رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة البرلمان

زوجة المستشار السياسي للرئيس السادات ومبارك: أسامة الباز توقع ثورة على النظام السابق.. أميمة تمام: رفض منصب وزير الخارجية أكثر من مرة.. لم يكتب مذكراته وتوقفت عن كتابة مذكراتي لأسباب شخصية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

زوجى حصل على الدكتوراة في عهد عبد الناصر وحديث عمرو موسى غير صحيح.. قال لى إن الرئيس السادات ذكى وشديد الدهاء

 

في حديث من القلب، سردت أميمة تمام، زوجة الراحل الدكتور أسامة الباز، المستشار السياسى السادات ومبارك، تفاصيل ذكريات 17 عاما عاشت معه، حملت العديد من الأسرار، وقالت إن نظام مبارك ظلم «الباز» فالرجل أعطى للكثير للوطن خلال حياته، لكن لم تكرمه الدولة، لكنها قالت إن التكريم الحقيقى له حب واحترام الناس له.

وكشفت في حوار خاص لـــ«البوابة نيوز» عن الجانب الآخر في حياة «الباز» وقالت كان بسيطا في تعاملاته ورحل رصيده البنكى 43 ألف جنيه، مشيرة إلى أنه كان زاهد للحياة، بداخله إنسان صوفى.

وأكدت «أميمة» أن أسامة الباز لم يكتب مذكراته، وكشفت عن أسباب رفضه لمنصب وزير الخارجية وعضوية الحزب الوطنى... فإلى نص الحوار:

 

بداية.. حدثينى عن قصة زواجك من أسامة الباز؟

عشت معه نحو ١٧ عاما بداية من ١٩٦٩ إلى ٢٠١٣ وكان عمرى أوائل الثلاثين عاما، كان هناك علاقة عائلية وبعدين جمعنا شغل وقابلته في منتدى ثقافى وبدا التعارف وكانت هناك قصة حب بينى وبينه وبعد ذلك استمرت العلاقة لعدة سنوات وتزوجنا.

كيف ترين أسامة الباز الإنسان.. وليس السياسى؟

هو رجل سياسى بارع، لكن المفاجأة بالنسبة لى كانت شخصيته هو كإنسان وكم البساطة والطيبة الإنسانية، فروحه شابة بالرغم من فرق السن بيننا، لكن كنت أشعر أنه شباب مرح منطلق ونشيط، فلمست كل تلك الجوانب فيه وأصبحت كل ما أعرفه أكثر أحبه أكثر.

فالبساطة كانت عنوانه، لا يحب التكلف والشيء الذى تعلمته منه أن الإنسان بيكون ثرى بما داخله وليس بالمظاهر ولا بالمنصب، كان زاهدا لم يكن مثل مسئولين آخرين في تلك الفترة الذين يبحثون عن اكتناز المال والمحافظة على المواقع السلطوية لكى يظهروا في الصورة ويكونوا أقوياء، لكن كان يكتسب قوته من ثقافته خلفيته دراسته وتاريخه السياسى وكانت هذه المعادلة الصعبة التى تجعل بعض الناس أحيانًا يغيرون منه، لأنه مع هذا القدر من التواضع كان بيزيده قوة وهيبة، وكان صادقا لأنه إذا افتعل تلك الأشياء لن يصل إلى الناس، عندما كان مستشارا للرئيس كان يتحرك بسيارة بسيطة موديل قديم بدون تكييف أو حرس، وكان يحب أجواء الصخب فكان يحضر افتتاح المعارض وأفلام السينما والمؤتمرات السياسية.

كان شخصا عاطفيا بشكل عام وكان لا ينام إذا رأى صورة لأحد الشهداء الفلسطينيين، لأنه كان يتعاطف معهم كثيرًا ويحزن على موت الشباب، ويتعاطف مع كل الحالات الإنسانية حوله ومع الأوضاع السياسية ويمكن القول إنه كان العقلانى الحالم، رغم أننا على أرض الواقع كان يتطلع لفكرة التحسين والتغيير للأفضل.

كان الباز كتوما في أسرار عمله... هل كان يتحدث معكى في تفاصيل عمله؟

لا.. كان كتوما، ويعرف ما الذى يصلح التحدث فيه وما لا يصلح بصفته سياسيا محنكا، كان يحدثنى عن الرئيس السادات عن عظمة هذا الرجل وإنه بطل الحرب والسلام وذكى شديد الدهاء وكان متواضعا بسمع لآراء غيره ولديه مجموعة من المستشارين ويحب أن يسمع أكثر من أن يتكلم.

