رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

زين نصار: حليم الضبع أيقونة للإبداع الموسيقي بأفريقيا

الدكتور زين نصار
الدكتور زين نصار أستاذ النقد الموسيقي بأكاديمية الفنون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ترجع العلاقات الأخوية بين مصر والدول الأفريقية، إلى سنوات طويلة، وكان للقوة الناعمة تأثيرها فى التقريب بين شعوب القارة.
ويقام فى القاهرة منذ سنوات، المهرجان الدولي للطبول، الذى يشرف عليه الفنان انتصار عبد الفتاح، وكان أغلب المشاركين فيه من أبناء الدول الأفريقية الشقيقة.
يقول الناقد الموسيقي الدكتور زين نصار، أستاذ النقد الموسيقي بأكاديمية الفنون، لـ"البوابة نيوز": وجدنا بعض المؤلفات الموسيقية المصرية تحمل ملامح أفريقية ومن ذلك نذكر مؤلف (خواطر من النوبة ) لمؤلف الموسيقى المصري رفعت جرانة وتؤديه آلات النفخ وآلات الإيقاع، ولكن جاء الإسهام الأكبر ما قام به مؤلف الموسيقا المصرى حليم الضبع الذى زار العديد من الدول الأفريقية لدراسة موسيقاها، وتلك الدول هى أثيوبيا،الكونغو،السودان، نيجيريا، غانا، مالى وذلك من خلال عمله كأستاذ لأصول موسيقا الشعوب فى جامعة كنت بولاية أوهايو، وكذلك فقد كان حليم الضبع مستشارا للفنون الشعبية فى هيئة المتاحف الأميريكية المعروفة (سيمسونيون ) بالولايات المتحدة".
وأضاف أن حياة "الضبع" حافلة بالمفارقات والصدف القدرية العجيبة ومن واقع حديث سجلته معه بالقاهرة يوم (6 /2 /2007 احكي تفاصيل حياة هذا المؤلف الموسيقى الكبير وإنجازاته الهامة فى التعريف بالموسيقا الأفريقية فى العالم المتقدم، والذي ولد فى حى السكاكينى فى الرابع من مارس عام 1921، وكان الطفل الأصغر بين تسعة أشقاء هم 6 أولاد، و3 بنات، وكان منزل الأسرة كبيرا، ويتكون من سبع حجرات واسعة فى أحدى العمارات وعندما بلغ الضبع الرابعة من عمره إلتحق بمدرسة فى الخرنفش ليدرس باللغة الفرنسية، وحدث أن إنتقلت الأسرة إلى حى مصر الجديدة بالقاهرة، بعد أن بنى الأب بيتا للأسرة فى ميدان الإسماعيلية.
وقال زين نصار: كان فى منزل الأسرة بيانو كبير وكان إخوته الأكبر منه يعزفون عليه،فقد كان أخوه أديب يعزف البيانو والفيولينة (الكمان)، وكان أخوه بشرى يعزف على العود، وكان أفراد العائلة والعاملين عندهم يغنون ويشيعون جوا من الطرب والمرح فى البيت ؛ واستمر الضبع فى دراسته باللغة الفرنسية لفترة قصيرة، ثم إلتحق بالمدارس الحكومية، وفى المرحلة الثانوية إلتحق بمدرسة القبة الثانوية، التى كان بها نشاطا موسيقيا شارك فيه، وبعد إنتهائه من دراسته الثانوية عام 1940،إلتحق بكلية الزراعة جامعة فؤاد الأول -القاهرة حاليا - التى كان بها نشاطا موسيقيا انضم إليه، وفى عام 1942 إشترك فى مسابقة للعزف على البيانو نظمتها وزارة المعارف فى ذلك الوقت وفاز فيها بالجائزة الأولى؛ وفى عام 1945 تخرج حليم الضبع فى كلية الزراعة وعمل كمهندس زراعى فى شركة لعلف الحيوان،وخلال عمله فى المزرعة كان العاملون بالمزرعة فى أوقات سمرهم يقومون بالرقص والغناء فى مناسبات مثل الختان، التحطيب، الحصاد، الزفاف وغيرها ) وكل تلك الخبرات الموسيقية، والعروض الشعبية التي تعرض لها الضبع كان لها أكبر الأثر عليه كمؤلف موسيقى فيما بعد. 
