الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

عذرًا أنت لست مدمنًا.. تحاليل المخدرات تخطئ أحيانًا.. والسبب ترسبات الأدوية والتدخين السلبي.. 24% نسبة الإدمان في مصر والتعاطي 10%.. والذكور أعلى من الإناث

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثارت واقعة اكتشاف تعاطى سائق قطار رمسيس الذى تسبب فى الحادث المروع للمخدرات، ردود أفعال غاضبة، وصلت إلى مطالبة برلمانيين بتشديد العقوبة على الموظف العام، حال ثبوت تعاطيه المواد المخدرة، وتقدم بعضهم بمشروع قانون يقضى بفصل الموظف من عمله، مؤكدين على ضرورة إجراء تعديلات تضاف إلى المادة 69 من قانون الخدمة المدنية بند «11»، على أن تنتهى خدمة الموظف إذا ثبت تعاطيه للمخدرات بكل أنواعها والمثبتة بقرارات وزارة الصحة، بناء على كشف طبى يحدد تفصيلًا باللائحة التنفيذية.
إجراء تحاليل مخدرات للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة أمر ضرورى تجنبًا لوقوع كوارث، غير أن الباحث فى قصة تحاليل المخدرات يجد أنها قد تخطئ أحيانًا وتسبب كوارث حققتها «البوابة» عبر روايات ووثائق لضحايا تعرضوا لمشكلات بسبب خطأ فى تحاليل مخدرات لجهات رسمية.
أنهى «على السيد»، اسم مستعار، فترة دراسته وكان بعدها على موعد مع دخول الجيش، حدث له ما لم يكن فى الحسبان؛ فخلال إجرائه لكشف تحليل المخدرات فوجئ بعد صدور نتيجة الكشف أنه شخص مدمن وفق ما جاء به، وهو الذى لم يعتقد أنه سيكون لأزمة كبيرة قد تضر مستقبله وتعطله بضع سنوات أخرى فى الوقت الذى يرغب فيه الشاب أن ينهى فترة جيشه ليعمل ويكون نفسه.
يقول «على»: تم استدعائى بعد صدور نتيجة التحليل التى تتم وتظهر من خلال أخذ عينة من البول وتحليلها، والتى جاء فيها أن هناك ارتفاعًا فى نسبة مركب البنزوديازبين، وبالطبع كان موقفًا لا أحسد عليه خاصة أننى لم أكن أعلم شيئًا عما أنا مقحم فيه.
ويضيف: استدعائى كان لمعرفة وتحديد نوعية المخدر الذى أتعاطيه وحينما ذهبت إلى «المسئول» المنوط به التعامل مع الموقف كنت أشعر بالقلق الشديد وقلت له إنى لا أدخن.. كنت هتجنن وحاولت تبرير الموقف وقلت له إنى أكره التدخين ورائحة السجائر من الأساس فكيف أكون مدمنًا؟
ويستطرد أنه لحسن الحظ تعاطف المسئول معه وقرر أن يعيد تحليل المخدرات مرة أخرى بعد أسبوع ولكن المصيبة التى كانت فى الانتظار هو أن الشاب يعانى من ذات المشكلة التى تشير إلى أنه مدمن حيث كان فى التحليل مؤشر البينزوديازبين موجبًا، لافتًا إلى أنه بعدها ذهب لطبيب لعرض حالته عليه والاستفسار عن مشكلته ووقتها أكد له الطبيب عن طبيعة أى مواد أو أدوية يتناولها.
وتابع: هنا كانت الصدمة فأنا آخر دواء مسكن لآلام القولون يسمى ليبراكس وهنا قال لى الطبيب إن هذا الدواء توجد به مادة تعد من مواد البنزوديازبين وتسمى كلورديازيبوكساديد، مشيرا إلى أن الطبيب أخبره يومها أنه سيكتب فى الروشتة الطبية حالته وكونه يأخذ الدواء المخدر حتى لا يتم اعتباره كمدمن للمخدرات مع إمكانية إجراء التحليل مرة أخرى بعد ٤١ يومًا.
حالة على ليست الوحيدة فهناك العديد من الحالات التى تعانى بسبب خطأ تحليل المخدرات وتضطر بسبب خطأ التحليل إلى القيام بتقديم تظلم من أجل التأكد من سلامة التحليل وهى خسارة مادية قبل أن تكون معنوية حيث يضطر إلى دفع ١٥٠ جنيهًا تكلفة إجراء كل تحليل علاوة على إمكانية خسارة عمله أو تضرره فى الجامعة أو غير هذا حسب ظروف وطبيعة عمل كل شخص، وهو ما حدث مع الكثير من المواطنين من بينهم شريف رسلان، خريج إدارة وحاسب آلي، والذى أكد لـ«البوابة» أنه استمر نحو مدة ٤٠ يومًا فى منزله بلا عمل بسبب خطأ وقع فى التحليل الذى تعرض له بعدما كان يعمل موظفًا فى فندق هليوبوليس.
أحمد سعد، مواطن آخر، يؤكد أنه تعرض لموقف سلبى حيث كاد يفقد عمله بسببه حيث ذهب إلى مستشفى المصل واللقاح بالمهندسين لكى يقوم بإجراء تحليل مخدرات وبالفعل قام بتسليم عينة من البول ولكن عند الذهاب للمرة الثانية فوجئ بأنهم يطلبون منه عينة أخرى من أجل التأكد من شيء.
ويقول سعد: حسيت بوضع غريب ومعاملة مريبة وسألنى الدكتور ما إذا كنت أخذت أى إسبرين برد أو أى شيء قبل العينة وسألنى حول مدى شربى للمخدرات من عدمه فأخبره أنى لا أدخن السجائر فكيف أدخن المخدرات، مشيرا إلى أنه أدرك أن سر المعاملة السيئة هى اعتقادهم بأنه مدمن ولكن بعد العينة الثانية كانت سلبية وهو الأمر الذى جعله يلتقط أنفاسه على حد قوله.

