السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

من ذاكرة "الشاشة الفضية" في العيد.. "العندليب" و"الزعيم" والفتى الأسمر.. قصص الحب والسياسة واختراق أوكار المخدرات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يظل موسم العيد دومًا هو الجاذب الأول لجمهور السينما، الذين قد ينتظر أحدهم أو بعضهم طيلة العام حتى يستمتع بالجلوس أمام الشاشة العملاقة، لذا، فمنذ الاهتمام بمواسم الأعياد السينمائية وحتى يومنا هذا، فقد برعت شركات الإنتاج وصُناع السينما فى تقديم الأفضل خلال العام فى هذه الأيام التى تُشع بهجة.
وفى عيد الفطر المُبارك، تستعيد «البوابة نيوز» معكم ذكرى عرض أفلام، احتلت أفيشاتها الصدارة فى الموسم نفسه، ولكن منذ عقود، وهى كذلك لا تزال علامات حقيقية للسينما المصرية حتى الآن.



«أبى فوق الشجرة».. استمر 54 أسبوعًا
17 فبراير 1969 العرض الأول.. و«العندليب» طلب من «صوت الفن» شراء القصة
«هند رستم اعتذرت عن أداء بطولة الفيلم بسبب تشابه الدور مع «شفيقة القبطية».. وزيزى مصطفى بسبب سفرها
فى 17 فبراير عام 1969 شاهد الجمهور المصرى لأول مرة فيلم «أبى فوق الشجرة»، من بطولة العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، والراحل الكبير عماد حمدى، والفنانتان نادية لطفى وميرفت أمين، المأخوذ عن قصة للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس؛ وهو فيلم العيد الذى استمر عرضه 54 اسبوعًا متتاليًا فى سابقة هى الأولى فى السينما المصرية، حتى إن البعض أطلق على سينما ديانا التى كان يُعرض فيها «سينما أبى فوق الشجرة».
يحكى مجدى العمروسى مدير شركة «صوت الفن» المنتجة للفيلم أن عبدالحليم حافظ أعجب بقصة أبى فوق الشجرة وطلبها منه، ووافق إحسان، ولكن منعًا للإحراج طلب عبدالحليم من محمد عبدالوهاب أن يتفاوض مع إحسان بالنسبة لقيمة شراء القصة؛ لكنه رفض وقال له «كلمه أنت لأنه صديقك وأنت أقرب إليه منى»، فقال حليم «ممكن كلامى يسبب له حرجًا»، فقال عبدالوهاب «خلاص، اللى يشترى القصة صوت الفن، وصوت الفن لها مدير اسمه مجدى العروسى، يبقى هو اللى يكلم إحسان، واللى يعوزه إحسان ياخده ما دام القصة عاجباك»، كما كتب العمروسى فى مقال قديم له فى مجلة الكواكب.
الفيلم الذى اشتهر بأكبر عدد من القُبلات فى تاريخ السينما العربية امتلأت كواليسه بالحكايات، فقد كانت الفنانة زيزى مصطفى مرشحة للدور الذى لعبته الفنانة ميرفت امين، ولكن لسفرها مع زوجها اعتذرت عن الفيلم، وقيل كذلك إن الفنانة الكبيرة هند رستم اعتذرت عن الدور لتشابهه ودورها فى فيلم «شفيقة القبطية»؛ وأيضًا من ضمن الحكايات أن الفنانة نجلاء فتحى تم ترشيحها للدور نفسه، لكن اشتراكها فى فيلم آخر هو «أفراح» مع الفنان حسن يوسف خلال فترة التحضير للفيلم أغضب عبدالحليم الذى أعطى الدور للشابة ميرفت امين التى رشحها له المصور وحيد فريد، بعدما شاهدها فى فيلمها الأول مع الفنان أحمد مظهر -ولم يكن قد عرض بعد- ليصير هذا الفيلم نقطة انطلاقها.
من حكايات الفيلم كذلك أن شركة صوت الفن كانت رافضة لترشيح الراحل حسين كمال لإخراج الفيلم لأن أفلامه الأخيرة «البوسطجي» و«المستحيل» فشلت جماهيريًا رغم نجاحها النقدى، ولكن عبدالحليم -وهو البطل- أصر عليه، لكنهما اختلفا فيما بعد أثناء تصوير أغنية «دقوا الشماسىي»، حيث رفض العندليب ارتداء المايوه حتى لا تظهر آثار العمليات الجراحية فى جسده، لكن كمال أكد له أنها لن تظهر على الشاشة؛ كذلك من الطرائف أن الفنان الراحل عماد حمدى أكد فى واحد من أحاديثه أن الصفعات التى تلقاها عبدالحليم منه كانت غير حقيقية، ونهاية الفيلم لم تكن كما ظهرت ولكنهم غيروها بعد أن سمع المطرب الراحل أحد العمال فى الاستديو يقول إنه لم تعجبه هذه النهاية، ولكن عماد حمدى هرب خوفًا من أن يكرهه الجمهور مرة أخرى كما فعلوا معه بعد صفعته الشهيرة للعندليب فى فيلم «الخطايا» الذى شاركتهما فيه نادية لطفى أيضًا، لكنه اقتنع فى النهاية وأدى المشهد. 
ضمن المفارقات ذكرت صحيفة «الموعد» أيضًا أن الفيلم تسبب فى مأساة شخصية للفنانة ميرفت أمين، فقد تسبب فى فسخ خطبتها من جلال الديب بعدما انتشرت الشائعات التى تؤكد أن ميرفت وعبدالحليم نشأت بينهما قصة عاطفية حقيقية، بخلاف ما ظهر من مشاعر الحب فى سياق الفيلم، وهو ما تسبب فى حدوث خلافات بين الخطيبين انتهت بالفراق.



