الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

المساعدات ومؤامرة «صفر حلول» والاستثمارات.. 3 أدوات قطرية لإعادة إخوان السودان للحكم.. خبراء: مؤامرة الدوحة تستهدف تعويض خسائر الجماعة الإرهابية فى ليبيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عبدالراضى عبدالمحسن: الدوحة تستخدم ورقة الاستثمارات للضغط على الحكومة السودانية
عمرو فاروق: الدوحة تتعمد توجيه مساعداتها الإنسانية إلى مناطق تمركز قيادات الإخوان

تحت ستار المساعدات الإنسانية، تسعى قطر إلى إعادة إحياء الوجود الإخوانى فى السودان، مستغلة الدولة العميقة التي وضع أساسها الرئيس السابق عمر البشير، على مدى سنوات حكمه الطويلة.
المؤامرة القطرية تعتمد على إغداق أموال هائلة على المجتمع السوداني، فى صورة مساعدات إنسانية، تسمح لرجال النظام القطري، وأتباعه بالتوغل فى المجتمع وإنشاء شبكة تعمل على استقطاب المواطنين، وإشعال اضطرابات متتالية، وفق خطة يطلق عليها الخبراء «مأزق صفر حلول»، ويتم عبرها تصدير عشرات المشكلات الداخلية، وتضخيمها بين المواطنين عن طريق الإعلام، لتقويض قدرة الحكومة على إيجاد حلول تشعر المواطنين بالتحسن، لتعود الأوضاع إلى الاشتعال من جديد.

مساعدات مشبوهة
ووصف الدكتور عبدالراضى عبدالمحسن، أستاذ الفلسفة الإسلامية، وعميد كلية دار العلوم، المساعدات التى تغدقها قطر على السودان حاليا، التى تجاوزت ١٧٠ مليون دولار، فى الجانب الإنسانى وحده، بأنها مشبوهة..
وقال عبدالمحسن لـ«البوابة نيوز»: «التمرد الذى وقع خلال الأيام الماضية من قبل عناصر تابعة للمخابرات السودانية، واتهم صلاح قوش بالوقوف ورائه، ليس سوى فصل من محاولات الدوحة استعادة النفوذ الإخوانى بالسودان».
وأضاف: «التمرد الذى وقع فى السودان، لا يستهدف كما تصور البعض الانقلاب على الحكم، لأن الجميع يعلم مدى قوة الجيش السودانى وسيطرته على مقاليد الأمور فى البلاد، ولكن الهدف من هذا التصرف، كان هز هيبة الدولة، وإظهار السلطة الحاكمة غير قادرة على السيطرة على أجهزتها الداخلية».
وتابع: «هذه الفكرة يلجأ إليها الإخوان، كخطة طويلة المدى للتأثير فى اقتناع المجتمع بما تم من إجراءات للإطاحة بحكم البشير، حتى يتم تأليب الشباب ضد الدولة، ودفعهم إلى التظاهر مجددا، أو إقناع الشعب بأن الإخوان بديل مهم لن تستقر الدولة دون وجوده، فيكون لهم بالتالى وجود قوى فى الاستحقاقات الانتخابية التالية للفترة الانتقالية».
وواصل: «يخطئ من يتصور أن قطر تريد فقط استبدال نظام الحكم بغيره، إذ إنها تقبل مرحليا أن يكون للجماعة وجود قوى سواء فى مؤسسة الرئاسة، أو فى البرلمان».
وأشار، إلى أن افتعال قطر لحالة من التوتر مع المجلس العسكرى الانتقالي، الذى قاد السودان فى بداية الإطاحة بحكم البشير، كان عبارة عن بالونة اختبار، يمكن من خلالها قياس مدى قوة هذا المجلس وسيطرته على شئون الدولة، وحسمه فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية، ورغبة الدوحة فى التدخل بشئون السودان.
ولفت إلى أن سعى الدوحة لاستعادة نفوذ الإخوان فى السودان، وتوحيد الأحزاب الإسلامية لتكوين كتلة فاعلة خلال المرحلة المقبلة، يبدو واضحا ليتآزر مع تقديم المزيد من الاستثمارات المالية بالسوق السودانية من جهة أخرى، مشيرا إلى أن قطر تستثمر فى السودان حاليا نحو مليارى دولار، بمشروعات زراعية، وعقارية وسياحية.
وشدد عبدالراضي، على أن الدوحة تستخدم ورقة الاستثمارات للضغط على الحكومة السودانية، فى هذه المرحلة الدقيقة من عمر خطة التحول نحو حكم ديمقراطى مدني، مضيفا: «وفى هذه المرحلة تستغل قطر أنها تعد رابع أو خامس مستثمر فى السودان، بأموال يتجاوز حجمها ٣ مليارات دولار، ما يعطيها قدرة على إيجاد أوراق ضغط توجهها نحو تحقيق مصالحها بشكل يعزز فكرة استعادة النفوذ الإخواني».

