الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

عضة الموت.. لقاحات صينية «مشبوهة» تدخل المستشفيات في غياب الرقابة وتؤدي إلى الوفاة مباشرة.. «مريم» توفيت بعد 4 جرعات.. و«رضا» ماتت بجرعة واحدة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«الصحة» تحذر من اللقاحات الصينية المشبوهة.. و«الأطباء»: لا ترقى للمنظومة الدوائية المصرية

22 مليون كلب طليق في الشوارع بنهاية 2019.. و400 ألف حالة عقر بينها 59 حالة وفاة سنويًا

80 مليون جنيه معدل الإنفاق الحكومى على أمصال العقر كل 12 شهرًا.. و2000 جنيه تكلفة المصل الفورى

شهرًا كاملًا في انتظار رد «الصحة» عن تساؤلات التحقيق ورئيس الطب الوقائى يتحفظ


تزايدت خطورة عقر الكلاب الضالة للمواطنين في الشوارع، ووصلت بعض الحالات إلى الوفاة، رغم تناولهم اللقاحات والحقن المضادة التى من المفترض أن توقف سريان الخطر، وفى تحقيق لـ «البوابة» لرصد أسباب الوفاة، اكتشفت وجود لقاحات صينية فاسدة دخلت مصر في غياب الرقابة لا تعالج عقر الكلاب، بقدر ما تقتل البشر، وهنا ندق ناقوس الخطر، خاصة في ظل تكاثر أعداد الكلاب الطليقة بالشوارع، وقفز نسبتها إلى 22 مليون كلب بنهاية 2019، في المقابل أعباء ومخاطر تصل إلى إنفاق 2000 جنيه تكلفة المصل الفورى للحد من تأثير العضة القاتلة، لتتحمل الدولة ملايين الجنيهات في مواجهة عقر الكلاب.


قبل ٧ شهور مضت، كان مستشفى حميات أسيوط على موعد لاستقبال فتاة جامعية، ٢٦ عامًا، تدعى «مريم صبرى»، فقدت حياتها إثر تعرضها لهجوم كلب أثناء جلوسها بمنزلها، في قريتها «شكيكل» بمركز أبنوب، ظهر يوم ٢١ مايو ٢٠١٩، ما سبب إصابتها بالسعار، بحسب دعوى قضائية عرائض النائب العام رقم ١٠١٠٠، ذكرت أن الفتاة نُقلت إلى مستشفى أبنوب المركزى الحكومى لأخذ جرعات مصل داء الكلب، وكان عبارة عن ٥ حقن تحوى مادة فعالة مركزة، والتى داومت عليها حتى الجرعة الرابعة ولم يظهر عليها أى أعراض، ولكن قبل الجرعة الخامسة ظهرت عليها أعراض مرض السعار، ودخلت في غيبوبة تحديدًا في ١٧ يونيو ٢٠١٩، ثم رحلت عن دنيانا، لا أحد يعرف السبب، لعدم إجراء اختبار للسعار لها، وبالتالى لا يمكن الجزم بأن سبب الوفاة هو سبب آخر غير السعار، ولكن وفاتها بأعراض مشابهة للسعار بعد التعرض للعقر يثير علامات استفهام؟

ويحكى «جيد صبري»، شقيق مريم، تفاصيل قصة شقيقته، ويقول: «تم حجزها في مستشفى حميات أبنوب المركزى بمحافظة أسيوط»، وأضاف: «الكلب الذى عقر أختى عقر شخصين آخرين، وقام أهالى القرية بقتل الكلب ولم تأخذ الصحة عينة من مخه للتأكد أنه مسعور أم لا». 

وتابع: «تم حجز مريم ما يقارب من ١٤ يوما بمستشفى أبنوب، ولم يقم أحد من الأطباء بأخذ عينة لعاب من لعابها، بالرغم من أنهم أكدوا أنها حالة سعار، وتم نقلها إلى مستشفى العباسية في ٢ يوليو من الشهر التالي، وبعد زيارة لجنة الصحة لها قمنا بنقلها إلى حميات العباسية، ولكن الوضع ظل كما هو، لا جديد ولا يوجد أخذ عينات بالمستشفى».

