رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

"النهضة" التونسية على خطى "إخوان" مصر.. كاتب تونسي: الحركة تسعى للفتك بالبرلمان والحكومة والرئاسة.. و"الغنوشي" يريد الاستحواذ على السلطة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كشفت حركة النهضة التونسية عن تطلعها للاستحواذ على الرئاسات الثلاث، وذلك بعد تنصلها من وعودها بعدم خوض انتخابات الرئاسة، وترشيحها نائب زعيم الحركة عبد الفتاح مورو، أملا في الوصول إلى قصر قرطاج.
ويعد سلوك «النهضة» الذى أعلن عنه زعيم الحركة راشد الغنوشي، ليس سوى تكرار لتجربتها السابقة الفاشلة في الحكم، ولتجارب أخرى للتنظيمات الإخوانية والأحزاب ذات المرجعيات الدينية، التى انتهت بفشل ذريع، بحسب محللين.
وسبق للنهضة أن حازت الأغلبية في الانتخابات التشريعية في تونس عام ٢٠١١، غير أنها فشلت في الحكم، لتخسر الانتخابات التالية عام ٢٠١٤.


ويرى الكاتب والباحث السياسى التونسي، خالد عبيد، في مقابلة مع «سكاى نيوز عربية»، أن «غاية حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشى، أن تفتك الحركة بالرئاسات الثلاث، البرلمان والحكومة والرئاسة.. لكن هل يمكن أن ينتج عنه تكريس للديمقراطية؟».
وأجاب عبيد «هذا ما نشك فيه باعتبار أننا رأينا كيف أن الحركة في انتخابات المجلس التأسيسى في ٢٠١١، عندما تمكنت من الفوز بجانب كبير من الأصوات في الانتخابات كانت وعودها كبيرة جدا، لكن رأينا على أرض الواقع كيف تراجعت عن وعودها ولم تحترم تعهداتها».
وأوضح عبيد أن كل هذه الأمور أدت إلى أن تكون هناك ريبة لدى جزء كبير من الناخبين التونسيين في أن تكون نوايا «النهضة» الحقيقية هى الديمقراطية.
وأضاف الكاتب التونسى أن «النهضة» «تدرك الآن أنها غير قادرة على تجسيد الظفر بالرئاسات الثلاث على أرض الواقع، باعتبار أن الوضع الداخلى والرأى العام التونسى لا يمكن أن يسمحا بذلك».
ويكشف تراجع الحركة عن وعدها بعدم التقدم بمرشح للرئاسة، وسعيها لدعم مرشح يكون ستارا لها تحكم من خلفه، عن عدم تعلمها من تجربتها السابقة الفاشلة في الحكم، ولا من تجارب أخرى خارج تونس. ولفت عبيد إلى إسراع النهضة للتحلل من تعهداتها مع الرئيس الراحل الباجى قائد السبسى عندما اتضح لها أنه في أيامه الأخيرة.
وموقف النهضة الحالي، الطامح للاستحواذ على جميع السلطات في تونس، يكاد يكون مطابقا، لما قام به تنظيم الإخوان الأم في مصر عام ٢٠١٢، فقد هيمن الإخوان على أول مجلس للنواب بعد سقوط نظام مبارك، وأعلن عدم رغبته في خوض انتخابات الرئاسة.
لكن التنظيم خاض الانتخابات الرئاسية وفاز فيها بهامش ضئيل مثير للجدل، وتراجع عن جميع تعهداته بالانفتاح على القوى السياسية الأخرى، وسعى إلى ما سمى وقتها بـ «أخونة» أجهزة الدولة، وذلك قبل أن تخرج احتجاجات شعبية مليونية في ٣٠ يونيو عام ٢٠١٣، ضد حكم الرئيس الإخوانى السابق محمد مرسي، استدعت تدخل الجيش بعد فشل الإخوان في الاستجابة للمطالب الشعبية.
ولا شك أن فائض القوة الذى تشعر به حركة النهضة الإسلامية، نتيجة تفكك باقى القوى الوطنية، كشف زيف أطروحة التوافق التى تمسكت بها طيلة السنوات، وهو ما عكسته تصريحات رئيس الحركة راشد الغنوشى، الذى أكد أن حزبه يرنو إلى السيطرة على الرئاسات الثلاث.


