السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

عبدالرحيم علي.. مشاغبات من الصعيد إلى أوروبا «2».. سنوات التهديد والمطاردة وإهدار الدم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

دخل معركة ضد الإرهاب بالقلم.. والإرهابيون خططوا لاغتياله أكثر من مرة

فتوى للجماعات الإسلامية من على المنابر بتصفيته.. وتنظيم القاعدة يكلف أعضاءه بجز رقبة «علي»

تقرير يكشف اختراق الجماعات المسلحة بالصعيد لأجهزة الشرطة.. وراء صدور قرار اللواء عبدالحليم موسى باعتقاله

أنشأ مركزا لدراسة حركات الإسلام السياسى لفضح الجماعات المسلحة المتسترة بالدين

اشتبك مع منتديات الإنترنت مهاجما تنظيم القاعدة وقياداته وكاشفًا فساد منهجهم

كشف العلاقة بين القاعدة و«الإرهابية».. وقال «الإخوان كاذبون على طول الخط وليس من المقبول أن يلعبوا برأسين مع المجتمع»

 

لم يواجه صحفي شاب في بداية حياته معاناة أشد من تلك التى واجهها عبدالرحيم علي.. ولنا فى ذلك واقعتان الأولى أمر اعتقال صدر عن مكتب وزير الداخلية، وكان فى حينها هو اللواء عبد الحليم موسى المعروف إعلاميا بـ«شيخ العرب»، وجاء ذلك التعريف لرغبة الوزير المتواصلة فى الحوار مع قادة الإرهاب وحل الأزمة بالتفاهم.. كانت تسمية «شيخ العرب» لائقة تماما، والعجيب هو أن الوزير كان سعيدا بهذا اللقب ولم يحاول مرة واحدة نفيه والتأكيد أنه حارس قانون الدولة المدنية.. بهذه التركيبة كان الصدام الأول مع الكاتب الصحفى عبد الرحيم علي.. فى عام 1992 ومن مصادر موثقة يكتب مراسل الصعيد تقريرا لجريدة «الأهالي»، يؤكد فيه أن اختراقا قد تم من الجماعات المسلحة بالصعيد لأجهزة الشرطة.


يصل التقرير إلى الجريدة على جهاز الفاكس قبل العمل بالإنترنت.. تتسلم التقرير مدام كوثر سكرتيرة رئيس التحرير، وبما تكوّن لها من حاسة مهنية لا ترسله إلى قسم الأخبار، ولكن إلى يد عبد العال الباقورى رئيس التحرير شخصيا.. يتأمل الباقورى المعلومات واسم المحرر الذى يثق فيه ثقة مطلقة.. اتصال تليفونى بالدكتور رفعت السعيد رئيس مجلس الإدارة، ليتم الاتفاق على نشر تقرير عبدالرحيم علي مانشيت بالأحمر فى صدر الصفحة الأولى.

يصدر العدد فى الأسواق، ويصدر عن مكتب وزير الداخلية قرار باعتقال عبدالرحيم علي.. يتسرب الخبر إلينا.. وعلى الفور يتم ترتيب الاختفاء الأول لعبدالرحيم حتى يتمكن قادة الحزب من حل الأزمة.. وهنا مصادفة لها العجب.. زميلنا وأستاذنا الأول فى فن صياغة الجملة الصحفية الرشيقة الشاعر الراحل أحمد إسماعيل من سكان حى العجوزة، ويحتفظ بمفتاح حجرته الصغيرة التى تقع خلف مطعم «نعمة».. الحجرة مغلقة ومهجورة منذ سنوات لانتقال صاحبها إلى شقة بعد زواجه.. حجرة أحمد إسماعيل المهجورة لا يتردد عليها أحد، وسقطت من ذاكرة الرقابة البوليسية.. فى صمت تام يعطى شاعرنا الراحل المفتاح إلى الدكتور رفعت، ومن الدكتور إلى وسيط ليصل عبدالرحيم على إلى المخبأ المتفق عليه.

مجهودات مكثفة لقيادة الحزب حتى تم ترتيب موعد للقاء القادة مع اللواء موسى وزير الداخلية. تشكل وفد حزب التجمع من الدكتور رفعت السعيد والكاتب الصحفى المعروف حسين عبدالرازق والدكتور سمير فياض. جاء اللقاء ناجحًا وحاصدًا لثمرة مهمة، وهى إلغاء قرار اعتقال عبدالرحيم على، ليخرج كاتبنا إلى الشارع من جديد ويواصل مشاغباته.

أما عن المصادفة التى لها العجب التى أشرت إليها قبل قليل؛ فهى أن العجوزة بعد سنوات صارت الموطن الانتخابى لزميلنا الكاتب والباحث عبدالرحيم على.. ليس هذا فقط، وإنما العجوزة والدقى هى الدائرة التى يقرر كاتبنا خوض الانتخابات البرلمانية عنها.. ويحقق فوزا باهرا حتى إن اسمه كان أول اسم تنطق به الهيئة العليا للانتخابات فى قوائم الناجحين..