لعبة الهلال الأحمر
بدوره أيد الباحث عمرو فاروق، المتخصص فى شئون الجماعات المتطرفة، الرأى السابق موضحا أن توغل قطر فى الملف الإنسانى بالسودان، عبر سلسلة المساعدات التى يتم تقديمها، يعود إلى أن الدوحة تعتبر الهلال الأحمر التابع لها إحدى أدواتها المهمة لاختراق المجتمعات، والنفاذ إلى عقول المواطنين بالدولة المستهدفة، حيث تعمل على تنظيم فعاليات تبدو إنسانية فى ظاهرها، لكنها تهدف فى الواقع إلى استقطاب الشباب، وإقناعهم بالأفكار المتطرفة، التي تناهض الدولة المركزية.
وأضاف لـ«البوابة»: «على مدى الأشهر الأخيرة من العام الماضي، تدفقت مئات الأطنان من المساعدات الإنسانية القطرية، على السودان، تقدمها بعثات قطرية تبقى بحجة المشاركة فى توزيع هذه المساعدات على المستحقين، وبالتالى تتواصل مع المواطنين عن قرب، وتبدأ فى تنفيذ خطة محكمة لاستقطاب واستمالة أعداد كبيرة منهم».
وحذر فاروق من تزايد النشاط القطرى فى السودان، لأنه مجرد مظلة للانغماس فى المجتمع، وممارسة أنشطة مناوئة للدولة المركزية، بشكل تنشأ بناء عليه بؤر موالية لقطر وبالتالى موالية للإخوان.
وأشار إلى أن الدوحة ستتعمد توجيه مساعداتها الإنسانية إلى المناطق التى يتمركز بها قيادات الإخوان، لتحقيق عدد من الأهداف منها: توفير غطاء مشروع لاجتماعات هذه القيادات سواء مع بعضهم البعض، أو مع الأهالى بحجة تنسيق الجهود الإنسانية، لتوصيل المساعدات إلى المستحقين، فى حين أنها ستكون بهدف استمالة الأهالى واستقطابهم، بالإضافة إلى التخطيط لإشعال الأوضاع الداخلية فى مناطق مختلفة من البلاد.