ويواصل «جيد»: لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث أرسلت وزيرة الصحة، منال سالم مسئولة الإعلام والحالات الإنسانية بالوزارة، بعد ظهورى بإحدى القنوات، وطالبت حينها بأخذ العينات وتحليلها خارج المستشفى، لأنه لا توجد إمكانيات بالعباسية، أو أى مكان آخر سوى معهد بحوث صحة حيوان الدقى، وعلى نفقتي، غير أن الدكتور المتابع لحالة مريم نصح بأنه لا فائدة من أخذ العينات قائلا:

«كدا كدا هتموت»، وسنقوم بأخذ عينة بعد وفاتها، وبالفعل ماتت نتيجة إتلاف في المخ، والتقرير الصادر من مستشفى أسيوط، حصلت «البوابة» على نسخة منه، يقول إنها عضة كلب، واستمر الإهمال حتى رحلت في ٨ يوليو ٢٠١٩.

أما الطفلة رضا عمران على أحمد، ٤ سنوات، فهى ضحية أخرى بمحافظة أسيوط، مركز الفتح، عقرها كلب ولم يقم بإصابتها.

يقول والد الطفلة: «قتلنا الكلب، وبعد ٢٠ يوما ظهرت عليها أعراض السعار، وأخذت جرعة واحدة من المصل، وبعد ٥ أيام من الجرعة توفيت في اليوم ٢٥ من عقر الكلب لها».


الصحة تحذر.. و«فاكسيرا» تستورد

بحسب تعريف منظمة الصحة العالمية، داء الكلب، مرض فيروسى حيوانى المنشأ، يصيب الحيوانات الأليفة والبرية، وينتقل إلى الحيوانات والبشر الأخرى من خلال الملامسة الشديدة مع لعاب الحيوانات المصابة (أى اللدغات والخدوش واللعق على الجلد المجروح والأغشية المخاطية) وبمجرد ظهور أعراض المرض، يعتبر داء الكلب قاتلا لكل من الحيوانات والبشر؛ حيث يلقى ما يقرب من ٦٠ ألف شخص حتفهم بسبب هذ الداء كل عام، أكثرهم من آسيا وأفريقيا، والأطفال الأكثر تعرضًا للخطر. وبدأت الأزمة تنسج خيوطها مع تحذير وزارة الصحة؛ حيث أصدرت الإدارة المركزية للشئون الصيدلية، منشورها رقم ١٦ لسنة ٢٠١٩، للتحذير من لقاح مغشوش يستخدم للوقاية من داء الكلب ومرض السعار، موضحة أن (Verorab (rabies vaccine for human use إنتاج شركة sanofi الفرنسية تشغيلات رقم NIE٣٥ بتاريخ انتهاء صلاحية ٤ /٢٠١٩، والتشغيلة HI٨٣٣ حيث أفادت الشركة المصنعة بأنها لم تنتج هذه التشغيلات، كما أفادت إدارة التفتيش على المستحضرات الحيوية بأنها لم تسحب عينات من هذه التشغيلات، ولم تصدر بشأنها قرارات إفراج، كما حذرت وزارة الصحة من ضبط أى من التشغيلات المشار إليها في أى مؤسسة صيدلية، مؤكدة أنه سيتم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية، حال عدم وجود فواتير تثبت مصدر هذه اللقاحات.

في المقابل؛ فإن هيئة المصل واللقاح «فاكسيرا» هى الجهة المنوط بها استيراد الأمصال مصر، عن طريق تعاقدات تتم مع شركات عالمية عبر وسطاء، وبحسب المعلومات المتاحة؛ فإن أكبر الشركات التى تورد الأمصال لمصر شركتا «Changsheng» شنشج، و«لايننج» للمستحضرات الحيوية الصينيتين. غير أن الكميات الأكبر تُستورد من شركة صينية Changsheng، وذلك باعتراف الشركة الصينية ذاتها كما هو منشور بوكالات الأنباء العالمية، التى تصدر لقاحاتها إلى دول الهند وكمبوديا ومصر وروسيا البيضاء وبعض بلدان العالم الثالث.


الملف الأسود للشركة الصينية

انتهاك قواعد الإنتاج

في أغسطس ٢٠١٨، صدر تقرير عن «بلومبرج»، وهى شركة عالمية للخدمات الإخبارية والإعلامية والمعلومات، كشف فضيحة شركة الأمصال التى تستورد منها مصر، كاشفًا عن أنها تنتهك قواعد الإنتاج منذ ٢٠١٤، وذكرت أن مجلس الدولة بالصين فتح تحقيقًا حول وجود شحنات أمصال فاسدة، ووجد انتهاك شركة Changsheng Bio-technology Co للمعايير بدءًا من شهر أبريل ٢٠١٤، فيما يتعلق بلقاح داء الكلب، بعد أن عثر المنظمون على بيانات ملفقة الإنتاج والتفتيش.

