الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

الفنانة الفلسطينية سناء موسى: نواجه الاحتلال بالأغاني.. الفن يبقي الأوطان حية.. وأشتاق للغناء في القاهرة.. لا أهتم بالانتشار أو العائد المادي.. ويشغلني الوصول لقلوب المستمعين

الفنانة الفلسطينية
الفنانة الفلسطينية سناء موسى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس صعبًا على من يستمع إلى الفنانة الفلسطينية سناء موسى أن يلمس السحر الذى يميز صوتها، وكأن كلماتها تتعطر بالصدق وتمر على القلب قبل أن تخرج من الفم.. تلخص هى ذلك بقولها: الغناء يجب أن ينبع من «الروح» أولًا. الصدق والحب.. قاعدتان تضعهما شرطًا لكل أغانيها، إذ تؤكد أن كل ما يحتاجه الفنان هو تقديم أعماله بإخلاص وإتقان. وتشدد ابنة «التراث الفلسطيني» على أن العبرة ليست بأرقام المبيعات، وإنما بمدى التأثير الذى يتركه المطرب لدى الناس. وتقول موسى فى حوار مع «البوابة» إنها اختارت الطريق الذى تحبه، تغنى من أجل المتعة، وتعيد تقديم الأغانى التراثية والمواويل التى برع فيها الأجداد، معتبرة أن الكلام الذى يخرج من القلب يصل إلى القلب عبر طريق مختصر. «فقلوب من يقدرون الفن ويتذوقون الأصوات سهلة أن ينالها من يحب الفن ويجيده». تعتمد موسى على صوتها الدافئ والعذب أكثر من الموسيقى التى تجدها قليلة أو غير واضحة فى أغانيها. الفنانة ابنة الـ39 عامًا تتمنى زيارة قريبة إلى القاهرة من أجل الغناء وسط الجمهور المصرى مرة أخرى بعد حفلها فى مسرح الجنينة عام 2013: «أشعر بشوق كبير جدًا واشتياق للمصريين، وللغناء بينهم ومعهم.. فمنذ كنت بينهم فى مسرح وأنا فى أمنية العودة من أجل الهتاف بالأغانى المصرية والفلسطينية.. القاهرة إلى جانب الأردن أقرب بلدين إلى قلبي». أبدعت سناء موسى فى تقديم أغان عدة، لعل أبرزها: «نجمة الصبح» و«وعيونها» و«ع الروازنا» التى تحكى قصة سفينة كانت محملة بتفاح وعنب قادمة إلى سوريا من تركيا.. وفى هذه الأخيرة ستتجه سناء خلال الأيام المقبلة، حيث ستحيى حفلًا فى اسطنبول ثم بعد ذلك تتجه إلى تونس لتؤدى عددا من الحفلات والارتباطات الفنية قبل أن تحط فى لندن.. لتنشر أعمالها بين الشرق والغرب. 
■ ثمة سحر خاص يتميز به كثير من المطربين والمطربات الفلسطينيين.. ما سر هذا السحر وهل للجغرافية علاقة به؟
- لا شك أن مكان النشأة مهم ويؤثر على الأصوات وكذلك التجارب التى يمر بها الفنان تؤثر فيما يقدمه.. لكن الأهم هو أن يكون ما يقدم يتم بصدق وحب متناهى وهو ما يجعل العمل يصل إلى قلب الجمهور وينال تقييم إيجابى منه. 
وبخصوص الجغرافية، فبالتأكيد يؤثر المكان الذى يولد وينشأ فيه الفنان على تكوينه وصوته، فأغانى من ولدوا قرب الساحل مختلفة عن من ولدوا فى الجبال وهكذا ولكل لون سحره الخاص؛ لكنى أشعر بأنى ولدت فى كل مكان فى الدنيا.. وأغنى لكل الناس وليس لفئة معينة أو أبناء بلد محدد.
■ لماذا اخترت التركيز على تقديم الأغانى التراثية وإعادة غناء مواويل الأجداد على حساب الأغانى الحديثة؟ 
- أجدنى أقرب إلى أجدادى وطريقة حياتهم وهدوئهم وفطرتهم البريئة.. وأجواء القرية وكل ما فى التراث الفلسطينى يعجبنى لذا تجد كثيرا من إنتاجى يتعلق بإعادة تقديم الأغانى القديمة والمواويل التى كان يقدمها أجدادنا وصولًا إلى الكنعانيين.
كما أن الأغانى التراثية تتناول جميع الموضوعات، ففيها الحديث عن الحب والغزل والحياة اليومية والتأمل فى الخلق.. وكذلك تناول الأشياء المميزة لبلدنا مثل شجر الزيتون وغير ذلك. وفى العموم لا تناقض بين الحداثة والأغانى التى أقدمها.
■ ما رأيك فى الأغانى الحديثة للمطربين المعاصرين؟
- ليس معنى أنى أقدم أغانى تراثية أنها لا تهم الناس حاليًا.. فالتراث يتناول موضوعات مهمة وتشغل الناس.. وإن كان ما أقدمه يسمى الفن البديل وليس التجارى فأنا أرى أن المهم هو أن تصل بصدق للناس.
وما يجب أن يشغلنا هو كيفية تقديم الأغانى للناس، فالأغنية رسالة والجمهور يستحق أن نبذل كل ما هو صعب من أجله، وحتى لو كانت الأغانى التى أقدمها أقل انتشارًا، فالأهمية بالنسبة ليست فى الانتشار أو العائد المادى وإنما فى التأثير وأن يكون له قيمة ويوصل بصدق لقلوب المستمعين. 
