الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

فرانشيسكا ماريا كوراو تتحدث لـ"البوابة نيوز": الأدب العربي لا يزال يعاني من نظرة مجحفة في الغرب.. الثورات العربية كانت نتيجة للتطور الثقافي.. السلطة الحاكمة يجب أن تعطي صوتًا للمعارضة لتقوية روح الشعب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل تعرف عن الأدب الإيطالى أشياء كثيرة؟ أو من هم الكتاب الذين نعرفهم؟ وهل بينهن كاتبات إيطاليات؟ لو طرحنا على أنفسنا هذه الأسئلة، سنكتشف أن الأسماء التى نعرفها فى الأدب الإيطالى معدودة جدا، دانتي، بوكاتشو، ميكافيللي، أمبرتو إيكو، إيتالو كالفينو، وغالبية هذه الأسماء تنتمى للأدب الكلاسيكي، ولا تغطى الجانب الحداثى فى الكتابة الإيطالية للجيل الشاب، خاصة فيما يتعلق بالكتابة النسوية، إذ لا توجد نصوص لكاتبات إيطاليات، خاصة المعاصرات منهن.
فالكاتبة الإيطالية فرانشيسكا كوراو قدمت العديد من الإبداعات مثل «جحا الخبيث، الأحمق، الحكيم».. التقت «البوابة»، الكاتبة الإيطالية فرانشيسكا ماريا كوراو، لتتحدث عن الأدب العربى، وعلاقتها به، ومدى تطور النظرة الغربية للفنون العربية.. وإلى نص الحوار:

■ فى البداية كيف يمكنك تقديم نفسك للقارئ العربى؟
- تخرجت فى الدراسات العربية من جامعة روما «لا سابينزا» ١٩٨٣، وحصلت على درجة الماجستير فى الدراسات العربية من الجامعة الأمريكية فى القاهرة ١٩٩٠، وحصلت على الدكتوراه فى الدراسات الإسلامية وفقه اللغة العربية فى جامعة روما «لا سابينزا» ١٩٩٣-٢٠٠٣.
كما أننى أستاذ الثقافة الإسلامية فى الجامعة الكاثوليكية فى ميلانو ٢٠٠٣. وأستاذ اللغة العربية وآدابها فى جامعة نابولى الشرقية، فى كليات العلوم السياسية والفنون، وأستاذ اللغة العربية وآدابها فى جامعة الشرقية.
■ برأيك هل ما زالت النظرة التقليدية للثقافة العربية مستمرة لديكم فى الغرب؟
- يؤسفنى القول أن نظرة الإجحاف فى حق الثقافة العربية لا تزال موجودة فى الغرب، ولقد اكتشفت الكثير عن هذه الثقافة لدى وجودى فى القاهرة لفترة طويلة، فمثلا لم يحظ الشعر العربى بالاهتمام اللازم فى الدراسات الغربية، وأرى أن الشعر يلعب فى العالم العربى دورًا أهم منه فى الغرب.
■ عشتِ فى مصر منذ فترة طويلة وتعلمتِ على يد كبار اللغويين المصريين فى الجامعة.. كيف دخلتِ إلى حقل الثقافة العربية ولغتها؟
- بدأت أدرس اللغة العربية فى الجامعة بإيطاليا، لأنى كنت أريد أن أكتشف الأدب العربي، فلم يكن هناك كتب مترجمة لهذا الأدب غير «ألف ليلة وليلة»، وكنت أريد أن أعرف ماذا غير ألف ليلة وليلة، وأتيت إلى القاهرة فاكتشفت الكثير من خلال أستاذتى سهير القلماوى وحمدى سكوت، ومع أصدقائى أمل دنقل وأحمد عبدالمعطى حجازى وعفيفى مطر وأحمد فؤاد نجم. وعرفت أكثر عن اللغة العربية وثقافتها وحضارتها.
■ فى مقال لك منشور، ذكرتِ أثر الثقافة العربية وقوتها فى المنطقة ككل.. كيف ترينِ ذلك؟
- أرى أن هناك أفكارًا مثيرة، وكلامًا مهمًا بالنسبة للحضارة المعاصرة، ورؤية للوجود الإنساني، وهو ما يجعلنى أترجمه، فما حدث فى الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الثانية مهم جدًا لأنه غير خريطة البحر الأبيض المتوسط التى تشمل العرب والغرب معًا.. الثورات العربية كانت نتيجة للتطور الثقافى وهذا التطور مر من خلال الكثير من الأدوات، منها الشعر المعاصر على سبيل المثال، والفكر والرؤية العميقة لدى الشاعر، والعلاقة القوية لدى الشعر والشعراء، وهذا موجود فى البلدان العربية أكثر منه فى أوروبا.
■الفيلسوف الإيطالى الشهير «غرامشى» تحدث عن المثقف العضوي.. هل ترين أن العالم اليوم يحتاج إلى مثقف غرامشي؟ أم هناك رؤية جديدة مختلفة عن غرامشى يحتاجها العالم؟
- يحتاج لرؤية غرامشى ورؤية أخرى جديدة، وأعتقد كما كان غرامشى يعتقد بأن المثقف له دور مهم، فهو يرى ما يحدث ويعبر عنه، ولا يمكن للمثقف أن يجلس بجانب القوة والسلطة وينسى أن يعبر عما يشعر به الشعب؛ يجب أن يكون المثقف هناك بين القوة وبين الشعب. عادة العبقرى الذى يملك رؤية عميقة لديه صعوبة مع السلطة، فربما يهجرها ويرحل، لذا على السلطة الحاكمة أن تعطى صوتا للمعارضة حتى لو كانت ضعيفة كى تقوى روح شعب؛ مثلا شعب مصر قوى لأن هناك أكثر من معارضة من خلال المثقفين. صوت المعارضة مهم لصحوة الشعب.