وبحسب المعلومات المدونة على الموقع الرسمى للمركز البحثي، توصل تحقيق أجراه مجلس الدولة إلى أن الشركة الصينية تنتهك المعايير بدءًا من شهر أبريل ٢٠١٤، فيما يتعلق بلقاح داء الكلب، وفقًا لتقرير «شينخوا» نشر على موقع الحكومة على الإنترنت. وقال المحققون إن الشركة استخدمت مواد منتهية الصلاحية لبعض الدفعات، في حين أن بعض تواريخ الإنتاج المحددة على المنتجات غير صحيحة.
للاطلاع على التقرير اضغط هنا


شكاوى عالمية ضد اللقاحات

الأكثر الأهمية ما نشرته «النيويورك تايمز» الأمريكية مطلع يناير الماضى 2019، وهو تقرير بعنوان: «الصين تحقق في الأمصال الفاسدة بعد الاحتجاجات العنيفة.. وتغريم نفس الشركة 1.3 مليار دولار نتيجة اللقاحات الفاسدة».

وذكرت «التايمز»: «يحقق المسئولون المحليون في شرق الصين في شكاوى، مفادها بأن أكثر من 100 طفل تلقوا لقاحات شلل الأطفال منتهية الصلاحية بعد أن احتج الآباء والأمهات المتضررين بعنف، وهى الأحدث في سلسلة من فضائح اللقاحات التى أثارت الغضب على مستوى البلاد».

للاطلاع على التقرير اضغط هنا


وقالت ورقة بحثية حول التوصيف الجزيئى لفيروس داء الكلب في الصين لسلالة اللقاح، نشرت بمجلة الفيروسات ٢٠١١: «قمنا بتحليل الجينوم الكامل للقاح داء الكلب البشرى في الصين، وانتهينا إلى أنه ليس ذو الجودة العالية ويحتاج لأبحاث تطوير».


اتفاقيات حبر على ورق

جدير بالذكر أنه قبل نحو عام ونصف العام، وقعت وزارة الصحة بروتوكولا في 13 يوليو 2017 مع شركة ليونج الصينية بشأن لقاح داء الكلب، أثناء تولى الدكتور أحمد عماد وزير الصحة السابق

وشركة لياونينغ تشينغ دا للتكنولوجيا الحيوية في الصين، وهدفت الصفقة إلى تعزيز التعاون التكنولوجي بين الشركتين حول إنتاج لقاحات داء الكلب في غضون شهور في مصانع إيجيفاك.

وبموجب الاتفاق المعلن كان المتوقع أن تنتج مصر ثلاثة ملايين قارورة من لقاح داء الكلب كل عام، وأنه سيتم استخدام مليوني قارورة من قبل وزارة الصحة والقطاع الخاص، بينما سيتم تصدير الباقي إلى الخارج. وتعتبر شركة لايننج التى تم تسجيلها في مصر في 2012 هى الأولى في الصين وليس مدون عليها شبهات سوى تقرير مراقبة الجودة أنها تضيف على الفاكسينات حامض نووى لرفع كفاءة اللقاح وهذا ليس محبزًا في صناعة الأمصال عالميًا لكنها من أفضل الشركات الصينية نسبيًا، ولكن السؤال.. هل نستورد من شركة "لايننج" علامة استفهام؟ ولا يوجد اثبات أنن نستورد من لايننج.

ويذكر أن قبل سنوات، كان يدون على اسم الشركة على العبوة المستوردة، إلا أنه ما يتم في مصر حاليًا تغليف فقط، والمياه المقطرة شركة انسوكا تابعة للمصل واللقاح.


