السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«صبي» نيويورك تايمز.. ومهاترات «مرزوق»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصبح معتادا هبوب رياح الأكاذيب والسموم كل عام بالتزامن مع ذكرى قرار الحكومة فض اعتصامات مسلحة فرضتها عصابة «البنا» فى منطقتى مدينة نصر والجيزة -بعدما أقصى حكمها الشعب- والذى كان هدفها تقسيم مصر وإشعال حرب أهلية، لم يعد مثيرًا للدهشة أن يتم التعامل مع مصر من وسائل إعلام غربية بأسلوب الكذب والتربص، مقابل حالة «خرس إعلامي» أمام قضايا انتهاكات فاضحة للقوانين والحريات موثقة بالفيديو فى دول مثل تركيا، قطر، أو غيرهما.
كريستيان إمانبور، إحدى أبرز مقدمى البرامج فى قناة «سى. إن. إن»، تاريخها الإعلامى حافل بما يكشف عن جمعها «المجد من أطرافه!» هى «إيرانية - صهيونية» لم تتجاوز قناعاتها المتطرفة تجاه أى قضية هذا الموروث الذى فشلت فى التخلص من «جيناته». استضافت الأسبوع الماضى على مدى نصف ساعة فى برنامجها، مراسل جريدة «نيويورك تايمز» دافيد كيركباتريك، صاحب التاريخ الطويل من التقارير المزيفة. بداية بتحريف تصريحات للمستشارة تهانى الجبالي..مرورًا بأكذوبة تولى حبيب العادلى منصبا فى السعودية.. وأخيرا تسجيلات مفبركة بصوت من يدعى صفة مسئول مصرى يُملى توجيهات إلى إعلاميين. البرناج دار حول الترويج لكتاب «كيركباتريك» الجديد عن رؤيته للأحداث فى مصر منذ عام ٢٠١١، المراسل «المعجزة!» يطرح ما يزعم أنها شهادته مدللا بوجود «إمانبور» معه فى القاهرة أثناء هذه الفترة، ليستطردا فى سرد إعلامى مثير للشفقة يصل بالمتابع إلى درجة الرغبة فى التأكد من الدولة المقصودة بالحديث. هل هى نفس شوارع مصر التى كان الملايين شهودا على أحداثها!؟ ينفى «كيركباتريك» عن نفسه دور محامى الدفاع عن جماعة «الإخوان»، ذات الأسطوانة المشروخة التى تُمهد لقبول ما يليها من سموم، تحديدًا بين فئة مشاهدة عريضة تفتقد أى معلومات دقيقة عن الحقائق.
فاصل التربص الخبيث يستمر مع أسف ثنائى البرنامج على تحطم حلم شباب ميدان التحرير فى ٢٥ يناير، ليجزم «كيركباتريك» بتبجح أن مهزلة انتخابات ٢٠١٢ جرت بنجاح فى أجواء الحرية والشفافية!! والأدهى تصاعد المغالطات مع تأكيده وجود وسيلة لمغادرة «الإخوان» الحكم عبر انتخابات، دون تقديم أى دليل يُفنِد ما أحاط الانتخابات من تهديدات وانتهاكات، أو ما ينفى حقيقة تاريخ جماعة «الإخوان»، كونها ميليشيا مسلحة كان لا بد من إقصائها بإرادة شعبية عارمة، المراسل «المهني!» يسخر حتى من أهداف تبلور هذه الإرادة إلى ثورة فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ تطالب بعودة شرعية القانون والدستور، والتخلص من خراب حكم «الإخوان»، زاعما أن الديمقراطية ماتت فى مصر ذلك اليوم، دون أن يُزعج نفسه بالرد على كيف يتسنى لأكثر من ٣٥ مليون مواطن قتل الديمقراطية فى بلدهم؟! «صبى نيويورك تايمز» لا يتردد فى تكرار نعيق الإخوان حول توجيه الاتهام للجميع بالتآمر على محمد مرسي، رافضا اعتبار عام ٢٠١٢ الأسود بأنه فترة حكم جماعة الإخوان بحجة عدم سيطرتهم على مقاليد الحكومة التى كان يعمل القائمون عليها ضد مرسي!. تعمد «كيركباتريك» تجاهل عقود من الصلات الحميمة بين أمريكا والإخوان ليربط نجاح ثورة ٣٠ يونيو، بالرسائل المتخبطة التى بلغت القاهرة من الإدارة الأمريكية، وحرص الثانية على الاحتفاظ بعلاقة جيدة مع الجيش المصري.. فى المقابل يطرح السؤال نفسه، كيف يقرأ احتضان أمريكا للمؤسسات والوفود الإخوانية على مدى الأعوام الماضية؟
عرض الكتاب «المسموم» يبلغ ذروة التضليل مع أحداث فض الاعتصامات المسلحة فى رابعة والنهضة، إذ تتجاوز مزايداته شهادات كبار مجرمى ميليشيات الإخوان مثل أحمد المغير، وغيره، ممن أكدوا وجود مختلف أنواع الأسلحة فى رابعة، ولا أحد يعلم فى أى «رابعة» كان «كيركباتريك» وهو يصف المعتصمين بمجموعة سلميين! المهنية المزعومة لم تخجل حتى من مئات شرائط الـ«يوتيوب» التى توثق دموية الطرف الذى رد بالرصاص على نداءات الشرطة بإخلاء الميدان سلميًا عبر ممرات مؤمنة.
على الطرف الآخر، تدنى معصوم مرزوق -الذى ربط اسمه بحمدين صباحي- إلى مرتبة استخدامه كفقاعة صوتية تظهر لهدف محدد فى توقيت معين ثم تتلاشى بعد ثوان ليس جديدا. أمثال هذه الشخصيات الباحثة عن أى بقعة ضوء فى المشهد السياسى، أفقدت «صباحى» فرصة الاضطلاع بدور فى معارضة تهدف بشراكتها إلى البناء، أبواق الهدم استغلت صورة صباحى لتغرقه فى دوامة المزايدات السياسية، ما أدى إلى انفضاض مجموعة محدودة كانت ترى فيه مشروع معارض وطني، بل قضت حتى على تجربة حزب «الكرامة»، ما دعا صباحى مع مجموعة أخرى إلى التبرؤ من فقاعة «مرزوق»، مؤكدين على ربط استقرار البلاد باحترام الدستور.
صفوف المعارضة رفضت دعوة مرزوق السامة بما تحمله من تمزيق النسيج الوطني، التطاول على المؤسسة الدستورية والمساس بالأمن القومي. البيان إما يُعبر عن مرزوق بشكل شخصى وفردي، ما لا يعطى له صلاحية الحديث باسم الشعب المصري، أو أنها صيغت من طرف فقد كل مقومات فرض الأمر الواقع بقوة السلاح، ولم يعد فى جعبته سوى السيوف الخشبية، كلمات مرزوق تكشف بوضوح مصدرها، مهاترات «عصابة البنا» المكررة بكل مفرداتها السمجة إسقاط الشرعية الدستورية عن النظام، نسف مؤسسات الدولة، تعطيل الدستور.. والاستهانة بالدم المصرى عبر المطالبة بإعادة الإخوان إلى المشهد السياسى، رغم الرفض القاطع من جميع القوى السياسية والشعب.