خطأ التحليل
فجر الدكتور عبدالرحمن حماد، رئيس وحدة الإدمان السابق بمستشفى العباسية مفاجأة قائلًا إنه بالفعل يوجد بما لا يقل عن ١٥٪ من التحاليل الخاصة بالإدمان لا تسلم من وقوع خطأ فيها، وهناك العديد من الأسباب من بينها التدخين السلبى فربما الشخص لا يدخن المخدرات ولكنه يجلس مع أصدقاء له يدخنونها ولا يعرف أن هذا سيؤثر على نتيجة تحليله، وفى تلك الحالة تتم إعادة تحليل المخدرات له مرة أخرى بعد أيام قليلة لأن نسبة المخدر فى الدم لا تستمر لفترة طويلة.
وأضاف: هناك أيضًا تناول الأدوية يؤثر على نتيجة التحاليل حيث تشير إلى تسجيل إيجابى للتعاطى كون تلك الأدوية تحتوى على نسبة من المهدئات وتعطى أدوية البرد مؤشرًا لوجود الأنفيتاميس وهى مادة مخدرة، وهو يحدث أيضًا بالنسبة لأدوية المهدئات التى تعطى إشارة على تعاطى الأفيونات وتستمر فى الجسم مدة تصل إلى أسبوع.
وأضاف: حل تلك المشكلة التى تواجه قطاعًا عريضًا من المواطنين يتمثل فى الاحتفاظ بنفس العينة التى تم تحليلها وتجميدها مدة ٦ أشهر لإعادة تحليلها مرة أخرى على ذات العينة، لافتًا إلى أن النتيجة ستظهر إيجابية إذا كان الشخص متعاطيا للمخدرات وسلبية إذا لم يكن متعاطيًا وهنا تكون النتيجة صحيحة.
ولفت حماد إلى أن تلك الطريقة يتم اتباعها داخل بعض الأماكن ذات الحساسية مثل المحاكم ومعامل الطب الشرعى وبعض المعامل الكبيرة إلا أنها لم تفعل بعد على نطاق الجمهورية وهو ما ينتج عنه وقوع أخطاء فى التحاليل بنسبة تتجاوز ١٥٪، لافتًا إلى أن هناك حقًا للمواطن أن يقوم بعمل تحليل مخدرات تأكيدى فى حالة ادعائه بأنه لم يتعاط وفى تلك الحالة يكون التحليل بعد فترة من أول تحليل ويتم من خلال إعادة تحليل نفس العينة أو من خلال تحليل عينة الدم أو تحليل بصيلات الشعر التى تستمر المخدرات فيها لأطول فترة.
وحول قرار الفصل من العمل بعد ثلاثة أشهر فقط أضاف حماد أن المدمن يحتاج إلى فترة تصل إلى ٦ أشهر لكى يستطيع أن يقلع ويعود إلى العمل خلال تلك الفترة بعد إجراء التحاليل عليه مرة أخرى لافتا إلى أن المدمن يحتاج إلى فترة من الوقت لكى يتم علاجه ويعود إلى عمله بصورة طبيعية ولهذا فإن مهلة ٦ أشهر ستكون لائقة لهذا بينما تحديد ٣ أشهر فقط أمر غير كافٍ بل ومن الممكن أن يعمل أيضًا على زيادة انتشار إدمان المخدرات والاتجار فيها نتيجة للبطالة التى ستجعل هناك تماديًا فى تعاطيها والتى تعد إحدى المسببات فى اتجاه الشباب للإدمان على حد قوله.

