رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

متصوفة عاشقون| «رجال الطريق» وجهاد النفس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اهتم المتصوفة بالجانب السلوكى للمريد كثيرا، مستفيدين من حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر»، يقصد تربية النفس ورياضتها، والنصيحة الصوفية التى يتلقاها المريد من شيخه أثناء دخول الطريق أن يحارب هوى النفس.. «واعلم أن رياضة النفس أصعب من رياضة الأُّسد، لأن الأسد إذا سجنت فى البيوت التى تتخذها لها الملوك أُمن شرها، والنفس إن سجنت لم يؤمن شرها».
وتختلف آراء المتصوفة والزاهدين فى معنى الزهد، فمنهم من يراه نهى النفس عن الشهوات، ومنهم من يرى أن الزهد فى معرفة حقوق النفس وواجباتها، ومن يرى أن الزهد كائن فى إماتة النفس عن حقوقها فلا تمتد إلى الشهوات، ووسائلهم فى تربيتها تختلف، فأبو يعقوب الكومى من السائرين الذين يروضون أنفسهم بخدمة الفقراء «يدنى الفقير من نفسه حتى يجلسه على فخذه يخدم أصحابه بنفسه». والرندى رجل سائح يعيش فى الصحراء والجبال لا يأوى إلى معمور.. وأبو عبد الله محمد بن جمهور «يضع خده لينام فيقول: يا خد إنك إن توسد لينا وسدت بعد الموت صم الجندل». وعلى الرغم من اعتبار الشدة أساس الطريق حيث يقول الشيخ «وما كان الطريق إلا بالقعود فى مرابض الكلاب مجاهدة». فإنه يعترف أن الإنسان العارف بحقائق النفس لا يستطيع أن يميتها عن صفاتها «ولا يصح عندى أبدا موتها عن صفاتها لمعرفتى بحقائقها».
وما تعددت أماكن العزلة والبعد عن مخالطة الناس؛ خشية تعاطى أخلاقهم الفاسدة، إلا دليل على أخذ النفس بالشدة والاستعداد للجهاد الأكبر، حيث تكون مواطن الشهوات. 
وينقل ابن عربى عن أحدهم: «مررت بالساحل فرأيت شابا قد احتفر لنفسه حفرة فى الرمل فسألته فتأوه وقال يذم أهل زمانه: توعرت السبل وقلَّ السالكون».