رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من معسكرات الموت إلى الحراك الدبلوماسي «3»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يناقش البروفيسور جون أولوفلين فى كتاب «الحرب والسلام من معسكرات الموت إلى الحراك الدبلوماسي» لموضوع جغرافية الحرب على الإرهاب، ويناقش الجغرافيا السياسية لموجات الإرهاب. 
فقد بدأت الموجة الأولى من الإرهاب في ثمانينيات القرن التاسع عشر كرد فعل على الإصلاح السياسي في روسيا الذي وعد بالكثير، ولكنه لم يقدم سوى القليل، وانتشرت ممارسة الإرهاب إلى حركات فوضوية في أوروبا الغربية كانت منزعجة من الآثار السياسية لانتشار حق الاقتراع العام، وكيف أنه سيدعم النظم السياسية القائمة، واشتركت الموجة الثانية من الإرهاب (١٩٢٠-١٩٦٠) في خصائص جغرافية متشابهة، ففي أعقاب انتصار الحلفاء في الحربين العالميتين، عملت الحركات الإرهابية على تحقيق هدف إيقاظ الحركات القومية وتحقيق تأسيس دول قومية مستقلة ناجحة. 
وتتمثل الموجة الثالثة من الإرهاب فى الإرهاب القائم على الأيديولوجيات، والذي نتج في أعقاب هزيمة أمريكا في حرب فيتنام. فمثلا ظهرت منظمة «ويزر أندرجراوند» في عام ١٩٦٩ كفصيل يحمل اسم «طلاب من أجل مجتمع ديمقراطي»، وكان هدفهم يتمثل في تكوين حزب ثوري للإطاحة العنيفة بحكومة الولايات المتحدة، وجماعة الجيش الأحمر في ألمانيا نتيجة أيديولوجيات ماركسية ومناهضة للإمبريالية، حيث نرى تحولا في هذه الموجة تمثل في تكوين الجماعات القومية لعلاقات دولية، ودمج الأهداف السياسية القومية في الاهتمامات الجيوبوليتيكية العالمية. 
تعتبر الموجة الرابعة الحالية مختلفة نوعا ما. إذ إن موجة الإرهاب الديني زعزعت الفروض الجغرافية التي اعتمد عليها تحليل الموجات السابقة. فمن الناحية الأيديولوجية على الأقل، وسعت الموجة الحالية من الإرهاب الديني من نطاق الصراع الجيوبوليتيكي إلى مستوى يتخطى حدود الدولة. حيث يعتبر الصراع الراهن عالميًا، وأصبح مصير الإنسانية في خطر، لأن النطاق توسع بدرجة كبيرة إلى تشكيل حرب كونية بين الخير والشر. 
فلم تعد المعركة حول تكوين أجهزة الدولة أو السيطرة عليها، بل أصبح الإرهاب يمثل «إرادة الرب» في تفسير مجموعة صغيرة نسبيًا من القادة الدينيين المتطرفين، وبهذا المعنى فإن الهدف السياسي للنشاط الإرهابي يتخطى الدولة، لأن «خيرية» القائد الإرهابي لا تهدف إلى إنقاذ الناس من وضع سياسي ظالم أو فاسد، ولكنها تهدف إلى إنقاذ أرواحهم، وهذه هي الجغرافيا الجديدة للهدف السياسي للإرهاب، والتي جعلت المعلقين يصارعون لتفسيرها، فبمجرد أن يترك النشاط السياسي – المقصود به الإرهاب في هذه الحالة – الإطار المقرر للنظام الدولي، فإنه يصبح غامضًا و«بلا معنى».
أما بالنسبة للجناة، فإن الدوافع تكون واضحة، وهي تقع خارج الحدود النموذجية للعلوم الاجتماعية التي لا تزال مقيدة بمساواة الدولة بالمجتمع.
 ولا يزال الإرهابيون الدينيون يحتاجون إلى حماية الدول المتعاطفة، إذ إن سيادة الدول توفر أماكن للإرهابيين للتدريب والتخطيط، وكذلك فإن الإرهابيين أصبحوا يستخدمون الأماكن الدبلوماسية التي تكون مقصورة على الدول المعترف بها من أجل تجاوز أمن الدول، وبالمثل فإن التواطؤ بين الحركات المدفوعة بالإرهاب وسلطات الدول المتعاطفة أمر واضح. 
وبالرغم من اللغة الدينية لبعض الجماعات الإرهابية، فإنها تستهدف التغيير على نطاق الدولة، إذ إن أعمال المنظمات الإرهابية اليهودية تستهدف توسيع النطاق الجغرافي لدولة إسرائيل وتعظيم أمنها بالتخلص من الأعداء العرب في الداخل والخارج.