الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

مايكل: بين المراهقة الفكرية والتسويق السياسي الخاسر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تجددت الاشتباكات بين شباب الثوار.. ولكن هذه المرة ليست بالأحجار.. بل بالتصريحات، حول زيارة مايكل نبيل إلى إسرائيل، وقبل أن نخوض في القضية نود أن نلفت الأنظار إلى أن مايكل في خطابه بالجامعة العبرية أدان رؤساء مصر جميعًا وفق معلومات خاطئة تمامًا: عبد الناصر والسادات كانا عضوين في ميليشيات الإخوان!!، كذلك “,”حركة القوميين العرب حركة معادية للسامية“,”، وأنها والحركة الصهيونية نشأتا سويًا!!. ومن المعروف أن حركة القوميين العرب نشأت في نهاية الأربعينيات، ومن مفارقات القدر أن الطور الثاني للحركة القومية ظهر على يد مفكرين مسيحيين مثل ميشيل عفلق، في حين أن الحركة الصهيونية ظهرت على يد هرتزل في نهاية القرن التاسع عشر.
كذلك استمر مايكل في مسلسل الأخطاء التي ترقى إلى حد الخطيئة حينما قال: “,”بدأت أركز على قضايا السلام ومكافحة العسكرة والتجنيد الإجباري، وهناك 2 مليون شخص يستخدمون كأداة في الجيش كعبيد“,”، وأضاف: “,”2 مليون شخص رقم كبير أكثر من الموجودين في غزة“,”!!. وبالطبع فعدد الجيش المصري كله أقل من 25% مما ذكر مايكل، إضافة إلى أن الجيش المصري مؤسسة وطنية، وما يسمى بالتجنيد الإجباري “,”خدمة العلَم“,” هو من أهم معايير المواطنة في جميع الدول، والغريب أن يطرح هذه الكيفية في المجتمع الإسرائيلي الذي يحكمه ويتحكم فيه العسكريون، وإن كنا قد تعاطفنا مع مايكل حينما حوكم عسكريًّا فكيف سوف نتعاطف معه فيما قال؟
وبعيدًا عن تبادل الاتهامات والإدانات، فإن مايكل ليس أول من زار الجامعة العبرية، فيبدو أن ذلك هوى قديمًا تحمله الأجيال المختلفة جيلاً بعد جيل. الزيارة الأولى جاءت من أستاذنا الكبير أحمد لطفي السيد، والذي خطب أيضًا في حفل افتتاح الجامعة العبرية مبديًا إعجابه بالتقدم العلمي الصهيوني! ثم زيارة الكاتب علي سالم، التي حملت دلالات مختلفة عن الزيارتين السابقتين؛ لأنها كانت زيارة تطبيعية للكيان المغتصب، الذي لم يزر فقط الجامعة العبرية، بل وزار المزارع الجماعية الصهيونية، وأشاد بالتجربة الإسرائيلية، ورافقه في تلك المرحلة حينذاك الصحفي الشاب محمد حسنين هيكل، وكتب عن الرحلة في أخبار اليوم وآخر ساعة، ثم في 1995 أعاد إنتاج الإعجاب بالكيان الصهيوني الكاتب علي سالم، والآن مايكل نبيل، مع فارق التشبيه بين قامات عظيمة “,”وولد“,” مراهق سياسي، وكذلك الاختلافات بين الظروف التاريخية المختلفة.
على الجانب الآخر نجد مكرم عبيد الذي زار القدس 1931، وتضامن مع نضال الشعب الفلسطيني، وأكد على أن “,”فكرة الفرعونية كانت تمثل حركة لفصل مصر عن الدول العربية الأخرى“,”. كان ذلك الموقف غير تقليدي، ليس بالنسبة لسياسي قبطي فحسب، ولكن مقارنة بأي سياسي مصري في ذلك الوقت. وفي عام 1939 كتب مكرم عبيد مقالاً بعنوان: “,”المصريون عرب“,” ناقش فيه للمرة الأولى قضية الوحدة العربية، مشيرًا إلى أن “,”التاريخ العربي سلسلة متصلة؛ بسبب اللغة، والثقافة العربية“,”، ويضيف عبيد: “,”وأن على العرب أن يسلكوا الطريق الذي سلكه الأوروبيون، بأن يقيموا تنظيمًا يلتفون من خلاله في ميثاق قومي واحد؛ لبذل الجهود من خلال النضال العربي المشترك؛ من أجل الحرية والاستقلال“,”، هكذا كان مكرم عبيد متقدمًا عن معظم الأفكار المطروحة قبل تأسيس الجامعة العربية بست سنوات وإلى الآن.
وإذا أضفنا إلى ذلك مواقف الكنيسة من مفهوم العروبة والتعريب من البابا غبريال ابن تبريك، في القرن العاشر، إلى البابا شنودة الثالث في القرن العشرين واستمرار ذلك مع البابا تواضروس الثاني حاليًا، سنكتشف أن الشاب مايكل نبيل أسوأ مدافع عن أعدل قضية وهي قضية السلام.
كما أن قطاعًا كبيرًا من الأجيال الشابه تتعامل مع مفهوم العروبة وكأنه مفهوم عرقي فقط.. والبعض الآخر خاصة في أوساط الشباب القبطي يراه من منظور طائفي!!.