رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الداعية فاطمة موسى لـ"البوابة نيوز": الإسلام لم يهمش المرأة ولها مكانة عظيمة في عهد الرسول.. القائلون بذكورية المناصب في المؤسسة الدينية «غير منصفين».. وتحريم المناسبات الاجتماعية يخالف الشرع

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

برزت مؤخرًا محطات مهمة في سبيل إشراك المرأة كركيزة أساسية في التجديد وتصحيح الفكر الدعوي، من خلال الخطوات الملموسة التى اتخذها الأزهر الشريف تحت قيادة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، ووزارة الأوقاف برئاسة الدكتور محمد مختار جمعة، ومع الدفع لأول مرة بمجموعة من الواعظات ضمن بعثة الحج، والحرص على إشراكهن بالعمل الدعوى، خلال شهر رمضان ومن خلال الدروس والملتقيات الفكرية، والوضع ضمن الأجندة الرئيسية للمؤتمرات الدولية التى تعقد.

والتقى «البوابة نيوز» بإحدى الداعيات اللائى وجدن طريقهن إلى قلوب آلاف المتابعين، سواء من خلال موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أو من خلال الدروس واللقاءات، وهي الداعية فاطمة موسي الواعظة بالأوقاف ومدرسة القرآن بالأزهر، حيث أكدت على دور المرأة في بناء المجتمع سواء من خلال مشاركتها في غزوات النبى- صلى الله عليه وسلم- وبناء المجتمع الإسلامى أو إعادة بنائه في العصر الحالي، من خلال مشاركتها بجوار الدعاة في حث أقرانهن على العمل لرفعة شأن أوطانهن وتربية أولادهن تربية سليمة.


من هى الداعية فاطمة موسى؟

- اسمى فاطمة موسى عنتر، أعمل واعظة بالأوقاف ومدرس قرآن بالأزهر، التحقت بالأزهر في الخامسة من عمري، وحصلت على ليسانس دراسات إسلامية من الجامعة، خلال تلك الفترة كان المُعلم في المعهد أو الجامعة يمثل لنا شيخا كبيرا وموسوعة فقهية وعلمية، وأشرف اليوم بانتمائى إلى مؤسسة الأزهر الشريف إلى جانب عملى كواعظة بوزارة الأوقاف.

البعض يرى أن تطوير المناهج أثر سلبًا.. فما رأيك؟

- تطوير المناهج لم يؤثر بالسلب، فقد كنا ندرس أمهات الكتب واليوم تم تنقيحها بفضل لجنة مختصة بذلك، وفى عهدنا كان من نعم الله علينا أن رزقنا بمعلمين يملكون فكرا ناقدا، يقومون بالشرح والتعديل، وحينما يكون المدرس متدينا بطبعه يتم غرس ذلك في الطلبة، وينعكس عليهم إيجابًا.

ماذا عن كتب التراث وانتقاد كتب المتقدمين المتعلقة بالسنة؟

- من يهاجمون الإسلام ليس لديهم فكرة عن الدين، ويبنون هجومهم على قشريات دون تعمق، نقر بأن هناك في التراث أمورا تحتاج لتنقيح بالفعل، إلا أننا يجب أن نميز بين المراحل التى مر بها الإسلام، حيث بدأ بمرحلة دعوية بحتة في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- وكانت تقوم دولة إسلامية فقط، ثم انتقلت بعد ذلك لدولة إسلامية وسياسية، وبدأت التحركات السياسية والعسكرية وبدأ الخلط بين الأمور العسكرية والسياسية والدين. ومن يتتبع غزوات النبى- صلى الله عليه وسلم- يجد أن جميعها لم يقم على سبب عقدي نهائيًا، بل كانت جميعها أسبابًا اجتماعية وسياسية بحتة، وحينما ننظر إلى المرحلة الأولى المتمثلة في الدعوة للعقيدة لم نجد قتالًا، فالقتال شرع بعد الهجرة، إلا أننا نجد ربطًا خاطئًا بين القتال والإسلام فالقرآن واضح وصريح حيث يقول تعالى: «لكم دينكم ولى دين».

ومع اتساع الرقعة الإسلامية بدأ باب الاجتهاد، ونجد من المجتهدين أنفسهم من قال إنه قد يخطئ، وكجزء من مسائل سياسية والتحيز للمذاهب، خرجت تلك المذاهب من أطرها الديني، إلا أنه يظل باب الاجتهاد مفتوحا في كل العصور لكن بشروط.

