الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

محمد علي إبراهيم يكتب: المونديال.. شهر النسيان العربي!

الكاتب الصحفي محمد
الكاتب الصحفي محمد علي إبراهيم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لقد أثبتت أكثر من بطولة كأس عالم أن الكرة أهم من السياسة.. وأنها أفضل مخدر للغضب من عنصرية إسرائيل وطموحات إيران فى احتلال الخليج وامتلاك سلاح نووي.
لقد نسى العرب أو تناسوا أن الاحتلال الأمريكى فى أفغانستان قد اغتنم شهر المونديال المبارك ليزف للعالم بشرى عثوره فى أرض ممر خيبر على ماس ويورانيوم وذهب تتجاوز قيمتها ٣ مليارات دولار.. انشغلنا بكأس العالم ولم نتجرأ على اتهام الاحتلال وجنود المارينز بسرقة ثروات الشعوب المقهورة بالاستعمار الجديد.
نسينا أيضًا فى غمرة نشوة كأس العالم وخمرها المعتق أن الاحتلال الأمريكى للعراق دفن ملايين الأطنان من السموم فى شهرى مايو ويونيو فى أرض الرافدين بحيث يغيب عنها للأبد لقب «الأرض السوداء» رمز الخصوبة والنماء وتتحول إلى صحراء الموت الأمريكى السريع.


وتستمتع حكومات أخرى بمشاهدة العراك بين رعاياهم وقد انصرفوا عن مطالبهم فى الخبز مع الكرامة وحق العمل وحق الرأى وحق الانتخاب وسائر البدع التى جاءتنا من بلاد الكفر والخروج من الدين وعليه.
تطغى صرخات التهليل للكرة التى دخلت المرمى على وقع أزيز الرصاص الإسرائيلى القاتل للمليونى فلسطينى المحاصرين فى قطاع غزة حتى الموت جوعاً وعطشاً، وسط أنقاض بيوت لجوئهم الثانى التى دمرتها الحرب الإسرائيلية.
وبالتأكيد فإن شهر المونديال الذى يكاد يكتسب أهمية استثنائية توازى القداسة ليس هو الموعد الأفضل لتذكير العالم بحقيقة أن إسرائيل تملك مفاعلاً نوويًا قادرًا على إنتاج الرءوس النووية منذ ثلاثين عامًا أو يزيد، وأنه قد أنتج - على ما تردده المصادر الموثوقة فى هذا المجال - مائتى رأس نووي.
وإذا ما وقعت معجزة واستطاع فريق عربى الوصول إلى الجولات الأولى من مباريات كأس العالم فإنه يستقطب عواطف العرب عمومًا الذين يشتهون نصرًا من أى نوع، ولو فى كرة القدم.. فينسون الخصومات التى يسقطها أهل النظام العربى عليهم ويندفعون فى تأييده، عائدين إلى عقولهم والأصول: إنه فريقهم جميعًا، وعليهم أن يشجعوه حتى لو كان أضعف من أن يصل إلى الدور النهائى والحصول على الكأس التى بمستوى الأمنية! فكيف إذا كان فيه، الآن، النجم محمد صلاح، وإذا كانت بعض المنتخبات العربية «تلعب» حقيقة فى المونديال الروسي!
ربما لهذا يتوزع العرب فى ولاءاتهم على فرق عدة، لكنهم يحجبون عواطفهم بالتأكيد عن الفريق الأمريكي، مثلاً، أو الفرنسي، أو البريطانى غالبًا، وينحازون إلى دول يعتبرونها الأقرب إلى قلوبهم، والأكثر تعاطفًا مع قضاياهم الأساسية، وفلسطين دائمًا هى المعيار، كمثل البرازيل والأرجنتين، ودول العالم الثالث إجمالا، أو الفرق المخاصمة لمن يخاصمونه سياسيًا.
يكفى أن نستعيد المشاهد المخزية لما حفلت بها المباريات بين منتخبى كل من مصر والجزائر فى مباريات كأس إفريقيا، لنتبين كيف خربت الأغراض السياسية المباشرة العلاقات الأخوية (بل المصالح الوطنية) بين الشعبين الشقيقين قبل أن تضرب الروح الرياضية فى الصميم وتشوه سمعة الأمة جميعًا التى وقف العالم يسمع المسئولين فى أكبر دولتين عربيتين «يردحون» ويتبادلون الشتائم ويهينون دماء الشهداء والرموز الوطنية لمن كانوا رفاق سلاح وشركاء فى الجهاد من أجل التحرير واستعادة الكرامة العربية والإسلامية.
إن الاجتياح الإسرائيلى للبنان فى يونيو - ١٩٨٢ قد تزامن مع مباريات كأس العالم، وكانت قد أقيمت فى إسبانيا.
ساعتها انشغلت الجماهير العربية العاجزة عن الفعل والتأثير على أهل النظام العربى بنتائج المباريات بين الفرق المختلفة عن وقائع ذلك الاجتياح الذى دمر عاصمة عربية مميزة هى بيروت «التى احترقت ولم ترفع الأعلام البيضاء».
كذلك فإن مباريات كأس العالم فى (يونيو ويوليو) ٢٠٠٦ قد شهدت مع نهاياتها الحرب الإسرائيلية على لبنان (من ١٢ يوليو وحتى ١٣ أغسطس - ٢٠٠٦) بكل البطولات والمواجهات المشرفة بين طوابير جيش الاحتلال بتفوقه الجوى والساحق وقوة نيرانه الجهنمية ومجاهدى المقاومة فى لبنان الذين واجهوا العدو فصدوه قبل أن تتحول هذه المقاومة إلى أداة سياسية للنظام الإيرانى البغيض.
وإذا كان كأس العالم فرصة للترفيه عن الشعوب العربية، فإنه لا ينبغى أن ينسينا قضايانا القومية ومخططات التقسيم التى يعدونها لنا وتحريك بعض الشوارع العربية لإعادة إنتاج الربيع العربى المقيت.