صفر حلول
ويرى طه على، الباحث فى شئون الجماعات الإرهابية، أن اهتمام قطر بالسودان، وإنفاق ملايين الدولارات فى شكل مساعدات، يرتبط برغبة الدوحة فى استعادة النفوذ الإخوانى بالسودان.
وأوضح لـ«البوابة نيوز»، أن خطة «صفر حلول» التى تم الكشف عنها، والتى تجرى وقائعها بتمويل ودعم قطري، لإسقاط الحكومة السودانية، تشير إلى عمل الدوحة من أجل إعادة إحياء المشروع الإخوانى فى السودان، عن طريق مخطط يطلق عليه «صفر حلول».
وقال: «خطة صفر حلول تعتمد على صناعة مجموعة من المشكلات النوعية، بأركان الدولة ومؤسساتها، لاستغلال حالة السيولة التى يعيشها أى مجتمع فى أعقاب فترة اضطراب سياسي، بحيث تجد السلطة الحاكمة نفسها مشكلات بلا حلول، مما يربك المشهد ويعطل أى تحرك نحو استعادة الاستقرار، فى ظل الظروف التى تمر بها الدولة، الأمر الذى ينتهى بعودة التوتر والاضطرابات من جديد».
وأشار إلى أن قطر دفعت خلال الأشهر الماضية، أموالا طائلة، إلى العناصر الإخوانية فى السودان، بهدف تنفيذ مخطط الـ«صفر حلول»، عبر إسقاط الحكومة السودانية، مضيفا: «الفترة الماضية شهدت رصد اجتماعات سرية بين قادة الإخوان فى السودان، خاصة من الصف الثاني، لوضع المخطط القطرى فى حيز التنفيذ، حتى يتم إشعال الأوضاع من جديد وإعادة ترتيبها وفق الأجندة القطرية الإخوانية».
وأشار طه على إلى أن قطر تحاول أن تبقى على الإخوان فى السودان وليبيا، مضيفا: «الخسائر الرهيبة للجماعة فى ليبيا رغم الدعم القطرى التركي، الذى لم يمنع الجيش الوطنى الليبى من تحقيق نجاحات قوية، تلقى بظلالها على استماتة قطر لإعادة الإخوان للسودان».
وحذر طه على من أن تنامى الدور القطرى فى السودان، يرتبط بنظرة الدوحة إلى القارة الأفريقية، باعتبارها منطقة نفوذ تستحق الاهتمام، بعد انتشار العناصر الإرهابية بها، وتحقيقها نجاحات فى عدد من الدول، تقنع قطر بأن مزيدا من الاهتمام، والدعم المالي، يمكن أن يجعل هذه الجماعات قادرة على حسم المعركة لصالحها، فى عدد من الدول مثل: مالي، والصومال، وتشاد. ولفت إلى أن الدوحة تحاول استغلال عدد من المشكلات المزمنة فى السودان، للتوغل فيها سياسيا، وبالتالى تمتلك مع الوقت الأدوات التى تجعلها قادرة على التأثير فى القرار، وتوسيع نطاق نفوذها.

غسيل مخ
وقال طه على: «مأزق صفر حلول الذى تحدثنا عنه، لا يكتمل إلا بإطلاق الأبواق الإعلامية التى تجيد قطر توجيهها للتأثير فى الرأى العام بدول المنطقة، لذا فهى تركز حاليا على إجراء عملية غسيل مخ للمواطن السوداني، عن طريق إقناعه بأن الدوحة تمارس دورا مهما ولا غنى عنه، لإحلال السلام فى السودان، لذا أظهرت اتفاق السلام الذى تدعى أنها ترعاه، أمام الرأى العام، باعتباره الحل الوحيد الذى سيعيد السودان إلى الطريق الصحيح، لذا ضخمت وسائل الإعلام القطرية، من نتائج زيارة مبعوث وزير خارجية قطر لشئون تسوية النزاع، مطلق القحطاني، إلى السودان، التى التقى خلالها نائب رئيس المجلس السيادي، الفريق أول محمد حمدان دقلو.
خسارة مزدوجة
الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أكد أن قطر لن تتخلى عن النفوذ الذي كانت تتمتع به فى السودان، إبان حكم البشير، بسهولة، لأنها بذلك ستفقد آخر مساحة ممكنة لوجود الإخوان، وهو ما يمثل خسارة فادحة لها، بعد ما منيت به الجماعة من هزائم كارثية فى مصر، وليبيا، وتونس، وغيرها من دول المنطقة.
وقال لـ«البوابة»، إن استماتة قطر فى إحياء الدولة العميقة، واستعادة نفوذ الإخوان بها، يأتي لتعويض الخسائر، مضيفا: «انهيار حلم قطر فى استعادة النفوذ الإخوانى بالسودان، يمثل خسارة مزدوجة للدوحة، لن تتوقف عند حد ضياع آخر قلاع الإخوان بالمنطقة فقط، بل وستبعد تأثير الجماعة وقدرتها على الإضرار بمصالح مصر.
وتابع: «سقوط الإخوان فى السودان بشكل نهائي، مع ما جرى لهم فى ليبيا وتونس، يعنى أن قطر لن تكون قادرة على الإضرار بمصالح مصر بشكل مباشر، وبالتالي سيكون تأثيرها ضئيلا على الأمن القومى المصرى والعربى بالتالي».
وأشار إلى أن الخسائر الإخوانية فى تونس بعد رفض البرلمان لحكومة الجملي، لاحتواء تشكيلها على أغلبية إخوانية، وكذلك التقدم الاستراتيجى الذى يحققه الجيش الوطنى الليبي، واستعادته لمدينة سرت الاستراتيجية، وكذلك اقترابه من مدينة مصراتة، ثانى أكبر معاقل الميليشيات الإخوانية التابعة لرئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وضعت الجماعة فى مأزق، لأنه لم يعد لها إلا طرابلس، كما أنها أثبتت فشل الدعم التركى فى إنقاذ الموقف، سواء بالمرتزقة، أو المستشارين العسكريين.
وقال بدرالدين: «الدوحة أصبحت أمام كابوس حقيقى بسبب سقوط الإخوان المدوى فى تونس وليبيا ومن قبلهما مصر، وبالتالى يبقى السودان الحصن الأخير، وحتى تستطيع أيضا إنقاذ ما يمكن إنقاذه فى ليبيا، لأن السودان هو الدولة الوحيدة حاليا التى يمكن مد الميليشيات المسلحة التابعة للجماعة بالسلاح عبرها». وأضاف: «ولعل شحنة الأسلحة التى تم ضبطها مؤخرا فى شمال دارفور، واكتشاف أنها كانت موجهة إلى الحدود الليبية، تمثل دليلا واضحا على أهمية بقاء الإخوان فى صدارة المشهد السوداني، لأن قطر تعتبر ذلك الركيزة الأساسية حاليا لاستعادة الوجود فى ليبيا، وإثارة القلق فى مصر».