كيف تنظرين إلى الدور المصرى في تاريخ المذاهب الإسلامية؟

مصر كان لها دور ريادى وعريق في تاريخ الإسلام، وكانت تمتلك مذهبًا هو مذهب الإمام الليث بن سعد، إلا أن مشكلة هذا المذهب أنه لم يوثق، لذا لم نجده، والمتتبع لظروف النشأة التى أحاطت بالإمام الليث بن سعد يجد أن فكرة التواجد ببيئة غنية تنعم بالثراء، تؤتى أكلها في آراء بها من الليونة واليسر، إلا أنه لم يقم أحد من تلاميذه بتوثيق علمه لذا اندثر، كما أننا نجد أن الإمام الشافعى تراجع كثيرًا عن آرائه حينما جاء لمصر، فقد كان شاعرًا إلا أنه خشى مقالته في بغداد، وحينما قدم مصر ووجد أشياء جميلة منها الحلقات التى يجتمع فيها النحو والصرف والشعر وغيرها، قام بقوله وتدوينه.

ولماذا نعجز في الوقت الراهن عن إيجاد مذهب معاصر؟

- المشكلة الحقيقية أننا لا يوجد لدينا سياسة النفس الطويل، والقيام على ما يقوم به السابقون، وسيطرة الأنا، فنحن نستطيع أن نقوم بالخطاب الدينى وهناك خطوات عملية ملموسة وتتمثل في جهود الأزهر والأوقاف اللذين بدآ في دورات تثقفية للوعاظ والأئمة من خلال تصحيح المفاهيم المغلوطة، وإعطاء الأدلة والبراهين، وإنشاء مرصد لتلقى المفاهيم الخاطئة والرد عليها وأبحاث ميدانية من الواقع، للخروج من الأبواب المغلقة، والإعلام عليه عامل كبير وكذلك السوشيال ميديا وانتبه له الأزهر مؤخرًا وهو تطوير شديد ومهم للغاية، لكن البشائر تأتى حينما يكون هناك تطوير من أعلى وأسفل، فالتعليم يحتاج لاهتمام دينى وتفعيل منهج الدين بالمدارس والاعتماد على أهل الدين المتخصصين وحينها خلال خمس سنين سنتجاوز نسبة الـ٥٠٪ على خطى التجديد.

وكيف ترين الهجوم على الشخصيات الإسلامية؟

- من يهاجمون لديهم إمكانات أعلى، إعلاميا وماديًا، وهناك بعض الأطروحات غير صحيحة ويقولها من يقصد الخير، لكنه لا يحسن التعبير عنها، وهناك غير ذلك، لذا فنحن إلى أن يكون هناك تهيئة مختلفة لسرد التراث على سبيل المثال قصة الفتح الإسلامى لمصر، نجد أن تداول القصة لا يربط بين الحدث الدينى والجانب السياسي، من حيث إن مصر كانت في فترة من الفترات تحت الظلم الروماني، وهى من طالبت بحضور العرب إليها لتحريرها وإنقاذها منهم، وليس الأمر دينيا كما يزعم ويروج وأنه استعمار أو احتلال.

ماذا عن إنصاف الإسلام للمرأة؟

- بعض الإسلاميين آذوا الإسلام، فكما قال الإمام محمد عبده: ذهبت للغرب فوجدت إسلامًا ولم أجد مسلمين.. ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكننى لم أجد إسلامًا»، حيث إنهم أضروا بالإسلام، فالمرأة لها في عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم- مكانة عظيمة، حيث كانت في عهده صلى الله عليه وسلم حرة تشارك في كل المهام، ومنها الحروب، حيث كانت طبيبة وممرضة، كما أن سيرته كانت متحركة كل قصة توجد امرأة، ومع الفتوحات الإسلامية وكثرتها كانت بحاجة لكل السواعد نساء أو رجالا، ومع اتساع الرقعة الإسلامية فيما بعد لم يكن هناك ضرورة لخروجها واستمرارها في أداء تلك المهام والمشاركة كما كانت تفعل، ليس لأن خروجها أو مشاركتها محرمًا، لأن الإسلام لم يهمشها، إنما كان متاحا لها كل شيء وفى حال الغنى لم تعد هناك تلك الإتاحة، فهى لم تختف قانونًا لكن بوضع اجتماعي، وفى الوضع الراهن نجد المرأة تقوم بدورها في مساعدة الرجل ولا يوجد من يحرم ذلك، فالربط بين الوضع الاجتماعي والعقيدة الدينية الثابتة هو من يسبب تلك الحالة من الجدل غير المفيد.

