الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

أحمد أبوالغيط: 640 مليار دولار تكلفة النزاعات والحروب بالمنطقة منذ 2011.. ونحتاج إلى تريليون دولار لإعادة الإعمار

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية: إن المنطقة العربية لم تكن في وقتٍ من الأوقات أحوج إلى طاقة النور والأمل مما هي عليه الآن.


وتابع: إن بلادنا في حاجة إلى العبور فوق الألم، وتجاوز الجراح وتضميدها، فشعوبنا تستحق أن تسمع أخبارًا جيدة، مملوءة بالأمل والحياة، فليس مكتوبًا عليها أن تبقى أسيرة القتل والإرهاب وصور التخريب ومشاهد الدمار.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها بالمؤتمر السنوي لاتحاد المصارف العربية لعام 2017، اليوم الخميس، بعنوان "توأمة الاعمار والتنمية" في العاصمة اللبنانية بيروت، بحضور الشيخ محمد جراح الصباح رئيس مجلس إدارة الاتحاد، طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، الدكتور جوزف طربية رئيس جمعية مصارف لبنان، رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، عدنان القصار رئيس مجلس الهيئات الاقتصادية في لبنان، خالد ناصر الروضان وزير التجارة والصناعة بدولة الكويت، ورياض سلامة حاكم مصرف لبنان.
وفيما يلي نص كلمة "أبوالغيط":
إن مؤتمر اليوم يأتي في وقته تمامًا، فكل الشكر والتقدير لمن بادر بهذه الفكرة وساهم في الإعداد لها وخروجها إلى النور، والحقيقة أن الأنباء القادمة من المنطقة العربية ليست كلها سيئة كما قد يوحي الانطباع السائد هناك نقاط نور مضيئة تتعين الإشارة لها والاحتفاء بها.. هزيمة داعش صارت قاب قوسين أو أدنى.. هذه الجماعة التي رفعت رايات الظلام والقتل المجاني والإرهاب الجنوني لم تجد لها مكانًا في مدننا وحواضرنا رفضتها شعوبنا ولفظتها جماهيرنا هذا خبر جيد ويبقى أن تطرد "الداعشية" من مجتمعاتنا ومناهج حياتنا وطرائق تفكيرنا ولكن هذا طريق طويل، لا يمر عبر الانتصار العسكري وحده، وإنما بالعمل الثقافي والتنموي المتكامل.

مكافحة داعش

وقال "أبوالغيط": إن داعش على خطورته الشديدة، يمثل مجرد بعد واحد في مصفوفة التهديدات التي تواجه المنطقة العربية إن الصراعات الخطيرة المشتعلة في عدد من الدول العربية ما زالت تُمثل جراحًا مفتوحة. وآثارها كما نرى جميعًا لا تقف عند حدود الدول التي تدور فيها، وإنما تمتد إلى دول الجوار، في صورة أعداد هائلة من النازحين واللاجئين تنوء بها البلدان المستقبلة ومنها البلد الذي يستضيف اجتماعنا اليوم، والذي يستضيف أكثر من نصف سكانه كلاجئين، وهو ما يشكل ضغوطًا هائلة ولا يمكن تصورها على البنية الأساسية والخدمات العامة ولو أن دولة كبرى، على درجة من التقدم، قُدر لها أن تستقبل هذه النسبة من اللاجئين، لفشلت نظمها الحياتية في استيعابها، ولكن لبنان – بانفتاحه ومحبته وعروبته وكرم أهله - فعلها. 
ولا تتوقف كُلفة الصراعات عند مسألة اللاجئين فالثمن الفادح للحروب العربية يمكن أن نعاينه ونراه بعيوننا في المدن التي استحالت أطلالًا، وفي الحواضر التي صارت ركامًا وترابًا، وكم يأسى المرء أن ينظر إلى مدن كبرى مثل حلب الشهباء والموصل الحدباء، التي كانت حواضر زاهرة وعامرة، وهي على هذه الحال من الدمار والخراب. 
ليس هذا هو وقت البكاء على الأطلال، بالطبع نحتاج إلى أن نتدارس الأسباب ونتأمل البواعث التي أوصلتنا إلى هذه النقطة على أننا نحتاج كذلك إلى توجيه أنظارنا صوب المستقبل لسنا أول الأمم التي تواجه مأزقًا كهذا.. كم من بلد دمرت ثم انتفض أهلها، فعمروها وأقاموا بنيانها من جديد، لتصير خيرًا مما كانت وتجارب التاريخ كثيرة في هذا المجال.. من الحرب الأهلية الأمريكية، إلى الحرب العالمية الثانية ولا أبالغ إن قلت إن بعضًا من هذه العمليات الكبرى لإعادة الإعمار والبناء قد حملت للمجتمعات والبلدان التي جرت فيها فرصًا للنمو الاقتصادي والتنمية.