سياسات دنيئة
فى غضون ذلك وصف الدكتور حسن حماد، العميد السابق لكلية الآداب جامعة الزقازيق، السياسات القطرية فى السودان بأنها دنيئة، وتنم عن رغبة فى الانتقام من المجتمعات العربية كافة.
وأوضح لـ«البوابة نيوز»، أن قطر تحولت فى السنوات الأخيرة، إلى معول هدم يستهدف تدمير الدول العربية، لصالح أهداف غامضة، ولا تخدم إلا أعداء العرب، والإسلام.
وقال: «سياسة الدوحة الداخلية والخارجية، وصلت إلى مرحلة من الانتهازية، وسوء الخلق، لا يمكن الصمت عليها، فهى تشعل الاضطرابات أينما حلت، مستغلة قدراتها المالية الفائقة، التى تمكنها من التوغل فى مناطق الصراعات، وسكب المزيد من الزيت على النار».
أضاف: «قطر حاليا تحولت إلى دولة سيئة، تحظى بكراهية الملايين فى الوطن العربى والعالم الإسلامي، وتعتبرها الكثير من الشعوب العربية، ومنها الشعب السوداني، عدوا لا يجب الاستماع إليه، نظرا لتورطها بشكل واضح ومفضوح فى نشر الإرهاب بالمنطقة».
وأشار حماد إلى أن قطر أصبحت تمتلك خبرات واسعة فى التوغل بمناطق الصراعات، عن طريق الموالين لها من شيوخ الإرهاب التابعين لجماعة الإخوان، مضيفا: «قطر تمتلك السيطرة على نحو ٢٠ مسجدا فى أنحاء مختلفة بالسودان، وتعتبرها مقرا لإطلاق أفكار الجماعة بين الشباب السوداني، المتدين بطبعه، فى ظل عدم انتباه المجتمع السودانى لهذا الباب الخلفى الذى تستخدمه قطر لضرب أركان الدولة والتأثير عليها».
وقال: «قطر أنفقت الملايين على تشييد مساجد تكون مرتكزا لإطلاق أعمالها الخيرية الظاهرية، لكنها فى الحقيقة تهدف إلى زرع أتباعها لنشر الأفكار المتطرفة فى عقول الشباب، وبالتالى استقطابهم، وتكوين جيش مدنى يكون قادرا على إطلاق الاضطرابات والمشاركة فى إشعال الأوضاع كلما هدأت، بحيث لا تجد الدولة إلا أن تتجاوب مع الإخوان، حتى يمكن السيطرة على الشارع.