقاء على السراج نفسه في ليبيا، ولو على حساب تقسيمها إلى دولتين أو ثلاثة، بما يبقى على الإخوان أحياء في طرابلس وما حولها، بعد أن سقطت الجماعة في كل دول المنطقة تقريبا. 
التلاعب بنتائج اجتماعات اللجنة العسكرية «٥+٥»، التى عقدت في مدينة جنيف السويسرية، ضمن مخرجات مؤتمر برلين بشأن ليبيا، هدف آخر لأردوغان، وسيؤدى دمجِ المرتزقة والإرهابيين في المجتمع الليبي، إلى استخدام هذه العناصر كحصان طروادة لتخريب البلاد وإثارة الفوضى، لصالح من يملك ولاءهم، وهما أردوغان والسراج فقط، وليس الدولة الليبية، التى لا تعنى هذه العناصر في شيء وإن تم تجنيسهم.


مفاجآت مدهشة
تناولت التقارير الإخبارية العالمية كشفت عن مفاجآت جديدة بشأن الأزمة الليبية، ومنها ما تم تداوله من معلومات كشفتها شركة «إميدج سات»، المختصة بالتصوير من الفضاء، حيث رصدت عبر الأقمار الاصطناعية، التحركات التركية المحمومة لإرسال المرتزقة والأسلحة إلى ليبيا. أكدت الشركة في تقرير لها أن عمليات نقل المرتزقة إلى ليبيا لم تتوقف، رغم تعهد أنقرة خلال مؤتمر برلين، بالالتزام بقرار حظر نقل توريد الأسلحة إلى ليبيا، وكذلك التوقف عن مد حكومة السراج بالمرتزقة. وأكدت أيضا أن عمليات نقل المرتزقة والأسلحة، كانت تسير بانتظام، حتى خلال فترة حضور الرئيس التركى أردوغان فعاليات مؤتمر برلين.
وكشفت الشركة المذكورة عن صور التقطتها من الفضاء، تمثل دليلا دامغا على إرسال تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، لطائرات مسيرة من طراز «بيرقدار TB٢»، إلى مطار معيتيقة الدولى في طرابلس.
ذكر موقع «ميليتارى رادار»، العسكرى الإيطالي، أيضا في تقرير له، أن نظام «Hawk System»، للدفاع الجوي، الذى نشرته تركيا في ليبيا، داخل مطار معيتيقة، هو نظام صاروخى يناسب جميع الظروف الجوية، ويوفر دفاعًا على نطاقات واسعة أو أهداف محددة ضد الطائرات سريعة الحركة، على ارتفاعات منخفضة إلى متوسطة، وطائرات الهليكوبتر المعلقة، والصواريخ الأرض ـ أرض قصيرة المدى.
وأوضح الموقع المتخصص في متابعة حركة الملاحة الجوية العسكرية، وأعمال التجسس والاستطلاع، أن النظام الدفاعى التركى يستقبل الصور الجوية، وينقلها عن طريق بيانات اتصال «ATDL»، ويشتمل على وظيفة قيادة «PCP»، التى تقود عمليات الإطلاق، والتعامل مع الأهداف المعادية، كما يتضمن رادارين هما: «CWAR»، و»HPI Doppler»، وكذلك ٦ منصات إطلاق.


ضربة قاصمة
وتعليقًا على المعلومات السابقة، أكد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن ما تم الكشف عنه من استمرار تدفق الأسلحة والمرتزقة على ليبيا، بواسطة تركيا، حتى خلال فترة حضور أردوغان لمؤتمر برلين، يمثل ضربة قاصمة للمصداقية الدولية، مشيرا إلى أن صمت المجتمع الدولى على هذا الانتهاك للتعهدات التى قطعها أردوغان على نفسه، بل وقبول الانخداع بكلامه، والظهور بمظهر الجاهلين بما يجري، يؤكد وجود مؤامرة ضد ليبيا.
وقال بدر الدين لـ«البوابة نيوز»: «من المؤكد أن معظم أجهزة الاستخبارات في العالم، على دراية بالمعلومات التى نشرتها المواقع العسكرية المتخصصة، وهو ما يطرح سؤالًا حول سبب صمت الدول الكبرى على مراوغات أردوغان، وعدم مواجهتهم له خلال مؤتمر برلين، وحتى الآن»، مضيفا: «الأمر يشير إلى مؤامرة محبوكة لاسقاط ليبيا، وتحويلها إلى دولة فاشلة، تهدد محيطها الإقليمي».
وأوضح «بدر الدين» أن ما يتم تداوله من معلومات حول أن البارجات التركية، ومنها: البارجة «غازى عنتاب»، و«قيديز»، تدعمان ميليشيات السراج من البحر المتوسط، بعد رسوهما في ميناء الشعاب بطرابلس، يعد معلومات مؤكدة، وبالتالى يجب أن يتعامل معها المجتمع الدولي، إذا أراد صدقا حل الأزمة الليبية، وهو أمر بات محل شك، بعد التطورات الأخيرة.
وأضاف: «معلومات المواقع العسكرية، تؤيدها شهادات متواترة لشهود عيان ليبيين، أكدوا أن جنودا أتراكًا ينزلون فجرا إلى داخل ليبيا من ميناء طرابلس، بعدما وصلوا على متن البارجتين المذكورتين، كما أنزلت البارجتان أيضا دبابات وشاحنات عسكرية، وهو ما يشير صراحة إلى أن أنقرة لا تنوى الالتزام بما تم الاتفاق عليه، وهو ما يجدد التساؤل حول أسباب عدم التعامل معها على أنها أحد أسباب الأزمة، الواجب ردعها لإنهاء الصراع». 
ألقى أستاذ العلوم السياسية الضوء جانب آخر للتحركات التركية في ليبيا، وهو الجانب المتعلق بالتمهيد للانتشار أفريقيا بشكل واسع النطاق، لافتا إلى أن أحلام أردوغان التوسعية، ممتدة لتشمل القارة الأفريقية بأكملها. 
وقال: «أطماع أردوغان الأفريقية استكمال للسياسة العثمانية، المعتمدة على الأطماع التوسعية»، مستدلا على ذلك بالوجود التركى في الصومال، الذى يدعم ويعزز العمليات الإرهابية الضارية التى ترتكبها الجماعات المتطرفة هناك.
يريد أردوغان التوغل في جميع العواصم الأفريقية، لضمان الرواج الاقتصادي، اعتمادا على الثراء الأفريقي فيما يتعلق بالتبادل التجاري، هذا ما أكده بدر الدين، لافتا إلى أن محاولات تركيا لاختراق أفريقيا متنوعة ويجب الانتباه إليها جيدا، في ظل التطورات الأخيرة بشأن الأزمة الليبية، مضيفا: «يجب أيضا الانتباه إلى تحركات أردوغان أفريقيا، وسعيه لفتح الباب لليهود في ليبيا، في ظل الوجود القوى لإسرائيل داخل دول القارة السمراء، وهو ما يهدد بإنشاء شبكة من العلاقات تحمل الخراب والدمار الواسعين لمصالح دور أفريقيا». 