تعالوا إلى الأزمة الثانية.. ننتهى من قرار الاعتقال عام ١٩٩٢ لندخل هذه المرة فى محاولة اغتيال حقيقية وجادة، وتم اتخاذ بعض خطوات تنفيذها بالفعل عام ١٩٩٧.. خمس سنوات من الاختفاء الأول ليبدأ الاختفاء الثانى فهذه المرة لا ينفع فيها قادة حزبيون للحوار وحل الأزمة ولا يحسمها مواجهة.

كان الاستبداد المسلح فى الصعيد قد بلغ عنفوانه، وكان عبدالرحيم على لهم بالمرصاد، ولما عجز قادة الإرهاب عن ملاحقته، صدرت فتواهم بتصفيته، ولم تكن تلك الفتوى سرا، بل جاهروا بها على المنابر التى يسيطرون عليها.. ويعرف عبدالرحيم جيدا مدى الجنون الذى يتمتع به هؤلاء المسلحون فاتفق مع قادة الحزب والجريدة على الاختفاء من جديد.. وكأنه القدر يواصل ترتيبه يعود إلى حى المهندسين وتحديدا خلف بنزينة «أون ذا ران» يكون الملاذ من الخطر شقة صغيرة ومفتاح وخطوات معدودات فى محيط الشقة لتدبير الحاجات المعيشية. ربما هذا الاختفاء كان هو الأصعب.. لا أفق لانتهاء هذه المرحلة الحرجة.. الأسبوع يسحب خلفه شهر.. والداخلية تقود فى الصعيد حربا لا هوادة فيها.. يتابع عبدالرحيم كل وسائل الإعلام من راديو إلى تليفزيون إلى جرائد ومع كل ضربة أمنية هناك يقترب باب الفرج والخروج من جديد إلى العمل والحرية.

كان حادث الأقصر وصدور مبادرة وقف العنف فرصة لإعادة النشاط العلنى الذى لم يتوقف سرا طوال فترة العام بعد فتوى الجماعة باغتياله، وها هو يعود ليقود حربا ضروس ضد ما سماه: «صفقة بين الحكومة وجماعات العنف».. يكتب عبدالرحيم ويدخل فى معركة شديدة ولكن هذه المرة مع وزارة الداخلية ووزيرها الجديد اللواء حبيب العادلى، والغريب أن المعلم رفعت السعيد يدخل معه على خط المعركة، ويتعقد الموقف ويبتعد عبدالرحيم عن تغطية وزارة الداخلية كمندوب لـ«الأهالي»، نظرا لتعنت الوزير الجديد معه.. وسرعان ما يستقيل من «الأهالي» عام ١٩٩٨، ليفتتح مركزا لدراسة حركات الإسلام السياسي.



وبينما الحال بمصر هكذا.. جماعات مسلحة متسترة بالدين تحاول فرض وصايتها على المجتمع بمطاردة رموز التنوير والتقدم إن لم يكن بالاغتيال كما شهدنا فى حالة الدكتور فرج فودة نجد أن المحاكم كفيلة بالتفريق بين الرجل وزوجته، كما شهدنا حالة الدكتور نصر حامد أبوزيد.. وما بين الاغتيال والتفريق شهدنا سكينا مغروسة فى رقبة الكاتب العالمى نجيب محفوظ بقصد الاغتيال، ولكن الله كتب إلى النجيب السلامة.. وإذا أردت أن تعرف فقه المصادفة، أقول لك إن محاولة اغتيال محفوظ تمت فى دائرة العجوزة التى يمثلها الآن الكاتب الصحفى عبدالرحيم على بمجلس النواب، بل إن نجيب محفوظ أمضى فترة علاجه فى العجوزة أيضا فى مستشفى الشرطة.. تلك الأجواء العصيبة كان يعيشها عبدالرحيم على مشدودا متوترا، لذلك اتجه بكامل قوته كما أسلفنا إلى البحث والدراسات، وأسس مركزا علميا لتقصى جذور تلك الظواهر محليا ودوليا.. ويتجه من الجذور إلى طبيعة تلك التنظيمات فى اللحظة الراهنة.

كان تنظيم القاعدة ملء السمع والبصر بعد مصيبة تفجير برجى التجارة فى أمريكا، وكان عبدالرحيم على قد أصدر كتابين مهمين كلاهما عن دار ميريت للنشر، الأول بعنوان: «المخاطرة فى صفقة الحكومة وجماعات العنف»، والثانى بعنوان: «أسامة بن لادن.. الشبح الذى صنعته أمريكا».



تناول فى الأخير تنظيم القاعدة شرحا وتفصيلا..