وهكذا لم تصمد مواقف الغنوشى بخصوص التوافق والتشارك في الحكم على أرضية المصلحة الوطنية العليا وتقاسم الأهداف، أمام إغراءات السلطة والرغبة المُبيتة في الهيمنة التى كشفتها سطوة فائض القوة الناتجة عن تشتت بقية القوى السياسية في زمن انتخابى مفصلى تمرّ به تونس. 
وبدا واضحا أن الغنوشى الذى يُدرك جيدا أن استمرار ذلك التشتت يخدم أجندات حركته، ولا بد من تجاوز المواقف الرمادية تمهيدا لمُتطلبات المرحلة القادمة التى تستدعى الاستحواذ على الرئاسات الثلاث في البلاد وفق قراءة سياسية مُرتبطة بحسابات هذه الفترة الانتخابية.
ولا تخرج تلك الحسابات عن سياق المشروع الاستراتيجى لتنظيمات الإسلام السياسي، وحركة النهضة الإسلامية واحدة منها، الذى يقوم على مبدأ التمكين للوصول إلى السلطة، ثم الاستيلاء عليها في التوقيت المُناسب بمُبررات مُتعددة وتحت عناوين مُختلفة. ويرى الغنوشى الذى يُراهن كثيرا على الوقت، أن الظروف أصبحت الآن أفضل للاندفاع نحو محاولة تنفيذ المقاربة السياسية لمستقبل المشهد التونسي، وفقا لأجندات حركته، لذلك سارع في كلمة ألقاها، مساء السبت، أمام حشد من أنصاره في مدينة الحمامات الساحلية، إلى التنصل من مواقفه حول التعايش والشراكة في الحكم التى طالما دفع بها إلى الرأى العام.
ولم يتردد في تلك الكلمة التى جاءت في جوهرها مُتناقضة مع ما أعلنه قبل يوم واحد، في القول إن حركته ترنو إلى «الفوز بالرئاسات الثلاث في تونس»، أى رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان، ما يعنى السيطرة التامة على السلطات التنفيذية والتشريعية، وبالتالى السيطرة على مُجمل المؤسسات السيادية في البلاد.
وقال الغنوشى إن حركة النهضة «تطمح للوصول إلى السلطة لتحكم عبر قصر قرطاج الرئاسى بفوز مرشحها عبد الفتاح مورو، وتُعول على الحكم عبر فوزها بالتشريعية فيكون رئيس الحكومة من صلبها، ما يخوّل لها تشكيل الحكومة المقبلة، فضلا عن حصد الأغلبية في مجلس النواب، وبالتالى تولى أحد ممثليها رئاسة البرلمان».
وأضاف «منذ ٢٠١١، تدربنا على الحكم في البرلمان، ثم تيقنا أن الحكم في تونس بعد دستور ٢٠١٤ لا يكون إلا بالبرلمان، وقد مارسنا الحكم في البرلمان بشكل مسئول وخبرناه، فلماذا لا يكون حاكم قرطاج غدا أحد أبنائنا؟».
وكان لافتا أن الإفصاح عن هذا الموقف الذى يشى بأن سياسة التمويه التى مارسها راشد الغنوشي، قد وصلت إلى آخر فصولها، لا سيما وأنه تزامن مع بدء الحملات الانتخابية للاستحقاق الرئاسى السابق لأوانه، وجاء بعد يوم واحد من إعلانه عن مواقف مُغايرة.
واعتبر الغنوشى في تلك المواقف التى عبّر عنها، الجمعة الماضي، في كلمة ألقاها خلال ندوة عُقدت بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة، خُصصت لتقديم البرنامج الانتخابى لحركته، أن «تونس ما زالت تحتاج إلى التوافق، وبعيدة من أن تُحكم بحزب واحد ولو ديمقراطيا».