معايير استيراد الأمصال:

ويقول مصدر رفض ذكر اسمه حفاظًا عليه، إن مسألة استيراد الأمصال ترجع إلى القواعد التي تنظمها who منظمة الصحة العالمية، فاللقاح الخاص بدول معينة قد لا يصلح لدولة أخرى فعلى سبيل المثال فهناك عترات تسمى باستير التي تستخدمها الشركة الفرنسية سانوفى، أما في الصين فلها عترتها تسمى بكيني، أما أمريكا لها عترة مختلفةـ وفي حالة الاستيراد لمصر فمن المفترض أن يخرج من الإدارة المركزية للصيادلة مسئول مع هيئة المصل واللقاح للتفتيش على المصنع الذى يورد الأمصال مع ضرورة الإتيان بلقاحات تستخدم عترات لها مواصفات قياسية عالمية مثل التي تستخدم باستير، ولكن ما يجرى على أرض الواقع يخالف ذلك.وأضاف: أن الشركة التي نستورد منها لها ملف أسود عليها علامات استفهام خاصة ما نشر عن وقائع الفساد التى طالتها.

الجدير بالذكر بأن شركة صينية "شنشنج" تستخدم عترات الصينية ليست جيدة مناعيا، ورغم عدم وجود عترة مصرية، إلا أن هناك مرجعيات مثل عترة باستير في الفاكسنات التى تستخدمه شركة "لايننج" في الفاكسينات وهى صينية أيضًا، وقد تمت مقارنة بينها لقاحها ولقاح شركة سانوفى الفرنسية وأظهرت كفاءة تكاد تكون متقاربة لها مناعة جيدة وتحمى حياة الإنسان لكن الدهشة مستمرة ضد الإصرار في الاستيراد أمصال من شركة "شنشنج السيئة السمعة."


لقاحات فعالة

حذر الدكتور مرقص إبراهيم، الباحث بقسم الفيروسات بمركز بحوث صحة الحيوان، من الاستيراد من شركة مشبوهة، مثل «شنشنج» التى تم تسجيلها تبع فاكسيرا ٢٠٠٣ و٢٠٠٧، ويتم الاستيراد منها سرا «باعتراف الشركة ذاتها بأنها صدرت لمصر كما هو منشور عالميا»، رغم ما أذيع على العلن بأن الشركة بها فساد في الأمصال.

وأضاف: هناك شركات صينية أخرى تنتج لقاح السعار، وقد أعطت نتائج تقارب كبرى الشركات العالمية، مثل شركة «لايننج» التى تم تسجيلها ٢٠١٢، وكانت التصريحات من جانب وزارة الصحة أنه سيتم عمل شراكة للاستفادة من الخبرات الصينية لإنتاج لقاح عقار السعار للاكتفاء الذاتى ثم التصدير.

وتابع مرقص: «حدوث المرض رغم أخذ جرعات اللقاح في مواعيدها لا يكون المتهم فيه هو فساد اللقاح فقط، بل هناك أسباب أخرى، هناك أسباب خاصة بالمصاب نفسه، بسبب ضعف بجهازه المناعى الذى يمنعه من الاستجابة للتحصين والحصول على مستوى مناعى جيد، وهناك أسباب ترجع إلى نوعية العترة الفيروسية المستخدمة باللقاح، فلا تحفز الجهاز المناعى للمصاب بشكل سريع فيصل الفيروس للمخ قبل الحصول على مستوى مناعى جيد يحمى من الإصابة، وقد يكون السبب في الطبيب المعالج الذى لم يعطِ المصاب جرعة من المصل الواقى بمكان الإصابة عند العقر بمكان قريب من المخ. وأخيرا، فإن اللقاحات المتداولة تحمى من الإصابة بفيروس السعار (genotype١) فقط.

ويتساءل «مرقص»: «المعمل الرقابى» التابع لفاكسيرا كجهة رقابية عندما تختبر فاكسين جديدا، هل تكتفى فقط بأوراق وشهادات الشركة الصينية المعروفة عالميًا بأنها ليس لديها مصداقية، وهل تجرى الاختبارات كاملة وتأخذ في اعتبارها عند التقييم نوعية العترة الفيروسية مجرد تساؤلات.

قائلا: «للعلم فإن «عترة باستير» من أفضل الأنواع المستخدمة للقاح مناعيا، وأفضل الأنواع المعروفة عالميًا، ويضيف مرقص، الصينيون أنفسهم لا يأمنون شركاتهم نفسها في الفاكسينات، وهذه التصريحات منشورة عالميا، والاستيراد من شركات سمعتها ليست جيدة يعرض كل حياة في مصر للخطر».