فى هذه الأثناء صار للقنوات الفضائية صوت مسموع، وكانت قناة «العربية» صوتا متميزا تبحث عن الكفاءات للتعاقد معها كمستشارين ومحللين متخصصين فى ملفات بعينها.. وحسنا فعلت قناة «العربية» بسعيها نحو عبدالرحيم على، وفى مقابلة خاطفة فى فندق ميرديان القاهرة يلتقى الكاتب السعودى الكبير عبدالرحمن الراشد رئيس قناة «العربية» الجديد، آنذاك، عبدالرحيم على ويتفقان على العمل لصالح القناة مستشارا لشئون الإرهاب وحركات الإسلام السياسي.

ليصبح عبدالرحيم واحدا من أبرز المتحدثين على شاشتها الفضائية، وهى التى يحرص قيادات القاعدة على متابعتها مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى، حتى باتت سهما مرشوقا فى صدر التنظيم.. مع صدور موسوعة عبدالرحيم الجديدة عن تنظيم القاعدة بعنوان: «حلف الإرهاب (٤ أجزاء)، وظهوره اليومى على شاشة «العربية»، وكتاباته المنتظمة بجريدتى «الأهرام والشرق الأوسط»؛ حيث كان ثالث ثلاثة تميزوا بالكتابة فى جريدتين واسعتى الانتشار فى الشرق الأوسط، وهما الأهرام المصرية والشرق الأوسط اللندنية، حيث زامله فى تلك الفترة كاتبان فى الجريدتين من مصر، هما: الكاتب الصحفى فهمى هويدى والدكتور عبدالمنعم سعيد..


ولكن عبدالرحيم زاد على ذلك اشتباكه الدائم فى المنتديات على شبكة الإنترنت مهاجما تنظيم القاعدة وقياداته، كاشفا فساد منهجهم، وهنا كان لا بد أن يكون للقاعدة قرار ضده.

بالفعل وبسرعة يصدر التكليف علنا ولكل أعضاء القاعدة فى كل أنحاء المعمورة، ويقضى التكليف بضرورة إسكات عبدالرحيم على من خلال اغتياله، بل وحددوا طريقة الاغتيال بأن يكون عن طريق جز الرقبة.

هنا صار الأمر فى منتهى الخطورة.. تنظيم القاعدة الذى اجتاح نقاطا كثيرة فى العالم، أبرزها أمريكا، أصدر قراره بالاغتيال، وكان عبدالرحيم قد تلقى قبل هذا التهديد العلنى عدة تهديدات من خلال الإيميل الخاص به، ولكنه لم يلتفت إليها.. وإنما هذه المرة كان الانتباه واجبا. وتجدر الإشارة إلى أن ذلك التهديد طال أيضا الباحث السعودى فارس بن حزم الباحث المتخصص فى شئون تنظيم القاعدة..


على الفور أصدرت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين بيانا فى ٢٤ أكتوبر ٢٠٠٧، أعلنت فيه تضامنها الكامل مع عبدالرحيم على، وقال البيان: إن اللجوء إلى العنف والتهديد باستخدام القوة ضد أصحاب الأقلام أمر مرفوض تماما.. ووقّع على البيان الكاتب الصحفى يحيى قلاش الذى كان يشغل موقع سكرتير عام النقابة فى حينها..


عدد من الجرائد المصرية والعربية تابع تلك الواقعة، حتى إن جريدة «الأهرام» العريقة تفرد صفحة كاملة صباح يوم السبت ٣ نوفمبر ٢٠٠٧، لتنشر حوارا مطولا معه أجراه الكاتب الصحفى محمد دنيا، وتصدرته عناوين على لسان عبدالرحيم على، ومن أبرزها.. «تهديدات القاعدة لن تمنعنى من كشف فضائحها»، ويربط بذكاء بين القاعدة والتنظيم الأم، وهو الإخوان المسلمين، ليقول عنهم فى عنوان آخر «الإخوان كاذبون على طول الخط وليس من المقبول أن يلعبوا برأسين مع المجتمع».


وعلى جانب آخر، تقدم عبدالرحيم على بملف التهديدات كاملا إلى وزارة الداخلية التى وعدت بترتيب حراسة وحماية كاملة لعبدالرحيم.

ولأننى أعرف جيدا درجة العناد التى تتملك الكاتب الصحفى عبدالرحيم على فى مثل تلك الحالات.. فقد قام بما توقعته... على الفور يجتمع بمكتبه فى مركز الدراسات بالفريق المتعاون معه، ويقرر إصدار موسوعة فضائحية تضم كل جرائم تنظيم القاعدة بالتوثيق اللازم لتلك الجرائم، لتكون دليلا دامغا ضد هذا التنظيم. وتستمر رحلة نضال الواثق من صدق أفكاره.. المؤمن بقضية وطن يتطلع إلى غدٍ مشرق من دون إرهاب أو تعصب أو فتاوى القتل والتطرف.