«الغول».. عندما يسود قانون ساكسونيا
لجنة الرقابة اتهمته بمعادة نظام الحكم ومؤسساته القضائية.. وعرض بموافقة استثنائية من وزير الثقافة 

كان فيلم «الغول»، الذى تشارك فى بطولته كلا من الزعيم عادل إمام فى مواجهة وحش الشاشة الراحل فريد شوقى، نقطة تحول كبيرة فى مسار الزعيم الفنى، فقد كان أول بطولة تراجيدية يقدمها عادل إمام الذى اقترن اسمه سنوات طويلة سابقة بالأدوار الكوميدية فقط؛ لكنه وقتها فاجأ الجميع بفيلم جاد يُناقش قضية اجتماعية سياسية طازجة فى حينها، حيث يتحدث عن مجتمع الانفتاح وسلبياته.
قبل إجازة الفيلم رأت لجنة من الرقابة أنه «يُعادى نظام الحكم ومؤسساته القضائية، ويتهم صُناعه بعض أجهزة الدولة بالتواطؤ مع الرأسمالية ضد مصالح الشعب، ويشجع الثورة الدموية ضد أصحاب رؤوس الأموال»؛ كما أكدت اللجنة أن هذه المعانى «من شأنها التأثير بطريقة سيئة على عقول الشباب وتزعزع ثقتها فى القضاء وغيره من أجهزة الدولة، كما تضمن المصنف بعض المشاهد والأحداث التى تبدو وكأنها نوع من المتاجرة ببعض الأحداث المحلية المتعاقبة والجارية على النحو الذى يصبغه بطابع سياسى على جانب كبير من الخطورة «، وبناء على هذا التقرير تم منع عرض الفيلم داخل مصر وخارجها.
وفى عرض خاص فى قاعة النيل حضره عدد كبير من الكتاب والنقاد والسينمائيين، رأى الحضور أن الرقابة افترضت إسقاطات بعيدة عما جاء فى الفيلم؛ لذا، لم يُعرض الفيلم إلا بعد موافقة استثنائية من وزير الثقافة آنذاك محمد عبدالحميد رضوان، وكان عرضه الأول فى يونيو 1983، مع إجازة عيد الفطر.
تدور أحداث الفيلم، الذى كتب له السيناريو والحوار وحيد حامد -والذى شارك مع عادل إمام فى تقديم العديد من الأعمال الجادة والمهمة خلال التسعينيات- وأخرجه سمير سيف، حول قضية قتل عمد لأحد الموسيقيين وإصابة راقصة بحادث سيارة الجانى فيها ابن أحد كبار رجال الأعمال البارزين مع الانفتاح، والذى حاول بكل طرقه وأساليبه الملتوية إسقاط التهمة عن ابنه وحفظ القضية ضد مجهول، إلا أن صحفى تصادف أن يكون شاهدًا للحادث، أصر على أن تأخذ القضية مجراها الطبيعى أمام القضاء، لذلك قرر الوقوف ضد محاولات رجل الأعمال الكبير والتصدى له، لكنه لم يستطيع الصمود أمام هذا الغول وتياره الجارف بمفرده، فيصاب باليأس والإحباط والشعور بعدم جدوى الحياة بعد براءة القاتل، فيقرر تنفيذ حكم الإعدام فى الغول نيابة عن المجتمع عبر قتله بالساطور.
لفت وحيد حامد، على لسان بطله عادل إمام، الذى لعب دور الصحفى، إلى أغرب قانون أرضى عرفته البشرية وهو قانون ساكسونيا، والذى وضعه حاكم المقاطعة الألمانية التى تحمل الاسم نفسه فى القرن الخامس عشر الميلادى، والذى ينص على معاقبة المجرم من طبقة عامة الشعب، حيث يطبق عليه الحكم بقطع رقبته، بينما المجرم من طبقة النبلاء تقطع رقبة ظله، حيث يؤتى بالنبيل المجرم قبيل مغرب الشمس حين يستظل الظل، فيقف المجرم النبيل ممشوق القامة ترتسم على وجهه الابتسامة التى يسخر فيها من الجلاد الذى يجز بفأسه رقبة الظل؛ وقد كانت طبقة النبلاء تنظر لعامة الشعب باعتبارهم من الرعاع والأغبياء الذين يهللون بالعادلة والمساواة حينما يقطع السياف رقبة الظل للنبيل المجرم؛ لتأتى الكثير من الجمل الحوارية بالفيلم مُعبرة بصدق عن مساوئ المجتمع الجديد فى ذلك الوقت، وتأثير ذلك على العلاقات الاجتماعية والأخلاقية، ورأى كثيرون وقتها أن مشهد قتل الغول كان جريئًا إلى حد كبير، فبعد أن ضُرب الغول على رأسه تراجع إلى الخلف متأثرًا بالضربة التى قضت عليه وصرخ «مش معقول.. مش معقول»، واعتبروه إسقاطًا على حادث المنصة الشهير واغتيال الرئيس الراحل أنور السادات.


