الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

محمود صلاح يكتب: مأساة امرأة كانت ملكة (10 -12)

الكاتب الصحفي محمود
الكاتب الصحفي محمود صلاح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أنا الملك إذن أنا الدولة
الملك يرسل ابنته بحقائب مجوهرات لإيداعها فى بنوك «سويسرا».. ويصافح زوجته ببرود.. ويستقبل الكلب بحفاوة
فاروق يتحدث عن زيارة حماته: مش كفاية مصيبة واحدة.. يبقوا مصيبتين
«ناريمان»: «فاروق» كاذب.. وزور مذكراتى الملك يسخر من زوجته: مدرب الكلاب أكثر مَـنْ يفهم الملكة
فى هذه الحلقات يكتب الكاتب الصحفى محمود صلاح حكايات مهمة عن حياة الملكة ناريمان، ابنة حسين صادق ووالدتها أصيلة هانم، والتى جاءت بعدما أصيبت والدتها «بالإجهاض» تسع مرات، قبل أن تنجب المولودة ناريمان فى النهاية.
وأصبحت ناريمان فتاة جذابة، وبدت مثل وردة جميلة بين زميلاتها فى مدرسة الليسيه الفرنسية، وسرعان ما كان من الطبيعى أن يجذب هذا الجمال العرسان وراغبى الزواج، كما كان هناك رغبة من والدتها بزواجها من الدكتور الشاب زكى هاشم، إلا أن اليوزباشى صلاح الشعراوى ابن اللواء الشعراوى قائد سلاح الطيران دخل على الخط.
إلا أن البحث عن خاتم مناسب لخطوبة ناريمان، كان هو الطريق الذى ساقها بالمصادفة للزواج من الملك فاروق لأن تكون آخر ملكات مصر.

هل صحيح أن الملك فاروق قام بتأليف مذكرات عن حياة ناريمان دون أن تعلم هى.. بنشر هذه المذكرات؟
يؤكد أمين فهيم سكرتير فاروق أن ناريمان حضرت إليه وأخبرته أن فاروق زور مذكراتها دون أن تعلم.
- وأن ناريمان قالت له: لقد كتب فاروق مذكرات بإمضائى ونشرها فى الصحف دون أن أعلم. إنها مذكرات مزورة. وكل ما فيها كذب. ولم يحدث إطلاقًا. ولقد ذهبت للملك وقلت له إننى أريد نشر تكذيب.
■ فقال لى: تكذيبها إزاى؟ أنا اللى أمليت هذه المذكرات.
وقالت ناريمان إنها اكتشفت أن فاروق كان يخلو إلى صديقه الصحفى الإنجليزى نورمان برايس فى ركن منعزل فى الفندق. ويمليه ما أسماه مذكرات وأننى لم أخط حرفًا واحدًا فيها. أنا لم أكتب كلمة واحدة من هذه القصص. أنا حتى لم أقرأها. أنا سمعت بها فقط. ولقد طلبت من فاروق أن يطلعنى على هذه المذكرات لكنه رفض. كيف تنشر الدنيا مذكرات باسمى ويقرأها الناس ولا أقرؤها أنا؟ هذا ظلم!
وطلبت ناريمان نسخة من الصحف الفرنسية إللى نشرت هذه المذكرات فأعطاها لها بعد إلحاح منها. وقرأت ناريمان المذكرات. ثم ألقت بالجرائد على الأرض..
- وقالت: أنا كنت عارفة إنه كذاب.. إنما ماكنتش عارفة إنه كذاب للدرجة دى.. ومزور كمان!
وثارت ناريمان وحدثت مشاكل كثيرة بينها وبين فاروق حول هذه المذكرات. وفى جزيرة كابرى بدأت ناريمان تشكو من أن فاروق يقصد أماكن اللهو ويقيم علاقات غرامية مع نساء كثيرات.
وفى أحد الأيام، استدعى فاروق سكرتيره أمين فهيم وأخبره أن ناريمان مريضة. ولابد من سفرها إلى سويسرا لاستشارة طبيب متخصص. وطلب منه اتخاذ إجراءات سفرها. واعتقد أمين فهيم أن ناريمان قد دبرت خطة للهروب. وفجأة استدعاه فاروق.. 

■ وسأله: هل أعددت ترتيبات سفر الملكة إلى سويسرا؟
- رد أمين فهيم: نعم يا مولاى.
■ سأله: وهل هى مسرورة من السفر؟
- قال أمين فهيم: طبعًا لأنها منزعجة على صحتها.
ضحك فاروق..
