رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

انتفاضة بـ"السكك الحديدية" لبدء خطة الإصلاح.. 6 مليارات جنيه خسائر العام الماضي.. مطالبات بتبني استراتيجية الإحلال والتبديل.. وإدارة أجنبية للهيئة

محطة مصر
محطة مصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الأول من شهر مارس الماضي، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مرفق السكك الحديدية يحتاج لنحو 250 مليار جنيه لضبط منظومته، قائلًا:"عايزين سكة حديد مظبوط لابد أن تعمل بأسلوب علمي حديث وما سيتم إنفاقه على التطوير الجديد سيكون من جيوب الناس وليس من الدولة".
كان هذا إيذانًا بالبدء في اتخاذ خطوات جادة نحو إعادة هيكلة منظومة السكك الحديدية المصرية، وهي الأقدم في الشرق الأوسط، فقد بدأت في العمل في خمسينيات القرن التاسع عشر "1856" حينما سَيّر الخديوي سعيد قطارا من عاصمته القاهرة إلى ميناء الإسكندرية، ثم إلى ميناء السويس. 
ورغم أن هذه الأقدمية التاريخية تمنحها زخمًا، لكن حقيقة الأمر أن منظومة السكك الحديدية عانت في الفترات الأخيرة من خسائر ضخمة وإهمال وتراكم عبر سنوات طويلة.
وبحسب حسني عبدالله، نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر للشئون المالية، بلغت خسائر الهيئة خلال موازنة العام 2016-2017 قرابة الـ 6.4 مليارات جنيه، رغم أنه كان يتوقع انخفاضا خلال الخسائر خلال هذه الموازنة إلى 4 مليارات جنيه، ولكن نقص الإيرادات بنحو المليار ونصف المليار جنيه، ضاعف من حجم الخسائر. 
وفي محاولة من جانب وزارة النقل لتحجيم هذه الخسائر، اتخذ وزيرها الدكتور هشام عرفات، قرارات بإلغاء مؤقت لعدد من الرحلات الداخلية لبعض القطارات، مضيفًا أن هذه القرارات جاءت بعد دراسة شاملة لكل الخطوط ومشغوليتها. 
وكانت هيئة السكك الحديدية أعلنت عن إلغاء مؤقت لـ40 رحلة، بواقع 33 رحلة للمسافات القصيرة و7 رحلات للمسافات الطويلة، مع مراعاة أن تكون ذات مشغولية محدودة. 
علاوة على زيادة عدد القطارات بنسبة 20% نهاية العام المقبل، وتحديث منظومة الإشارات التي يتم استخدامها على شبكة السكك الحديدية بقيمة 17 مليار جنيه، بحسب وزير النقل، مشيرًا إلى أن هناك خطة واضحة وشاملة لتطوير كافة عناصر منظومة السكك الحديدية سواء في البنية الأساسية أو العربات أو الجرارات أو المزلقانات أو المحطات بإجمالي تكلفة 55 مليار جنيه. 
ويعلق أستاذ النقل وهندسة المرور بجامعة الأزهر الدكتور إبراهيم مبروك قائلًا:"إن أهم الأزمات التي تعاني منها منظومة السكك الحديدية تتمثل في سوء الإدارة والتقصير في تدريب العاملين سواء الفنيين أو المسئولين الإداريين، وأنه لابد من إدخال التكنولوجيا الحديثة في تطوير هيئة السكك الحديدية والعاملين بها". 
ويضيف، أن هناك خللًا ضخمًا تعاني منه الهيئة، وهو عدم وجود صيانة بالهيئة سواء للجرارات أو العربات، بالإضافة إلى وجود أكثر 2000 مزلقان عشوائي، يقيمها الأهالي، تسببت في حوادث ضخمة، وخسارة بالملايين. 
وكانت تقارير أشارت إلى انتهاء العمر الافتراضي لأسطول الجرارات بهيئة السكك الحديدية وتخريد معظمها، حيث خرج من الخدمة نحو 250 جرارًا دون إجراء عملية إحلال وتجديد لهم. 
ويشير أستاذ النقل، الدكتور إبراهيم مبروك إلى ضرورة ميكنة المعابر والمزلقانات، إضافة لتشكيل هيئة استشارية من المهندسين والخبراء تكون مهمتها وضع الخطط والاستراتيجيات للهيئة على المدى الطويل، إذ حتى اللحظة، لا يوجد مُتخذ قرار واحد في الهيئة يعرف ما يفعله.
ويتابع أستاذ النقل، أنه لابد من وجود إدارة أجنبية مصرية، تشّرف على الهيئة، وهذا لأن الأجانب لديهم "سيستم عمل" يمكن من خلاله إنقاذ الهيئة، كما يجب الاستفادة من ثروات هيئة السكك الحديدية المتمثلة في الأراضي، حيث يصل طول خطوطها إلى أكثر من 9 آلاف كم، ويمكن الاستفادة منها عن طريق إنشاء الفنادق والملاهي لتدر دخلًا كما تفعل هيئة السكك الحديدية في اليابان.
خبير النقل بالأمم المتحدة اللواء يسري الروبي، يقول إن أسطول الهيئة لم يتم تحديثه منذ ما يقرب من 40 عامًا، مضيفًا أنه يتم استعمال بعض الجرارات التي خرجت من الخدمة كقطع غيار للأسطول الحالي، مما أفقدها قيمتها. 
وتابع: علاوة على خروج أغلبية هذه الجرارات من الخدمة بسبب الحوادث التي تتعرض لها كل فترة، إذ بات نحو 25% من أسطول جرارات نقل البضائع خارج الخدمة.
ويضيف خبير النقل، أن الهيئة أبرمت العديد من الاتفاقيات لتحديث منظومتها، لكن الوضع لم يتحسن، حيث عقدت الهيئة اتفاقيات مع البنك الدولي ومع شركة ايفك الصينية، ومع بعض الشركات المجرية، مرورًا باتفاقية مع الهيئة العربية للتصنيع. 
وتكشف بيانات البنك الدولي عبر موقعها الإلكتروني، عن تعاقد الهيئة على مشروع لإعادة الهيكلة بتكلفة 305 ملايين دولار، بدأ في مارس 2009، على أن ينتهي في 31 يناير 2019، تسلمت الهيئة منها حتى الآن 270 مليون دولار، لتحسين البنية الأساسية الخاصة، وتحديث أعمدة الإشارة، وتجديد قضبان هيئة السكك الحديدية، وإدخال النظام التكنولوجي في الهيئة.
ويوضح الروبي، أن مشروع البنك الدولي لم يتطرق إلى العيوب الفنية الموجودة في هيئة السكك الحديدية، إذ لم يتم الاستفادة من أموال المشروع في تحديث أسطول الهيئة أو إعادة هيكلة العربات وإدخال أنظمة حديثة. 
ولفت إلى ضرورة تبني استراتيجية استبدال الجديد بالقديم في محطات السكك الحديدية، وإدخال القطاع الخاص عن طريق الشراكة مع القطاع العام في تحديث هيئة السكك الحديدية، مثلما فعلت كل الدول كاليابان وبريطانيا والولايات المتحدة.