لكن هناك من يهاجم لباس المرأة.. فهل هناك ضابط له؟

- الإسلام أعطى قاعدة دون شكل أو فرض لون أو تفصيلة بعينها، والنبى- صلى الله عليه وسلم- أعطى توصيفًا دون شكل لتغيير البيئات والأماكن، وهناك قاعدة ثابتة نتبعها، وهى ألا يشف أو يضيق أو لباس شهرة، حصر الأمور في أماكن بعينها وتصديرها للناس هو سمة للمتشددين، حيث إن أغلب الأحكام إما أنها جاءت مفصلة، وأخرى مجملة، فالمجمل منها ترك للعادات وتغيير الأماكن والأزمان، لكن البعض يصر على جعلها تضيق على الناس، فترك النقاب ما بين وبين، ونحن نحجره تشددًا وتطرفًا.

النقاب والحجاب ليسا من الإسلام... فما تعقيبك؟

- من عزم على شيء وجد حجته، ونحن علينا ألا نقوم بالالتفات لمثل تلك الأمور التى تعد حجرًا على الآراء، وتبتعد عن صميم سماحة ووسطية الإسلام، التى تركت للناس أن يفعلوا ويرتدوا ما أرادوا شريطة ألا يخرج عن الضابط الرئيسي.

رغم تحركات الأزهر والأوقاف مؤخرًا لتمكين المرأة واعظة وداعية، إلا أنه لم يسلم من اتهامات المؤسسة الذكورية.. كيف تفسرين ذلك؟

- بصفتى محفظة قرآن بالأزهر الشريف وواعظة بوزارة الأوقاف، أشرف بالانتماء لهاتين المؤسستين لا أجد ما يتم ترويجه موفقًا، حيث إن المشكلة أن الرجال دائمًا ما يكونون سباقين في التعليم، فهم الأكثر إصرارًا على تحصيل أعلى الدراسات، سواء من خلال الدراسات العليا والدكتوراة والماجستير، وغيرها من الأمور، وإن حدث وإن وجدت امرأة على الدرجة العلمية نفسها لا يتم التفرقة، فأنا بحكم موقعى لا أجد اختلافًا بينى وبين الرجل في العمل والمهام.

هل وضع الطالبة الأزهرية حاليًا مختلف عن السابق أم لا؟

- بالطبع، بنات الأزهر ممكنات من كل شيء الآن فيما يتعلق بالتعليم، لكن المشكلة الآن تتعلق بالتنسيق، وكان لشيخ الأزهر قراره العام الماضى بتطبيقها لكنه حتى الآن لا أعلم ما تم به.

هناك مع كل مناسبة دينية أو غير دينية فتاوى بالتحريم.. فما الفيصل في الأمر؟

- الربط بين المناسبات الاجتماعية والدين أمر فيه تضييق شديد على الناس، خاصة أن مناسبة شم النسيم على سبيل المثال أراه أمرًا لا حرج فيه، فلماذا يصر البعض على وضع حكم شرعى دينى لا أساس لتحققه هنا، فلا يجب أن يتم الربط بين أى مناسبة بالقول حلالًا أو حرامًا.

أغلب الشباب لا يجد وقته وحياته إلا في مواقع التواصل الاجتماعي.. فيكف نتجنب أى أمر يضر بسلامة عقيدته؟

- الشباب الذين يترددون على مواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها، مطالبين بالابتعاد عن المنصات التى تدعوه للتشكيك بدينه والتى تدعوه للتطرف وأن يستثمر وقته في المساجد، حيث مجالس العلم والقرآن وخلافه، فما يحزنك ألا تجدهم في مجالس العلم، عليهم أن يتحركوا للمساجد الآن ففيها دروس الدين التى تنفعهم في الدنيا والآخرة، ولا يعنى ذلك أن استخدام تلك المواقع غير مجدٍ لكن عليهم الترشيد واستخدام ما ينفعهم ويوسع الاطلاع عندهم.