■ وقال: وسوف أزيدها سرورًا.. سوف أرسل معها «كافاتسى» مدرب الكلاب!
- قال أمين فهيم فى دهشة: مدرب الكلاب؟
■ رد فاروق ضاحكًا: إن «كافاتسى» يفهم فى معاملة الكلاب جيدًا.. وهو خير من يفهم ناريمان! وستكون مهمته أن يراقبها جيدًا فى سويسرا. وأن يمنعها من الهرب!
- قال له أمين فهيم: وهل تنوى الهرب؟
■ قال فاروق: يجوز.. مين عارف.. اسمع يا أمين نصيحة لا تثق بأية امرأة من هنا إلى باب الغرفة!
■ ثم استطرد: وعمومًا أنا قلت لناريمان إننى سأرسل «كافاتسى» إلى سويسرا ليشترى مجموعة من المسدسات الحديثة لى وللحاشية.. هاها.. وطبعًا فهمت ناريمان أن «كافاتسى» حايكون معاه مسدسات.. وأن لديه أمرًا بإطلاق النار عليها إذا رفضت الرجوع!
لكن أمين فهيم أقنع فاروق بأن يسافر محاميه الإيطالى داميليو مع ناريمان. لأن سنه ومركزه يمنعان القيل والقال. بالإضافة إلى أن سفر الملكة مع مدرب الكلاب قد يكون وسيلة دعاية سيئة فى الصحف العالمية!
ووافق فاروق..
وأصدر أوامره بتشديد الحراسة على طفله أحمد فؤاد. حتى لا تفكر ناريمان فى خطفه.
وسافرت ناريمان إلى سويسرا!
***
وكان مدرب الكلاب «كافاتسى» يرسل إلى فاروق تقارير سرية مفصلة عن كل تحركاتها. منذ لحظة استيقاظها من النوم. وتحركاتها والناس الذين تحدثت إليهم.
وظل مدرب الكلب يتحرك مع ناريمان فى كل مكان.. كأنه ظلها!
- وذات يوم اتصل بفاروق وقال له: «أصيلة هانم» أم الملكة وصلت إلى سويسرا!
وتضايق فاروق بشدة من اجتماع حماته مع زوجته!
لكنه كان يتصل بناريمان ليعرف أخبارها..
وأحيانًا يكون لطيفًا معها.. وأحيانًا أخرى يكون فى منتهى البرود..
وذات يوم، قال فاروق لسكرتيره: لقد قررت ارسال فريال إلى سويسرا. لكى تذهب إلى الملكة وتقدم لها تحياتى وتستفسر عن صحتها وتطمئن عليها بالنيابة عنى!
وتعجب أمين فهيم من هذا التصرف الإنسانى اللطيف من فاروق. والذى جعله يوفد كبرى بناته إلى سويسرا. لكى تحمل تحياته إلى زوجة أبيها!
لكن فاروق ضحك..
■ وقال له: إنت عبيط؟ هذه هى مهمة فريال الرسمية. لكن توجد هناك مهمة سرية. المهمة الحقيقية. أننى أريد أن تسافر فريال إلى سويسرا بحجة زيارة ناريمان وتحمل معها عدة حقائب مليئة بالمجوهرات لإيداعها فى أحد بنوك سويسرا!
- سأله أمين فهيم: ولماذا لم ترسل المجوهرات مع ناريمان؟
■ قال له فاروق: برضه إنت عبيط.. لو فعلت ذلك ستأخذ ناريمان المجوهرات وتهرب!
- قال له أمين فهيم: إننى أخشى أن يكون فى هذ العمل مخاطرة كبيرة. لأن هذه عملية تهريب من إيطاليا إلى سويسرا والقانون يمنعها. ولو حدث وشك البوليس الإيطالى أو البوليس السويسرى فى حقائب فريال. وفتحوها ستقع فريال فى ورطة كبيرة. وسوف تضطرب. وتكون فضيحة!

■ رد فاروق: سوف يسافر المحامى الإيطالى داميليو والحلاق جارو. فإذا حدثت مشاكل يحلها المحامى.
- قال له أمين فهيم: وهل ستخبر المحامى بما فى الحقائب؟
■ قال فاروق: لا.. سأخبر فريال فقط!
- قال له أمين فهيم فى يأس: أمرك يا مولانا.. لكنى أشفق على الأميرة أن تتعرض لمتاعب لو فتش البوليس حقائبها لأى سبب.
■ قال له فاروق: خلى قلبك جامد.. فريال فوق الشبهات!
***
وسافرت الأميرة فريال إلى سويسرا..
وأمضت ليلتين فى نفس الفندق الذى كانت تقيم فيه ناريمان فى لوزان.
