الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

«أبوطُرية».. «ملحمة نضالية» جسدها الفلاح المصري ضد الاحتلال الإنجليزي

أبوطُرية
أبوطُرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى جنوب الجيزة، وعلى مدخل قرية نزلة الشوبك التابعة لمركز البدرشين، تجد تمثالًا لفلاح مصرى يقف فى شموخ مرتديًا الزى الفلاحى القديم ويحمل فى يديه فأسًا، أطلق عليه تمثال «أبوطُرية»، أو ما عرف عنه تمثال «أبو فاس» ليجسد بطولات وتضحيات الفلاحين والمزارعين من أبناء القرية، أسفله لوحة رخامية مدون عليها أسماء عدد من الشهداء.
شيد التمثال تجسيدًا لنضال وبطولة أهالى هذه القرية الذين كانوا يعملون فى الأراضى الزراعية إبان ثورة ١٩١٩، بعد أن قاموا بقطع السكة الحديد أمام قطار الجنود الإنجليز المتجه إلى الصعيد، وقتلوا ٥٦ جنديا بـ«الفأس»، ثم جاء رد الجيش الإنجليزى على هذا الهجوم بوابل من الرصاص حتى سقط ٢١ شهيدًا من بينهم سيدتان.
وأكد جمال أبوالمجد طلبة، عمدة قرية نزلة الشوبك، أن جميع أهالى القرية يعملون فى زراعة الأراضي، وهم من الفلاحين البسطاء، وأن هذه الواقعة تؤكد دور الفلاح البطولى فى جميع الأحداث التاريخية التى مرت بها مصر، موضحًا أنه برغم من انشغال الفلاح فى الزراعة وهو المسئول عن توفير الغذاء للمواطنين إلا أنه إذا تعرضت بلده للاستعمار يكون فى الصفوف الأولى للحرب والدفاع عن وطنه.
وروى عمدة القرية الواقعة «قائلاً»: «إنه بمجرد علم الأهالى بالقطار المتجه إلى المنيا لإخماد الثورة هناك قرروا قطع الشريط الحديدي، وتفكيك القضبان، وإلقائها فى مياه ترعة الجيزاوية، وعندما وصل القطار المحمل بالجنود إلى القرية، انقلب فى المياه، باستثناء ٤ عربات، فنزل الجنود من العربات إلى القرية، وصوبوا رصاصهم فى اتجاه الجميع، وأشعلوا النيران فى بيوت القرية، على رأسهم جده العمدة حين ذاك الحاج أبوالمجد طلبة، ثم فوجئوا بهجوم الفلاحين عليهم بـ«الفأس» وقتل ٥٢ جنديًا إنجليزيًا.
وأضاف أن المستعمر الإنجليزى جاء إلى القرية خصيصًا بعد واقعة الاعتداء على جنوده، وجمع متعلقات الجنود، وأسلحتهم، ولم يتركوا أى شيء يحتفظ به الأهالى للذكرى، وتم احتجاز العمدة أبوالمجد ٤٠ يومًا فى محاكم الواسطى ببنى سويف، وتعرض لضغوطات شديدة وصلت إلى التهديد بالقتل حتى يقرّ بـ«اعتداء أهالى القرية على قطار الجنود»، لكنه لم يقر رغم الضغوطات الكبيرة التى مُورست ضده حتى أخلوا سبيله».
وكشف «طلبة» أنه فى منتصف الستينيات طلب الزعيم الراحل جمال عبدالناصر من محافظ الجيزة آنذاك أحمد محمد البلتاجي، أن يجعل يوم ٣١ مارس من كل عام عيدًا قوميًا للجيزة تخليدا لتلك الملحمة التاريخية، وبعد صدور هذا القرار قامت المحافظة بتشييد تمثال «أبوطُرية»، وكتابة أسماء الشهداء على جدرانه تخليدًا لتضحياتهم وليكونوا فخرًا لأحفادهم على مر العصور.
وقال سامح الفولي، أحد أبناء القرية، إن الفلاح الذى يرمز له بتمثال «أبوطرية» هو بطل هذه المعركة مستخدما فأسه فى عزل قضبان السكة الحديد قبل مرور القطار الذى يحمل الجنود، ويحمل الطعام والمؤن إليهم، كما استخدمه فى الهجوم على الجنود الإنجليز وقتلهم، واشترك فى هذه المعركة الضارية الأهالى رجالا، وسيدات، وكبدوا القوات المعتدية خسائر فادحة، واعتبر يوم نصر أهالى الشوبك على جنود الاحتلال هو العيد القومى لمحافظة الجيزة، فى نهاية مارس من كل عام.
وأضاف سامح الفولي، أن هذا التمثال يعد رمزًا مهما للقرية حيث يخلد ما قام به الفلاحون من بطولات أمام الاحتلال، وقام الفلاح بالدفاع عن قريته عند قيام الاحتلال بإشعال النيران بالقرية بأكملها، وأن القرية اتخذت من هذا التمثال الذى يعبر عن مهنة الفلاح الذى كان يعمل بها أجدادهم، رمزا وفخرا للقرية، ومازلت القرية تفتخر بهذا إلى اليوم.