رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

العقار رقم "5 أ" في حي السكاكيني.. هنا ولد "أبوعمار"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خمسة عشر عاما حتى الآن، عاشتها فلسطين بدون ياسر عرفات، الذى لم يولد فيها ولم يمت بها، وكان يجسد قضية الشعب الفلسطينى الذى حوله الاحتلال إلى اللاجئين الذين عاش لهم ووهبهم كل عمره.
والبداية من القاهرة في حى «السكاكيني» الذى نشأ عرفات بين شوارعه وأزقته، تحيطه جدران عتيقة لدير كاثوليكى يتراكم عليها التاريخ، ويجاوره معبد يهودى بحذاء مسجد الظاهر الأثري، وبينهما ولد محمد عبدالرءوف عرفات القدوة الحسيني، الاسم الحقيقى لأبوعمار، حيث ولد في الرابع والعشرين من أغسطس عام ١٩٢٩، وكان أبوه يعمل بتجارة الأقمشة ووصل إلى مصر في عشرينيات القرن الماضى قادما من غزة، ولديه من الأبناء سبعة.
وعلى بعد أقل من مائة متر فقط من مسكنه، انتظم طالبا بمدرسة مصر الثانوية التى تحولت فيما بعد إلى «طور سيناء الابتدائية»، تغيرت المبانى وزحفت إليها الحداثة كالسرطان، إلا أن عرفات باق في ذاكرة جيران المسكن رقم ٥ أ بشارع طور سيناء بحى السكاكيني.
ويروى سكان الحى عن مسكنه الذى ولد ونشأ فيه، يقول الحاج محمد لـ«البوابة نيوز»: «كان يسكن ياسر عرفات في الطابق الثالث من العقار رقم «٥ أ» في شارع طور سيناء، وهو العقار الذى كانت تقطن به أسر مسيحية ويهودية أيضًا، إلا أن العقار هُدم أواخر ثمانينيات القرن الماضي، ليُبنى بدلا منه عقار آخر على الطراز الحديث، لتُمحى صفحة من ذكريات عرفات بأرض المحروسة»، إلا أن سكان الحى يتذكرون بعضا من الحكايات عن عرفات فيقول خالد صلاح ابن الحاج صلاح، الذى كان رفيقا لعرفات خلال أيام نشأته بمصر، إنه كان متواضعا جدا ويقضى أوقاتا كثيرة مع والده، وحينما مرضت جدته عالجها شقيق ياسر عرفات بمستشفى فلسطين وجاءت أخته من مسكنهم الجديد بشارع بغداد في مصر الجديدة لتزورهم».
بعد إتمام تعليمه الثانوى انتقل عرفات إلى جامعة فؤاد الأول «القاهرة» طالبًا في كلية الهندسة متخصصًا بالهندسة المدنية التى منحته وظيفة عند تخرجه بشركة مصر للأسمنت المسلح التى ساهمت في بناء عدد من المشروعات الوطنية الكبرى من بينها السد العالي.
واصل ياسر عرفات نضاله ضد العدو الإسرائيلى وانضم للجيش المصرى للتصدى للعدوان الثلاثى في ١٩٥٦، وبعد ذلك اتجه إلى الكويت وتمكن هناك من تأسيس حركة التحرير الفلسطينية «فتح» بين عامى ١٩٥٨ و١٩٦٠، ووقف أمام العالم في ١٩٧٤ من على منبر الأمم المتحدة صارخا «لقد جئتكم بغصن الزيتون مع بندقية ثائر، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي، إن الحرب تندلع من فلسطين والسلام يبدأ من فلسطين» ولكن لا صوت للحق الضعيف ولا صدى. وبرغم حمل عرفات السلاح في وجه الاحتلال الغاصب، إلا أنه اعترف لأول مرة بحق إسرائيل في الوجود في عام ١٩٨٨، وكان ذلك بداية لطريق عدد من الاتفاقيات بين الجانبين بدأت بمباحثات مدريد ١٩٩١ التى أقرت مبدأ «الأرض مقابل السلام» واتفاق أوسلو ١٩٩٣ الذى شهد اعترافا متبادلا بين ياسر عرفات وإسحق رابين، لينال أبوعمار جائزة نوبل للسلام في عام ١٩٩٤ بالاشتراك مع شيمون بيريز وإسحاق رابين.
وبعد عامين من اندلاع الانتفاضة حاصر الاحتلال منزل عرفات برام الله إلى أن ساءت حالته الصحية فاضطر للمغادرة إلى فرنسا في التاسع والعشرين من أكتوبر من عام ٢٠٠٤ ليبقى في باريس ثلاثة عشر يوما الباقية من عمره ليتلقفه الموت في الحادى عشر من نوفمبر من عام ٢٠٠٤ ويعود من عاصمة النور ويدفن في الأرض العربية بفلسطين «بلا تشريح» لتتقاطع التساؤلات والتخمينات بشأن سبب الرحيل، الذى أعلن رسميا أنه بسبب تليف بالكبد.
أقيمت له جنازة عسكرية مهيبة حضرها عدد كبير من ملوك ورؤساء العالم، يتقدمهم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وولى العهد السعودى آنذاك عبدالله بن عبدالعزيز والملك عبدالله الثانى عاهل الأردن، ليسافر بعدها النعش إلى مثواه الأخير برام الله.