ويلفت مرقص، بحسب المعلومات المتاحة، ما يتم خلف الكواليس، هو استجلاب الزجاجات عارية معبأة في الخارج دون أي بيانات (vial) على هيئة (naked refills) وتعني عبوات عارية، وما يتم داخل المصل واللقاح هو وضع بوستر باسم الشركة «لايننج» من الخارج المتعاقدة معها (فاكسيرا)؛ أي أن شراكة التطوير اقتصرت على وضع البوستر فقط، والمادة قد تكون من شركة «شنشنج» التي صرحت بأنها صدرت لمصر من ٢٠١٤ إلى ٢٠١٧ أمصالا، واعترفوا أن مصر ضمن الدول التى تم توريد لقاحات فاسدة لها، مع العلم أن التحديث الخاص بها انتهى في 2007، ما يطرح عشرات علامات الاستفهام.


تبريرات

قالت دينا ذو الفقار، ناشطة حقوقية، إن تقرير لجنة الصحة بشأن حالة الضحية مريم، لم يكن غير مفهوم، التقرير استبعد أن تكون الوفاة وقعت بسبب سعار، قائلا: «المريضة ظلت حية حتى بعد ١٤ يوما من الإصابة، وهذا كلام غير صحيح، وثابت علميا أن المريض يكون حيا ما يقرب من ٢١ يوما، وهو ما يؤكد وفاتها بفعل عقر الكلب».

مؤكدة أن الوضع مخجل بسبب عدم وجود تشخيص للمرض، وهناك العديد من الأسئلة التى توجه لوزارة الصحة كيفية تسجيل الطب الوقائى لحالات العقر؟ أما استمارة العقر التى تستخدمها وزارة الصحة فليس بها معلومة، ولا يمكن الاستدلال منها على شيء غير الاسم والعنوان. وتابعت أن هناك الكثير من مستشفيات الحميات لا يوجد بها أى إمكانيات لإسعاف المريض، خاصة مريض العقر، ولا يوجد تحاليل مثل التشخيص الإكلينيكى وتحليل معملى أو الأبسط تحليل لعاب، لمعرفة والتأكد من حالات السعار، وهى أيضا غير موجودة بمستشفى حميات العباسية التى يتواجد بها أكبر عدد من المرضى.

وأكدت الناشطة الحقوقية، أن معهد البحوث الصحة الحيوانية بالدقى هو الوحيد في مصر الذى يوجد به معمل للسعار يمكنه تحليل اللعاب، والوحيد على مستوى الشرق الأوسط، وهو معمل حكومى، ومع ذلك وزارة الصحة والحميات - لا تلجأ إليه.

قالت دينا، إن وزارة الصحة تقول إن عدد المتوفين من مرض السعار ٥٩ حالة سنويا، وهذا أيضا غير صحيح لسبب بسيط أن الإحصاءات غير مبنية على تحاليل أو أشعات، جميع التقارير المكتوبة للحالات غير متفقة تماما، وكل دكتور يكتب ما يحلو له دون تحليل.

وأكدت دينا «فساد الأمصال» قائلة: «الصين قدمت في يوليو ٢٠١٨ من ١٢ لـ١٥ مسئولا في وزارة الصحة بالصين، تمت إدانتهم ومحاكمتهم، والسبب أن الفاكسينات الخاصة بشلل الأطفال والأمصال «فاسدة».

وكشفت المحكمة ثلاثة اتهامات صريحة، أولا: أن الشركة استخدمت مواد منتهية الصلاحية، ثانيا: كميات مصدرة أخذت تاريخ الانتهاء وتم تغييره بتواريخ حديثة، ثالثا: سوء الحفظ والنقل، كاشفة دينا أن نفس الشركة الصينية صدرت كميات كبيرة من منتجاتها الفاسدة خارج الصين إلى دول عدة منها، مصر والهند وكمبوديا، وفقا لما هو منشور على الموقع الرسمى لحكومة الصين.

وأشارت الناشطة الحقوقية إلى أن مصر لم توقف الاستيراد، وما زالت المستشفيات تقوم باستعمال المصل الصينى الفاسد، وهو ما يعرض حياة المواطنين للإخطار، موضحة أن مصل السعار المستورد من الصين يتم تغليفه في مصر ويخزن في كراتين ووضعها بأماكن غير مؤهلة، ويغلف من خلال الشركات المصرية، ويكتب عليه «وارد من الخارج»، وتستخدمه مصر لأنه لا يوجد بديل، وهو الأرخص عن باقى الأمصال المستوردة.


