الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

ما وراء الإنبوكس.. يعاقبني بقسوته وإهماله: "بتدلعي"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد أيام من رفضى شابا كان متقدما لأهلي، خرجت مع صديقاتي، بصحبة شقيق إحداهن ويدعى نادر. وجاءت سيرة العريس المحتمل هذا، وتحدثنا عنه، ليتدخل الشاب الذى معنا معبرا عن انطباعه عنى بأنى «متدلعة»، وفى حاجة إلى رجل صارم مثل صديقه محمود.
لا أعرف محمود، وعلاقتى بشقيق صديقتى ليست قوية بالشكل الكافى، فلم آخذ حديثه على محمل الجد. لكن بعد أيام تلقيت اتصالا منه، وحين أجبت وجدت صوتا غريبا على الناحية الأخرى من الخط، يلقى التحية، فأنهيت المكالمة فورا دون حديث، لأجده يكرر الاتصال، ثم يقول إنه محمود، صديق نادر.
بعدها جرت محادثات عادية عبر «الواتس آب» بينى وبين محمود هذا، ووجدته شخصا لطيفا، فى السابعة والعشرين من العمر، أى يكبرنى بخمس سنوات، ولما عرف نادر بما بيننا من تواصل، غضب منى وطلب ألا أكررها. 
كان حديثى مع محمود قليلا، بحكم عمله وسفره لأيام وأسابيع، كما أنه يقيم فى مدينة بعيدة، لكننا التقينا ذات مرة فى إحدى زياراته للقاهرة، أحسست أن شخصيته مختلفة، يصفنى بأننى مرفهة زيادة عن اللزوم، ويتعامل معى بدرجة واضحة من الحزم والشدة، وكثيرا ما أجده باردا فى ردوده لدرجة الاستفزاز. 
تعلقت به، وصرنا نتحدث كثيرا، رغم أنه لم يكشف عن نواياه بشأن علاقتنا: هل يريدنا أصدقاء فحسب؟ لماذا يغار عليّ حين أتحدث عن أحد آخر؟ ولماذا يتواصل معى باستمرار حتى فى أوقات عمله؟ ولماذا يجتهد فى مصالحتى حينما أزعل منه أو لأى سبب؟ هل يريد الارتباط بي؟ فلماذا لم يقلها؟ لم يعبر عن مشاعره بوضوح؟ ولماذا يهملنى أحيانا ويقسو عليّ؟
قبل أسابيع قليلة، تقدم لأهلى رجل آخر يريد الزواج مني، عرف محمود بالأمر، فلم يتدخل، لكنه فقط سألنى عن موقفى منه، فأجبته أننى سأرفضه، سألنى عن سر الرفض، فقلت إننى لا أريده، ثم عاد ليتصل بى ويسأل عما حدث مع العريس، وماذا قلت فى مبررات رفضى له، فى هذا الوقت عاد نادر ليحدثنى عن صديقه محمود بشكل سيئ، ويقول بوضوح إنه لا يناسبني، وعليّ عدم الحديث إليه مجددا، أعرف أن نادر لا يحبني، لكنى لا أفهم سر موقفه من صديقه أمامي.
بعيدا عن هذا، صرت أحس أن محمود صعب المراس، ومعاملته معى لا تناسبني، فلم أتعود على التعامل بهذا الشكل، كما أن أمي، التى أحكى لها كل شيء تفصيليا، نصحتنى بأنه لا يحبني، وكل ما كان يرغب فيه هو إثبات أنه قادر على الإيقاع بي، باعتبارى شيئا جديدا عليه، مختلفا عنه، وبعدما نجح فى هذا، فقد اهتمامه بي. وأخبرتنى أننى صرت كئيبة وصامتة بشكل لم تتعودنى عليه. فكيف أتصرف؟
الرد:
مبدئيا، حديثك أعادنى إلى سلوكيات المراهقين التى كان يمارسها تلاميذ الإعدادية قبل عقدين من الزمان، أن يورطك نادر فى مكالمة مع صديقه دون أن يستأذنك، وأن يسمح محمود أصلا بهذا، ويعتبره بداية مقبولة لعلاقة على أى مستوى، ثم يغضب الأول حين يعرف أنكما تتواصلان إلكترونيا، هذه تصرفات صبيان، لا تليق بشخص يقترب عمره من الثلاثين. حديث نادر عنك بأنك مدللة وفى حاجة لمن يعاملك بحزم، فيه الكثير من سوء التقدير، ويبدو أنه نقل وجهة نظره هذه عنك إلى صديقه، فتبناها، وحددت له شكل تعامله معك، قبل حتى أن يراك أو يتعرف عليك بنفسه. فصار يقسو ويبتعد ويتعامل بصرامة دون مبرر منطقي. 
الأهم من هذا، هو أن تنظرى إلى شكل علاقتكما الآن، وتتخيلى مستقبلها، هل ترين أنها ستكون مريحة ولطيفة ومتوازنة وستحفظ لك كرامتك وقدرك وكبرياءك الأنثوي؟ أشك.
كانت أكاديمية غربية سألت أطفالا: متى يجب على المرأة أن تعرف أن رجلها توقف عن الحب؟ وكان من ضمن إجاباتهم: إذا مر يوم كامل دون اتصال منه ليطمئن عليك، وإذا أحرجك بالكلام ثم لم يعد ليعتذر، وإذا بدأ يلومك.. برأيى هذه إجابات حقيقية تماما، فالمحبة تبدأ بالاحترام والتقدير والتعبير عن هذا طوال الوقت، وليس الجفاء والقسوة وتعمد التجريح، بذريعة أنك مرفهة وبحاجة لمعاملة قاسية.
هو لا يفهم معنى العلاقات، وجدوى المشاعر، لا أظنه يستوعب أساسا فكرة مشاركة الحياة، ونصيحتى إليك أن تحفظى مشاعرك بعيدا عن هذا العبث، إنه يلوث روحك ويشوهها. فالبدايات دليل على النهايات، ومن بدأ علاقته بك بفكرة بهذا الشكل، لن ينتهى بك إلى تعامل كريم.
وعلى مستوى التعامل، لا تبادرى بالتواصل، ولا تبدئى بتصرف يبدو له عدوانيا؛ لأنه حينها سيسأل ويصمم على الفهم، وقد يورطك هذا فى تفسيرات أكبر من الموقف، كما أنه سيخيل لك أنه متمسك بك، وحريص عليك، لكن الحقيقة أنه تمسك شكلي، بلا روح، دافعه أنه يرى شيئا له يتفلّت منه.
بعض الناس لا يتصور أنه قد يخسر شيئا يقترب من نواله، وقد يدفعه هذا لتصرفات ملحة، تبدو لك كأنها اهتمام ومحبة وإصرار عليك، لكنها ليست أكثر من نزوع شخصى للتملك، كالطفل الذى قد يرمى اللعبة ويكسرها، لكنه يغضب ويبكى ويصرخ إن حاول شخص أخذها منه.
جمّدى العلاقة، وضعيها فى مستوى المعرفة العابرة، بلا أى أفق لتطويرها، إن كان يحبك حقا، فستلمسين هذا بوضوح، فى تغير معاملته، فى إعطائك قدرك من الاحترام والتبجيل والاهتمام، وحينها يمكنك إعادة تقييم الوضع حسبما يناسبك.