الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

خطوة النساء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يخطر ببالى أن أتخذ قرارًا غير متوقع ساعة خرج المجلس الانتقالى الليبى ومفوضية الانتخابات مُعلنين قانون الانتخابات الأولى ٢٠١٢ عقب قطيعة آخر انتخابات عام ١٩٦٤، كان القرار مُفاجئا لعائلتى بل إن بعضهم اعتبر ذلك مغامرة فى غير توقيتها ولا محلها!، ولكننى اتخذت قرارى أن أترشح كمُستقلة عن دائرة انتخابية (حى الأندلس) بمدينتى طرابلس، كونه حلما، وكونه مسئولية، ذلك صحيح إذ لم أقارب السياسة ولا شئونها قبلا، عملتُ بالإعلام والتعليم وكفى، بدا لى أن التجربة الجديدة تستحق أن أتصدى لها وأبادر، فمن جهة نحن فى مرحلة البناء لدولة تشرع فى مسارها الديمقراطى ما كان عصيا قبلها، ومن جهة أخرى كان على وعلى غيرى من النساء أن يُحققن ما حلمن به ساعة خرجن للتغيير وانتفضن لأجل أن نتمكن سياسيا واقتصاديا بل ونشارك فى صنع القرار الوطنى فى كل المجالات.
أتذكر أن سيدة دعت إلى حضور إعلان تأسيس حزب تقوده، هى «وسيلة العاشق»، وسمت حزبها حزب الأمة، ما يُعتبر أول حزب – حسب علمى - على الصعيد العربى تؤسسهُ سيدة إذ جرى فقط أن تتقلد النساء مناصب فى أحزاب يقودها رجال، قرار هذه السيدة شجعنى لخوض تجربة الترشح والانطلاق فعليا وتقديم الأوراق المطلوبة، وكانت مفاجأة جميلة أن تقدمت سيدة تطوعا لتقود الدعاية والإعلان لحملتى الانتخابية، ما عشتهُ لأسابيع وما ملأ وجدانى كان مُفارقا فى تاريخنا: صور المترشحات المُعلقة فى أنحاء المدينة برفقة شعارات حملاتهن، عنادهن لحظة حاول بعض المتطرفين مسح أو تشويه وجوههن فخصصن شبابا يعالجون الأمر سريعا برفع يافطة الصور عاليا لحد لا يتمكن المفسدون من الوصول إليها.. خروجنا للجمهور بفقرة بالبث المرئى هو إعلان انتخابى يسمع الناخبون أصواتنا وشرح شعارنا وخلاصة لأجنداتنا المقبلة، كنت فى خيمة بدائرتى الانتخابية أتناقش مع ناخبين من عائلات وشباب إلى منتصف الليل صبيحة يوم الصمت الانتخابى.
لم أفز لكن من فُزن كُن نسيجى وشبهى، إذ حققت النساء فى الانتخابات سبقا بـ٣٣ مقعدًا، وتيارا مدنيا، ما مثل أغلبية جاوزت المتوقع، أول انتخابات ليبية برزت النساء فيها ناخبات بنسبة ٦٠٪، ومُنتخبات فائزات، حققن معادلة صعبة فى دول الربيع العربى، رغم جدة التجربة الليبية، والتى ستدفع ضريبة خيارها بجريمة بشعة عضوة المؤتمر الوطنى فريحة البركاوى، فجماعة متطرفة بمدينتها درنة وجهت لها رصاصات غادرة لتكون شهيدة شجاعتها ومواقفها الوطنية. 
الحظوة الثانية ما تحقق لهن أيضا فى انتخابات مجلس النواب، ستحصد النساء مقاعدهن وبأغلبية التيار المدنى على التيار الإسلامى، المترشحات وساعة هدد وتوعد تيار المغالبة الإسلامى المسلح بعد غزوة المطار ٢٠١٤ وقد خسر مقاعده، وفى خطوة شجاعة تركن مُدنهن، واتجهن إلى قبة المجلس بطبرق رغم ما يُمثل ذلك من تهديد لحياتهن وحياة أسرهن، بل وسيؤسسن تكتلا تحت القبة يُقوى أصواتهن عند التصويت لأى قرار يدعم النساء. ما سيُحقق تواجدهن تمكينا أيضا كونهن يشغلن مقعدا موجبا وملزما ضمن مقاعد سبعة للمجالس البلدية على مستوى البلاد ففى كل مجلس بلدى فرضت آلية الانتخابات كوتا للمرأة ما يتاح لأول مرة فى تاريخ ليبيا ولعله عربي أيضا، وذلك ما سيجعل من أدائهن على صعيد المركز أو مدن الأطراف فرصة سانحة للتوعية النسوية سياسيا واقتصاديا، صحيح أن المأمول أوسع وأكبر وما دامت الخطوة الأولى قد حصلت وأنجزت فإن فى المُكنة ما هو أوثق وأشد من وجوب إقرار لدورهن، وعليهن تقع أيضا مزيد من المسئولية فى المشاركة الاقتصادية، وقبلها الحوار الوطنى كونه انشغالًا مُستحقًا باتجاه خلق السلم الأهلى والمصالحة المجتمعية.