رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الرجل الثاني للإخوان في مهمة إنقاذ بباريس.. الغنوشي يسعى لإقناع الحكومة الفرنسية ببراءة الجماعة من الإرهاب.. ومصادر: حركة النهضة دفعت أموالا طائلة لشركات علاقات عامة لترتيب لقاء مع وزير الخارجية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ذكرت مصادر مطّلعة أن رئيس حركة النهضة في تونس الإخواني راشد الغنوشي، يرأس وفدا كبيرا من الحركة، في زيارة إلى فرنسا بناءً على طلب منه لمناقشة أوضاع حركته بالتزامن مع مناقشة إعلان الإخوان جماعة إرهابية في البرلمان الفرنسي.

ووصفت مصادر صحفية تونسية، زيارة رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي إلى فرنسا بـ”المهمة” لأن الغنوشي يسعى لإقناع الحكومة الفرنسية أن الإخوان المسلمين ليسوا إرهابيين.
تأتي خطوة رئيس حركة النهضة، بعد الجهود التي تقودها الحكومة الفرنسية والتي تهدف لحظر الإخوان المسلمين في فرنسا، على ذات النهج الذي تعمل عليه الولايات المتحدة لحظر الجماعة وأنشطتها على الأراضي الأمريكية.
وأوضحت المصادر الصحفية، أن الزيارة تمت بالتنسيق بين حركة النهضة الإسلامية وشركة علاقات عامة في فرنسا، هي من رتّبت الزيارة مقابل مبلغ مالي كبير.
وأثناء سفر الغنوشي، على متن طائرة تونسية إلى باريس تعرَض لهجوم وانتقادات من إمرأة تونسية حمّلته مسؤولية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي وصلت لها تونس، خلال السنوات الماضية، وتفاعل العشرات على مواقع التواصل مع خبر الطائرة وهجوم السيدة على رئيس النهضة.
وتضاربت الأنباء حول ما إذا كانت هذه الزيارة جاءت بدعوة حكومية رسمية، أم لا، حيث سعت حركة النهضة إلى الترويج بأنها تأتي تلبية لدعوة من وزير الخارجية الفرنسية، بينما أكد مصدر مسؤول في سفارة فرنسا بتونس أنه “لا علاقة للحكومة الفرنسية، ولا لوزارة الخارجية بزيارة الغنوشي لفرنسا”.
وأكد نفس المصدر في تصريحات نُشرت الأربعاء، أنه “لم توجه له أي دعوة للقيام بهذه الزيارة”، لكنه استدرك قائلا إن الغنوشي “اتصل بسفارة فرنسا طالبا تحديد موعد للقاء وزير الخارجية الفرنسي، ووقعت الاستجابة لطلبه”.
وبالتوازي مع ذلك، قالت مصادر إن الزيارة ليست رسمية، وإنما جاءت بترتيب من شركة علاقات عامة فرنسية لجأت إليها الحركة في سياق محاولاتها لاختراق المشهد السياسي الأوروبي.
وفتح هذا التضارب بابا واسعا للتأويلات والتكهنات حول دلالات هذه الزيارة وأبعادها السياسية، خاصة في ظل حالة التخبّط والارتباك التي تُخيم على المشهد السياسي العام في تونس، وسط خشية متصاعدة من أن تكون هذه الزيارة مقدمة لتحول الملف التونسي إلى الدوائر الغربية.
ولم يتمكن زبير الشهودي مدير مكتب راشد الغنوشي من التقليل من وطأة هذه الخشية، بل عمقها عندما اعتبرها بأنها مهمة ولها “أهمية استراتيجية للنهضة وللبلاد بصفة عامة خاصة في خضم الأوضاع الراهنة على غرار انتظار تكوين حكومة الوحدة الوطنية”.
وفيما اعتبر الشهودي أن الوضع العام في تونس “يتسم بنوع من الغموض يستدعي طمأنة شركاء تونس، وخاصة فرنسا”، أعرب النائب البرلماني التونسي الجيلاني الهمامي عن قلقه من هذه الزيارة المفاجئة بالنظر إلى أن علاقات الحركة بالأوساط الحكومية في فرنسا وعدد من الدول الغربية “ليست على ما يُرام”.
وقال الشهودي إن “الفتور الذي ساد العلاقات بين النهضة وبقية تيارات الإسلام السياسي مع فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، يجعل من هذه الزيارة خطيرة بأبعادها السياسية، بالنظر إلى توقيتها الذي قد تكون له صلة مباشرة بأزمة حكومة الوحدة الوطنية”.
واعتبر المحلل السياسي التونسي مصطفى التليلي في تصريحات نقلتها صحف تونسية أن زيارة الغنوشي لباريس هي “مفاجأة وخروج عن المألوف، وهي تندرج في سياق مسعى حركة النهضة إلى التسويق لمشروعها السياسي في الغرب”.
لكنه لم يستبعد أيضا أن تكون لها علاقة مباشرة بالتطورات السياسية في تونس ارتباطا بأزمة حكومة الوحدة الوطنية، حيث قال: إن المؤشر الخطير في هذه الزيارة هو “عرض قضايا تونس الداخلية على القوى الأجنبية التي وصلت إلى حد ترتيب الأوضاع وتحديد أولوياتها.
