الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

"العندليب" و"الإمبراطور" وجهان لعملة واحدة

عبدالحليم حافظ وأحمد
عبدالحليم حافظ وأحمد زكي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مرت خلال الأيام القليلة الماضية ذكرى وفاة «الإمبراطور» أحمد زكي الذي أثر في السينما المصرية بشكل كبير حتى أنه صنع لذاته مدرسة تمثيلية خاصة يسير على نهجها العديد من الفنانين الأن ولكنهم لم يستطيعوا تنفيذها بالشكل الكامل حتى الأن.
واليوم نشهد ذكرى وفاة أحد الأيقونات الفنية التي أنجبتها مصر وهو «العندليب الأسمر» عبدالحليم حافظ والذي ظل حتى اليوم متربعا على عرش أغاني المطربين الرجال ولم يجد له منازع إلى الحين.
ويعتبر «الإمبراطور» و«العندليب» من أهم الشخصيات الفنية التي شكلت أعمالها جانب من الذاكرة الفنية لمصر والوطن العربي وهنا تنطبق مقولة «الإبداع يولد من رحم المعاناة» حيث تشابه رحلتا صعودهما في العديد من المواقف القاسية التي أثبتت صلابتهما وإصرارهما على النجاح والوصول لغايتهما والتي لم تكن بالأمر السهل أو اليسير خاصة مع أولى المحن التي جمعت بين الإثنين وهي فقدان الأبوين مثلاما حدث مع «العندليب» أو أحدهما كما جرى الأمر مع الفنان أحمد زكي الذي تحدث أكثر من مرة عن التشابه الكبير بين نشأته وبين نشأة الفنان عبدالحليم حافظ ففي أحد الحورات الصحفية قال: «كنت دائما أجد أن هناك تشابه كبير جدا ربما يصل إلى حد التطابق بيني وبين حليم، فأنا موعود بالعذاب مثله تماما حيث أنني مواليد محافظة الشرقية وتحديدًا مدينة «الزقازيق» وهي نفس المدينة التي نشأ فيها عبد الحليم وكان البيت الذي ولدت فيه قريبًا جدًا من «الملجأ» الذي تربى فيه عبد الحليم وأنا أيضا لم أشاهد أبي فقد رحل وهو في سن الشباب قبل أن أولد وكانت أمي صغيرة جدًا ومن هنا لم يسمح لها أخوالي الفلاحين بالشرقية أن تظل بلا رجل فزوجوها من أحد الأقارب ولم تستطع أن تبقيني معها لأن زوجها لا يريد هذا ولم يكن عمري قد تجاوز العام حينما حرمت من حنان الأم إلى جانب عطف الأب المتوفى فنشأت يتيمًا وراحت الحياة تلقي بي كيفما تشاء فعشت في بيت جدتي لأمي وحينما ماتت جدتي تنقلت في بيوت كثيرة عند خالي هذا تارة وعند خالتي هذه تارة أخرى وعند عمتي تلك فترة أخرى فكنت حريصًا على ألا أقيم في أي بيت لفترة طويلة حتى لا يزهق منى أحد وكان أكثر ما يؤلمني هو كلمة «يتيم» التي كنت مشهورًا بها في البلدة، بل إن علاقتي بأقاربي لم تكن علاقة سوية حيث كنت أتمزق من داخلي ولهذا كنت أشعر بغربة شديدة بينهم فكل واحد كان مشغولًا بأولاده نعم أمي كانت تزورني وتربت عليّ ولكنها كانت زيارات عابرة وخاطفة لم أكن أستطيع أن أملأ عيني منها أو أضع رأسي على صدرها وأبكي مثل كل الأطفال فكانت دائمًا مشغولة ببيتها وزوجها».