تأثير الأدوية
أكد الدكتور على عبدالله رئيس المركز المصرى للدراسات الدوائية، أن الخطأ خلال تحاليل المخدرات الذى يحدث وارد وقد يقع للعديد من الأسباب التى من بينها تناول الأدوية المهدئة كـ«ليبراكس».
ويوضح عبدالله أن هناك نوعين من أنواع التحاليل الخاصة التى تتم للمواطنين نوع معروف وشائع ويختص بالكشف على ٧ أنواع من المخدرات كالحشيش والترامادول وغيرها من أصناف الحشيش المعروفة، مشيرا إلى أن الآلية التى يعمل بها التحليل هو أنه يتم أخذ عينة من البول وتحليلها بأحد المعامل لمعرفة أن الشخص متعاطى أم لا لافتًا إلى أن التحليل يحدد بدقة نسبة وكمية التعرض للمخدر فى الجسم فبالنسبة للحشيش على سبيل المثال يظل المخدر فى حالة تعاطيه ظاهرًا فى الدم لمدة ٤٥ يومًا وفى الشعر لمدة ٩٠ يومًا، أما النوع الثانى من التحاليل فهو يكشف بصورة أدق عن المخدرات ولكنه على الرغم من أنه نوع غير متداول فى مصر إلا أنه يستطيع الكشف عن ١٧ نوعًا من أنواع المخدر فى الجسم.
ولفت إلى أن نتيجة التحاليل لا تخطئ ولكن هناك العديد من المعايير التى يجب اتباعها من الشخص الذى يذهب من أجل الحصول على تحاليل من بينها عدم تعاطى أى أدوية مهدئة كدواء ليبراكس لأن هذا النوع من الدواء المؤثر على الحالة النفسية والذى سيظهر فى تحليل البول، مضيفًا أن التدخين السلبى أحد الوسائل المؤثرة على نتائج تحليل المخدرات حيث يوجد الكثير من الأشخاص الذين قد يكون لديه علاقة بصديق مدخن للحشيش ولكنه يتأثر بما يدخنه طبقا للكمية ومعدل وتوقيت التدخين بينما سيظهر فى نتيجة التحليل وجود نسبة من المخدر ما يجعله مدمنًا بحكم التحليل الطبي.

وحول مدة بقاء المخدرات فى الجسم قال الدكتور أحمد خالد أستاذ الطب النفسى الإكلنيكي، إن هناك مدة معينة لبقاء المخدرات فى الجسم وهو ما يلجأ لمعرفتها المتعاطون بصورة خاصة ليس من أجل العلاج فى الأغلب وإنما قد يكون خوفًا على التعرض لمشاكل أخرى كالفصل من العمل على سبيل المثال، لافتًا إلى أن كل نوع من المخدرات له تأثيرات معينة ومدة بقاء معينة ويمكن تقسيم هذا لمجموعة الأفيونات وتتضمن الترامادول وتستمر هنا المخدرات فى الجسم من ٤ إلى ٥ أيام، وهناك الخمور والكحوليات وتبقى فى البول من ٣ إلى ٤ أيام أيضًا، لكن لا تستمر بنسبة كبيرة فى الدم بحيث لا تتجاوز ٢٤ ساعة وبالرغم من هذا فهناك تحاليل بدأت خلال الفترة الأخيرة تختص بتحديد الإدمان من خلال خصلات الشعر ولكن هذا النوع من التحليل يستمر ٩٠ يوما لكى تظهر نتيجته، مضيفًا أن هناك نوعية أخرى من المجموعات وهى مجموعة الأمفيتامينات، مثل «المنشطات والكبتاجون والكوكايين، كما أن هناك القنبيات، مثل «الحشيش، الماريجوانا، البانجو» وتبقى فى البول لمدة طويلة تتراوح ما بين ٣٠ إلى ٤٠ يومًا، مؤكدا على اختلاف مدة بقاء المخدر فى الجسم حسب طبيعة السن والحالة الصحية فإذا كان رجلا كبيرا ولديه مشاكل فى الكبد على سبيل المثال فالمخدر سيستمر لفترة أكبر من الشاب الصحيح جسمانيًا.
وأشار إلى أن البعض يعتقد أنه يمكنه التحايل على التحاليل من خلال تناول الخل على سبيل المثال تحت اعتقاد أن هذا سيعمل على إخفاء المخدر من جسمه وهو أمر غير صحيح، وهناك من يعتقد أنه يمكن أن يتناول الأدوية المدرة للبول وقد يكون الدواء المدر للبول مساهمًا فى إخراج البول بكميات أكبر ولكن لا يمكن أن يعول عليه فى حل المشكلة، مشيرًا إلى أن الحل يكمن فى العلاج الفعلى من خلال متخصصين لمواجهة أعراض الانسحاب وهو أمر يمكن أن يمر بصورة غير مؤلمة.