لكنها لم تر ناريمان سوى مرتين خاطفتين. مرة عندما وصلت ومرة ساعة رحيلها!
وقضت ناريمان فترة فى سويسرا..
ويقول أمين فهيم فى مذكراته أن مشكلة ناريمان أنها لم تكن تجد من تتكلم معه. ولا من تشكو له. وكانت تبحث عن صديقة تتحدث معها بحرية. وفى مدينة كابرى كانت قد تعرفت بزوجة «بيير بوسيتى» صاحب كازينو القمار الشهير فى سان ريمو بإيطاليا. وكان الرجل صديقًا لفاروق. 
ونزلت مدام بوسيتى ضيفة على ناريمان فى الفندق..
ومن اللحظة الأولى اتخذتها ناريمان صديقة لها. تخرجان معًا وتعودان معا. وكانت تساعد ناريمان فى اختيار بعض ملابسها. وخاصة البنطلونات القطيفة الملونة وصنادل كابرى المذهبة.
وكانت الاثنتان تجوبان شوارع كابرى وحواريها. وهما ترتديان البنطلونات والصنادل. على عيونهما نظارات شمسية سوداء!
ولم تعد ناريمان تشعر بالوحدة.. 
ذات يوم حضر «بوستى» إلى أمين فهيم وطلب منه أن يتوسط له عند فاروق ليعطيه قرضًا. بعد أن شاهد فاروق ينفق ملايين الليرات ذات اليمين وذات الشمال!
■ لكن فاروق ثار عندما سمع بهذا وقال: رجل معندوش دم صحيح.. أنا دلوقت معنديش فلوس!
وبدأ فاروق يتحاشى الرجل الإيطالى..
وسافر الإيطالى وأخذ زوجته معه.
ومرة أخرى عادت ناريمان وحيدة!
***
فجأة.. اتصلت ناريمان من سويسرا بفاروق..
وقالت له إنها ستعود إلى إيطاليا ومعها أمها أصيلة هانم!
وتضايق فاروق بشدة.
■ وقال لسكرتيره: موش كفاية مصيبة واحدة.. راح يبقوا مصيبتين!
ويوم وصول ناريمان إلى إيطاليا..
ذهب فاروق مع سكرتيره أمين فهيم لاستقبالهما..
ونزلت ناريمان من الباخرة أولًا..
ثم نزلت «أصيلة هانم»..
ثم فيوليت الخادمة والمحامى.. و«كافاتسى» مدرب الكلاب!
وكان مدرب الكلاب يحمل معه المسدسات المطلوبة. ومجموعة مستحضرات طبية سويسرية. وأخيرًا كلب «ذئب» عمره ستة أشهر!
وتقدم فاروق لاستقبال زوجته.. وحماته!
وكان استقبالًا باردًا جافًا!
صافح فاروق حماته.. ببرود!
وصافح الكلب بمنتهى الحرارة!
لكنهم عندما وصلوا إلى القصر. شم فاروق أن الجو مكهرب. فحاول أن يلاطف حماته.
■ وقال لها: آنستينا.. وحشتينا.
لكن «أصيلة هانم» لم ترد تحية فاروق!
- وقالت له: لا تؤاخذنى يا مولاى.. نفرض لا سمح الله جرى لك حاجة.. مافيش ضمان لابنتى فى المستقبل!
وثار فاروق..
■ وقال لها: أنا لا أسمح بهذا الكلام.. كل كلامك إنت وبنتك فلوس.. فلوس فلوس.. عايزين فلوس!
ونادى فاروق على سكرتيره..
■ وقال له: اتكلم معاها!
■ وقال لحماته: اتكلمى معاه!
ثم انصرف غاضبًا!

وبدأت المفاوضات.. كما يقول أمين فهيم فى مذكراته!
- قالت «أصيلة هانم»: أولًا.. تاج ابنتى!
■ سألها سكرتير فاروق: تاج إيه؟
- قالت «أصيلة هانم»: التاج التاج.. إللى سرقه الملك.. لامؤاخذة.. اللى أخذه الملك.. التاج الماسى «دياديم». الذى أعطاه فاروق لابنتى يوم الزفاف. لقد أخذه منها وقال لها إنه سوف يضعه فى مكان أمين. ومن يومها ماشفتش التاج!
■ قال لها سكرتير فاروق: وهل فاتحت الملكة الملك فى استرداد التاج؟
- قالت «أصيلة هانم»: طبعًا.. فاتحته مرة ومرة. وكان بيشخط فيها. وكان بيتهرب من الإجابة. أنا بصراحة عايزة تاج بنتى. وهناك أيضًا هدايا القران الملكى. يجب أن تكون مودعة فى البنك باسم ابنتى!