■ كيف ترين حركة الشعر فى مصر والعالم العربي؟
- الشعر الآن ضعيف، لأن الكثير يعتمد على الإرث المتروك لنا ولا أحد يحاول أن يجدد ذلك الإرث، إلى أن أصبح قليل جدا، بل ونادرا ما تجديه، وذلك خطأ فادح سواء لمصر أو أى دولة، لكن مصر هى التى توزع فائضها من الإبداع إلى الدول الأخرى.
■ النخبة هنا والنخبة فى إيطاليا. هل هما فاعلتان فى مجتمعهما أم بعيدتان عن تلك الرؤية من الأساس وتعيشان كل فى برجها العاجي؟
-فى إيطاليا قليل ما تقابل مثقفًا برؤية غرامشى بسبب حال نشر المعرفة، كيف توزع الكلمات من خلال الصحف والإذاعة، وهى ملك سيلفيو برلسكونى، رجل أعمال إيطالي تولى رئاسة الحكومة الإيطالية ثلاث فترات، يمتلك وسائل إعلام عدة فى بلاده كما يرأس نادى «إى سى ميلان» الرياضي، وأكبر دار نشر وأكبر قناة تابعتان له وصعب أن تتحرك فى هذا الإطار، وأن يكون هناك حرية وفاعلية. غير أننى لا أنكر أن هناك معارضة لكن ضعيفة جدًا لا تستطيع أن تقدم جديدًا.
■ أنتِ من الذين يحاولون النظر إلى ثقافة غيرهم.. كيف ترين النظرة إلى أفكار الغير؟ وهل هناك رؤية موضوعية لذلك؟
- نحن نأخذ الأيديولوجيا ونفهم منها ما نستطيع أن نفهمه ولا نأخذها بالطريقة ذاتها، يجب أن نتناولها بنوع من الترجمة كى نستطيع فهمها؛ الاشتراكية فى ألمانيا تختلف عن غيرها فى الصين، والرأسمالية فى أمريكا تختلف عنها فى الهند، أنا آخذ الشيء ذاته فى إطار حديثى عن تلك الرؤى الأيديولوجية التى يجب أخذها بشكل علمي.
■هل هناك إجحاف فى نظرة الغرب للثقافة العربية؟
- لا تزال هذه النظرة موجودة لدى البعض فى أوروبا وأمريكا، لا ننكر ذلك، فهناك من يعتقد أن الأيدولوجيا الغربية والأمريكية أفضل من الأيديولوجيا والأفكار الشرقية، وهناك مفكرون فى إيطاليا يعتقدون أن أفضل فترة للعرب هى العصور الوسطى، وهذا لأنهم بعيدون عن هذه الثقافة وعن ترجماتها، أنا وجيلى نبحث عنها لأننا عشنا فى البلدان العربية، هناك من يعيش فى دمشق وتونس ومصر، أنا أدرس الفلسفة العربية كما أدرس غيرها.
■ مستشرقة إيطالية تنتقد اتجاه العرب لتعلم لغات غير العربية.. لماذا تصرحى دوما بذلك؟
- اللغة العربية تعد من أصعب لغات العالم وأعذبها رغم أن الجميع يتجه حاليًا لتعلم اللغة الإنجليزية، ولم يكتب أحد من كبار الأدباء العرب إلا وقرأت له، إن الناقد الأدبى غنيمى هلال صاحب كتاب «الأدب المقارن» من النقاد الذين تناولوا الصورة الأدبية حسب تنوع النظرة إليها فى مختلف الفلسفات والمذاهب الأدبية الحديثة، ويرجع اختلاف المذاهب فى تحديد مفهوم إلى أكثر من أمر، إن اختلاف النظرة فى تحديد مفهوم الخيال وأثره، ومكانه من الوهم «فكان المفهوم القديم للخيال عقبة فى سبيل فهم الصورة»، ولذلك حذر منه البعض ومدحه البعض لأنه أعظم قوة فى الإنسان.. غنيمى هلال قبل أن يحدد مفهوم الصورة الأدبية بناء على فهمه للمذاهب الأدبية الحديثة التى أثرت فى شعرنا ونقدنا الحديثين، أراد تيسير المفهوم للصورة فى الكشف عن طبيعتها فضرب لها مثلا بالوردة التى يقع عليها النظر، فيقلب المتأمل نظره فى شكلها وأوراقها وألوانها.