رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

متخصصون: "شهيد الشهامة" فجر قضية التربية الخاطئة ويعاني منها المجتمع المصري منذ السبعينيات.. "مغيث" يتساءل لماذا قتل المراهق زميله بدم بارد؟ وما أسباب تهور الشباب وتوجههم للإجرام ؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ألقت حادثة المنوفية الأخيرة حجرًا في مياه راكدة، حيث هزت حادثة مقتل شاب يسمى "محمود البنا" على يد شاب يدعى "محمد راجح" وكلاهما لم يتجاوز الـ 18 عاما ضمائر الجميع، لبشاعة الحادثة وهي ليست الأولى بل الرابعة في المحافظة خلال الشهر الحالي.
مقتل "محمود" فجر قضية خطيرة، وهى غياب التربية الصحيحة وكشفت تنامى حجم الجرم الذي يرتكبه الآباء في حق الأبناء، حيث التربية الخاطئة وبيئة خصبة لارتكاب الجريمة والوصول إلى غياهب السجون.


يقول الدكتور كمال مغيث، الباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، إن هذا الموضوع شائك لأنه فجر قضية التربية الخاطئة التي يعانى منها المجتمع المصري منذ السبعينيات، حيث امتلأت رؤوس الأمهات بهوى غريب عن مجتمعنا وهو يسجل الشباب المصري على مر الأزمنة مواقف مشرفة في الذّود دفاعا عن مصر وفي السعي لرفعتها والعمل على بنائها، حيث ذخر التاريخ بأنواع وأمثلة كثيرة، كان للشباب فيها دورا رئيسيا وفعالا، وإن مما يؤلم أن يُرى هؤلاء الشباب في غير طريقهم حين ينحرفون ويسيرون في طرق الإجرام.
ويضيف "مغيث"، أتدري لماذا قتل المراهق زميله بدون ذكر أسماء؟ وما هي أهم أسباب انحرافهم؟ السلوك الذي اتبعه الجاني المراهق في قتل المجنى عليه في مثل سنه هو سلوك إجرامي بكل المقاييس، ناتج عن اختلال ميزان التربية في بيت الأسرة وفى المدرسة التي يدرس فيها وعدم وجود أى احترام لديه لا للاخلاق ولا للدين، وبالتالي كل ردود أفعاله تكون خارجة عن التنبؤات الممكنة في المحيط الاجتماعي.
ويرجع "مغيث" أسباب تهور الشباب وتحول تصرفاتهم إلى الإجرام أن هناك الكثير من الانقطاع في الحوار بين الآباء والأبناء والتي تقود الشباب إلى طريق الانحراف، منها: الفقر أو العكس حيث يقودُ الفقر لحالةٍ من عدم الاستقرار الاجتماعيّ مثل الغنى تماما حيث إن كل شىء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده والحرمان الاقتصادي يقود مثل الفوران الاقتصادي إلى المشكلات الاجتماعية التي تُهدّد الأسرة؛ ويتسبب ابتعاد الأبوين عن أبنائهم هو المصيبة الكبرى وترك الأبناء بلا رقابة ودون متابعة كارثة بكل المقاييس، وبالتالي يصبح المجتمع كله في حالة من التسيب تقود المراهقين إلى الهاوية، مما يشكل عقبة كبرى للدولة ككل ويشكَّل عقبةً في وجه التنشئة والتربية المُثلى لقطاع هائل من الشباب تحت العشرين؛ ممّا يُنتجُ أفرادًا ذوي سلوكيات منحرفة يمثلون اتجاه أجرامي يصعب السيطرة الأمنية عليه.

ويقول الدكتور أحمد الصباغ الداعية الأزهري، إن ضعف الوازع الديني جعل الشباب ضعيفة الإيمان وقليلة الرحمة والإخاء ومن يتخلّى أو يبتعد عن تعاليم دينه وشرعه سيقع بلا شك في الانحراف لكون الدين أحد الأسباب التي تعزز مجال الأخلاق والقيم في نفس الإنسان، كما تُنحّيه عن طريق الرذيلة والفواحش والتي منها القتل وسفك الدماء وكلّ ما يُمكن أن يؤذي ويُزعج المُجتمع والأفراد لوجود محاذير شرعية تنحّي الفرد عن الوقوع بمثل هذه الرذائل.
ويكمل "الصباغ"، الفراغ الذى يصيب الشباب والذى كنا نملؤه في السابق بالكشافة والرحلات المدرسية والأنشطة المدرسية، أين ذهبت تلك البرامج والمناهج التي اختفت تقريبا من التعليم في مصر والنتيجة تطرف وإرهاب وانحراف وجريمة، لأنه وإذا فرغ المرء ولم يجد ما يفعله، فسيكون وقوعه في التطرف والانحراف والجريمة أسهل ممّن يشغل وقته بما يفيد، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحةُ والفراغ).

تقول الدكتورة عزة كريم أستاذ علم النفس الاجتماعي، الحرية المطلقة غير المراقبة وانقطاع عندما يُمارس الشّباب حُريّتهم بشكلٍ مُطلقٍ وغير مسئول، فإنّ عواقب الأمور تكون وخيمة، فهم يظنّون أنّ معنى الحرية يتجسّد في قول وفعل ما يشاؤون دون رادع أو رقيب أو محاسب، وفي الخروج والدخول دون رقيب، وفي لبس وصرف ما يُريدون، ولا يدرون أنّ هذه المفاهيم الخاطئة تقود إلى الضياع والانحلال وموصلة لطريق الانحراف، ناهيكم عن أصدقاءُ السوء التى تزيد الطين بلة وترجح احتمالية الانحراف للشباب إذا كان أصدقاءهم كذلك، وكثرة المال في أيدى الشباب التى تقود إلى اللامبالاة والحصول على المكيفات دون سقف ولا يدرى مقدار النعمة التي هم فيها في حالة الغنى، فيقومون بتبذير المال وإنفاقه بإسراف فيما لا يفيد، وقد يكون هذا أحد أهم أسباب انحرافهم.
وتؤكد "كريم" أن فساد المراهق انعكاس لما في بيئته، فإذا صلحت أسرته وأمه وأبيه صلح، وإذا فسدت فسد، فمن نشأ في أسرة تشجع الانحراف أو تيسر دربه، فإنه سيكون أكثر احتمالية للوقوع في الانحراف من غيره، وفسادُ والدي الإنسان أو أحدهما ينتج ابنا أو ابنه تماثله لأن الزواج والإنجاب والتربية ليست سهلة وليست بلا رابط إنما هي مسئولية ضخمة يجب تقديرها بشكل صحيح.