■ سألها سكرتير فاروق: وإيه تانى؟
- قالت: عاوزه جواب من فاروق للحراسة فى مصر لتمكينى من الحصول على مبالغ كانت فى ذمته ومبالغ تانية حسبتها الحراسة على ناريمان. مع أن فاروق لازم يدفعها.
■ قال لها أمين فهيم: هل هذا كل شىء؟
- قالت: لا.. المعاملة.. الملك سوف يقتل الملكة.. إنه يعذبها عذابًا لا تحتمله البنت. إنه يضربها ويشتمها ويبهدلها أمام الناس. ويهزأ بها أمام المربيات! إن ابنتى صغيرة ومريضة ولا تحتمل هذه البهدلة فى الغربة.. وأما أن ينفذ الملك هذه الطلبات.. وإما آخذ ابنتى معى!
ذهب سكرتير فاروق إليه ليبلغه بطلبات «أصيلة هانم»..
- وقال له: يا مولاى.. يبدو أن الملكة متفقة مع أمها على هذه الطلبات! 
■ قال له فاروق: هل قالت لك الملكة ذلك!
- قال أمين فهيم: لم تقل هذا. وإنما كان الحديث أمامها. وكانت تهز رأسها علامة الموافقة!
هز فاروق رأسه
■ وقال: الطلبات مرفوضة.
- قال له سكرتيره: كلها؟
■ رد فاروق: كلها!
- قال له سكرتيره: إن معنى هذا الطلاق!
■ قال فاروق: طظ!
- قال له سكرتيره: أظن أنه من الممكن أن تقبل بعض الطلبات.
■ قال فاروق: لا أكتب خطابًا للحراسة.
- سأله سكرتيره: والتاج ؟
■ قال فاروق: التاج ليس ملكها. إنه ملك الدولة. وأنا الدولة الآن!
- سأله سكرتيره: وماذا أقول لها الآن؟
■ رد فاروق: قل لها إن هذا تاجًا يوضع فوق رأس ملكة. وعندما أطلق ناريمان سوف أضعه على رأس الملكة التى سأتزوجها!
أخذ أمين فهيم يحاول إقناع فاروق بعدم الاصطدام «بأصيلة هانم» ومحاولة التفاهم معها.
■ لكن فاروق قال له: اسمع.. أنا أكرهها!
- قال له: أعرف ذلك يا مولاى.. لكن الظروف التى أنت فيها لا تسمح بالاصطدام والفرقعة!
■ قال فاروق: هى اللى حتفرقع!
- قال له أمين فهيم: ولنفرض أنها ستفرقع.. هذه الفرقعة سوف تسىء إليك.
■ رد فاروق قائلا: أنا لا يهمنى..
ثم صمت برهة..
■ وعاد يقول لأمين فهيم: طيب.. قل لها إن المفاوضات مستمرة!
***
يقول أمين فهيم فى مذكراته أن مقابلات فاروق لحماته فى تلك الأيام ندرت. وأن ناريمان أخبرته ذات يوم أنها استطاعت إقناع فاروق بأن يقبل جميع شروط أمها «أصيلة هانم». ووافق على أن يدفع لها مبلغا من المال. ويعيد لها بعض المجوهرات. ويكتب خطابًا للحراسة.
لكنه وضع شرطًا واحدًا!
أن تعود أمها أصيلة هانم إلى مصر!
وسافرت «أصيلة هانم»..
لكن فاروق لم يعط ناريمان أية أموال ولا مجوهرات ولا الخطاب المطلوب للحراسة!
وتكهرب الجو بينهما..
- وكانت ناريمان تقول عن فاروق: الملك خدعنى.. غشنى.. ضحك على وعلى ماما!
وذات يوم..
استدعى فاروق سكرتيره أمين فهيم وكان ثائرًا وغاضبًا. ويحمل فى يده رسالة. بعثت بها «أصيلة هانم» من القاهرة إلى ابنتها ناريمان. وطلب منه أن يقرأ الرسالة. وكانت فيها عبارة تقول: «أما كريستيان ديور فأنا آسفة أنه ماطلعش بنى آدم. وظهر إنه كذاب فى وعده. وأنا كنت متوقعة كده منه من زمان»!
ولم يفهم سكرتير فاروق ماذا تعنى هذه العبارة..
فانتزع منه فاروق الرسالة..
■ وقال له: مافهمتش؟ أنا كريستيان ديور. أنا الكذاب. أنا اللى موش بنى آدم!