الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الجيش الوطني الليبي يطهر "درنة" من الإرهاب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نجح الجيش الوطنى الليبى، فى انتزاع السيطرة بشكل نهائى على مدينة درنة شمال شرقى البلاد، من بعض الجماعات المسلحة الموالية لتنظيم القاعدة الإرهابى، ليحرر بذلك إحدى أهم المدن التى شكلت مصدر دعم وإمداد رئيسى للجماعات الموجودة فى ليبيا، خاصة بالأسلحة والأفراد، وذلك لطبيعتها الساحلية وامتلاكها موانئ مهمة على البحر المتوسط، بخلاف طبيعتها الجبلية، ما جعلها مصدر تهديد لوحدة ليبيا واستقرارها ولدول الجوار خاصة مصر، حيث وفرت الجماعات الموجودة فى درنة، مثل «أنصار الشريعة» الدعم لجماعات إرهابية نفذت عمليات مسلحة داخل مصر، مثل هجومى الواحات والمنيا الإرهابيين.
ونجح الجيش الليبى بعد فترة طويلة من حصار الجماعات الإرهابية داخل مدينة درنة الساحلية، فى اقتحامها ودحر التنظيمات الإرهابية الموجودة بها، ولم تستغرق العملية سوى أيام، حيث خضع تحرير المدينة لترتيبات إقليمية ودولية، فقد كانت هناك اعتراضات من قبل حكومة الوفاق الوطنى، برئاسة فائز السراج على اقتحام المدينة، وقيل إن هذا الاعتراض خوفا من وقوع خسائر وسط المدنيين.
لكن «السراج» لا يريد للجيش الوطنى، بقيادة خليفة حفتر، السيطرة على المزيد من المناطق الاستراتيجية، لأن هذا يمثل خصما من رصيد حكومة الوفاق التى ما زالت سيطرتها محدودة فى العاصمة طرابلس، بخلاف الجيش الوطنى.
إلا أنه بعد اجتماع باريس، الذى استضافه الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، نهاية مايو ٢٠١٨، حدث تقدم كبير من قبل الجيش الوطنى، فى إشارة على وجود توافق دولى، وأيضا حدوث تفاهم بين الأطراف الليبية على دحر الجماعات الإرهابية من درنة، حيث حضر الاجتماع أربعة وفود تمثل قائد الجيش الليبى خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق فائز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشرى، وتم وضع مسودة خريطة طريق نحو الانتخابات، بخلاف الاتفاق على مناطق نفوذ الجيش الليبى.
وبالفعل، وخلال أيام، أحكم الجيش الوطنى سيطرته على درنة، داعيا النازحين إلى العودة لديارهم، بل سيطر على القواعد العسكرية مثل معسكر الصاعقة وكلية الشرطة، والأهم من ذلك، فقد بسط سيطرته على الموانئ الاستراتيجية بالمدينة، وأعلنت الإدارة العامة لأمن المنافذ فى بنغازى تأمين وتنظيم العمل داخل الميناء البحرى فى مدينة درنة شرق البلاد، وذلك بعد أقل من ٢٤ ساعة من سيطرة الجيش على الميناء.
وجاءت عملية التحرير، بعد حصار طويل للتضييق على الجماعات الإرهابية، بدأ فى أبريل ٢٠١٧، ثم فى أغسطس من العام ذاته، حينما أعلن الجيش الوطنى إطلاق عملية برية موسعة لتحرير درنة من قبضة الجماعات المسلحة، رافقها فرض حصار جوى وبحرى على المدينة، ونتيجة للضغوطات التى تعرض لها الجيش من قبل الأطراف الخارجية تم تأجيل المعركة، ليتم الإعلان فى أبريل ٢٠١٨، عن وضع خطة عسكرية لتحرير المدينة بشكل خاطف وسريع، كما تم خلال تحرير منطقة الهلال النفطى التى مثلت انتصار كبيرا للجيش الوطنى.
ومنذ هذا التوقيت بدأ التحرير التدريجى للمدينة، ليكثف الجيش الوطنى غاراته الجوية فى ١ مايو الماضى على درنة، ويبدأ التحرير الشامل للمدينة، دون اعتراضات دولية وإقليمية تحول دون تحرير المدينة، ليوسع بذلك الجيش سيطرته على شرقى ليبيا، كما نجح من قبل فى السيطرة على منطقة بنغازى الاستراتيجية نهاية عام ٢٠١٧، وبإحكام سيطرته على شرق البلاد سيتفرغ الجيش الوطنى للسيطرة على مناطق الجنوب التى تمثل هى الأخرى منفذا استراتيجيا للجماعات المسلحة، سواء فى دخول وخروج المقاتلون، أو تهريب الأسلحة، وكذلك التورط فى عمليات الهجرة غير الشرعية.