ولم يكن فقدان الأبوين هو الرابط الوحيد الذي جمع بين الإمبراطور والعندليب حيث أنهم تشاركا أيضا في مفارقة قدرية فنية غير مقصودة من حيث الألقاب فعندما جسد الفنان أحمد زكي قصة الملاكم المصري ورجل الأعمال الشهير المهندس محمد حسن بفيلم «النمر الأسود» قرر الجمهور والنقاد أن يلقبوه بنفس أسم الفيلم حيث أن النمر عبر عن قوته التي ظهر خلالها في العمل بخلاف لون بشرته الذي تسبب في ذلك اللقب وهو ما تكرر مع الفنان عبد الحليم حافظ حينما أطلق عليه عشاقه والنقاد لقب «العندليب الأسمر» نسبة لطائر العندليب ذو الصوت العذب الدافئ المملوء بالشجن وأضافوا له كلمة الأسمر نظرًا لدكنة لون بشرته هو الأخر وكان هذا عامل مهم جعلهما أصحاب تجربة مختلفة.
فقد قام الإثنين بتغير ملامح شخصية البطل في السينما المصرية حيث كان من المألوف والمعروف أن البطل السينمائي له مواصفات خاصة من حيث لون البشرة البيضاء والشعر الناعم الطويل وهو ما تغير على يد الإثنين فيما بعد فقد راق للمشاهدين ان يروا بطلًا من نوع جديد فهو اقرب ما يكون الى ملامح الوجه المصري بصفة خاصة والوجه العربي بصفة عامة فما كان لدكنة اللون تلك الا ان قاربت بينهم وبين الجمهور على عكس ما توقعه صانعي السينما حينها تارة والنقاد تارة اخرى.
ورغم تشابهات السيرة والمسيرة بين «الإمبراطور» و«العندليب» لكننا عندما نضيف لتلك المعادلة التي تضم هذان العملاقان إسم «السندريلا» نجد إختلافا كبيرا بين الإثنين حيث أن الفنانة سعاد حسني كانت في صغرها تتمنى العمل أو الوقوف أمام الفنان عبدالحليم حافظ أو حتى إلتقاط صورة تذكارية معه حيث أنه قد كان بزغ نجمه في أفاق الفن في تلك المرحلة وهي لم تكن إلا واحدة من جمهوره.
أما في لقائها الأول مع الفنان أحمد زكي كانت قد وصلت لمرحلة من الجماهيرية الكبيرة وكانت قد قدمت العديد من الأعمال الفنية التي قامت ببطولتها والتي ثبتت أقدامها على الساحة الفنية حتى أصبحت البطلة التي تتشكل لها جميع عناصر العمل الفني وما كان أحمد زكي في هذه الفترة سوى فنان صاعد في بداية طريقه الفني ويذكر أنه تم ترشيح زكى للبطولة امام السندريلا فى فيلم الكرنك، وأخذ يجهز ويعد نفسه للقيام بالدور، لكن كانت المفاجأة هي ان منتج الفيلم رمسيس نجيب قرر استبعاده من الدور قائلا «ما ينفعش الولد الأسود ده يحب سعاد حسني» وأسند الدور للفنان نور الشريف بدلا منه وهو الأمر الذى اصابه بعقدة نفسية كبيرة، لدرجة انه حاول إيذاء نفسه، ما جعل السندريلا تتعاطف معه لأقصى درجة حيث طالبت له بحق فسخ تعاقد المنتج معه، واصرت على وقوفه امامها كبطل فى فيلم «شفيقة ومتولى» لتثبت للجميع أن زكي ممثل مبدع، ومن وقتها بدأت بينهما علاقة إنسانية وفنية شديدة التجانس والتناغم، كما بدأ زكى صقل مواهبة، حتى استطاع ان يقف فى بطولة أخرى أمام السندريلا في مسلسل هو وهى، للعبقرى الكبير صلاح جاهين، ليرى نجاحه داخل بيوت الجماهير وليس فى السينما فقط، فاستطاع كلًا منهما تقمص العديد من الشخصيات وتناولا الكثير من القضايا بشكل كوميدي، حتى وجد الاثنين سمات مشتركة كبيرة فيما بينهما، لدرجة انهما كانا توأم فى الفن، الأمر الذى تسبب فى ظهور انتقادات كبيرة وقتها.