ليبيا ضحية الأطماع
بدوره أكد طه على، الباحث في شئون الجماعات المتطرفة، أن ليبيا وقعت ضحية الأطماع التركية في ثرواتها، مشيرا إلى أن تركيا ارتكبت في حق ليبيا على مدى تاريخها عددا كبيرا من المذابح.
وأوضح لـ«البوابة نيوز»، أن مذبحة قبيلة الجوازى التى وقعت عام ١٨١٦، قتل فيها العثمانيون بدم بارد، أكثر من ٩ آلاف ليبي، بدعوى وأد اضطرابات مزعومة ضد الحكم العثماني، تعد هى الأكثر دموية على مر التاريخ الليبي.
وقال «على»، إن جرائم تركيا العثمانية، ضد الليبيين لم تتوقف عند حدود قتل المواطنين الأبرياء العزل في مذابح يندى لها جبين البشرية، وإنما عمد السلاطين العثمانيين على تشريد الليبيين، وإفقارهم بفرض الضرائب على المواطنين، ونهب أموال الأثرياء لملء خزانات الباب العالي.
ولفت «على» إلى أن الأطماع التركية الحالية في ليبيا، تمثل تجديدا للتاريخ الدموى اللصوصى لأنقرة في البلاد العربية، خاصة أن هذه الأطماع ترتبط بخيانة داخلية، تكتب سطورها حكومة السراج، موضحا أن الخلافات الداخلية بين أعضاء هذه الحكومة هى التى تكشف عن جرائمهم بحق الوطن.


صراع إخوانى 
من جانبه، أكد عمرو فاروق، الباحث في شئون الجماعات المتطرفة، أن جماعة الإخوان تعيش صراعًا داخليًا عميقًا بين أجنحتها في ليبيا، موضحا أنه صراع على ما نهبوه من أموال الليبيين.
وقال لـ«البوابة نيوز»: «مسئولو حكومة السراج، من قيادات الإخوان الحاليين والسابقين، فضحوا جرائم بعضهم البعض، خلال الفترة الأخيرة، بعد أن أعلن عبدالرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية، سابقا، والموالى لحكومة فايز السراج، أن حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان أطلق رئيس ديوان المحاسبة الحالي، خالد شكشك، ليوجه إليه (السويحلي) اتهامات بإهدار المال العام».
وفى معرض رده على الاتهامات التى وجهها له أحد أعضاء معسكره، كشف «السويحلي» عن أن شكشك يتواطأ مع خالد المشري، العضو بالحزب ذاته، لفبركة اتهام له بالهروب إلى تونس، موضحا أن من تم سوقهم كأفراد عائلة لـ«السويحلي» وهربوا معه إلى تونس، ليسوا من عائلته أصلا، الأمر الذى يشير إلى خلافات عميقة بين قيادات الجماعة، بحسب رؤية عمرو فاروق، الذى أضاف أن الهجوم على السويحلي، يرتبط بخلافات الأجنحة الداخلية للجماعة، بدليل أن اعتراف شكشك بالخطأ، في خطاب لرئيس مجلس الدولة خالد المشري، يقر فيه ببطلان اتهامه للسويحلي، لم ينه الصراع، إذ أخفى المشرى هذا الخطاب، وأوعز الحزب إلى عنصر آخر من قادته، وهو محمود عبدالعزيز، عضو المؤتمر الوطنى الليبى السابق عن الحزب، لمواصلة الهجوم على السويحلي، متهما إياه بالكذب، والسعى وراء السلطة. 
وأشار «فاروق» إلى الصراعات الداخلية بين أجنحة جماعة الإخوان، لم تكشف عن جرائمهم بحق الدولة الليبية فقط، وإنما تكشف أيضا عن حالة السعار التى أصابتهم، لتقسيم الغنائم التى ربحوها حتى الآن، وكذلك لتدمير بعضهم البعض، استعدادا للحظة الفوز النهائية، التى يتم خلالها تقسيم ليبيا، ومد نفوذهم على جانب كبير منها، إذ يريد كل منهم أن يفوز بها وحده دون الآخرين، من رفقاء الجريمة الممنهجة التى ترتكب بحق ليبيا وشعبها.