إيجابيات

قال الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى وعلاج الإدمان، إن تطبيق تحليل المخدرات له الكثير من الإيجابيات التى تجعل الكثير من المواطنين المتعاطين للأصناف المخدرة المختلفة يبدأون فى مراجعة أنفسهم بينما هناك بعض الفئات الذين تتسم وظائفهم بقدر من الحساسية يأتون خصيصًا إلى العيادات من أجل السؤال على وسائل التحايل على التحاليل محاولة فى منع انكشاف تعاطيهم للمخدرات خوفًا من الفصل من العمل أو التسبب فى مشاكل اجتماعية لهم.
ولفت فرويز إلى أن وقف تعاطى المخدرات هو أفضل وسيلة ممكنة بعيدًا عن تلك الوسائل الملتوية التى أصبحت معروفة من قبل أطباء التحليل، مشيرًا إلى أن التخلص من أعراض الانسحاب بات أمرًا سهلًا ولم يعد صعبًا كما كان من قبل حيث يمكن أن يستمر خلال فترة أقل من ١٥ يومًا مع تخفيف للآلام التى كانت شائعة وهو أمر يتطلب إرادة وباستخدام طرق التأهيل التى يتم استخدامها مع المتعاطين.
وأضاف فرويز أنه لابد من تطهير قطاع الدولة من السلبيات والمشاكل التى تعتريه والتى يسببها فى العادة من يتعاطى المخدرات ويدمنها لأنه يكون إنسانًا غير سوى ويوجد لديه مشاكل تتعلق بالانضباط وإنهاء العمل على النحو المطلوب ولهذا فإن تحليل المخدرات وما ينطوى عليه من قرارات إدارية سواء بفصل المتعاطى أو تحويله للتحقيق يعد أمرًا إيجابيًا.


وتشير الإحصائيات الرسمية التى أعدها الصندوق القومى لمكافحة الإدمان إلى أن معدلات التعاطى فى مصر خلال العام الماضى وصلت إلى أكثر من ١٠٪ وهى نسبة تمثل ضعف المعدلات العالمية كما أن نسبة التعاطى بين الذكور ٧٢٪، بينما بين الإناث بلغت ٢٧٪ واتضح أن أكثر أنواع المخدرات انتشارًا بين المدمنين هى أقراص الترامادول بنسبة ٥١.٨ ٪ ويأتى فى المرتبة الثانية الهيروين بأكثر من ٢٥٪ ويليه الحشيش بنسبة نحو ٢٣٪ وهذا بحسب تصريحات سابقة لعمرو عثمان رئيس صندوق مكافحة الإدمان.

من جهتها قالت الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي: إن نسبة المدمنين فى مصر متوافقة مع النسبة العالمية خلال تصريحات لها خلال العام الحالي.
ولعل هذا يجعل هناك حالة من الذعر بين الكثير من المتعاطين وغيرهم بالتزامن مع تشديد الرقابة على تحاليل المخدرات والتى تقوم بها مختلف المؤسسات والجهات الرسمية بعد تصريحات المستشار محمد جميل رئيس «المركزى للتنظيم والإدارة» خلال العام الماضى والذى أكد خلالها على وجود اتجاه لتحليل مخدرات لموظفى الجهاز الإدارى للدولة دوريًا لتطبيق نص المادة ١٧٧ من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية بإجراء التحاليل الطبية الخاصة بكشف متعاطى ومدمنى المخدرات من موظفى الجهاز الإدارى للدولة، وإذا ثبت تعاطى أى موظف للمخدرات بكل أنواعها سيتم منح الموظف فرصة أخيرة فقط مدتها ٣ أشهر وإذا لم يستجب ولم يمتنع عن تعاطى المخدرات يتم إنهاء خدمته فورًا.