وما أبرز المواقف التى ذكرها عن السادات؟

في أحد الخطابات التى ساهم في كتابتها الدكتور أسامة في البرلمان الأوروبي، كان الرئيس السادات معترض على بعض النقاط فيها، لكن بعد أن لاقى الترحيب وردود الأفعال شكره، فالدكتور أسامة لا يعرف المجاملات كان يقول رأيه بمنتهى التهذيب ويعطى لكل شخص مكانته.

شغل الباز منصب مستشار للرئيس مبارك لعدة سنوات.. ماذا عن تلك الفترة؟

شغل المنصب مع بداية الرئيس مبارك، فساهم في إعداده للحكم، وفى ثورة يناير قال البعض إن الدكتور أسامة لم يحسن إعداد الرئيس مبارك للحكم، لكن هذا غير صحيح، الدكتور أسامة أحسن إعداده لأن الرئيس مبارك في بداية حكمه عكس ما كان في السنوات الأخيرة، هناك فرق ما بين إنه يدفع جمال مبارك لكى يصبح رئيسا وما بين تأهيله سياسيًا.

التأهيل السياسى لا يعنى بالضرورة أنه كان يعده لكى يصبح رئيسًا، لكن شخصية حزبية وسياسية، أما مسألة الطموح عند جمال مبارك فهذا موضوع آخر، الدكتور أسامة لم يتعهده بالشكل المبالغ كما يزعم بعض الناس إنه كان متبنيه ويوجهه وكان مقربا، وإلا ما تم استبعاد الباز وقت إعداد جمال مبارك.

الدكتور أسامة ظلم في هذا التفكير وعندما تحدث الدكتور أسامة عن ملف التوريث استاء منه الرئيس مبارك وجمال مبارك وعرض عليه الحزب الوطنى أن ينضم للحزب، لكنه رفض لأن انتماءه الوحيد لمصر وليس لأحزاب.

لماذا لم يقبل أسامة الباز بمنصب وزير الخارجية؟

اتعرض عليه أكثر من مرة منصب وزير الخارجية سواء في عهد السادات أو مبارك، كان له فكرا مختلفا أن يعطى مصر والعمل السياسى أكثر مما يعطيه المنصب، بمعنى لو أخذ منصبا سيظل عدد سنين معينة، لكن المكانة السياسية والثقافية للدكتور أسامة أهلته يستمر في عصر السادات وعصر مبارك، وترك في ٢٠٠٥ أيام التعديلات الدستورية لتأهيل جمال للدخول السياسي، لو كان كما يطلق مهندس التوريث كان استمر.

وما أبرز المواقف التى ذكرها عن شخصية مبارك؟

كان للدكتور أسامة ملاحظات، فعندما كان يكتب المقالات للرئيس السابق مبارك، كان مبارك لا يحب الإطالة يحب التبسيط ولا يحب التعمق، فكتابة الدكتور أسامة أكثر ثقافة وعمقًا مما يريده مبارك، وظلت خطابات الدكتور أسامة موجودة في رئاسة الجمهورية بعد ما ترك مبارك من ٢٠٠٥ إلى أن قامت ثورة يناير٢٠١١ في الست سنوات، وعرفت بعد ذلك أنه كل ما يعدوا خطاب للرئيس مبارك في أى مناسبة بعد ترك زوجى منصبه، كان يأخذه من الأرشيف خطابات الدكتور أسامة ويستنسخوا منها، كنت أحيانًا أسمع جملا مقررة في هذه الخطابات من خطابات قديمة وكان الدكتور أسامة له أسلوب مختلف ومميز في الكتابة واختياره للمصطلحات.

كم كان يتقاضى راتبا لمنصبه كمستشار سياسى لمبارك؟

في الحقيقة أنا لم أسأله قط عن راتبه طيلة هذه المدة التى تعايشت فيها معه، لكن تقريبا ٧٠٠ جنيه، هو ترك في البنوك ٤٣ ألف جنيه في بنك القاهرة حصيلة ثروته، وكان يسكن في بيت العائلة في منشية البكرى وبعد ذلك الدقي، وبعد ذلك تزوجنا في بيت في المعادى ثم انتقلنا إلى التجمع.

كان الباز لديه زخم في حياته.. كيف كان يربى ابنته؟

كان أبا حنونا جدًا على ابنته، وكان يحب أن تدرس قانون، وهى حاليًا تدرس قانون وتأخذ نفس طريقه، ولكن صعب استنساخ الشخصيات، لكن يمكن أن يلهمها والدها وتحب القراءة، الدكتور أسامة كان زوجا عطوفا وصبورا وصديقا جميلا لكل الذى يعرفه.

