الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

باحثة البادية وتحرير المرأة «8»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تواصل «البوابة» نشر حلقات الدراسة الأخيرة التي كتبها المفكر الكبير الدكتور رفعت السعيد عن باحثة البادية - ملك حفني ناصف- قبل رحيله داعين الله أن يتغمده برحمته

وقبل أن أبدأ هذا التواصل مع باحثة البادية، أود أن أعترف بأن تغييرًا واضحًا تمامًا، قد طرأ على أسلوب الكتابة، فهى الآن خالية من الاستعلاء الطبقى والاجتماعى، وخالية من الألفاظ الجافة والجارحة. ولعل مدير صحيفة «الجريدة» أحمد لطفى السيد قد لامها سرًا، إذ لا أثر للوم مكتوب على صفحات الجريدة. المهم تغير الأسلوب فأصبح رقيقًا ومهذبًا.. ونواصل بعد هذه الملاحظة لنطالع المبدأ الرابع من مبادئ النساء وهو «سرعة الغضب والتهديد بالفراق»، وهنا نجد أنفسنا أمام ملك حفنى ناصف التى تلعب دور المصلحة الاجتماعية بأكثر من الحديث عن حقوق المرأة، ونقرأ فى المقال رقم ١٣ «اتحاد الزوجين وارتباطهما بالحب الصادق هما السعادة الكبرى التى نفتقدها، والتى لا غنى لأحد المتزوجين عنها»، ثم هى تحذر «ولشد ما يقاسى أحد الزوجين من تنغيص الآخر له، ومن أكبر دواعى الكدر والتنغيص أن تنفعل الزوجة لأقل كلمة وترجع إلى قومها غاضبة»، وتمضى قائلة «عادة التهديد بالفراق شائعة عندنا شيوعا هائلا، فكما ترى الرجل يحلف بالطلاق لغير داعٍ، كذلك ترى المرأة تترك بيت زوجها لأوهى الأسباب» (ص٥١).. ونمضى سريعا فليس بحثنا عن النصح الاجتماعى وإنما هو عن المعركة المجتمعية دفاعا عن حقوق المرأة وحريتها وتقدمها.. وسريعا نأتى إلى نصيحة قد لا تعرفها إلا المرأة، فنقرأ «وقد تغضب المرأة لتجرب محبة زوجها لها، وترى من آيات الود شيئًا جديدًا، ولكنها فى غنى عن هذه المخاطرة، لأنها يستحسن أن تعرف مبلغ حبه لها من أحواله معها» (ص٥٤).. وإذ قلت سنمضى سريعا، فإن باحثة البادية تمضى هى أيضا سريعا لتتحدث عن مساوئ الرجال. 
وفى المقال ١٤ تتحدث عن طمع الرجال.. وتقول «ولست أقصد كل الرجال، وكذلك فإننى لم أقصد كل النساء فى مقالاتى السابقة، وإنما من فسدت أخلاقهم من الرجال والنساء، وهم مع الأسف كثيرون، فسببوا شقاء النساء وهدموا بناء الزوجية». ثم تقول «وياللدهشة انقلب الحال وصارت الفتاة بائرة فى سوق الزواج، إلا إذا شفع لها ثراؤها» ثم تقول «وقد ألفنا هذه الأيام أن يسأل الرجل ماذا تمتلك؟» وقد لا يسأل إلا هذا السؤال. فما يهمه هو هذا السؤال. فأبوالعروسة الذهب وأمها الفضة وأخلاقها النحاس وسمعتها الطين ومعارفها العقار. ومتى وجد المال صح الزواج ولزمت المصاهرة، وإلا فتبقى الفتاة إلى أن تكبر فى السن وتدفن معها طيبة قلبها وحسن عشرتها وقدرتها على تربية أولاد بررة»، ثم نأتى سريعا إلى «خلفة» البنات فى المقال رقم ١٦ ونقرأ «أن رجلا من ذوى الرتب عاب زوجته، لأن أولادها منه كلهم بنات فطلقها واقترن بأخرى على أمل إنجاب ذكور، لكنها أتت له بأنثى ثم أنثى ثم أخرى، وهكذا أبى الله إلا أن يتم ما أراد»، ثم نقول «ليت شعرى إذا فرضنا أن ولادة البنات عيب كما يرى البعض، فهل للمرأة دخل فى ذلك، ولماذا لا يعيب الرجل كما يعيبها ولماذا لا ترفضه المرأة وتطلب منه الانفصال عنها حتى تتزوج غيره وتنجب ذكورًا؟» (ص٦٠) وهنا تستعيد باحثة البادية بعضًا من حيويتها فى الدفاع عن حقوق المرأة ورفض تعرضها للظلم، وتقول: فيا رب ألهم رجال حكومتنا السداد فإن ظلمهم لنا له أثر مضاعف فينا، ولعلنا لم تزد علي الرجل فى أى شيء إلا فيما يؤلمنا، وهكذا يكون الرجال قد عكسوا الآية القرآنية القائلة «للذكر مثل حظ الأنثيين».. وهكذا تعود ملك حفنى ناصف إلى معركة الدفاع عن المرأة وحقوقها المتساوية.. ولكن فى احتشام ودون تجاوز. (ص٦٠). وتقول «وقد نسخ رسول الله صلي الله عليه وسلم، تلك العادة المنكرة، إلا أن أثرها لم يزل باقيا فينا إلى اليوم إذ نحفل لولادة الصبى ونستاء لولادة البنت. وكان القدامى فى زمن الجاهلية معذورين فى اعتقادهم هذا لحاجتهم إلى الرجال لكثرة حروبهم وغاراتهم أما نحن فلا عذر لنا.. إلا قليلا، مثل حفظ اسم العائلة ومالها من الضياع».. وتمضى ملك حفنى ناصف قائلة «يتساوى الصبى والصبية فى نظرى، لأن عدد جنودنا محدود ونحن قوم مسالمون نجتنب الحرب، وإذا كانوا فى الجندية يهبون الصبى يوم ولادته للحرب ويفتخرون بخوضه لغمارها، فإننا إذا دخل أحد أبنائنا الجندية يكاد يقتلنا الحزن وأعرف أمهات فقدن بصرهن من شدة البكاء على ابنائهن المجندين»، وتقول «فى الماضى كانوا يتباهون بكثرة الرجال والشجاعة، أما اليوم فزمن السياسة والصناعة وها هى دولة كإنجلترا يزيد عدد نسائها علي الرجال، وقد سادت أممًا كثيرة. وها نحن والحمد لله يزيد رجالنا عنا عددًا، فأى خير جلبنا وأى شر دفعنا عن بلدنا المفدي» ثم نأتى بحكمة ثمينة «فحنكة وزير واحد أفضل أثرًا من مائة ألف مقاتل، ويقظة عدد قليل خير من نوم الكثيرين» (ص٦١).. ونواصل