وتابع: كون مؤلف الموسيقا المصرى عبدالحليم على (1907 – 1971 ) فرقة موسيقية فى الجامعة، فانضم إليها حليم الضبع كعازف بيانو، وكانت الفرقة تضم عازفين على آلات (اكورديون –كمان – بيانو – آلات إيقاع)، وكانت الفرقة تشارك بالعزف فى الحفلات التى كانت تقيمها الجامعة، وكذلك فقد كان الضبع يشارك فى الحفلات التى كان يقيمها بعض أصدقائه مما أكسبه الخبرة العملية كموسيقى، وقد تلقى حليم الضبع كموسيقى تشجيعا من بعض الشخصيات المهمة، نذكر منهم، المخرج السنيمائى حسين حلمى المهندس، والموسيقى مدحت عاصم الذى كان أول مدير مصرى لإدارة الموسيقا والغناء بالإذاعة المصرية، والدكتورة بثينة فريد التى كانت استاذة فى المعهد العالى للتربية الموسيقية للمعلمات، وفى عام 1948 قدم الضبع أول مؤلفاته الموسيقية وكان بعنوان ( فى الميدان ظلام واكتئاب) للبيانو المنفرد، متاثرا بالأحداث التى جرت عند إحتلال فلسطين فى ذلك العام. 
كان لحليم الضبع صديق يدعى كمال إسكندر، وكان مهندسا أيضا،وفى نفس الوقت كان عضوا منتسبا لجمعية (الموسيقا المصرية الأوروبية ) والتى كانت تضم فى عضويتها أشخاص من السفارات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية، وكان بينهم مجموعة محلية ودولية تشجع تقديم الموسيقا الدولية فى مصر، وكانوا يقدمون حفلاتهم فى إحدى الكاتدرائيات فى وسط القاهرة (قاعة النيل)، وكانت تقام حفلات أسبوعية فى تلك القاعة، وكان يحضر تلك الحفلات خبراء معروفين من كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، فقد كانت مصر فى ذلك الوقت مركزا عالميا للموسيقا، وكان يحضر إلى القاهرة أكبر الفرق منها فرق (لاسكالا دى ميلانو) من إيطاليا، و(الكوميدى فرانسيز) من فرنسا، و(الكوفنت جاردن )البريطانية،و(الباليه البلجيكى) وغيرهم، وكانت الحياة الموسيقية فى مصر غنية تماما بالأنشطة الموسيقية العالمية، وحدث أن تساءل أعضاء جمعية الموسيقا المصرية الأوروبية كيف أنهم يقدمون دائما الموسيقا العالمية ولايقدمون أى مؤلفات مصرية، يقول نصار: قال لهم كمال إسكندر، أنه يعرف مؤلفا موسيقيا مصريا، فقالوا له أين هو ؟ ومن هو؟ فقال لهم إسمه حليم الضبع، فقالوا له أنهم لم يسمعوا عنه، فذكر لهم أنه قد فاز بجائزة من وقت قريب،وهو رجل يعمل فى هدوء، فطلبوا منه أن يحضر الضبع ليقدم أحد أعماله، فقال الناقد الأوروبي الموجود فى المجموعة " أنا مش عايز حد ممكن يعمل لنا فضيحة لأن حفلاتنا لا يعزف فيها إلا المحترفين المعروفين " فعلق أحد الحاضرين من السفارة البريطانية قائلا " إحنا نروح نتجسس عليه " فوافق الحاضرون على الاقتراح.