ومن هم الأصدقاء المقربين له؟

كان مكتبه منبر للمثقفين ولمصر كلها، فهو شخصية اجتماعية له معارف في كل المجالات ويحترم أساتذة الجامعة والسلك القضائى وكان صديقا للفنانين ولأى مصرى بسيط، أى شخص يستوقفه في الشارع كان يتحدث معه، كان عنده اهتمام خاص بالثقافة والمثقفين في مصر.

هل كتب أسامة الباز مذكراته؟

لا.. لم يكتب مذاكرته.

لكن ذكرتى بأنك كنتى تنوين كتابة مذكراته.. هل هذا صحيح؟

كنت سأقوم بكتابة مذكرات عن الـ١٧ عاما مع الدكتور أسامة الباز، وعن مشاهداتى ومخزون المعلومات الذى أملكه.. ثم وقفت المشروع.

هل هناك أسباب منعتك من استكمال كتابة مذكراته؟

أسباب شخصية لن أفصح عنها.

هل بالفعل توفى ولديه أسرار كثيرة لم يفصح عنها؟

الدكتور أسامة أخذ معه أسرارا كثيرة مما لاشك فيه، لأنه كان يرى أن في بعض المعلومات التى يستحسن ألا يفصح عنها تمامًا لأنها تضر بالأمن القومي، وهو لقب بكاتم أسرار الدولة.

هل كان له رأى في ثورة يناير؟

كان متوقعا حدوث الثورة، لأنه وقت إعداد جمال مبارك في ٢٠٠٦ قال لى جملة لن أنساها قال: هذا الموضوع لن يتم ولن يسمح له بالتوريث، وبعد خطاب التنحى لم يتفاجأ وكان هذا جزء من شخصيته، أى شيء يحدث مهما كان كبير العالم كله يتفاجأ، وهو لا كما لو كان يرى الأحداث من قبل أن تحدث ونفس الشيء أيام ١١ سبتمبر، أنا متذكرة ردود أفعاله.

بعد وفاته هاجمه البعض مثل عمرو موسى في مذكراته التى كتبها وقال إنه لم يحصل على الدكتوراة.. هل هذا حقيقي؟

الدكتور أسامة علم وتاريخ ورصيده السياسى والثقافى يفوق أى دكتوراة، فكرة التشكيك ليست في محلها حتى إنه اعتذر عنها عمرو موسى، لأن الدوافع كانت غير مفهومة وغير حقيقية، ولم يكن لديه الجرأة ليقوله في حياة الدكتور أسامة.

أيام الرئيس جمال عبدالناصر ذهب الدكتور أسامة ومعه مجموعة منهم أحياء يرزقون في بعثة وحصلوا على الدكتوراة، ومنهم الدكتور إبراهيم كامل رجل الأعمال كان معه في البعثة، وكان الدكتور أسامة رئيس اتحاد الطلاب العرب في هارفرد في أمريكا.

وأعتقد أن الإنسان عندما تتوارى عنه الأضواء يندفع للتصريحات، فإن لم يكن قويا من داخله مثل الدكتور أسامة يتعرض لهزات ممكن تدفعه لينساق إلى بعض التصريحات التى ممكن أن تسىء لغيره وتسىء له شخصيًا لكى يتواجد، وأنا أرى أن عمرو موسى أكبر من ذلك.

هل ظلم الباز في عهد مبارك؟

فكرة انتهاء عمله لا تعتبر ظلما، لكن ما يؤخذ على هذا النظام أنه أكل نفسه من الداخل وبدون لياقة وبعيدًا عن المبادئ المطلوبة حتى لما الدكتور أسامة مرض وتواصلت معهم لكى يتعالج بالخارج لم يهتم أحد.

لم نرصد أى خبر عن تكريم أسامة الباز.. هل هذا صحيح؟

زوجى لم يكرم بالفعل وهذا الأمر أحزنني. لكن التكريم الحقيقى له احترام وحب الناس له ودوره الذى لا يجب ألا ينسى الذى عمله في الجولات الفلسطينية والإسرائيلية ومحاولته لتهدئة الصراع وحله، فقد أفنى حياته في هذا الملف وله بصمات فيه حتى وإن تغيرت العصور سواء تم الاتفاق أو الاختلاف عليها.

ما الذى كان يثير غضبه؟

كان يكره الكذب كثيرًا والفساد وعدم العدالة في المجتمع، كان صوفيا بداخله أخلاق الصوفية، مثل التوكل على الله، الزهد في الحياة، ويتعامل على أنه جاء الحياة في مهمة ويغادر، فكان يعطى مصر كثيرًا ولا ينتظر المقابل، كان إنسانا عظيما بمعنى الكلمة.