سوء التخزين

استنكر الدكتور صبرى الطويلة رئيس لجنة «الحق في الدواء» بنقابة الصيادلة، الإهمال في ملف الأمصال واللقاحات الذى يجب أن تكون إدارته تحت إدارة وزارة الصحة المصرية، وليست وزارة الزراعة التى لا تمتلك أى مقومات عن إدارته. وقال الطويلة إن سبب المعاناة، التشتت والتشرذم في ملفات الدواء بين الوزارات، وأضاف: أن إمكانيات الحفظ والتخزين لا ترقى للمنظومة الدوائية المصرية؛ حيث سوء التخزين GSP وكذلك معايير نقل الأمصالGDP من وإلى المراكز المتخصصة يؤدى لفسادها، وعدم فاعليتها كمادة حيوية ذات معايير خاصة، موضحا أن درجة حفظ الأمصال ليست واحدة، والأوضاع لا تحفظ في درجة حرارة واحدة، وإنما تختلف وتحفظ في درجات حرارة بداية من درجات التجمد حتى درجة حرارة الغرفة، وكل حسب مواصفاته البيولوجية والحيوية.

وأكد الطويلة وجوب تطبيق المعايير اللازمة للحفظ والتوزيع، وحفظ كل مادة بحسب ثباتها ومعايير تصنيعها حيث تراعى المواصفات الفيزيائية والكيميائية sop، حيث إن مصر تعانى من أن القائمين على تخزين المواد الفعالة والحيوية لا يراعون معايير GSP. وتابع «الطويلة»: السلالات البكتيرية التى تستخدم لإنتاج الأمصال أصبحت مستهلكة، والمصل الذى يخرج من هذه العملية لا يلقى قبولا ويسقط في التجارب الحيوية، مما يضطرنا لاستيراده بعملة صعبة، وللأسف لا يتوافق مع نوعية السلالات البكتيرية الموجودة في مصر.


1.5 مليار جنيه فاتورة علاج عقر الكلاب في مصر

كشف تقرير الهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة، الصادر في مارس الماضى، عن أن حالات الوفاة بمرض السعار تزايدت بشكل ملحوظ، وأن حالات العقر الآدمية من الكلاب الضالة قفزت إلى ٤٠٠ ألف حالة، وتوفى منهم ٦٥ ألف شخص، أكد التقرير أن ظاهرة العقر تُكلف الدولة سنويًا ما يقرب من مليار ونصف المليار جنيه.

أضاف التقرير، أنه فور إصابة الإنسان بعضة كلب، يستدعى التوجه إلى أحد مراكز وزارة الصحة لعلاج عقر الكلب، للحصول على مصل فورى للحد من تأثير العضة تبلغ قيمته نحو ٢٠٠٠ جنيه، ثم ٥ جرعات لقاح في اليوم الأول، والثالث، والسابع، والرابع عشر، والثامن والعشرين، تصل قيمة اللقاح الواحد إلى ١٢٠ جنيها للوقاية من أضرار العقر والوصول إلى حالة السعار.

وأعلنت لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، مارس الماضي، أنه وفقًا لتقرير حديث صدر عن الجمعية العامة للرفق بالحيوان في مصر، قُدر عدد الكلاب الضالة بنحو ١٥ مليونًا، لكن لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، أوضحت وفق بيانات حكومية وردت لها، أن عدد الكلاب الضالة تجاوز الـ ١٨ مليونًا؛ بواقع كلب لكل ٧ مواطنين، ويبلغ معدل الإنفاق الحكومى على أمصال وعلاجات الكلاب نحو ٨٠ مليون جنيه سنويًا.

فيما أثبتت دراسة أعدها الدكتور حمدى عرفة خبير الإدارة المحلية واستشارى المناطق العشوائية، أنه في أواخر العام نفسه، بلغ عدد الكلاب الضالة المنتشرة في مدن وقرى وشوارع مصر ما يقرب من ٢٢ مليون كلب ضال.


منظمة الصحة العالمية:

75 مليون دولار مصروفات استيراد لقاحات داء الكلب سنويا..

