الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

المنسي في الإيمان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حد يفهمنا مَـنْ هو المنسى فى الإيمان عند الناس والتاريخ والعصر الذى يعيش فيه؟ ومَـنْ هو ذلك المنسى الذى هو عظيم عند الله بقوة إيمانه وتحمُّله من العذاب ما لا يتحمله بشر فى سبيل رضا الله والتضحية بروحه فى سبيل إعلاء كلمة الله تذكرت وأنا أشاهد فيلم «المنسى» لعادل إمام، وهو اسم على مسمى لشخصية هامشية فى الحياة ليست لها قيمة بين الناس الذين يسمون أنفسهم بالعظماء أو بالبلدى كده موهمين بلغة العصر أو الناس الهاى كلاس، وكيف أصبح ذلك المنسى هو بطل الفيلم على الرغم من ضالته، وبالرغم من ذلك فعل ما لم يفعله عظيم من العظماء داخل الفيلم فبالرغم من بساطته، فقد عرض نفسه للموت بل للتنكيل من هؤلاء الأقوياء لكى ينقذ امرأة ويحافظ على شرفها، هذه الصورة تذكرتها فى عدد من الشخصيات التى آمنت فى عصور مختلفة كانت أقل من أن تذكر بين السادة ولكن مع الإيمان بالله الواحد الأحد استطاعت أن تقف وتضحي فى سبيل الله مع وجود اليقين بالله بالنهار يوقف تجد عند الله ما لم تجده عند هؤلاء الأفاعى العظماء، وضحت بأعز ما تملك فعلت كما لا يفعله السادة مع أنها منسية فى زمانها وأذكر هنا (قصة ماشطة بنت فرعون) فى زمن كليم الله موسى عليه السلام وهذه قصتها: 
فقد كانت خادمة ومربية لبنات فرعون ويعيش معها زوجها الذى كان مقربًا من فرعون، حتى قتله بعد ذلك بعدما عرف بإسلامه، مما اضطر ماشطة بنت فرعون إلى إخفاء إسلامها، واستمرت فى العمل فى قصر فرعون لتنفق على أبنائها الخمسة إلا أنه فى يوم من الأيام، وقع المشط من يدها، وهى تمشط ابنة فرعون، وقالت وهى تتناوله من الأرض: «بسم الله»، فردت عليها الابنة: «الله أبي»، ولم تتمالك الماشطة غضبها حتى صاحت: «كلا، بل الله ربي، وربك، ورب أبيك». فذهبت الابنة إلى أبيها لتخبره بأمر ماشطتها. فغضب فرعون لوجود من يعبد غيره فى قصره، فنادى بإحضارها، وسألها: من ربك؟ فقالت: ربى وربك الله. ازداد غضب فرعون، وطالبها بالرجوع عن دينها، وهدد بقتل أولادها الخمسة ولكنها رفضت التراجع مع أنه هددها بفلذات أكبادها ولكنها أصرت ألا تغير من موقفها لتنقذ نفسها أو أطفالها وأمر الفرعون بإحضار قدر من النحاس به زيت يغلى وأخذ يرمى أطفالها واحدًا تلو الآخر، وهى تحترق من داخلها على أطفالها حد يفهمنا هل تطيق أم أن يلقى ابنها أمام أعينها فى زيت مغلى، ولم يكن طفلًا واحدًا بل أطفالها الخمسة، وهى واقفة أمام القدر كما أمر فرعون لكى ترى العذاب بعينيها وترى أطفالها وهم يصرخون ويتوسلون إليها وعندما جاء الدور إلى الرضيع والأخير حنت وكادت تتراجع وتنطق بأن فرعون هو ربها، ولكن تقول بعض الروايات أن الطفل نطق وقال: اصبرى إنك على حق يا أمى فألقت بنفسها معه فى الزيت المغلى حد يفهمنا من تلك المنسية التى فعلت ما لم تستطع أن تقوم بها امرأة أخرى من السادة يا سادة، وقد ذكرها جبريل عندما سأل رسولنا الكريم محمد صلوات الله عليه عندما كان فى الإسراء والمعراج وشم رائحة طيبة فسأل جبريل لمن هذه الرائحة فأبلغه بأن رائحة ماشطة بنت فرعون وأولادها، وحكى له قصتها حد يفهمنا من هذه المنسية التى يذكرها سيدنا جبريل إلى سيدنا النبى.. حد يفهمنا من هذه المنسية التى تفوح منها رائحة زكية من آلاف السنين؟ وقد أكرمها الله وأعلى من قدرها حتى انطق رضيعها، وقد ذكر جبريل أن رضيعها قال لها: اصبرى إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة حد يفهمنا من تلك المنسية التى صمدت أمام إلقاء أولادها أمامها فى الزيت المغلى ورؤية بعضهم البعض وهم يحترقون.. وقد طلبت من فرعون أن يجمع عظامها وأولادها فى قبر واحد؟ هؤلاء هم من آل المنسى الذين لم يتذكرهم الناس بالرغم من عظمة ما فعلوه، ولكن أكرمهم الله فاهمين ولا محتاجين لحد يفهمنا؟!