جهود إعادة الإعمار

وتابع الأمين العام: أعرف جيدًا أن المدافع لم تسكت بعد في جميع ميادين القتال بالعالم العربي، وأن الحرب – للأسف- لم تضع أوزارها، ولكني أرى مع ذلك، أن اللحظة الحالية تستدعي التفكير والاستعداد لليوم التالي. بل إنها تستدعي الانخراط بالفعل في جهود شاملة من أجل إعادة الإعمار.
إن كلفة الدمار الذي صاحب النزاعات والحروب الاهلية التي اندلعت منذ 2011 تجاوزت 640 مليار دولار، وبرغم أن البلدان التي تدور فيها النزاعات هي التي تدفع الثمن الأكبر، إلا أن الخسارة الاقتصادية – بما في ذلك تكلفة الفرصة البديلة – تشمل المنطقة بأسرها. ولا يخفى أن استمرار النزاعات على نحو ما هو حاصل حاليًا يغطي المنطقة كلها بسحابة من الغموض وانعدام اليقين بما يؤدي حتمًا إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي وتراجعه. 
وفي كلمة مختصرة أقول: إن آثار الدمار تشمل المنطقة كلها، والخروج منه لن يكون إلا بتكاتف المنطقة كلها. ورب ضارة نافعة. إن جهود إعادة الإعمار تمثل فرصة حقيقية لجهد عربي متكامل ومنسق. فلن يبني مدن العرب سوى العرب. وإعادة الإعمار قد تكون مدخلًا مثاليا لإطلاق عملية تنموية تراعي التكامل والترابط بين الجهود والمنصات المختلفة.

آليات تمويل جديدة

إنني ألمس رغبة واضحة لدى قطاع الأعمال والمستثمرين والشركات للانخراط في جهود جادة لإعادة الإعمار. وأعلم أن بالعالم العربي من الإمكانيات المالية والطاقات البشرية ما يسمح ببناء المدن التي هدمت بأفضل مما كانت، ولو أن شيئًا لا يعوض خراب التاريخ ومحو الذاكرة.
آمل ألا تكون هذه الجهود عشوائية أو تنافسية، بل تكاملية وتعاونية. وأدعو المنظومة المصرفية في العالم العربي لابتكار آليات تمويلية جديدة تلائم هذا الظرف الاستثنائي، فما يهم اليوم هو اقتناص الفرص القائمة وعدم السماح للآخرين من خارج العالم العربي بالاستفادة وتحقيق الكسب. مطلوب كذلك ألا تقف جهود إعادة الإعمار عند الحجر، وإنما تصير منظومة تنموية متكاملة تضع الإنسان في القلب منها. فلا يكفي تعمير البلدان من دون تنمية الإنسان.

تريليون دولار تكلفة إعادة الإعمار

السيدات والسادة.. إن تكلفة إعادة إعمار المناطق التي خربت وهدمت تإن تكلفة إعادة إعمار المناطق التي خربت وهدمت تتجاوز – في بعض التقديرات- التريليون دولار، ورقم مثل هذا يعطينا انطباعا عن جسامة المهمة وخطورتها، وطبيعتها طويلة المدى. إن الانخراط في جهد بهذا الحجم وبتلك الأبعاد الضخمة يتطلب تخطيطًا علميًا أدعو أن يبدأ من الآن، وعملًا مؤسسيًا أرجو أن يضم خيرة الخبرات والكفاءات سواء من داخل العالم العربي، أو من العقول المهاجرة للخارج.
وأخيرًا، فإن الجامعة العربية ما زالت تحتضن المشروع الاقتصادي الأهم في هذه المنطقة. وهو المشروع الذي نراه يحمل أملًا حقيقيًا ووعدًا عمليًا بالنمو والازدهار. اعني بذلك مشروع التكامل الاقتصادي الذي لا ينبغي أن يبقى مجرد حلم رومانسي، وإنما يتعين أن ينتقل من مجال التفكير إلى حيز العمل والتنفيذ، حتى ولو جاء التنفيذ بخطوات بسيطة متدرجة مثل ربط الدول العربية بشبكات سكك حديدية أو مشروعات الربط الكهربائي، أو المبادرات الأخرى التي تهدف إلى توحيد معايير بيئة الأعمال في العالم العربي مثل "الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية" وغير ذلك من المشروعات والمبادرات الكثيرة التي ما زالت –للأسف- حبيسة الأدراج وأسيرة ضعف الإرادة والطموح.