«النمر والأنثى».. حكاية وحيد ونعيمة
«الزعيم» يرثى ماهر عصام بنشر أغنيته فى الفيلم.. وآثار الحكيم تؤدى دور عاهرة دون مشاهد جريئة 

فى عام 1987 كان جمهور العيد على موعد مع فيلم «النمر والأنثى»، من تأليف إبراهيم الموجى، وبطولة الزعيم عادل إمام والفنانة آثار الحكيم، والفنان الراحل ماهر عصام، بمشاركة الفنان الراحل يوسف داود. 
فى هذا الفيلم تخلى عادل إمام عن الكوميديا ليصير ضابط شرطة هو «وحيد فهمي» الذى يمتاز بطلة غير ودودة على الإطلاق، لكن يقع عليه الاختيار لاختراق واحدة من كبرى عصابات تجارة المخدرات يرأسها «عبده القماش» -الفنان الراحل أنور اسماعيل- والذى يعرف أغلب ضباط الشرطة فى إدارة مكافحة المخدرات، لكن وحيد يتميز بأنه يخدم فى الأقاليم، وتكون وسيلة الاختراق هى نعيمة فرغلى العاهرة التائبة التى تتظاهر بأنها الابنة المفقودة للقماش.
يصدق القماش الأمر فى البداية، إلا أن شقيقته عدلات -عايدة عبدالعزيز- تشك فى الأمر منذ البداية إلى أن تكشف للقماش الأمر، فيقرر الانتقام من وحيد ونعيمة، فتدس عدلات المخدرات فى قهوة وحيد حتى يصير مدمنًا، ويدبروا له حادث سيارة ينجو منها وحيد ونعيمة وابنها تامر بأعجوبة، ثم ينعزل الثلاثى فى مكان بعيد حتى شفاء وحيد من الادمان فى الوقت الذى يعتقد فيه القماش ومساعديه أن وحيد ونعيمة والطفل قد قتلوا فى الحادث؛ لذلك يقوم القماش بعملية التهريب بكل ثقة بعد اعتقاده أن وحيد قد انتهى، لكنه يعود مرة أخرى ويدخل فى صراع مع القماش وعصابته إلى أن يقدمهم مدانين للعدالة، وينتهى الفيلم بزواج وحيد من نعيمة.
لا يزال المتفرج يتذكر مشاهد مُعاناة الضابط مع الإدمان الذى أوقعته فى براثنه شقيقة القماش، وبعض هذه اللقطات يستعملها الآن مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة مشاهده مع الصول طلبة - الفنان الراحل أحمد عقل- أثناء تخلصه من الادمان وصراخه المتواصل، والأغنية التى أداها الفنان الراحل ماهر عصام، والذى كان وقتها طفلًا فى دور ابن نعيمة، وهى الأغنية نفسها التى رثاه بها الزعيم عادل إمام عندما أعاد نشرها وقت وفاته، وحتى المشهد الختامى حينما يعثر على المخدرات فى أعلى النخيل؛ بينما لم تؤدى الفنانة آثار الحكيم، رغم دور العاهرة، أى مناظر جريئة فى الفيلم ما جعله عائليًا، وأضفى نكهة مميزة للدور، وكذلك أشاد الجميع بتقديمها دور مزدوج ببراعة، فشخصية نعيمة البسيطة فجأة تجد نفسها أمام أمر يجبرها على لعب دور خفى لصالح إدارة مكافحة المخدرات للدخول فى محيط تلك الأسرة شديدة البأس. 



