يتناول الأديب مصطفى صادق الرافعي في كتابه "من وحي القلم" المعنى السياسي في العيد فيبدأ حديثه عنه قائلا: العيد هو إثبات للأمة وجودها الروحاني ، فليس العيد الا إشعار هذه الأمة بأن فيها قوة تغيير الأيام ، لا إشعارها بأن الأيام تتغير ، فأيام العيد تعرض فيه جمال نظامها الاجتماعي، فيكون يوم الشعور الواحد في نفوس الجميع ، والكلمة الواحدة على ألسنة الجميع ، وهو يوم الشعور بالقدرة على تغيير الأيام ليس القدرة على تغيير الثياب ، وكأنما العيد هو إستراحة الأسلحة يوما في شعبها الحربي .
ويبين الرافعي : أن العيد تعليم للأمة كيف تتسع روح الجوار وتمتد ؟ حتى يرجع إلى البلد العظيم وكأنه لأهله دار واحدة يتحقق فيها الإخاء بمعناه العملي ، كما أنه يظهر فضيلة الإخلاص معلنة للجميع ، ويهدي الناس بعضهم إلى بعض هدايا القلوب المخلصة والمحبة فالعيد هو إطلاق روح الأسرة الواحدة في الأمة كلها.
ويتابع الرافعي في حديثه عن العيد قائلا: العيد هو إلتقاء الكبار والصغار في معنى الفرح بالحياة الناجحة المتقدمة في طريقها ، وترك الصغار يلقون درسهم الطبيعي في حماسة الفرح والبهجة ، ويعلمون كبارهم كيف توضع المعاني في بعض الألفاظ التى فرغت عندهم في معانيها ويبصرونهم كيف ينبغى أن تعمل الصفات الإنسانية في الجموع عمل الحليف لحليفه ، فالعيد يوم تسلط العنصر الحي على نفسية الشعب.
ويوضح الرافعي : أن العيد هو تعليم الأمة كيف توجه بقوتها حركة الزمن إلى معنى واحد كلما شاءت ، فقد وضع لها هذا الدين لتخرج عليه الأمثلة ، فتجعل للوطن عيد ماليا إقتصاديا تبتسم فيه الدراهم بعضها إلى بعض ، وتخترع للصناعة عيدها ، وتوجد للعلم عيده ، وتبتدع للفن مجالى زينته ، وبالجملة تنشئ لنفسها أياما تعمل عمل القواد العسكريين في قيادة الشعب ، يقوده كل يوم منها إلى معنى من معاني النصر.
ويختتم الرافعي حديثه عن العيد قائلا: إن المعاني السياسية التى من أجلها فرض العيد هي ميراثا دهريا في الإسلام ، ليستخرج أهل زمن من معاني زمنهم فيضيفوا إلى المثال أمثلة مما يبدعه نشاط الأمة ويحققه خيالها وتقضيه مصالحها.