■ هل يؤثر الغناء على تخصصك الطبي؟ 
- السفر يؤثر أحيانًا على عملى لكنى أحاول تحقيق التوازن رغم أن الأمر صعب، وفى العموم أجد أن الموسيقى تدربنى على تغذية العاطفة، فيما يغذى الطب الناحية العقلية والمنطقية.
■ بما أنك مارست الغناء ودرست الطب وعملت بهما.. كيف ترين العلاقة بين القلب والعقل؟ 
- هى علاقة معقدة للغاية ومهمة جدًا ولا أجدنى ناجحة فى إيجاد تعريف لهذه العلاقة، تحتاج إلى دراسات طويلة جدًا ومعمقة نظرًا لأهميتها. 
■ كيف استفادت الأغنية من انتشار المواقع الإلكترونية المتخصصة مثل «يوتيوب» و«ساوند كلاود»؟
- بالطبع أثرت هذه المواقع بالإيجاب كثيرًا، وأتاحت لنا الاستماع إلى أغان كنا نعتقد أنها اندثرت أو اختفت، كما أنها تساهم فى إطلاعنا على أصوات وألوان مختلفة وتجعلنا نكتشف أصوات مميزة ورائعة جدًا، ومن الممتع أن تكتشف صوتًا جميلا ووميزًا من خلال هذه المواقع.. فلحظة اكتشاف صوت رائع لفنان لم تكن تعرفه أمر يجعلك تشعر بمتعة شديدة. 
■ فى السنوات القليلة الأخيرة، ظهر أكثر من صوت عربى جميل يعيش فى أوروبا، يقدم أغانيه بالعربية من سويسرا والنمسا وغيرهما.. كيف تقيمين هذه التجربة.. وهل يشترط لكى يعبر الفنان بصدق عن مستمعيه أن يعيش بينهم ويلمس واقعهم؟
- أجدها تجربة جيدة ورائعة.. والأهم هو جوهر ما يقدم الفنان أو المطرب وليس المكان الذى يغنى منه، فكلنا نحمل أوطنانا داخلنا وفى صدورنا، كما أن الوطن ليس مجرد بقعة نعيش فيها وإنما كيان يعيش فينا، وأكرر أن الوطن موجود فى القلب ولا يؤثر ذلك إن كنت تعيش فى أوروبا أو غيرها، فالشاعر محمود درويش والمفكر إدوارد سعيد قدما عطاء عظيما لوطنهما رغم أنهما عاشا فى الخارج. 
كما أنه يمكن أن تقدم أغانيك العربية وأنت متواجد فى الدولة العربية ولكن بلدك ليس فى قلبك، البعض مثلًا يقدم أغانى غير ملائمة أو مناسبة.. أنت كفنان مثلا لا يمكن لى قبول أنك تغنى عن الزهد أو الصوفية وأنت ترتدى من قدمك حتى شعر رأسك ملابس واكسسوارات من أغلى الماركات، لا بد أن يكون هناك اتساق بين الفنان وما يقدمه، كى يتوفر شرط الصدق الذى هو أساس فى الغناء والفن عمومًا. 
■ هل تعدين الفن الذى تقدمينه نوعا من النضال يمكن أن نسميه «نضال الصوت»؟
- النضال الأكثر هو ما يقدمه أبناؤنا وإخوتنا من تضحيات جسدية ومادية فى الميدان، أما الأغانى فتسهم بجزء ضئيل للغاية لا يقارن بما يفعله الشجعان ممن يضحون بأرواحهم وأبدانهم. 
نحاول طبعًا أن نتصدى بالأغنية للحرب على الهوية والثقافة فهذه هى رصاصتنا، ونتمنى أن نبقى ذكريات الوطن وتراثه فى عقل وقلب الجيل الجديد الذى قد لا يرى الزيتون وزراعته لكن إن سمع عنه فى أغنية فسيعرفه، ودائمًا ما أضع أمامى مقولة محمود دوريش «وخوف الطغاة من الأغنيات». 
■ وهل تلمسين ما يمكن أن نسميه «انتصارات معينة» نتيجة لأغانيك؟
- كل هدفنا هو إعادة الوطن.. وبالطبع أشعر بسعادة بالغة حين أجد أطفالا أو شبابا يهتفون أغانى لى تذكرنا بالوطن مثل يا «نجمة الصبح»، وأعتقد أن سبب ذلك هو الصدق الذى يجعل العمل يصل إلى قلب المتلقى، وعمومًا فالأغانى تساهم فى بقاء الأوطان حية فى ذاكرة الأجيال الجديدة.
■ هل تعتزمين زيارة القاهرة قريبًا؟ 
- أتمنى زيارة قريبة إلى القاهرة من أجل الغناء وسط الجمهور المصرى مرة أخرى، وأشعر بشوق كبير جدًا واشتياق للمصريين، وللغناء بينهم ومعهم مثلما فعلت على مسرح الجنينة فى ٢٠١٣، حيث تفاعل معى الجمهور بشكل كبير، سأخطط لزيارة مصر وإقامة حفل نغنى فيه الأغانى المصرية والفلسطينية، فمصر إلى جانب الأردن أقرب بلدين إلى قلبى.