«أرض الخوف».. أبودبورة نجم العيد
العرض الأول عام 1999.. لأول مرة تقتحم أفلام «دواود» موسم العيد 
فى عام 1999 طرح المخرج الكبير داود عبدالسيد رابع أفلامه «أرض الخوف» للمنافسة فى موسم العيد. 
كان غريبًا أن تقتحم أفلام داود التى تحمل دومًا أفكارًا غير تقليدية موسم العيد التجارى، لكن الفيلم كان يأتى ببطل له صدى غير عادى لدى الجماهير وهو العبقرى الراحل أحمد زكى.
الفيلم يتناول مهمة غير عادية تحمل اسم «أرض الخوف»، حيث يتم اختيار الضابط يحيى المنقبادى ليتحول إلى تاجر مخدرات محترف والعيش بين عتاة الإجرام والمهربين بعد فصله رسميًا من جهاز الشرطة وسجنه بتهمة الرشوة، وبعد هذا عليه أن يرسل تقارير سرية تحوى تفاصيل هذا العالم موقعة باسمه الحركى «آدم»، وعليه أن يحمى نفسه بنفسه. تبدأ رحلة يحيى من صالة بلياردو، إلى كباريه بحثًا عن خيط يوصله بعالم تجارة المخدرات، حارسًا شخصيًا ثم زوجًا للراقصة رباب صفوة والتى تهجره حينما تعلم أنه يعمل فى الاتجار بالمخدرات.
يوطد أقدامه فى هذا العالم كواحد من التجار العتاة استلزما منه أن يلوث يده بالدم، يقتل المعلم بسيونى فيصبح ذا مهابة ومكانة فى هذا العالم الوحشى، وفى الوقت نفسه يثور داخله صراع حول اقترافه كضابط شرطة وإنسان سوى لجريمة قتل. ومدى ابتعاده تدريجيًا عن حقيقته الأولى والتى لا يكاد يتذكرها وتزداد مساحة الشك فى مقابل تقلص مساحة اليقين ما يضطره للذهاب إلى البنك للاطلاع على الوثيقة القابعة فى خزانة حديدية -والتى تضمن سر مهمته- ليعود إليه وعيه المخادع.
تتصاعد الأحداث ويزداد يحيى ثراءً ونفوذًا، وتتوطد علاقته بتجار المخدرات وبخاصة «المعلم هدهد» الذى يمنحه الأمان داخل قلعته، ويمنحه زوجة يتزوجها وهو غائب عن الوعى تحت تأثير المخدر. بعد أيام يسألها عن اسمها؟ تجيبه برضا كامل هناء، لكنه يتركها ويذهب إلى المهندسة المعمارية فريدة التى تشكل اختيارًا منطقيًا للضابط الذى يكاد ينساه، فبدت خيط رفيع يذكره بحقيقته القديمة. يزداد شك يحيى فى حقيقة مهمته بالتزامن مع إحكام الشرطة للحصار حوله، ورأسه أصبح مطلوبًا من كبار المخدرات، فيكتشف أن الرسائل التى يرسلها منذ سنوات طويلة لا تصل إلى رؤسائه بل وصلت على سبيل الخطأ إلى موظف البريد الذى فضها وقرأ ما فيها، وعندما يذهب يحيى إلى الموظف «موسى» بحثا عن بصيص أمل يجده قد فارق الحياة. بسبب إحكام الحبل حول رقبته، يكشف حقيقة مهمته لصديقه القديم وعدوه اللدود الذى يرأس مكتب مكافحة المخدرات، لكنه يرفض تصديقه. وحينما يقر المسئولون بحقيقة المستند، يجد يحيى نفسه وحيدًا أمام حقيقته المراوغة فيشعر بالحنين لمهمة «أرض الخوف».