حددت منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية لصحة الحيوان ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والتحالف العالمي لمكافحة داء الكلب غاية عالمية تتمثل في "تحقيق انعدام حالات الوفاة الناجمة عن داء الكلب لدى الإنسان بحلول عام 2030"، وأن تكلفة العلاج الوقائي بعد التعرض لداء الكلب في المتوسط 40 دولارًا أمريكيًا في أفريقيا و49 دولارًا أمريكيًا في آسيا.

وقال الدكتور محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء أن الصحة تستورد أمصال ضد مرض السعار بميزانية 75 مليون دولار تقريبا تنقص وتزيد حسب الاحتياج، مؤكدا أن عدم فاعلية المادة الموجودة بالمصل قد تعرض حياة المصابين للموت، وذلك لأن معظم حالات العقر تكون من كلاب ضالة بالشوارع وغير مطعمة أو مرخصة للاصطحاب، فيكون اللعاب هنا الخاص بالمرض سهل الوصول إلى المخ.

وأضاف: هناك شبهات وأقاويل كثيرة ترددت حول فساد الأمصال في وزارة الصحة سواء لانتهاء الصلاحية أو لعطل الثلاجات، في عام ٢٠١٥ تقدم مساعد وزير الصحة ببلاغ للنيابة الإدارية يحمل رقم 154 بعد إصابة عدد من المواطنين بالسعار بعد اكتشاف فساد الأمصال التي استخدموها. وتابع أنه تم تشكيل لجنة من كبار الخبراء في الوزارة والطب الشرعي أثبت وجود 155385 جرعة من اللقاح الخماسي منتهية الصلاحية وكانت مقدمة كمنحة من دولة عربية إلا أن إجراءات الحفظ شابها الفساد كما قال تقرير النيابة، وفي يناير ٢٠١٧ قامت النيابة الإدارية بتحويل ٦ مسؤولين للمحكمة التأديبية، وفي سنة ٢٠١٦ توفى أحد المواطنين في مستشفى خاص بالغربية نتيجة استخدامه مصل الكلب منتهي الصلاحية.

وأشار إلى أن الأمصال السليمة مهمة للوقاية من مخاطر عض الكلاب وتقدم أنها مخزنة مجانية إلا أنه في السنوات الأخيرة حدثت مشكلات أدت لوقوع عدد من الإصابات الوفيات نتيجة فساد الأمصال لأسباب متعددة.


«الصحة» تتحفظ على الرد

لاكتمال الصورة، تواصلنا مع الدكتور علاء عيد، رئيس قطاع الطب الوقائى بوزارة الصحة، الذى خاطبناه بالأسئلة التى تدور عنها تفاصيل التحقيق، وكانت الأسئلة

«الصحة» تتحفظ على الرد

لاكتمال الصورة، تواصلنا مع الدكتور علاء عيد، رئيس قطاع الطب الوقائى بوزارة الصحة،

الذى خاطبناه بالأسئلة التى تدور عنها تفاصيل التحقيق، ووجهنا الأسئلة التالية:

• ما آلية الرقابة والتحليل على الأمصال التى تدخل مصر؟

• هل يتم تحليل عينات من الأمصال؟ وما نوعية التحاليل التى تُجرى عليها؟

• بالنسبة لنوعيات التحاليل التي تتم على اللقاحات المستوردة تخلو من الكشف عن نوعية عترة اللقاح المستخدم؟ لماذا؟

• كم عدد الشركات التى تورد الأمصال للشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات فاكسيرا؟

• ماذا عن شراكة التطوير التى أبُرمت قبل عام ونصف العام مع شركة «لايننج» وإنتاج مصل الكلب في مصر وتصدير الفائض؟ وماذا حققناه في هذه الشراكة حتى الآن؟

• إذا كان انتهاء ترخيص التسجيل للشركة الصينية changchang منتهى في 2008، كيف تدخل أمصالها إلى مصر حتى الآن؟

• ما تفسيركم لدخول عبوات الأمصال تحت اسم Naked refills «عبوات عارية»؟

• هل نعتمد على شهادات المطابقة من المنشأ؟ وهل توجد معامل أخرى غير التابعة للمصل واللقاح؟

• بالنسبة لمصل الكلب.. هل توجد عترة مصرية يتم الاستيراد بموجبها؟ وعلى أى أساس نستورد؟ ولم يتم الرد علينا حتى مثول الجريدة للطبع.