وكان من الضرورى للجيش الليبى إحكام سيطرته على شرق البلاد باعتبارها أولوية، لأن هذه المنطقة تضم العديد من التنظيمات المسلحة المحسوبة على القاعدة، مثل تنظيم «مجلس شورى مجاهدى درنة»، الذى تأسس فى ديسمبر ٢٠١٤ بعد إطلاق الجيش الليبى عملية «الكرامة»، لينضم إليه تنظيم آخر مثل «أنصار الشريعة»، وكتيبة «البتار»، وعناصر من «الجماعة الإسلامية المقاتلة».
كذلك من بين الجماعات التى خرجت من هذا التنظيم الواسع، جماعة «المرابطون» التى يقودها هشام عشماوى، وهو ضابط صاعقة مصرى مفصول من القوات المسلحة، أسس جماعته فى درنة واتخذ منها مقرا لتدريب عناصرها وتشكيل خلايا أخرى لشن هجمات ضد مصر، من بينها خلية الواحات البحرية وكان يقودها عماد عبدالحميد، وهو أيضا ضابط مفصول من الجيش المصرى، وشكل تنظيم «أنصار الإسلام»، ونفذ عمليته ضد فى أكتوبر ٢٠١٧ التى راح ضحيتها عشرات القتلى والمصابين.
أهمية المدينة الإستراتيجية
مثلت مدينة درنة منفذا استراتيجيا للجماعات الإرهابية الموجودة فى ليبيا، وذلك نتيجة لموقعها الساحلى ووجود موانئ مهمة شمالى شرقى البلاد، فيما يحدها من الجنوب سلسلة من تلال الجبل الأخضر منحها تحصينا قويا من أى اختراق من هذه الجهة، فقد استخدمتها فى الحصول على الأسلحة عبر السفن القادمة من بعض الدول الداعمة لهم، بخلاف دخول وخروج والأفراد والقيادات بالجماعات الإرهابية منها وإليها، ونجاح الجماعات الإرهابية فى دعم الموالين لهم فى مناطق أخرى من ليبيا فى غربى وجنوبى البلاد.
وفى مارس ٢٠١٨، أوقفت البحرية التابعة للجيش الوطنى الليبى، سفينة تركية قبالة سواحل درنة، يشتبه فى دعمها لجماعات داخل درنة، وقبل ذلك فى يناير من العام ذاته، أوقفت البحرية اليونانية قبالة سواحلها، سفينة تركية تحمل اسم «أندروميدا» كانت متجهة إلى ليبيا تحمل أسلحة ومتفجرات، ووجد داخلها ٢٩ حاوية من المتفجرات تتنوع بين صواعق ونترات الأمونيوم ومواد خاصة يمكن استخدامها لصنع قنابل ومتفجرات.
وإحكام الجيش الليبى سيطرته على المدينة، لا يعنى فقط دحر التنظيمات الإرهابية، وإنما حرمانهم من مصدر تمويل ودعم رئيسى فى باقى ليبيا، وهو ما يسهل مهمة الجيش المقبلة فى التوجه نحو الجنوب، بخلاف تأمين المناطق الحيوية التى تم تحريرها من قبل وهى منطقة الهلال النفطى التى كانت تتعرض لهجمات من وقت لآخر، وأيضا منح سيطرة «حفتر» على درنة الحكومة المؤقتة والبرلمان الليبى قوة تفاوضية كبيرة، لمقاومة الضغوط المفروضة عليهم بسبب حكومة الوفاق التى لا تسيطر إلا على القليل، وبشكل غير محكم.
ولم تمثل درنة تهديدا فقط لليبيا، لكن تضررت مصر كثيرا من الجماعات الإرهابية الموجودة بها حيث تبعد حوالى ٢٠٠ كم فقط عن مصر، ففى مايو ٢٠١٧، نفذت القوات الجوية المصرية غارات مكثفة على مواقع للجماعات الإرهابية من بينها «كتيبة شهداء أبوسليم» و«مجلس شورى مجاهدى درنة»، المتورطة فى الهجوم الإرهابى على مسيحين فى محافظة المنيا الذى قتل فيه ٢٩ شخصا و٢٤ جريحا.
وأعلن شريف إسماعيل، رئيس الوزراء السابق، وقتها أن ضرب قواعد الجماعات الإرهابية خارج مصر يمثل بداية فقط، مؤكدا أن «الأمن القومى لمصر يبدأ خارج الحدود»، وبالفعل استمرت بعض الضربات الجوية لعدة أيام، مع دعم الجيش الوطنى للسيطرة على المدينة، لتكلل جهود الطرفين اليوم بتحرير المدينة بالكامل، رغم الاعتراضات السابقة التى خضعت لتقييمات ومصالح سياسية.