وبدأت الزيارة يوم الثلاثاء 14 مايو وتنتهي يوم الاثنين 20 مايو 2019، حيث وصل الغنوشي باريس على رأس وفد مكون من: رفيق عبدالسلام، مسئول العلاقات الخارجية بالحزب، وعضوي مجلس نواب الشعب عن فرنسا الشمالية حسين الجزيري وكريمة التقاز، وعضو المكتب التنفيذي للحزب رضا إدريس، وكريم عزوز مسئول حركة النهضة بفرنسا الشمالية. 

والتقى الغنوشي خلال اليومين الأولين من الزيارة مع كل من: اورليان لوشوفاليه، أحد المستشارين الدبلوماسيين لدى الرئيس ماكرون، وجابن باتيست لومواني كاتب الدولة للشئون الخارجية، وعدد من العاملين بإدارة شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية، وعدد من أعضاء لجنة الصداقة الفرنسية التونسية بالبرلمان، ورئيسها السيد جيروم لمبار.
وركز الغنوشي في زيارته على الالتقاء مع عدد من الكتاب والصحفيين والخبراء المتعاطفين مع تيار الإسلام السياسي والإخوان ومنهم: ألان قريش، وستيفان لاكروا، وجيل كيبل.
وعقد الغنوشي ندوة بالمؤسسة الفرنسية للعلاقات الخارجية IFRI: ندوة تحت عنوان الوضع التونسي في محيط مضطرب، أدارها الدكتور جيل كيبل.
وأوضحت مصادر أن الزيارة هدفت بالأساس إلى مناقشة فكرة حظر الإخوان التي طالب بها خمسون نائبًا بالبرلمان الفرنسي، حيث حاول خلال تلك اللقاءات أن يشرح كيف تغيرت الجماعة في الفترة الأخيرة وانسلخت عن كافة أفكارها المتشددة وخطت طريقا آخر للعمل.
كما تأتي هذه الزيارة أيضًا في سياق الدور الحالي الذي يلعبه داخل التنظيم العالمي للجماعة، حيث أوضحت مصادر خاصة، أن الغنوشي يضطلع الآن بدور كبير في التنظيم الدولي، خاصة عقب الهيكلة الجديدة التي قامت بها الجماعة، ومنها تولي إبراهيم منير إدارة الفرع المصري مكان محمود عزت، وتولي الغنوشي قيادة الجناح السياسي.
ويقوم الغنوشي الآن بمحاولات لتجميل وجه التنظيم عقب محاولات إدراجه إرهابيًا في كل من أمريكا وفرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى، فضلا عن تسويقه أن الجماعة مؤمنة بالديمقراطية، وأنها على استعداد للمصالحة مع الأنظمة العربية.
وظلت هذه الازدواجية في القرار بين ما هو سري وما هو علني لدى النهضة أيضًا، حيث إن الشيخ عبدالفتاح مورو، نائب رئيس «النهضة»، وأحد قادتها التاريخيين، شارك في الاجتماع الذي عقده التنظيم العالمي للجماعة في أحد فنادق مدينة لاهور، عاصمة إقليم البنجاب الباكستاني، والذي بحثت خلاله قيادات الإخوان أسباب انتكاسة حكم الجماعة في مصر وتداعياتها.
وقالت تقارير إعلامية، إن رئيس حركة النهضة الإسلامية التونسية راشد الغنوشي بات الرجل الثاني في تنظيم الإخوان العالمي إثر تعيينه رئيسا للمكتب السياسي، وذلك في مؤتمر تنظيم الإخوان العالمي الذي عقد في إسطنبول.
وتأتي محاولات الغنوشي في فرنسا وإعلانه عن انفصال النهضة عن التنظيم الدولي، خطوة أولية متفق عليها بين قيادات التنظيم الدولي والحركة؛ من أجل تنفيذ مناورة التعويم السياسي والاجتماعي للحركة وتعميق الانخراط داخل المجتمع التونسي سياسيًّا واجتماعيًّا، في الوقت الذي يخوض فيه مناورات كبيرة لتجميل وجه التنظيم الدولي للجماعة.
في هذا السياق، فإن حركة النهضة تتشابه مع إخوان مصر، في موضوع العلنية والسرية في العمل، فلم يكن العبء الإخواني ممثلا فقط في النصوص المؤسسة، وإنما تمثل كذلك في الحمولة التاريخية التي حملتها الجماعة منذ أسس البنا "التنظيم الخاص" عام 1940 ورسخ مفهوما خاصا للبيعة وأصبحت الجماعة ذات تكوين مزدوج علني وآخر سري.
إن ما يعلنه رئيس النهضة حول تغيرات وتحولات الجماعة لا يشير بشكل من الأشكال إلى انفصامه عن الإخوان، لكنه يشير إلى تغيرات التيار، وفشل مشروع الإسلام السياسى، وهذه هى الجملة التى أطلقها القيادى بحركة النهضة الإخوانية بتونس، جلال الورغي، أو بتعبير نائب رئيس الحركة عبد الفتاح مورو فشل مشروع الإسلام هو الحل، وفق قوله: إن شعار "الإسلام هو الحل" شعار فارغ، وهو ما جعلنا نميل ميلة واحدة إلى أن اقترب أنفنا من الحائط، ولم يبق سوى أصابع قليلة قبل أن يتحطم وجهنا.
وجماعة الإخوان، وغيرها من الجماعات، أفرزت تجربتها النهائية، أنه يتم توظيفها في مخططات دولية وإقليمية، وبلا شك فإن النهضة استوعبت تجربة ما حدث للجماعة الأم فى مصر، وهي تلعب الآن دورًا لمحاولة إعادتها وعدم تجريمها في أوروبا.